بغداد اليوم - متابعة 

يتخوف القادة الأوروبيون من أن تتسبب حملات ملاحقة مروجي حبوب الكبتاغون عبر الحدود في الشرق الأوسط، والخليج، إلى انتقالهم لتسويق بضاعتهم في أوروبا.

وقالت وكالة بلومبرغ إن أوروبا تستعد لتدفق محتمل لعقار الكبتاغون، لا سيما من سوريا ولبنان، لأن المنتجين هناك لم ينجحوا في تسويقه لدول الخليج، التي ركزت جهودها على مكافحة تهريب هذه الحبوب المخدرة.

ويقول خبراء إن حملة المكافحة التي يشنها السعوديون، على وجه الخصوص، إلى جانب جهودهم الأخيرة لإشراك الرئيس السوري، بشار الأسد، في هذا المسعى، لكبح تدفقات المخدرات، ستدفع المنتجين إلى تطوير طرق وأسواق جديدة.

ويتم بيع الحبة الواحدة من أقراص الكبتاغون مقابل 3 دولارات إلى 25 دولارا، بينما يتم إنتاجه وتهريبه بشكل أساسي من قبل أفراد ومجموعات مرتبطة بالرئيس السوري، بشار الأسد، وحليفه حزب الله اللبناني، وفقا لوزارة الخارجية الامريكية، ووزارة الخزانة الامريكية، ووزارة الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى باحثين مستقلين.

"كوكايين الفقراء"

يتمتع هذا المخدر بـ"شعبية كبيرة" في أجزاء من الشرق الأوسط، خصوصا لدى ذوي الدخل المنخفض، حيث من السهل صنعه، ولا يتطلب تقنيات ولا وسائل كبيرة.

وتُلقب حبوب الكبتاغون بـ "كوكايين الفقراء"، ويُقال إنه عند تناولها تعطي المدمن دفعات من الطاقة، واليقظة، والنشوة، فضلا عن الأوهام والشعور بالسرحان. 

يُشار إلى أن هذا المخدر، ارتبط كثيرا بمجموعات المتشددين في العراق وسوريا.

ويُقدّر باحثان بارزان في مركز الأبحاث "نيو لاينز" أن الكبتاغون قد ولّد أرباحا تصل إلى 10 مليارات دولار على مدى السنوات الثلاث الماضية.

 دائرة الأسد

بلومبرغ قالت إن الدائرة المقربة من الأسد وحلفائه، هم من استفادوا من تلك "الإيرادات".

ولا يزال الأسد ومقربوه يخضعون لعقوبات من قبل الغرب بسبب أعمالهم الدموية، لا سيما قمع انتفاضة سوريا عام 2011، بينما ينفي هو وحكومته تورطهما في تصنيع وتجارة الكبتاغون.

في هذا الصدد، تقول الوكالة "من المحتمل أن يصبح الكبتاغون الآن تهديدا لأوروبا وبقية العالم أيضا".

قالت كارولين رو، المديرة في معهد "نيو لاينز" ، حيث تقود مشروعا بحثيا حول تجارة الكبتاغون "إنهم يتكيفون ويتبنّون أساليب جديدة".

وقال مسؤولان في الاتحاد الأوروبي، تحدثا لبلومبرغ شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن التقارير الاستخباراتية التي رأوها والإيجازات التي تلقوها من نظرائهم في الشرق الأوسط، تشير إلى أنه من "المحتمل جدا" أن تتزايد تدفقات الكبتاغون إلى أوروبا، مدفوعة بحاجة النظام السوري إلى السيولة. 

"الأسد يرغب في تصدير الإدمان والتوترات الاجتماعية إلى البلدان التي أضرته في نظره" يقول الرجلان.

ومثل الولايات المتحدة، دعمت القوى الأوروبية في البداية الاحتجاجات الشعبية ضد الأسد ثم دعمت المعارضين السياسيين والجماعات المتمردة التي سعت إلى الإطاحة به.

وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إنه في حين أن الكبتاغون لم يشكل حتى الآن مشكلة كبيرة في أوروبا، إلا أن خطورته ستشكل هاجسا لصناع القرار هناك.

