لجريدة عمان:
2025-01-16@23:39:26 GMT

امرأة ميّتة برحم حيّ

تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT

لم أتفاجأ كثيرًا من أن الطبيبة التي تصرف الأدوية لقريبتي، كانت قد اختارت دون استشارتنا أو العودة إلى المريضة، صرف أنواع محددة من الأدوية، تأخذها المريضة لمرض عصبي مزمن قد يؤدي إلى الموت. هذه هي المرة الأولى التي أحضر فـيها الموقف مع الطبيبة، عادةً ما أكون بعيدة عن المريضة وقت حدوث النوبات الحادة التي تسببت لها مؤخرًا بإغماءة نتج عنها نزيف من جروح عميقة، إثر سقوطها على سطح حاد.

كانت الطبيبة باختيارها تلك الأدوية دون غيرها قد اختارت الحفاظ على فرص بقاء الوظيفة الإنجابية وحيويتها، مع أن المريضة غير متزوجة ولا يتجاوز عمرها الحادية والعشرين. أخذت تُصرح لي ببديهية أنها لا تصرف للمريضات تحديدًا سوى دواءين من أصل مجموعة أدوية قليلة أصلا لمعالجة هذا المرض. وذلك لمجرد أنهن نساء. عادت بي الذاكرة للفور إلى تقرير عملتُ على تحريره قبل سنوات عن وضع الخدمات الصحية المقدمة للنساء فـي الخليج العربي. وعن الكتابات القليلة حول فاعلية «التمييز الجنسي» فـي تسويغ الكثير من الممارسات الطبية الشائعة والمقدمة للنساء، لا فـيما يتعلق بصحتهن الإنجابية فحسب، لأن هذا طيف من مساحة هائلة رُسخَ فـيها آليات مجحفة ولا مبالغة أن قلنا قاتلة بحق النساء.

يمكن بالقليل من البحث قراءة عشرات الدراسات الحديثة التي تفحص مسألة أن النساء أكثر عرضة للعلاج غير الكافـي أو الوصول للعلاج المناسب لألمهن. هنالك أسباب تتعلق بطبيعة وبمسلمات تعتبر المرأة سريعة فـي التعبير عما تشعر به حتى وان كان بسيطًا، فهي هستيرية تميل للمبالغة، درامية فـي تعاملها مع ما تشعر به. وأسباب تخص قدرة النساء على الإبلاغ عن آلامهن وما يشعرن به. فهن غير دقيقات عند الحديث عن أوجاعهن، إذ أنه يُتوقعْ منهن على الدوام أن يكن أكثر قدرة على تحمل الألم والتمتع بمهارات أفضل للتعامل معه.

فـيما يشتكي الرجال وقت مرضهم من آلامهم بسهولة أكبر وهم أكثر هدوءًا فـي التحدث عن ألمهم لمقدمي الرعاية الصحية. هذا ما تبدأ به مثلًا دراسة ديان أي هوفمان وأنيتا جيه ترزيان حول «التحيز ضد المرأة فـي علاج الألم». ويعود التفكير فـي هذه المسألة إلى سؤال ما إذا كان الرجال والنساء يعانون من الألم بشكل مختلف؟. وهو أمر نتحدث عنه كثيرًا فـي حياتنا اليومية. إذ درجنا على القول إن الرجال يسقطون صرعى نوبة زكام بسيطة، فـيما تتحمل النساء آلامًا عظامًا لا يتخيلها الرجل. عموما يقول الباحثان إن الدراسات حول الاستجابة للألم بين الرجال والنساء تزايدت فـي السنوات الأخيرة مدفوعة جزئيًا بتشريعات فرضت منتصف التسعينيات لإلزام إدراج النساء فـي البحوث الصحية والدوائية - وهو أمر ينبغي الإشارة إليه إذ إن نسبة تمثيل النساء فـي تجارب صناعة الأدوية ضئيلة بالمقارنة مع الرجال.

