محاولة قلب النظام العلماني وإقامة دولة تركية دينية... من عدنان مندريس؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
يُعد عدنان مندريس واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ تركيا الحديث، فهو أول زعيم منتخب ديمقراطيًا في البلاد، حيث وضع بصمته في السياسة والاقتصاد وأعاد الدين إلى الساحة العامة، لكن النهاية كانت مأساوية. فعلى الرغم من إنجازاته الكبيرة داخليًا وخارجيًا، أطاح به أول انقلاب عسكري في تاريخ الجمهورية التركية، ليُحكم عليه بالإعدام وتتحول قصته إلى رمز للصراع بين القوى الديمقراطية والعسكرية في تركيا.
ولد عدنان مندريس عام 1899 في مدينة آيدين التركية، وانضم لاحقًا إلى حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك. بدأ مندريس مشواره السياسي كعضو برلماني عن الحزب، لكنه سرعان ما انشق عنه في عام 1945 مع ثلاثة نواب آخرين بسبب خلافات سياسية مع زعيم الحزب، عصمت إينونو.
وفي عام 1946، أسس “الحزب الديمقراطي” الذي أصبح بديلاً قويًا عن هيمنة حزب الشعب الجمهوري. تمكن مندريس من الفوز في انتخابات 1950 بأغلبية ساحقة، ليُشكل حكومة وضعت حدًا لسيطرة الحزب الحاكم منذ تأسيس الجمهورية عام 1923.
إنجازات حقبة مندريسخلال فترة حكمه، شهدت تركيا نهضة واسعة النطاق:
• أعاد الأذان باللغة العربية إلى المساجد بعد أن كان بالأحرف التركية.
• أطلق حملة تنمية اقتصادية شملت تطوير الزراعة والصناعة وتشييد الطرق والمدارس والجامعات.
• تحسنت مؤشرات الاقتصاد، وتقلصت معدلات البطالة، وازدهرت التجارة.
ورغم أنه لم يكن “إسلاميًا” بالمفهوم السياسي، إلا أن سياساته أعادت الاعتبار للدين في الحياة العامة، ما أكسبه تأييد شريحة كبيرة من المجتمع التركي.
تركيا في قلب الغربعلى الصعيد الدولي، وضع مندريس تركيا في قلب العالم الغربي؛ حيث انضمت تركيا في عهده إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1952، وأصبحت حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفييتي، ما عزز مكانة تركيا الجيوسياسية.
التوترات السياسية وسقوط مندريسمع نهاية الخمسينيات، بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة سياسية واقتصادية:
• تراجعت الأوضاع الاقتصادية، ما أدى إلى خسارة الحزب الديمقراطي بعض مقاعده في انتخابات 1957.
• أثارت سياسات مندريس الداخلية حفيظة القوى العلمانية التي شعرت أن ميراث أتاتورك العلماني بات مهددًا.
• تصاعدت الاحتجاجات في الجامعات والمدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة، ما أدى إلى اضطرابات وشغب.
وفي 27 مايو 1960، تحرك الجيش التركي بقيادة الجنرال جمال جورسيل ليُنفذ أول انقلاب عسكري في تاريخ الجمهورية التركية.
تم اعتقال مندريس مع عدد من الوزراء وقادة الحزب، وبدأت محاكمات صورية على جزيرة “ياسي أدا”. وُجهت له تهم عديدة، من بينها:
• انتهاك الدستور.
• محاولة قلب النظام العلماني وإقامة دولة دينية.
في 17 سبتمبر 1961، تم تنفيذ حكم الإعدام في عدنان مندريس على جزيرة إمرالي، ليُصبح رمزًا سياسيًا بعد وفاته.
رد الاعتبار والخلود في الذاكرة التركيةاستمر الشعور بالظلم تجاه إعدام مندريس يتصاعد بين الشعب التركي، حتى قرر الرئيس تورجوت أوزال في عام 1990 إعادة الاعتبار له ولرفاقه. نُقلت رفاتهم من الجزيرة إلى مقبرة خاصة في إسطنبول في جنازة وطنية مهيبة، شارك فيها قادة الدولة وجموع الشعب.
