قال رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس، الثلاثاء، إن العدالة الانتقالية في البلاد "ليست خياراً وإنما ضرورة"، مؤكداً على الاستمرار في ملاحقة النظام السابق والرئيس بشار الأسد قضائياً.

وأضاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا: "نؤمن أن روح قرار مجلس الأمن 2254 تشكل خارطة طريق لتحقيق تطلعات الشعب السوري.

. صحيح أن الظروف قد تغيرت، وأن النظام الذي كان طرفًا في هذا القرار قد انهار، إلا أن روح القرار وجوهره، المتمثل في تحقيق حكم الشعب لنفسه من خلال انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، لا يزال هو المبدأ الذي نستند إليه".

توسع إسرائيل وعقوبات سوريا وصفقة إيران| تحركات سريعة في خريطة الشرق الأوسط.. وخبير يكشفهامبعوث الأمم المتحدة: سوريا أمام فرصة حقيقية للمضي نحو السلامإيران تعلن استعدادها لإعادة فتح سفارتها بـ سوريا في هذه الحالةموسكو: نراقب عن كثب تطور الوضع في سوريا

ودعا رئيس هيئة التفاوض السورية،  التي تأسست في 2015 بهدف توحيد مواقف المعارضة، إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف الشعب السوري، من الثوار إلى السياسيين والمجتمع المدني، مع ضمان تمثيل المرأة والشباب.

كما شدد جاموس على ضرورة عقد مؤتمر وطني شامل تتولى الحكومة الانتقالية تنظيمه لاختيار جمعية تأسيسية ، وتُكلف بإعداد دستور جديد يعبّر عن تطلعات السوريين".

ومضى يقول: "يجب إجراء استفتاء على الدستور الجديد والمضي قدمًا نحو انتخابات حرة ونزيهة في بيئة آمنة ومحايدة تحت إشراف الأمم المتحدة".

وشدد رئيس هيئة التفاوض السورية على أن "هناك حاجة ماسّة لإنشاء صندوق لدعم المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم، وإعادة دمج المنشقين عن النظام في وظائفهم فورًا، وإنشاء صندوق لدعم اللاجئين والمهجرين الراغبين في العودة إلى سوريا".

وتابع:  "تحمّلت المعارضة مسؤولية بناء دولة القانون، وتحقيق الحرية والعدالة والمواطنة. لم تكن معركتنا فقط مع النظام، بل مع الاستقطابات الإقليمية والدولية".

وأضاف "مستعدون للتعاون مع السلطة الحالية في دمشق لبناء سوريا الجديدة؛ دولة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، خالية من التدخلات الخارجية، وتحافظ على علاقات متوازنة مع جيرانها وأصدقائها".

وتابع رئيس هيئة التفاوض الدكتور بدر جاموس: "آن الأوان لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة السورية وزيادة الدعم الإنساني والإغاثي لتمكيننا من إعادة بناء وطننا."

واختتم كلمته بالقول: "خالص شكرنا للدول التي وقفت إلى جانبنا حتى هذه اللحظة، وساندتنا، وآمنت بأن الشعب السوري قادر على التغيير ولن يرضخ حتى ينال حريته."

وأفادت هيئة التفاوض السورية في بيان، الثلاثاء، بأنها بحثت مع ميخائيل أونماخت القائم بالأعمال الأوروبي في دمشق ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشعب السوري الأسد هيئة التفاوض السورية المزيد هیئة التفاوض السوریة رئیس هیئة التفاوض

إقرأ أيضاً:

من سوريا الأسد إلى سوريا الحرة.. نحو استعادة الهوية الوطنية

في عام 2004م زرت سوريا لأول مرة، حينها انتابني خليط من الدهشة والصدمة؛ فأينما تجولت ببصرك سترى الرئيس الأسد إما معلقا في صورة على حائط أو مجسما في تمثال، وإن أرغمت نفسك على تجاهل ذلك سَيقرع سمعك اسمه أو اسم فرد من عائلته، نعم فكم من مكان في سوريا سُمي بأسمائهم!

