البنك المركزي المصري يستضيف الاجتماع الأول للجنة الاستقرار المالي الإفريقي
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
في ضوء التوجهات الرئاسية بدعم التعاون والتكامل المصري الإفريقي، وتحت رعاية حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، استضاف البنك الاجتماع الأول للجنة الاستقرار المالي الإفريقي والتي استمرت فعالياتها على مدار ثلاثة أيام من 9 إلى 11 ديسمبر 2024.
وبالنيابة عن محافظ البنك المركزي المصري افتتح طارق الخولي نائب المحافظ، فعاليات الاجتماع وذلك بمشاركة محمود وائيش رئيس لجنة الاستقرار المالي الإفريقي وممثل بنك موريشيوس المركزي، والدكتور جولاسي أولوفادي السكرتير التنفيذي لجمعية البنوك المركزية الإفريقية، والعديد من ممثلي البنوك المركزية الإفريقية، بالإضافة إلى ممثلي قطاعي مراقبة المخاطر الكلية والتعاون الإفريقي بالبنك المركزي المصري.
وفي كلمته الافتتاحية أكد طارق الخولي نائب محافظ البنك المركزي المصري أن "اجتماع الدول الإفريقية في لجنة واحدة يمثل أساسًا يمكن البناء عليه لإقرار نظام مالي إفريقي أكثر استقرارًا وتناغمًا يعمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، مشيرًا إلى أنه في ظل التحديات التي تواجهها دول القارة خلال السنوات الأخيرة يصبح من الأهمية تعزيز الاستقرار المالي على مستوى القارة، وذلك بتنسيق أطر الاستقرار المالي المطبقة في الدول المختلفة بما يمكننا من تمثيل النظام المالي الإفريقي في كيان واحد، واعتماد صوت موحد لتحقيق الاستقرار المالي في القارة والتأكيد على استقرار النظام المالي الإفريقي على الساحة الدولية".
ويكتسب إنشاء لجنة الاستقرار المالي الإفريقي أهمية كبري، حيث ستكون اللجنة أول جهة مختصة تصدر تقريرًا للاستقرار المالي على مستوى جميع البنوك المركزية الإفريقية والذي يعكس تطور وأداء المؤسسات المالية الإفريقية ويقدم تحليلًا للمخاطر التي تواجه الأنظمة المالية على المستوى الكلي، ويساهم في تطوير الأدوات التحليلية وتفعيل أدوات السياسة الاحترازية الكلية ويقدم توصيات لاتخاذ إجراءات مسبقة لمواجهة المخاطر المختلفة ومن ثم تفعيل السياسات الاحترازية الكلية على مستوي الأنظمة المالية في الدول الإفريقية.
وجدير بالذكر أن السيد المحافظ حسن عبد الله قد تقدم بمقترح إنشاء لجنة الاستقرار المالي أثناء الاجتماع السنوي لمجلس محافظي البنوك المركزية الإفريقية، والذي عُقد يوم 4 سبتمبر 2024 بموريشيوس وذلك بهدف المساهمة في الحفاظ على الاستقرار المالي على المستوى القاري من منظور احترازي كلي.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي يقف عاجزا عن وقف انهيار الريال.. ويتهم الصرافين
يبدو البنك المركزي اليمني عاجزاً أمام مسار انهيار الريال وكأنه يشاهد تدهوره متهماً الصرافين بالمسؤولية. فماذا في التفاصيل؟ ففي الوقت الذي وصل فيه اضطراب سوق الصرف إلى ذروته في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مع انهيار سعر صرف الريال وتخطيه عتبة 2600 ريال مقابل الدولار، قررت "جمعية الصرافين" إيقاف صرف العملات الأجنبية، في محاولة منها لوقف هذا الانهيار غير المسبوق.