وفي تصريح صحفي له، قبل أيام، قال الأسد إن الحرب حولت سوريا إلى قاعدة "مزدهرة" لتصنيع وتجارة الكبتاغون، لكنه نفى تورطه هو أو حكومته.

وقال إن المسؤولية تقع على عاتق الدول الغربية والإقليمية التي "زرعت الفوضى في سوريا" بالتدخل إلى جانب خصومه.

أسواق جديدة

تخاطر أوروبا بمواجهة نفس السيناريو الذي حدث في العراق وتركيا  وفقا لما ذكرته روز، حيث أشارت إلى أن هذين البلدين كانا، لفترة، نقطتين لإعادة شحن الكبتاغون ولكنهما أصبحا الآن أسواقا له. 

وأعلنت السلطات العراقية في أوائل أغسطس، أنها قامت بتفكيك شبكة بعد اكتشاف أول مصنع للكبتاغون في يوليو.

وقالت روز، إن التهديد لا يقتصر على دول أطراف أوروبا مثل اليونان وإيطاليا، حيث صادرت السلطات أكثر من 14 طنا من الكبتاغون في عام 2020، ولكن أيضا في الوسط والشمال، حيث كانت هناك العديد من مداهمات مستودعات الكبتاغون في السنوات الأخيرة.

في عام 2021، قام محققون نمساويون بالتنسيق مع نظرائهم من القارات الأربع بتفكيك عصابة عابرة للحدود، جلبت حبوب الكبتاغون من لبنان وسوريا إلى أوروبا. 

وكانت عصابة المخدرات تلك، تستخدم مطعم بيتزا في سالزبورغ كأحد مراكزها.

وكان منطق المهربين، وفق تقرير بلومبرغ، هو أن "السعوديين أقل انتباها عند البحث في البضائع القادمة من أوروبا".

ومع تهريب المخدرات عبر طرق جديدة، يحصل بعض الوسطاء على رواتب عينية بالمخدرات نفسها، مما يخلق خطر انتشارها في السوق المحلية، وفقا لمسؤول كبير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

موقف واشنطن

توسيع نطاق تجارة الكبتاغون يثير قلق الولايات المتحدة أيضا، إذ قدم اثنان من المشرعين الأميركيين، مشروع قانون في يوليو الماضي، لإصدار عقوبات جديدة ضد الأسد بينما وصفه أحدهم بأنه "تاجر المخدرات العابر للحدود". 

وفي يونيو، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استراتيجيتها "لتعطيل شبكات الكبتاغون المرتبطة بنظام الأسد وإضعافها وتفكيكها" كما نص على ذلك "قانون الكبتاغون" الذي صدر العام الماضي.

وهذا العام، فرضت بروكسل ولندن وواشنطن عقوبات على أفراد سوريين ولبنانيين، بما في ذلك ثلاثة من أبناء عمومة الأسد، اتهموا بإنتاج كميات كبيرة من الكبتاغون.

وظهر هذا "العقار" لأول مرة في أوائل الستينيات في ألمانيا كدواء مرخص له تحت الاسم التجاري "كبتاغون".  

وكان المكون الرئيسي له هو الفينيثيلين، وقد تم وصفه لمجموعة من الحالات بما في ذلك اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والخدار.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت كل من سوريا ولبنان في الظهور كمراكز إنتاج له، وذلك في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. 

وارتفع إنتاج الكبتاغون بعد أن تم سحق الانتفاضة الشعبية ضد الأسد بوحشية وأصبحت حربا استقطبت قوى إقليمية وعالمية وجماعات متطرفة، بينما كانت دول الخليج العربية أكبر سوق للكبتاغون على مدار العقدين الماضيين.

 الخليج.. "وضع مزر"

تبرز المملكة العربية السعودية كسوق للكبتاغون، حيث حجزت السلطات هناك أكثر من مليار حبة كبتاغون في السنوات الثلاث الماضية، وفقا لكرم الشعار، الاقتصادي والباحث السوري الذي قدم المشورة للحكومات الغربية بشأن اقتصاد الحرب في سوريا.