لا يمكن لعاقل أن يظن أن ذلك عبث، بل هو ترسيخ لعقيدة سعوا لها عقودا تتمثل في أن سوريا للأسد ونظامه، ولهم وحدهم، لا يتسع لغيرهم.

كل ركن في البلاد يعج بصورهم، وشعاراتهم، وتماثيلهم، حتى إن مبنى الجوازات -وهو بوابة الدخول الأولى للبلاد- بدا وكأنه معرض دعائي للنظام.

وكلما تجولت في سوريا ستدرك جيدا كيف يسعى النظام لنشر ثقافة تقديس الرئيس وترسخيها في قلوب السوريين، فأتباع النظام عامة وعائلة الأسد خاصة كلهم فوق النقد أو العتاب، لا عيوب فيهم ولا أخطاء تصدر منهم، هكذا على السوري أن يؤمن أنهم منزهون معصومون، وإن قدح إيمانه بشك فيهم غيّبته ظلمات السجون. بالنسبة لي كان الوضع صادما مقارنة بتجربتي في الولايات المتحدة، حيث الديمقراطية وتعددية الآراء هي الأساس.

مع انحسار قبضة عائلة الأسد والنظام التابع لها، تلوح فرصة حقيقية لإعادة بناء سوريا، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضا على مستوى هويتها الوطنية
واليوم مع انحسار قبضة عائلة الأسد والنظام التابع لها، تلوح فرصة حقيقية لإعادة بناء سوريا، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضا على مستوى هويتها الوطنية.

سوريا خلال حكم الأسد: دولة تخدم العائلة

منذ أن تولى حافظ الأسد السلطة في عام 1970م، تحولت سوريا إلى ما يشبه الملكية المقنّعة، حيث ارتبط كل جانب من جوانب الحياة بآل الأسد، لم تكن سوريا تُدار كدولة لكل أبنائها بل إقطاعية عائلية، المدن والقرى السورية امتلأت بشعارات مثل "للأبد يا حافظ الأسد"، في إشارة إلى حكم مطلق بلا نهاية.

أسماء الشوارع والجامعات والمدارس والمستشفيات عكست هذه العقلية، فمثلا شارع رئيسي في دمشق يحمل اسم "حافظ الأسد"، وهناك في حمص "جامعة البعث"، وهناك "مشفى الأسد الجامعي"، كلها رموز لتأليه النظام. هذه التسميات لم تكن مجرد إشارات عابرة، بل أدوات لترسيخ سيطرة النظام في الوجدان الشعبي، وجعل كل زاوية في البلاد تذكر المواطنين بالسلطة الحاكمة، وأن سوريا لن تكون إلا بها، إما هي وإما خراب يعم البلاد.

التماثيل وصناعة الاستبداد

كانت الصور والتماثيل المنصوبة في كل زاوية أداة دعائية بامتياز، تطل عليك بجمودها بملامح صارمة وكأنها تقول للناظرين "أنت في حضرتي، هذا المكان لي، أنا هنا لأبقى، ولا صوت يعلو إلا صوتي."

من الناحية النفسية، هذه المشاهد اليومية كرّست شعورا بالخضوع والذل فأين ما ذهبت فأنت مراقب، قد يشي بك أحدهم بتهمة العداء للنظام لو لم توقر التمثال فما بالك بصاحبه، كل تمثال كان يذكر المواطن السوري بأن السلطة فوق الجميع، وأن الفرد لا قيمة له أمام الدولة المتمثلة في شخص الأسد، سياسيا، كانت التماثيل تعبيرا عن مركزية السلطة واحتكارها، وتغييبا لأي مظاهر ديمقراطية أو تنوع حزبي.

نحو سوريا جديدة: حرية الاختيار

مع سقوط نظام الأسد وزوال رموزه تبرز الحاجة الملحة لإظهار الهوية السورية التي تعبر حقا عن سوريا العريقة، سوريا العزة مهد العلماء ومنارة الثقافة. ومن أولى خطوات التخلص من آثار تقديس الشخصية التي فرضها النظام: تسمية الأماكن بما يليق بها، هذه وإن كانت نقطة شكلية في التحول إلا أنها تُأمّل بمستقبل جديد واعد أنتظره الشعب عمرا طويلا.

