أهم 3 أسئلة الأكثر إثارة للاهتمام حول تغير المناخ والاحتباس الحراري
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
قدم تجمع سنوي للعلماء هذا الأسبوع، لمحة عن أحدث الجهود المبذولة للإجابة عن بعض الأسئلة الأكثر إثارة للاهتمام حول ظاهرة الاحتباس الحراري لكوكبنا.
في شهر ديسمبر من كل عام، يجتمع أكثر من 25 ألف عالم من جميع أنحاء العالم في مركز مؤتمرات ضخم للتأمل في كل ما يتعلق بالأرض والمناخ والفضاء.
هذا هو الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، وهي منظمة غير ربحية للعلماء، وهو المكان الذي يجب أن تكون فيه إذا كنت تريد سماع أحدث الأبحاث حول مواضيع مثل ذوبان القمم الجليدية، والجفاف ما قبل التاريخ والتأثيرات البيئية طويلة الأمد للقصف الأمريكي في فيتنام ولاوس، كما يتضح من صور الأقمار الصناعية التجسسية التي تم رفع السرية عنها، إنه المكان الذي تحصل فيه الاكتشافات الجديدة على أول بث لها ويتم تشكيل الأفكار الناشئة.
محاولة تلخيص مثل هذا التجمع المتنوع لن تكون مهمة سهلة، وقدمت جريدة نيويورك تايمز ثلاثة أمور لفتت الانتباه هذا الأسبوع في المؤتمر الذي انتهي الجمعة في واشنطن.
الأرض أكثر سخونة مما كان متوقعًا
على مدى العام ونصف العام الماضيين، كان الكوكب عند أو بالقرب من أعلى نقطة له في العصر الحديث كل شهر، ومن المؤكد تقريبًا أن هذا العام سيكون الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقًا لمراقب المناخ الأوروبي، لم يتم تحطيم أرقام درجات الحرارة القياسية؛ بل يتم تجاوزها، ولم يحدد العلماء سبب ذلك تمامًا.
واتفق 7 علماء من ثلاث قارات أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به.
في هذا الشهر، طرح العلماء في ألمانيا تفسيراً جديداً مثيراً للقلق للحرارة: فقد بلغ الغطاء السحابي في العام الماضي أدنى مستوياته على الإطلاق، وبعبارة أخرى، امتصت الأرض طاقة إضافية لأن عدداً أقل من السحب عكسها إلى الفضاء.
يقول روبرت رود، كبير العلماء في منظمة الأبحاث “بيركلي إيرث”، إن العلماء الآن عليهم فقط أن يكتشفوا “لماذا تبدو السحب غريبة؟”، وفي الوقت الحالي، لدينا إجابات محتملة – انخفاض تلوث الكبريت والغبار الصحراوي في الغلاف الجوي، ربما – ولكن ليس لدينا إجابات مؤكدة، كما يقول رود.
الذكاء الاصطناعي يساعد في علم المناخ
لا يعد التعلم الآلي جديدًا في علم المناخ، لكن الباحثين يواصلون توسيع نطاق ما يمكنهم فعله به، قدم ويليام كولينز، الباحث في مختبر لورانس بيركلي الوطني، عرضًا تقديميًا حول مشروع جديد يستخدم الذكاء الاصطناعي لمعالجة مشكلة كبيرة: الطقس المتطرف.
موجات الحر والعواصف الأكثر تدميراً يصعب دراستها لأنها، بحكم التعريف، لا تحدث كثيراً، وبالتالي لا توجد الكثير من البيانات الواقعية عنها. ولكن باستخدام التعلم الآلي، يمكنك في الأساس توليد هذه البيانات من خلال إعادة تشغيل نفس الفترة الزمنية مراراً وتكراراً، آلاف المرات، مع اختلافات طفيفة في كل مرة، مثل “تكملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لفيلم ‘Groundhog Day'”، على حد تعبير كولينز.
ونظراً للمخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي للطاقة والبصمة الكربونية، بذل كولينز قصارى جهده ليقول إن أجهزة الكمبيوتر التي يستخدمها هو وزملاؤه كانت “ألعاباً” مقارنة بالأجهزة التي تعمل على تشغيل ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعي التجارية الأخرى.
وقال كولينز، إن العلماء ما زالوا يعملون على تحسين هذه الأساليب للتأكد من أنها يمكن أن تساعدنا في فهم مناخنا الذي يزداد دفئًا باستمرار.