ووصف طبيب سعودي في وحدة بمستشفى الرياض العام يعالج الإدمان والجرعة الزائدة، هذا الوضع بالمزري، بينما قال مسؤول سعودي كبير طلب عدم نشر اسمه إنه إذا لم يتم التكفل بمشكلة الكبتاغون والمخدرات بشكل عام، فقد يشكلان تهديدًا لخطة التحول الاقتصادي لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، والتي تعتمد على تعبئة الشباب. 

وأصبح العقار شائعا خارج المملكة العربية السعودية ويستخدم من الإمارات العربية المتحدة إلى الأردن، حيث تم تجنيد حتى الجيوش لمحاربة تجارته. 

يذكر أن إنهاء تهريب الكبتاغون من سوريا ولبنان، تصدّر جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية العرب في القاهرة الثلاثاء.

"أداة دبلوماسية"

في مقابلة الأسبوع الماضي، بدا أن الأسد جعل رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا شرطا مسبقا لأي تقدم في محاربة الكبتاغون أو السماح للاجئين السوريين بالعودة إلى ديارهم.

قالت لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط، التي أدلت بشهادة أمام المشرعين البريطانيين في يونيو، إن الأسد ينشر الكبتاغون "كأداة دبلوماسية" في محاولة لتأمين الدعم المالي من المملكة العربية السعودية وتخفيف العقوبات الغربية عليه.

من جانبه، قال ميشيل دوكلوس، السفير الفرنسي السابق في سوريا والمنتسب حاليا إلى معهد "مونتين" والمجلس الأطلسي، إن الأسد يستخدم الكبتاغون كورقة مساومة، تماما كما استخدم والده، حافظ الأسد، دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، خلال الفترة بين السبعينيات والتسعينيات.

وختم قائلا: "إنهم يخلقون المشكلة ثم يضعون أنفسهم على أنهم وحدهم من يستطيع حلها".

 

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

منظمات حقوقية: استضافة السعودية لمنتدى حوكمة الإنترنت بينما تسجن المنتقدين لها يكشف عن "نفاق عميق"

طالبت 40 منظمة حقوقية بما فيها منظمة العفو الدولية، السلطات السعودية الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين تعسفياً لمجرد التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت، وذلك قبل منتدى حوكمة الإنترنت المقبل في الرياض.

 

وقالت 40 منظمة غير حكومية ومنظمة حقوق إنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، في بيان مشترك نُشر اليوم، إن على السلطات السعودية الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين تعسفياً لمجرد التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت، وذلك قبل منتدى حوكمة الإنترنت المقبل في الرياض.

 

جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمات الحقوقية، تعليقا على مساعي إقامة المنتدى السنوي للسياسات العامة الرقمية، الذي من المقرر أن يقام في الفترة من 15 إلى 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، فيما أحد مواضيع المنتدى هو تعزيز حقوق الإنسان في العصر الرقمي.

 

وسلطت المنظمات الضوء على ما سمته بـ "النفاق" في المملكة العربية السعودية التي تستضيف الحدث بينما تواصل حبس الناس وإخفائهم قسراً وترهيبهم لإسكاتهم.

 

وقالت أغنيس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: "أمام السلطات السعودية 100 يوم قبل أن يبدأ المنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت لإثبات أنها ستخفف من حملتها القمعية القاسية على حرية التعبير، ولإظهار أنها ستستخدم هذا الحدث كفرصة لتنفيذ إصلاحات حقيقية وليس كجزء من حملة لغسل الصورة".

 

"ولكي تثبت السلطات السعودية أن استضافتها للمؤتمر حول مستقبل الإنترنت ليست مجرد تمرين ساخر للعلاقات العامة، يتعين عليها إطلاق سراح كل المعتقلين تعسفياً لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير على الإنترنت قبل بدء المنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت".

