يمانيون../
منذ سيطرة جماعات الجولاني على العاصمة دمشق، بدأت سوريا تتجه دراماتيكيًّا إلى واقع كارثي على كُـلّ المستويات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية.

فمن جهة خسرت سوريا ثلاثة أرباع قدراتها وترسانتها الدفاعية على رأسها أسلحة الردع الاستراتيجي “قوة الصواريخ والقوة البحرية والقوة الجوية وَالدفاع الجوي”، بالإضافة إلى خسارة أجزاء واسعة من أراضيها في الحد الجنوبي الممتد من المنطقة العازلة بالجولان، وُصُـولًا إلى ريف دمشق، حَيثُ تمكّن كيان العدوّ الإسرائيلي خلال حملته العدوانية من تدمير معظم الترسانة العامة للجيش السوري، واحتلال القطاع الجنوبي، وُصُـولًا إلى نقاط متقدمة لا تبعد أكثر من 25 كيلو مترًا من العاصمة دمشق.

ومن الجهة المقابلة تحَرّكت أمريكا بشكل موازٍ لحماية ما يسمى “قوات قسد” لتعزيز سيطرة الأخيرة على الجغرافيا الشمالية -الشرقية مناطق النفط ابتداء بـ “القاشملي -الحسكة -الرقة وُصُـولًا إلى دير الزور”.

من جهة أُخرى عملت تركيا أَيْـضًا على تحريك قواتها لتحتل القطاع الشمالي الشرقي لسوريا “إدلب وحلب” وُصُـولًا إلى حماة، وقد قامت بنشر قوات خَاصَّة في هذه المناطق، مع إنشاء قواعد تمركز ثابتة ومتقدمة.

سوريا تحت براثين مثلث الاحتلال:

ووفقًا للمعطيات والمتغيرات التي طرأت على ساحة سوريا يمكن رؤية وضعها يذهب إلى منحى خطير للغاية، فقد أفرغت من عناصر القوة لحماية أمنها القومي، كما أن سيادتها ووحدة أراضيها مستباحة كليًّا جوًا وبحرًا وبرًا، فكيان العدوّ الإسرائيلي مُستمرّ في التوغل، وقضم الأراضي في الجنوب السوري، إضافة إلى عملياته الجوية التي تواصل قصف ما تبقى من المواقع، والثكنات العسكرية للجيش، ومن المتوقع أن كيان العدوّ لن يكتفي بما حقّقه من مكاسب، وقد يسعى إلى توسيع نطاق احتلاله لمناطق أُخرى تشمل حتى العاصمة دمشق، فهدفه هو تحييد سوريا كليًّا، أما في الاتّجاه الآخر، فالاحتلال الأمريكي والتركي يسعيان بشكل متزامن في تثبيت سيطرتهم المباشرة على مناطق الشمال الشرقي، ومناطق الشمال الغربي لسوريا، وهنا يمكن أن نرى حالة من تقاسم النفوذ والسيطرة وفق سيناريو منظم، أَو بالأحرى تطبيق “سايكس بيكو” مصغر لسوريا وأراضيها.

وفيما يتعلق بالجولاني وجماعاته التي تتحَرّك بدعم تركي، فهي ما زالت منشغلة على التربع على حكم العاصمة دمشق، وتنفيذ حملات الإعدامات الهمجية ضد الشخصيات والقيادات البارزة في الجيش السوري، واغتيال النخب والعلماء وعباقرة سوريا في المجالات العلمية والتقنية والبحثية.

أما على مستوى موقف الجولاني، وجماعته ضد ما يحصل، وخُصُوصًا تجاه العدوان الغاشم الذي يطبقه كيان العدوّ الإسرائيلي، فما زال الصمت والتماهي سيد الموقف، فلم يصدر أي بيان إدانة لهذا العدوان من تلك الجماعة، بقدر ما تسعى الأخيرة للتواصل مع حكومة كيان العدوّ، لطمأنته، وإفساح المجال أمامه ليتحَرّك بحرية كاملة في القصف والتدمير والتوغل.

لذا، كتقدير موقف يمكن ملاحظة الواقع الكارثي الذي تعيشه سوريا، ‏فمع خسارتها لمعظم قدراتها الدفاعية ومعها مئات المليارات الدولارات كخسائر مباشرة هناك انهيار تام لسيادتها واستقلالها واستقرارها بالكامل عسكريًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، وسيطرة ثلاثي الشر أمريكا و”إسرائيل” وتركيا على قرار سوريا ومستقبلها، فالفترة القادمة ستتضح مخطّطات هذا الثلاثي الإجرامي وستتباين مواقفهم بشكل أكبر لتظهر عبثهم بسوريا أرضًا ومقدرات وثروات وبحياة الشعب السوري الشقيق، وسيظهر موقف الجولاني وجماعته التي يمكن اعتبارها أدَاة لتغطية تحَرّكات هذا الثلاثي.