وأضاف: “لقد دربنا هذه النماذج على الماضي. فهل يمكنها التنبؤ بمستقبل ليس له مثيل في الماضي؟”.
3- كيف ينبغي للمجتمع العلمي أن يفكر في الهندسة الجيولوجية؟
لقد نشرت صحيفة التايمز هذا العام تقارير عن مجموعة متنوعة من التقنيات التي يمكن أن تساعد في إبطاء تغير المناخ: مثل تحويل أشعة الشمس، وتعديل المحيطات، وتغيير الحمض النووي للكائنات الحية.
وقد اجتذبت المحادثات حول هذه الاستراتيجيات أعداداً كبيرة من الجمهور هذا الأسبوع، على الرغم من أن العديد من الباحثين اشتكوا في جلسات خاصة من الوقت والموارد التي يتم إنفاقها على مثل هذه الأفكار المحفوفة بالمخاطر.
في شهر أكتوبر، أصدر الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي تقريراً عن أخلاقيات أبحاث الهندسة الجيولوجية، وقد خصص مؤتمر هذا الأسبوع واحدة من أكبر وأبرز منصاته لمناقشة هذا الموضوع.
لقد درس جميع المشاركين الهندسة الجيولوجية من وجهات نظر مختلفة. ومع ذلك، فقد أوضحوا أنهم لم يأتوا إلى المسرح للترويج لاستخدامها.
لقد عبر آلان روبوك، عالم المناخ في جامعة روتجرز، عن الأمر بصراحة: “لا أريد أن أكون هنا، نحن نعلم أن الحل لمشكلة الاحتباس الحراري العالمي هو ترك الوقود الأحفوري في باطن الأرض”، ومع ذلك، قال روبوك، إنه من المهم للعلماء أن يفهموا المخاطر المترتبة على تجربة هذه التقنيات، وكيف تقارن بمخاطر عدم تجربتها، “كلما عرفنا ذلك في وقت أقرب، كلما تمكنا من المضي قدمًا في طريقنا”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تغير المناخ التاريخ الاحتباس الحراري الأرض المزيد الذکاء الاصطناعی هذا الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
يأخذك الحديث وأنت تتأمل فيلم غيوم لمُزنة المسافر إلى التطور الفني والموضوعي في تجربتها، موضوعا التعددية الثقافية والعرقية في المجتمع العماني كمصدر ثراء غني، تتجه إليه مزنة في استقصائها الطويل، مزيلة وهم ما يفصل بيننا، عبر البحث عن ما يجمع بيننا ويأتلف في نسيج اجتماعي واحد. عبر هذا الثراء العرقي واللغوي نخلق تجانسنا الحقيقي، التجانس المميز لمجتمعنا منذ جذوره التاريخية البعيدة. فنيا يشكل فيلم غيوم تحولا نوعيا تخرج به مزنة عن الطرح الأفقي للتجربة، عن أحكام البداية فتتسلسل الأحداث وصولا إلى نهايتها. فيلم غيوم يخرج عن القوالب التقليدية في السينما منحازا إلى شاعريتها، الغائب والماضي والمفقود هم من يشكل وهج الأحداث، ويدفع بشخوصه إلى المحبة والأسى والفراق والندم، محكومة بالماضي الذي تسدل ظلال أحداثه على الحاضر والمستقبل معا. فنيا ينحاز السيناريو إلى الصورة السينمائية عنه إلى الحوار، الصورة خاصة في تجسيدها المباشر لملامح شخوص الفيلم، قادرة حقا على نقل عواطفهم واختلاجات قلوبهم، سينمائيا تضفي هذه اللغة الجمال السينمائي، الذي تريد مزنة إيصاله إلينا، ما لا يستطيع الحوار نقله عبر السينما.