مسميات الأماكن يجب أن تعكس تاريخ سوريا الغني، بما فيه من شخصيات وطنية مختلفة الانتماءات السياسية والثقافية، فشارع باسم "يوسف العظمة" مثلا، وجامعة باسم "أحمد شوقي"، ومشفى باسم "غسان كنفاني" رموز جديدة لوطن يحتفي بالتعددية لا بالاستبداد.

الديمقراطية تبدأ من التفاصيل الصغيرة
تحرير سوريا من آثار آل الأسد ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضا شرط أساسي لاستعادة كرامة الشعب وهويته. قد تحتاج البلاد زمنا لتجاوز إرث عقود من القمع والاستبداد والتنكيل، لكن الإرادة الشعبية تصنع المعجزات
إعادة تسمية الأماكن ليست مجرد عملية تجميلية، بل هي ممارسة ديمقراطية تعكس إرادة الشعب. تخيل أن تُجرى انتخابات محلية لتحديد أسماء الشوارع والميادين العامة، حيث يمكن للسوريين كافة المشاركة والتعبير عن رأيهم، هذه الخطوة الصغيرة في ظاهرها، قد تكون بذرة تحول أكبر نحو ممارسات ديمقراطية أكثر عمقا تشمل السياسة والاقتصاد، مع التذكير بأن سوريا الجديدة لن تُبنى فقط بإزالة التماثيل أو تغيير الأسماء، بل عبر بناء مؤسسات قوية تعتمد على القانون، وتكرّس قيم الحرية والمواطنة، في جو ديمقراطي حقيقي، لا تُرْفَع فيه صور القادة ولا تنصب لهم تماثيل، فالسلطة الحقيقية هي للشعب، وليست لشخص أو عائلة.

من سوريا الأسد إلى سوريا الأبية

إن تحرير سوريا من آثار آل الأسد ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضا شرط أساسي لاستعادة كرامة الشعب وهويته. قد تحتاج البلاد زمنا لتجاوز إرث عقود من القمع والاستبداد والتنكيل، لكن الإرادة الشعبية تصنع المعجزات. سوريا الحرة ستكون وطنا للسوريين كلهم، حيث تُحترم فيه حقوق الجميع، ولا تكمم فيه الأفواه، ويُحتفى بمن يعمل لأجلها لا لأجله، ويصنع حاضرا ومستقبلا يلبق بها وبشعب فك قيده بيده وقطع دابر من ظلمه.

سوريا الجديدة لن تكون بمجرد تغيير في الأسماء، بل في النفوس والعقول، إنها رحلة من الاستبداد إلى الحرية، ومن التماثيل التي تطل بوجوه قاسية إلى فضاءات مفتوحة تعكس أحلام أبنائها بمستقبل أفضل.

مقالات مشابهة

  • ترحيب أممي بالتزام «الحكومة السورية» بحماية المدنيين
  • رئيس هيئة التفاوض السورية: يجب تنظيم استفتاء على الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة
  • رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا: سيتم إعادة هيكلة وزارة الدفاع قريبا
  • رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا: ستتم إعادة هيكلة وزارة الدفاع الفترة المقبلة
  • بيدرسون يلتقي وفد هيئة التفاوض السورية في دمشق
  • من سوريا الأسد إلى سوريا الحرة.. نحو استعادة الهوية الوطنية
  • بريطانيا ترسل وفدا حكوميا للاجتماع مع السلطات الانتقالية في سوريا
  • التفاوض السورية: قرار مجلس الأمن 2254 وسيلة حقيقية لبناء دولة ديمقراطية
  • كارثة إنسانية تلوح في الأفق: الأمم المتحدة تناشد المانحين لدعم صندوق اليمن في 2025