زين العابدين عثمان
باحث عسكري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العاصمة دمشق ص ـول ا إلى کیان العدو

إقرأ أيضاً:

ميقاتي يوجه بإعادة فتح سفارة لبنان في سوريا بعد سقوط نظام الأسد

وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الاثنين، بإعادة فتح سفارة بلاده في العاصمة السورية دمشق بعد سقوط النظام وهروب رئيسه المخلوع إلى روسيا.

وقال مكتب رئيس الوزراء اللبناني، في بيان عبر منصة "إكس"، إن "رئيس الحكومة اجتمع مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب".

إجتمع رئيس الحكومة #نجيب_ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب .
وتم البحث في الاتصالات الديبلوماسية الراهنة لوقف الاعتداءات الاسرائيلية.
كما تطرق البحث خلال الاجتماع الى الوضع في سوريا ، وأعطى رئيس الحكومة توجيهاته باعادة فتح السفارة اللبنانية في دمشق بعدما كانت… — رئاسة مجلس الوزراء ???????? (@grandserail) December 16, 2024
وأضاف البيان أن اللقاء تطرق إلى الوضع في سوريا، موضحا أن ميقاتي "أعطى توجيهاته بإعادة فتح السفارة اللبنانية في دمشق بعدما كانت أقفلت خلال الأحداث الأخيرة".

تأتي هذه الخطوة مع دخول سوريا أسبوعها الثاني دون حكم الأسد الذي هرب إلى روسيا عقب دخول فصائل المعارضة المسلحة إلى العاصمة دمشق ضمن معركة خاطفة قادتها "هيئة تحرير الشام" بقيادة أحمد الشرع المقلب بـ"الجولاني".


وفي حين أعلنت دولة قطر استئناف عمل سفارتها في سوريا اعتبارا من الثلاثاء المقبل، فتحت السفارة التركية في العاصمة السورية دمشق أبوابها السبت الماضي.

وفي وقت سابق، الأحد، وصل وفد قطري إلى سوريا، والتقى مسؤولين في الحكومة الانتقالية في البلاد، في أعقاب إطاحة تحالف فصائل المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، بالرئيس بشار الأسد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في بيان، إن "وفدا دبلوماسيا قطريا وصل دمشق لإكمال الإجراءات اللازمة لافتتاح سفارة دولة قطر"، مشيرا إلى أن الوفد التقى الحكومة الانتقالية، وجدد التزام الدوحة "الكامل بدعم الشعب السوري الشقيق".


وتشهد دمشق حراكا دبلوماسيا وسياسيا واسعا بعد سقوط الأسد في ظل مساعي متواصلة من الحكومة الانتقالية لدفع عجلة المرافق الخدمية والمؤسسات الحكومية نحو الاستمرار في عملها دون توقف عقب سقوط النظام.

وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وقبلها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت معارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة في الريف الغربي لمحافظة حلب، استطاعت الفصائل خلالها بسط سيطرتها على مدينة حلب ومحافظة إدلب، وفي الأيام التالية سيطرت على مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص، وأخيرا دمشق.

مقالات مشابهة

  • روسيا: لا قرار نهائي بشأن قواعدنا العسكرية في سوريا
  • ميقاتي يوجه بإعادة فتح سفارة لبنان في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • بنك السودان المركزي يحدد فئات العملة القديمة التي ما تزال سارية
  • ماذا يعني قرار الإدارة العسكرية سحب سلاح الفصائل الفلسطينية في سوريا؟
  • بعد أنباء عن سحب الجيش.. روسيا تتحدث عن مصير قواعدها العسكرية في سوريا
  • مستعدون للتعاون مع سلطات دمشق الجديدة..الأكراد يطالبون بوقف العمليات العسكرية في سوريا
  • سوريا ما بعد الأسد.. الشرع يصر على وحدة سوريا وروسيا تجلي بعض دبلوماسييها
  • سوريا تطوي صفحة الأسد والخدمات تعود لطبيعتها
  • فرنسا ترسل 4 دبلوماسيين إلى سوريا لأول مرة منذ 12 عاما