هل تُمهد «ازدواجية العملة» لانقسام السودان؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
منذ إعلان السلطات السودانية عن البدء في تبديل جزئي للعملة في العاشر من الشهر الحالي، انقسم السودان عملياً إلى “دولة بعملتين”، ما أثار مخاوف جدية من تعميق الانقسام الاقتصادي وربما تمهيد الطريق لتقسيم البلاد، بحسب تقرير نشره أحمد يونس في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية.
يشير التقرير إلى أن الورقتين النقديتين من فئتي 500 و1000 جنيه سوداني بطبعتهما القديمة لم تعدا مقبولتين في 7 ولايات تقع تحت سيطرة الجيش، بينما يواجه سكان 11 ولاية أخرى، تقع كلياً أو جزئياً تحت سيطرة قوات الدعم السريع، صعوبات جمة في استبدال عملاتهم القديمة بسبب غياب البنوك والمصارف العاملة، فضلاً عن إعلان قوات الدعم السريع أن حيازة العملات الجديدة “محرمة” في مناطق سيطرتها.
مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لاستبدال العملة في 23 ديسمبر، يتخوف المواطنون في الولايات الخاضعة لسيطرة الدعم السريع من فقدان مدخراتهم، خاصة مع توقف البنوك وضعف شبكات الاتصالات، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية التي تحيط بالتنقل بين الولايات حاملين للنقود.
في المقابل، تشهد البنوك والمصارف في الولايات الخاضعة للجيش ازدحاماً شديداً من المواطنين الراغبين في إيداع عملاتهم القديمة، مع تحديد سقف يومي للسحب يبلغ 200 ألف جنيه.
ويرى محللون أن هذا التبديل الجزئي للعملة يعيد إلى الأذهان تجربة انفصال جنوب السودان عام 2011، حيث ساد مصطلح “دولة واحدة بنظامين”، الذي أفضى في النهاية إلى دولتين غير مستقرتين. ويحذرون من أن الوضع الحالي قد يدفع السودان نحو سيناريو “دولة بعملتين”، ما يعزز المخاوف من تقسيم البلاد.
وتتبنى قوات الدعم السريع موقفاً رافضاً للعملة الجديدة، وتعتبرها “مؤامرة خبيثة” تهدف إلى تقسيم البلاد، متهمة “الحركة الإسلامية” بتنفيذ هذا المخطط.
ويؤكد المحلل محمد لطيف أن تبديل العملة “يكرس مبكراً لانقسام البلاد”، ويحذر من أنه سيخرج مناطق سيطرة الدعم السريع من المنظومة الاقتصادية للبلاد، خاصة مع تمركز الكتلة النقدية الكبرى في مناطق الإنتاج. كما يشير إلى صعوبة التنقل بين الولايات، ما قد يعرض حاملي النقود للمخاطر والاتهامات بالتواطؤ مع الدعم السريع.
من جانبه، يحذر المحلل الاقتصادي أحمد خليل من أن هذا الإجراء قد يدفع الدعم السريع نحو طباعة عملة خاصة بها أو التعامل بعملات قديمة أو عملات دول الجوار، ما سيعمق الانقسام وربما يدفع نحو تشكيل حكومة موازية.
ويتفق الخبير الاقتصادي عبد اللطيف عثمان مع الرأي القائل بأن تغيير العملة ليس من الأولويات في ظل الحرب، ويعتبره “صباً للزيت على نار الحرب”، وتمهيداً للانفصال أو التقسيم الاقتصادي. كما يشير إلى التكلفة الباهظة لطباعة العملة الجديدة، والتي تقدر بنحو 138 مليون دولار، مقابل مردود ضعيف جداً.
ويختتم التقرير بالتأكيد على أن المواطنين هم الضحايا الرئيسيون لهذا الإجراء، حيث يواجهون فقدان مدخراتهم نتيجة لانهيار النظام المصرفي وسعر الصرف، بالإضافة إلى المخاطر المترتبة على تبديل العملة. ويشدد على ضرورة عدم تحويل العملة إلى سلاح في الصراع الدائر.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الأزمة السودانية السودان العملة في السودان الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني
في تطور ميداني، رفع طرفا النزاع في السودان من وتيرة التحشيد العسكري حول مدينتي الفاشر ومدني، فيما تواصل القوات التابعة للجيش والقوات الموالية للدعم السريع تعزيز مواقعها في تلك المناطق الاستراتيجية.
التغيير ــ وكالات
وتأتي هذه التحركات في وقت حساس، حيث مر عام كامل منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة مدني، التي تعد مركزاً اقتصادياً مهماً في البلاد.
و مع دخول الحرب في السودان عامها الثاني، يزداد التصعيد العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق حيوية من البلاد، حيث تركزت الأنظار في الأيام الأخيرة على مدينتي الفاشر في دارفور و”مدني” في ولاية الجزيرة، في وقت تزايدت فيه الاشتباكات والضربات الجوية بشكل مكثف.
وفي الفاشر، آخر معاقل الجيش بإقليم دارفور، أفادت مصادر ميدانية بتقدم جديد لقوات الدعم السريع داخل المدينة، مما يعزز من وضعها في الإقليم الحيوي الذي يشكل نقطة وصل بين السودان وكل من تشاد، أفريقيا الوسطى، وليبيا.
ويثير هذا التطور مخاوف من تزايد النفوذ العسكري لقوات الدعم السريع في المنطقة.
قتلى ودمار جراء الضربات الجويةفي الأثناء، واصلت الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش السوداني قصف مناطق متعددة في دارفور، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص خلال الأيام الأربعة الماضية، وفقاً لتقارير من منظمات حقوقية.
ومن أبرز الهجمات، الهجوم الجوي على سوق مزدحم في بلدة “كبكابية” شمال دارفور، والذي أوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف المدنيين.
ووصفت منظمة العفو الدولية هذا الهجوم بـ “جريمة حرب”، مؤكدة أن قصف السوق المزدحم بالمدنيين لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، حتى في حال وجود جنود من الطرفين المتنازعين في المنطقة. وصرح تيغيري تشاغوتا، المدير الإقليمي للمنظمة، قائلاً: “استخدام المدنيين كدروع بشرية أو استهدافهم بشكل متعمد يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني”.
الوضع الإنساني المأساويتفاقم الوضع الإنساني في السودان، حيث قدرت بيانات كلية لندن للصحة العامة أن أكثر من 60 ألف شخص قد لقوا مصرعهم منذ بداية الحرب في أبريل 2023، كما أُجبر نحو 14 مليون شخص على النزوح من ديارهم.
وتعاني البلاد من أزمة غذائية حادة، حيث يواجه أكثر من نصف السكان، الذين يقدر عددهم بحوالي 48 مليون نسمة، تهديدات جسيمة تتعلق بالجوع.
مواقف دولية ودعوات للتفاوض
في هذا السياق الميداني والإنساني المأساوي، كررت الولايات المتحدة وبريطانيا دعوتهما إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومع استمرار التصعيد العسكري وغياب أي حل سياسي يلوح في الأفق، تزداد المخاوف من أن يؤدي هذا الصراع المستمر إلى المزيد من التدهور في الوضع الأمني والإنساني في السودان.
في وقت يواجه فيه الشعب السوداني معاناة شديدة من القصف والدمار والتهجير، ويبدو أن فرص الوصول إلى اتفاق سلام أو هدنة تتضاءل بشكل كبير.
الوسومالجيش الدعم السريع الفاشر تصعيد ود مدني