وأصدرت الجمعية تعميماً موجهاً لشركات ومنشآت الصرافة والشبكة الموحدة للأموال يقضي بوقف عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بصورة كاملة حتى إشعار آخر، إضافة إلى وقف أي تعاملات نقدية بالعملات الأجنبية تجاه الريال اليمني للمصلحة العامة، مثلما قالت الجمعية وتجنباً للعواقب كافة.
في السياق، يرى الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار جمعية الصرافين إيقاف التداول لا يُعد حلاً جذرياً بقدر ما هو انعكاس لحالة الارتباك في إدارة السوق، فمثل هذه القرارات المؤقتة قد تُخفف من حدة المضاربة آنياً، لكنها لا تُعالج جوهر المشكلة المتمثل في غياب السياسة النقدية الفاعلة والرقابة السيادية على السوق"، مضيفاً أن نجاح أي قرار يتوقف على ما إذا كان جزءاً من حزمة إصلاحات متكاملة أم مجرد ردة فعل. وإذا بقيت الإجراءات تُدار من خارج الإطار المؤسسي الرسمي، فإن أثرها سيكون مؤقتاً، وربما سلبياً على المدى المتوسط.
وتسارعت عملية انهيار العملة المحلية في اليمن خلال اليومين الماضيين، إذ وصل سعر الصرف في عدن إلى حدود 2600 ريال للدولار، ونحو 680 مقابل الريال السعودي. ويأتي التطور وسط توقعات تشير إلى استمرار الانهيار الذي قد يتجاوز الألف الثالث خلال 30 يوماً، في حال استمرت المؤسسات النقدية الحكومية في موضع المتفرج لما يحصل، وهو مؤشر واضح لعجزها التام عن التدخل لضبط سوق صرف العملة المحلية، ورمي الكرة في ملعب الصرافين الذين توجه لهم الانتقادات كثيراً بالمضاربة بالعملة المحلية، بدليل بيان الجمعية الممثلة لهم بوقف صرف العملات الأجنبية.
وقال مصرفيون ومراقبون وخبراء اقتصاد إن الوضع الحالي يؤكد أن الحكومة، ممثلة بالبنك المركزي في عدن، لم تعد عاجزة عن التدخل فقط، فقد رفعت الراية البيضاء بشكل رسمي وسلم الأمر لشركات ومنشآت الصرافة المتحكمة بشكل كلي بسوق الصرف وإدارة السياسة النقدية التي تعتبر من صلب ومهام البنك المركزي.
لكنّ للكاتب والمحلل الاقتصادي في عدن عبدالرحمن أنيس، رأياً آخر في هذا الخصوص، حيث يشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن البنك المركزي اليمني قد رمى الكرة قبل فترة في ملعب الصرافين منذ اتخاذ قرار التعويم الذي يعني ضبط سعر صرف العملة وفق احتياج السوق، وبالتالي توقف البنك عن التدخل لإنقاذ العملة وضخ الدولار في السوق.
ويعتبر قرار جمعية الصرافين في عدن التدخل الوحيد حتى الآن لمواجهة أكبر انهيار تشهده العملة المحلية في اليمن، مقابل صمت تام غير مسبوق من البنك المركزي اليمني والحكومة، علماً أن البنك الذي يرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تدخله يتطلب ضخ الدولار في السوق كلما استدعى الأمر ذلك وارتفع سعر الصرف، وهذا ليس بإمكان البنك المركزي في الوقت الحالي نظراً للظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
بحسب أنيس، فإن سعر صرف الريال سيظل يتصاعد ما لم يكن هناك تدخل خارجي بتوفير شحنات وقود مجانية أو دعم البنك المركزي في عدن بمنحة مناسبة يمكن أن تعيد التوازن إلى سوق الصرف.
