قطار فائق السرعة بين برلين وباريس ينطلق: بداية جديدة لعصر من التنقل الأوروبي المتطور
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
أطلقت ألمانيا وفرنسا يوم الاثنين قطاراً فائق السرعة، في رحلات منها ما هو مباشر، بين برلين وباريس، ما يعكس رمزاً جديداً لصداقة البلدين، بالإضافة إلى كونه علامة بارزة على قدرة أوروبا على جذب المزيد من المسافرين إلى شبكتها الحديدية.
وعلى الرغم من أن القطار يعد خطوة مهمة نحو تسهيل التنقل، فإن من غير المتوقع أن يكون له تأثير كبير من حيث توفير الوقت، إذ يستغرق حوالي 8 ساعات، مما يوفر راحة أكبر دون تقديم اختصار ملحوظ للوقت مقارنة بالطرق غير المباشرة الأخرى.
ويتزامن هذا الإطلاق مع الجهود المستمرة لشركة "دويتشه بان" الألمانية لتحسين سمعتها في ما يتعلق بدقة مواعيد قطاراتها، فقد شهد الشهر الماضي وصول 60% فقط من رحلاتها ذات المدى الطويل إلى وجهاتها في الوقت المحدد، وأي تأخير لا يتجاوز الست دقائق. وفي إطار خطتها لتحسين الخدمة، تهدف الشركة إلى رفع مستوى الدقة إلى أكثر من 75% بحلول عام 2027، وبدأت بتنفيذ مشروع لتحديث العديد من خطوط السكك الحديدية، حيث انتهت في الآونة الأخيرة من تحديث أحد أكثر المسارات ازدحاماً بين فرانكفورت وماينز، بعد خمسة أشهر من الإصلاحات.
والقطار الجديد الذي يربط برلين وباريس يتوقف في الطريق في فرانكفورت وكارلسروه ومدينة ستراسبورغ الفرنسية، ليصل إلى باريس قبل الساعة 8 مساءً، بينما يصل إلى برلين بعد الساعة 6 مساءً. بالإضافة إلى ذلك، هناك قطار ليلي مباشر يعمل ثلاث مرات في الأسبوع بين العاصمتين، وهو رابط أُطلق في العام الماضي من قبل مشغل القطارات النمساوي "ÖBB"، الذي يساهم في إحياء قطارات النوم في أوروبا بعد أن قامت العديد من الشركات بإلغاء هذه الخدمة في وقت سابق. وكانت "دويتشه بان" قد أوقفت هذا النوع من القطارات منذ عشر سنوات.
وتأتي هذه المبادرة الجديدة في وقت مهم من حيث تعزيز التعاون بين ألمانيا وفرنسا، اللتين تعدان من أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي. وقد وصف عمدة برلين، كاي فيغنر، هذا الرابط بأنه "رمز جيد للصداقة الألمانية الفرنسية"، فيما أكد وزير النقل الألماني، فولكر ويسينغ، أن هذا المشروع ليس مجرد إضافة جديدة على شبكة القطارات، بل هو خطوة نحو جذب المزيد من المسافرين إلى سكك الحديد الأوروبية، وتحقيق الاستفادة القصوى من هذا التعاون في المستقبل.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتيلا توترات مستمرة في أمستردام.. الشرطة تتدخل بعد اشتباكات وإشعال النيران في أحد قطارات الترام مقتل 24 شخصاً في تفجير بمحطة قطار كويتا جنوب غرب باكستان مواصلات عامةسياحةألمانيافرنساقطاراتالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سوريا إسرائيل دونالد ترامب هيئة تحرير الشام ضحايا جو بايدن سوريا إسرائيل دونالد ترامب هيئة تحرير الشام ضحايا جو بايدن مواصلات عامة سياحة ألمانيا فرنسا قطارات سوريا إسرائيل دونالد ترامب هيئة تحرير الشام ضحايا جو بايدن روسيا تغير المناخ نيجيريا غزة إعصار طالبان یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
عُمان والبحار المفتوحة.. هندسة موقع استراتيجي لعصر الطاقة المتغيرة
يعيش العالم تحولات بنيوية تعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، كما يعيد تعريف محاور القوى فيه؛ الأمر الذي يجعل البحر يبرز بوصفه الساحة الجديدة التي تشير إلى القوة الجغرافية. العالم الذي اعتاد النظر إلى الموانئ، لعقود طويلة، باعتبارها أدوات لوجستية في معادلة التجارة، فإنه اليوم يرى تحولها إلى ما يمكن أن يكون عقدا استراتيجيا يربط الطاقة بالاقتصاد العالمي، وتسوية التوازنات بين الشرق والغرب. وتعمل سلطنة عُمان، بكثير من الهدوء، على مشروع عميق لإعادة هندسة موقعها البحري، مستثمرة ما تبقى من الفجوات بين مراكز النفوذ المتزاحمة.