أطلق اسمه على مطار إزمير، وعدد من الشوارع والجامعات والمدارس، وأُعيد اعتباره “شهيدًا للديمقراطية”. كما اعتبر الاستفتاء الشعبي في عام 2010، الذي يُجرّم الانقلابات العسكرية بأثر رجعي، بمثابة انتصار رمزي له.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إسطنبول أتاتورك الجمهورية التركية عدنان مندريس المزيد عدنان مندریس فی عام
إقرأ أيضاً:
حزب الشعب يعلن إمام أوغلو مرشحا رسميا للانتخابات الرئاسية التركية
رشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، والذي أوقف عن العمل وسُجن الأحد، رسميا للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 2028، حسب ما أفاد متحدث باسم الحزب.
وأجرى حزب الشعب الذي يعدّ قوة المعارضة الرئيسية انتخابات تمهيدية الأحد كان إمام أوغلو المرشّح الوحيد فيها.
وتنظر أحزاب في المعارضة التركية إلى إمام أوغلو (53 عاما) على نطاق واسع باعتباره أبرز منافس للرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل إن "1,6 مليون من أصل 1,7 مليون عضو أدلوا بأصواتهم لمصلحة إمام أوغلو ليكون مرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وأضاف أوزيل أن ملايين الأشخاص أدلوا أيضا بأصوات رمزية لمصلحة إمام أوغلو في صناديق اقتراع أقيمت تحت مسمى صناديق "التضامن" في أنحاء البلاد، إلى جانب التصويت الرسمي لأعضاء الحزب.
واعتبر أوزيل أن هذا التصويت الرمزي "قياس على مدى شعبية إمام أوغلو بين جميع الأتراك، وليس فقط بين أتباع الحزب وأولئك الذين يقيمون في إسطنبول".
نقل إلى السجنوأمس الأحد، نُقل إمام أوغلو مع عدد من المتهمين إلى سجن مرمرة الذي يعرف أيضا باسم "سيليفري" غربي إسطنبول، حسب ما أفاد حزب الشعب الذي ينتمي إليه ووسائل إعلام تركية.
إعلانوكانت وزارة الداخلية التركية أعلنت الأحد تعليق عمل رئيس بلدية إسطنبول الكبرى إمام أوغلو بعد صدور قرار قضائي بسجنه، وذلك بسبب اتهامات مرتبطة بالتعامل غير القانوني مع بيانات شخصية ورشى وفساد، فضلا عن تأسيس منظمة ارتكبت مخالفات وجرائم.
وفي سياق متصل، دعت ولاية إسطنبول مجلسي بلديتي إسطنبول الكبرى ومنطقة بيليك دوزو إلى الاجتماع بعد غد الأربعاء لانتخاب وكيلين لإدارة البلديتين بعد إيقاف رئيسيهما أكرم إمام أوغلو ومراد تشاليك عن مزاولة مهامهما إثر قرار قضائي بحبسهما على ذمة التحقيق بتهم فساد.
وأوضحت الولاية، في بيان أمس الأحد، أن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى ورئيس بلدية بيليك دوزو تم إيقافهما عن مزاولة مهامهما كتدبير مؤقت من قبل وزارة الداخلية التركية.
وأُلقي القبض على إمام أوغلو الأربعاء الماضي بتهم فساد ومساعدة جماعة إرهابية، وقد نفى التهم المنسوبة إليه، واصفا إياها بأنها "اتهامات وافتراءات لا يمكن تصورها".
في المقابل، تنفي الحكومة أي تأثير لها في هذه المسألة وتؤكد استقلال القضاء.
وردا على الاحتجاجات، تعهد الرئيس أردوغان -الذي كان رئيسا لبلدية إسطنبول في التسعينيات- بعدم الاستسلام "لإرهاب الشوارع".