من جانبه، يبيّن الباحث وحيد الفودعي أن تخلّي البنك المركزي اليمني عن دوره، كما يرى البعض، فيه قدر من التبسيط؛ فإذا كان هناك تنسيق بينه وبين جمعية الصرافين لإيقاف التداول مؤقتاً بهدف كبح جماح المضاربات، فإن ذلك جزء من إدارة الأزمة، لا دليل على الانسحاب، فيما يكمن التحدي الحقيقي في تحويل هذه الإجراءات من ردات فعل مؤقتة إلى سياسة نقدية متماسكة تستعيد السيطرة المؤسسية على السوق.
ووفق الفودعي، "كل تراجع في سعر العملة يعني تآكلاً مباشراً في القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاعاً في معدلات الفقر، واتساع فجوة الثقة بين الناس والحكومة، وكذا على مستوى التوافق الحكومي، فاستمرار الانهيار يُقوّض الشرعية الاقتصادية التي تُبقي الحكومة قائمة، ويُعزز مناخ السخط الاجتماعي".
وبينما يتهمه الكثيرون بجزء كبير من المسؤولية عن الوضع الحاصل في عدن ومحافظات أخرى في الجنوب اليمني، حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في الائتلاف الحكومي الذي قال إنه يتابع الأوضاع عن كثب عقب تهاوي سعر صرف الريال بشكل غير مسبوق؛ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة المعترف بها دولياً أحمد عوض بن مبارك، مسؤولية انهيار الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطنين، مؤكداً أن وزراء "الانتقالي" يعتزمون عقد مؤتمر صحافي في قادم الأيام، لتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الانهيارات المتواصلة.
ويؤكد المحلل الاقتصادي وفيق صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الهبوط المستمر في قيمة العملة اليمنية ألقى بتداعيات سلبية على الوضع المعيشي للمواطنين، وأحدث اضطرابات في أسعار السلع والمواد الغذائية، علاوة على تأثيراته المختلفة على زعزعة الثقة بالاقتصاد الكلي وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتراجع الإنتاج المحلي.
وبالتالي، فإن الحلول الشاملة لأزمة الريال اليمني تبدأ بمعالجة الانقسام النقدي، ونقص الإيرادات وتعزيز الحوكمة في الجهاز المصرفي الرسمي، عبر إعادة الثقة لهذا القطاع ومكافحة السوق السوداء، وتنفيذ سياسات نقدية صارمة، تمنع حدوث أي تلاعب بالعملة من الكيانات الخارجة عن القانون، بحسب صالح الذي يتحدث عن أن وقف بيع وشراء العملات الأجنبية، إجراء يهدف إلى تقليل حدة المضاربة بالعملة وكبح عملية الطلب على شراء النقد الأجنبي من السوق المصرفية، خصوصاً بعدما اقترب سعر صرف الدولار الواحد من تجاوز حاجز 2600 ريال. فهذه الخطوة، صحيح أنها قد تنجح في وقف عملية التداول بالعملات الصعبة، بشكل مؤقت، مما يخفف الضغط على قيمة الريال اليمني، إلا أن هذا النجاح أيضاً مرهون بتنفيذ حزمة من الحلول الشاملة، مثل توفير احتياجات السوق من النقد الأجنبي، وتنفيذ سياسات صارمة للسيطرة على الأنشطة المصرفية والمالية، وتحجيم دور السوق السوداء.
أما من وجهة نظر الفودعي، فإن أهم حل هو استعادة تصدير النفط المتوقف بسبب هجمات الحوثيين، والذي أفقد الموازنة أكثر من 60% من الإيرادات بالعملة الصعبة كانت ستعزز من الاحتياطيات وتدعم البنك المركزي اليمني في تدخلاته النقدية في سوق الصرف وكبح جماح التضخم. ويردف أنه لا يمكن كسر حلقة الانهيار إلا عبر استعادة البنك المركزي وظيفته الأساسية في إدارة السوق، ووقف التوسع غير المنضبط في الكتلة النقدية، وربط السياسة المالية والنقدية بسياسات واقعية تتواءم مع هيكل الاقتصاد اليمني الهش.