لم يكن منتدى القطاع البحري والموانئ والطاقة الذي بدأت أعماله في مسقط اليوم مجرد منتدى قطاعي، كان واضحا أنه يأتي في سياق التعبير الدقيق عن إدراك عُمان لطبيعة المرحلة، وفهمها أن الموقع الجغرافي لا يكفي وحده لضمان النفوذ أو الاستمرارية. فالقرب من مضيقي هرمز وباب المندب يمنح سلطنة عُمان أفضلية عبور، لكنه لا يضمن دورا محوريا إلا إذا صيغت حوله منظومة لوجستية متكاملة تستجيب للمعايير الجديدة المتمثلة في الكفاءة التشغيلية، والحياد الكربوني، وربط الطاقة بالتكنولوجيا الذكية.
ومن خلال فهم مضامين النقاشات التي شهدها اليوم الأول من المنتدى بدءا من تطوير منظومات الوقود البحري المستدام، إلى تعزيز التحول الرقمي في إدارة سلاسل الإمداد، يتضح التغير الواضح في فلسفة الاستثمار العُمانية. فلم يعد الهدف مجرد توسيع البنية الأساسية، بل الانتقال إلى تكوين بيئة لوجستية مرنة قادرة على امتصاص صدمات الأسواق، ومواكبة تحول الطلب العالمي من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة البديلة.
غير أن هذا التحول يضع عُمان أمام معادلة معقدة: كيف توازن بين طموحاتها اللوجستية ومصالح القوى الكبرى المتنافسة على النفوذ البحري في المنطقة؟ وكيف تبني منظومة طاقة مستدامة في بيئة لا تزال رهينة لتقلبات أسعار النفط والغاز، ومخاطر اضطراب حركة الشحن العالمي نتيجة النزاعات الإقليمية؟
إزاء هذه المعطيات، بلورت سلطنة عُمان استراتيجية مزدوجة المعالم؛ فهي من جهة، تعزز قدراتها المحلية عبر الاستثمارات في موانئ حديثة ومراكز إمداد للطاقة النظيفة؛ ومن جهة أخرى، تنوع شراكاتها الدولية بطريقة تحافظ على استقلال قرارها البحري والطاقي. ونجاح هذا الرهان مربوط بقدرتها على تجاوز منطق الاعتماد الأحادي على الموقع الجغرافي، والتحول إلى قوة معرفية وتقنية قادرة على صياغة الحلول بدل الاكتفاء باستقبال السفن العابرة.
من هذه الزاوية، فإن أهمية المنتدى لا تكمن فقط في استعراض الفرص، بل في كشف التحديات التي تواجه كل دولة تطمح إلى بناء حضور بحري عالمي تتمثل في تصاعد التنافس على خطوط الإمداد، والتغير السريع في تقنيات الطاقة، وتزايد الضغوط الأخلاقية والبيئية على الصناعات البحرية. بمعنى آخر، معركة المستقبل لن تكون فقط حول من يملك الميناء الأكبر أو الأسطول الأوسع، بل حول من يملك المرونة التكنولوجية والبصيرة الاستراتيجية الأبعد.
وإذا استطاعت عُمان أن تواصل الاستثمار في رأس المال البشري والابتكار التقني بالزخم ذاته الذي أظهرته مبادرات مثل مجموعة أسياد، فإنها في طريقها لتكون مركز ثقل أساسيا في معادلة الطاقة واللوجستيات العالمية خلال العقود القادمة خاصة في عالم تتراجع فيه أولوية المسافة لصالح معايير الاستدامة والابتكار التكنولوجي في رسم شبكات التجارة العالمية؛ لذلك فإن موقع سلطنة عُمان يمكن أن يتحول إلى أكثر من مركز عبور، ليغدو نقطة توازن حيوية بين شرق يتصاعد وغرب يعيد رسم استراتيجياته. والذين يدركون مبكرا أن الذكاء والمرونة تتفوقان على الجغرافيا، هم من سيرسمون خريطة البحر الجديد.