اختيار مُزنة لطرح تجربتها جبال ظفار، عائدة بنا إلى عام ١٩٧٨م، أي بعد ثلاثة أعوام من نهاية حرب الجبل بعد حرب طويلة استمرّت عشرة أعوام. هذه الحرب هي الماضي الذي يثقل أرواح رعاة الجبل، الماضي الذي يسدل على الحياة مشاعر الفقدان والخوف من عودة الحرب ثانية. الحرب التي تركت في كل منزل قتيلًا، أو قريبًا لقتيل، أحرقت المراعي وفتكت بالإبل مصدر حياة سكانه، والأثقل أنها تركت روح الفرقة بين أبناء الجبل، نظرا لتغير مواقفهم من موقع إلى آخر، ذلك ما نقرأ ثقله في حياة بطل الفيلم دبلان الذي يتحول بعد الحرب إلى رجل منطو على نفسه، يرفض مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم ويقضي معظم وقته في العناية ببندقيته، وملئها بالرصاص حتى تكون جاهزة للقضاء على النمر في أي وقت تتكرر عودة الحرب ثانية إلى جبال ظفار.
مزنة في هذا الفيلم العميق والشاعري في آن تبتعد عن تقديم الرصاص والقصف والقتلى، كما أن المرأة القتيلة لم تظهر في الفيلم أبدا، رغم ظهور ذكراها المتواصل، كهاجس يومي يلازم حياة الأب وابنه عمر وابنته سلمى، المرأة ومقتلها الغامض هي السر المكتوم في الفيلم، ابنها عمر كل ليلة ينام في حضن أخته الكبرى، متخيلا والدته تنام على سحابة بعيدة في السماء، يراقب أباه يوميا أثناء تنظيف وتعمير بندقيته، محاولا أكثر من مرة خطفها منه، دون أن يتبين لنا السبب المباشر لذلك، حتى نجاح اختطافه البندقية في مشهد سينمائي أخاذ، يوجّه فيه عمر البندقية إلى صدر أبيه طالبا منه فك لغز اختفاء أمه، تكون الفرصة مؤاتية آنذاك للأب للاعتراف لابنه وابنته أن الأم قد توفيت برصاصة طائشة أثناء معارك الجبل، دون أن يحدد من أي طرف جاءت الرصاصة، ذكاء مزنة يوقف التجربة برمتها أمام تقييم جديد يكشفه التاريخ في مستقبل الأيام، والوقت ما زال باكرا لإدانة طرف ضد آخر، فقط الخوف من عودة الحرب ثانية، هي النمر الذي يستعد دبلان يوميا لمواجهته. وأخيرا لتعليم ابنه طريقة استخدام البندقية لقتل النمر وحش الحرب قبل وصوله إلى الجبال.
مصدر إيحاء غيوم هي مجموعة من الصور الوثائقية التقطها والدها الفنان موسى المسافر، الذي دون شك عاصر مرارة تلك الأحداث، تكشف لنا جانبا مهما من حياة أبناء الجبل في ظفار أثناء الحرب وبعد انتهائها. من تلك الصور الوثائقية استمدت مزنة هذا الإلهام المتدفق، وصاغت سيناريو فيلم غيوم، الذي يأتي ليس لإدانة طرف دون آخر، بل لإدانة الحروب البشرية برمتها، ذلك لأنها نظرت لنتائجها الوخيمة في عيني دبلان رب العائلة الذي مع خروجه حيا منها إلا أنه خرج مهزوما فاقد القدرة على الحياة، معذبا بالماضي الذي قدمته مزنة كنمر يفترس كل ما أمامه دون تمييز ورحمة.
مزنة تعي جيدا آثار الحروب على تغيير العلاقات الاجتماعية بين البشر، العلاقة بين دبلان وشيخ القبيلة بعد الحرب، ليست هي العلاقة إياها قبل الحرب، يتقدم شيخ القبيلة المتقدم في العمر لخطبة سلمى صبية دبلان، المرتبطة بعلاقة عاطفية مع سالم الصبي الجبلي من جيلها. يقف دبلان وهو راعي الإبل الجبلي موقفا متقدما عندما يرفض تزويج ابنته شيخ القبيلة الثري، مزوجا إياها الصبي الفقير مع مباركة الأب له بحبات من شجرة اللبان الأسطورية والتي تصل محبة أبناء الجبل لها إلى درجة التقديس، نظرا لارتباط استخدامها بطقوس دينية في معابد الأديان الهندية بل وفي معابد الأديان السماوية قديما.
الفيلم ناطق بالشحرية لغة رعاة الجبال بظفار، كان ذلك ضروريا، هذا ما أدركته مزنة، منذ بداية اشتغالها على المشهد السينمائي العماني، بما يحمله من تنوع عرقي وثقافي أخاذ منذ قديم الزمان. قبلها قدمت فيلم شولو الناطق بالسواحيلية وفيلم بشك الوثائقي الناطق بالبلوشية. هي السينمائية التي لا تعترف بفوارق وهمية بين أبناء الوطن الواحد، القادرة على اكتشاف النسيج الاجتماعي المخفي، الرابط أبناءه روحيا على أرض واحدة، وتحت سماء واحدة.