 

وأعرب العديد من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يحضرون المؤتمر السنوي عادة عن مخاوف جدية بشأن السفر إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة، خوفًا من الاعتقال أو المضايقة أو المراقبة بالنظر إلى سجل المملكة العربية السعودية في إسكات وسجن المنتقدين.

 

ودعت منظمة العفو الدولية اللجنة المنظمة لمنتدى حوكمة الإنترنت إلى الحصول على تأكيدات علنية من السلطات السعودية بأنه لن يتم منع أي شخص من دخول البلاد للمشاركة في المؤتمر، وأن أيًا من المشاركين في منتدى حوكمة الإنترنت لن يواجه أي مضايقات، بما في ذلك الاحتجاز والمراقبة، وأن جميع المشاركين سيكونون قادرين على التحدث بحرية.

 

وفي السنوات الأخيرة، قالت منظمة العفو الدولية إنها وثقت السلطات السعودية حملات قمع مروعة ضد الأشخاص الذين يظهرون حتى أدنى إشارة إلى آراء معارضة أو انتقادية عبر الإنترنت.

 

وأشار البيان، إلى أن من بين الذين أدينوا بسبب تعبيرهم على الإنترنت سلمى الشهاب. فقد اعتقلت في يناير/كانون الثاني 2021، وبعد محاكمة غير عادلة للغاية، حُكم عليها في يناير/كانون الثاني 2023 بالسجن لمدة 27 عامًا تليها فترة حظر سفر مدتها 27 عامًا بتهم الإرهاب الملفقة، لمجرد أنها غردت لدعم حقوق المرأة.

 

ولفت البيان إلى أنه وفي قضية أخرى مثيرة للقلق الشديد، حكمت محكمة الإرهاب في المملكة العربية السعودية في يناير/كانون الثاني 2024 على مناهل العتيبي بالسجن 11 عامًا، مشيرا إلى أن من بين المستهدفين أيضًا عبد الرحمن السدحان، وهو عامل في الهلال الأحمر، والذي حُكم عليه في أبريل/نيسان 2020، بعد محاكمة غير عادلة للغاية، بالسجن لمدة 20 عامًا، تليها حظر سفر لمدة 20 عامًا أخرى، بسبب تغريداته الساخرة، ومحمد بن ناصر الغامدي، وهو مدرس متقاعد حُكم عليه بالإعدام في يوليو/تموز 2023 لانتقاده السلطات على X (تويتر سابقًا) ونشاطه عبر الإنترنت على يوتيوب.

 

وأضافت أنييس كالامار: "توضح هذه الحالات الحقيقة المظلمة بشأن قمع السلطات السعودية لحرية التعبير على الإنترنت. وإذا كانت السلطات السعودية جادة في تولي دور قيادي عالمي في السياسة العامة الرقمية، فيجب عليها أن تثبت التزامها باحترام الحق في حرية التعبير للجميع من خلال إصلاح القوانين الغامضة التي تجرم التعبير، مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، ووضع حد حاسم لحملتها القمعية على المنتقدين على الإنترنت وخارجها".


مقالات مشابهة

  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • كوكايين وحجرة سرية.. قصة رحلة من جامايكا إلى نيويورك
  • مدير الاستخبارات البريطانية: سنقف في وجه المحاولات الإيرانية لزعزعة الاستقرار بالشرق الأوسط
  • المتحدة في أرقام.. من أكبر الكيانات بمجال الإعلام والترفيه بالشرق الأوسط
  • مشروع طريق التنمية التركي.. تغيير جيوسياسي في طور التكوين
  • عاجل.. وكيل بوبيندزا يرد عبر "الفجر الرياضي" على انتقاله إلى الزمالك وموقفه من عروض أوروبا
  • منظمات حقوقية: استضافة السعودية لمنتدى حوكمة الإنترنت بينما تسجن المنتقدين لها يكشف عن "نفاق عميق"
  • وزير الطيران: نهدف أن تكون مصر مركزًا إقليميًا للطيران بالشرق الأوسط وأفريقيا
  • الدولار يحافظ على استقراره في العراق - عاجل
  • تركيا ومصر على طاولة واحدة، بينما تتعالى طبول الحرب العالمية الثالثة