فيلم تشولو، تناقش مُزنة فيه تجربة الانتماء الوطني والحنين إلى الجذور البعيدة خلف البحار، تدور أحداثه في زنجبار، موطن أساسي لهجرة العمانيين عبر التاريخ لقرون مضت، يستقبل تشولو الصبي أخاه عبدالله القادم من عُمان، يعيشان معا توافق البحث عن جذورهم المشتركة، يتعرضان للاعتداء من رجال أفارقة بسبب انتماء عبدالله العربي الواضح في لونه، تتراءى عمان وطنا بعيدا مجهولا لتشولو، أرضا سحرية لن يعود إليها أبدا، يعود عبدالله مع أبيه ويظل تشولو ينظر إلى البحر، إلى السفن وهي تبحر عائدة إلى عمان التي لن يراها أبدا، هكذا تتكرر تجربة الماضي الساكن كقيد يرتبط به المرؤ. ولكن بشكل إيجابي في تشولو عنه في غيوم، مزنة تتجاوز تجربة الحنين النوستالجي إلى الماضي، في الفيلمين تنظر إلى الماضي كقيد يجب علينا كسره والانطلاق إلى المستقبل دون الالتفات إليه. خاصة في مرارة أحداثه كما هو في فيلم غيوم، حيث يبقى الدم الأفريقي العماني المشترك، تجربة حضارة مشتركة أيضا، تغذي النسيج الاجتماعي العماني بخصوبة العطاء في فيلم تشولو، أي أنها تنطلق من الإيجابي في ثراء الوجود العماني بشرق إفريقيا، الثراء الذي دفع بالأفارقة إلى ما هو مثمر، حيث حمل العمانيون معهم الأساليب الحديثة في الزراعة، وارتياد آفاق العمل التجاري، ونشر الدين الإسلامي وغيرها من الدلائل الحضارية المهمة، التي تؤكد إيجابية وجودهم المبكر في شرق إفريقيا. وحش الماضي الذي يصوب له دبلان وابنه عمر البندقية لمواجهته، يحتفظ له تشولو وأخيه عبدالله بمئة قطعة من المندازي الذي خبزته لهما جدتهم الإفريقية، يحشوان فم النمر المفترس بها حتى لا يكون قادرا على افتراسهما معا. ذلك دون شك مشهد طفولي ساحر يؤكد وحدة الأخوين ضد وحش الحرب المأساوية بين العمانيين والأفارقة، أي من المحبة المشتركة بينهما نخلق إمكانية التعايش المشترك والوحش الذي يطعمه الطفلان العماني والأفريقي المندازي، هي الحرب التي خلقت روح الكراهية بينهما، وآن لنا جميعا طي صفحاتها الدموية، نحو خلق عالم أجمل لأجيالنا القادمة.
مُزنة التي جاءت بعد ستين عاما على مأساة خروج العمانيين من شرق إفريقيا بطريقة مأساوية فقد فيها العمانيون الآلاف من أبنائهم ثم أنها جاءت بعد خمسين عاما أيضا بعد نهاية حرب الجبل بظفار، تنصت إلى أوراق التاريخ التي تحفظ لنا ما فقد وتم نسيانه، مؤهلة حقا للذهاب أبعد مستقبلا، نحو تقديم تجارب العطاء العماني المتدفق عبر التاريخ، ورفد السينما العمانية الناشئة بلغة شاعرية متميزة، ذلك حقا جوهر الفن الطليعي الجاد، يضيء كالنجوم ترشد المسافرين في ليل البحار إلى المجهول.
فيلم غيوم /روائي قصير /ناطق بالشحرية/ جائزة أفضل فيلم روائي قصير /المهرجان السينمائي الخليجي ٢٠٢٤م. إخراج مزنة المسافر.
فيلم تشولو/ روائي قصير/ ناطق بالسواحيلية /جائزة أفضل سيناريو /مهرجان أبوظبي السينمائي ٢٠١٤ م. إخراج مزنة المسافر.
سماء عيسى شاعر عُماني