تقدم هذه الدراسة تفاصيل كثيرة حول التمييز فـي الاستجابة لألم المريض والمريضة، ومن بين نتائجها التي دعمتها البيانات أن الرجال يتعرضون لمعاملة أفضل فـي خدمات العلاج خلافًا للنساء وذلك بسبب قناعة مقدمي الرعاية الصحية أن النساء اعتدن على تكرار شعورهن بالألم وهن حسّاسات وعاطفـيات تجاه إحساسهن به، مما يجعلهن أكثر ميلا للإبلاغ المباشر عن ذلك، فـيتم التعامل معهن من قبل مقدمي الرعاية الصحية بقدر أقل من الجدية التي يحظى بها الرجال. وعن سبب استمرار هذه الممارسات حتى وإن بغير وعي، فـيمكن العودة للتاريخ الذي قرأ أجساد النساء إما كأجساد رجولية غير مكتملة، واعتبار الرحم سببًا لهستيريا النساء وهوسهن وبذلك تكون أجساد الرجال هي النماذج المعيارية التي يتم بها التعامل مع النساء. من الصعب بما كان النظر إلى هذه الأفكار كمحطات اندثرت خصوصًا إذا عرفنا أن الجسم التناسلي للمرأة مثلًا لم يشرح كما هو الحال بالنسبة للرجل إلا فـي مرحلة متأخرة جدًا بدأت فعليًا فـي التسعينيات أي قبل وقت قريب فحسب.

تدرس نيكولا ستورجن فـي كتابها «نساء غير مرئيات» هيمنة الرجال على الكثير من دوائر العمل ومراكز الأبحاث والمؤسسات عمومًا وأثر ذلك على اعتبار تجربة الرجال هي المعيار الذي تقاس به الأشياء. وإذا ما اعترضت المرأة على ذلك وحاولت مقاومة هذه الممارسات فإنها ستتهم بالسلبية والعدائية الأمر الذي يجعلها غير مقبولة أو محبوبة فـي الوسط الذي تحاول فـيه المقاومة.

يمكن القول إذن إن هنالك طبقات من التفكير حول أمراض النساء حتى القاتل منها، فمن ناحية لا تتوفر بيانات كافـية كما تفند ستورجن فـي كتابها للحكم على تجارب النساء الخاصة دون اعتبار الرجال القاعدة لكل شيء حتى فـيما يتعلق بالأمراض الفسيولوجية، وثانيها الاستعداد الثقافـي والاجتماعي وتصوراتنا الذهنية عن كل من الرجال والنساء، وحاجتهم للتعبير عن ألم المرض والتضامن من الآخرين، واعتبار هذه الحاجة «مجندرة» أي تختص بنوع اجتماعي دون غيره والتي تترتب عليها الطريقة التي يتعامل بها مقدمو الرعاية الصحية مع الحالات التي يتعاملون معها. أظن أن هذا الحديث ينبغي أن يكون نقاشًا عامًا وطنيًا، فربما تموت قريبتي قبل أن تتزوج لكي تنجب، إلا إذا كنتم تريدون نساء ميّتات بأرحام طازجة مستعدة لأن تؤدي الدور الوحيد الذي تقرؤون فـيه حياة المرأة، وهي أن تُنجب فقط.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرعایة الصحیة

إقرأ أيضاً:

أمل جديد لمرضى العقم من الرجال.. دواء جديد تحت الاختبار

شمسان بوست / متابعات:

بدأت “جامعة موسكو” الحكومية في اختبار دواء جديد لعلاج العقم عند الرجال، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الروسية.

وأعلنت العيادة الجامعية في معهد موسكو للأبحاث العلمية عن بدء تحضير المشاركين في الدراسة السريرية للدواء الذي يعالج أشكالا حادة من العقم عند الرجال. فبحسب ما أوردته وكالة “تاس للأنباء”، قبل ظهور ذلك الدواء، لم يكن لدى الرجال الذين يعانون من أشكال حادة من المرض أي بدائل علاجية.

يذكر أن دواء “ميديريغ” مستخلص من خلايا ميزنشيمية سِدوية بشرية، وسيتم اختباره بمشاركة مرضى يعانون من أنواع من العقم، مثل الأزوسبيرميا (انعدام الحيوانات المنوية).

وبحسب المعلومات المتاحة، ستسمح الدراسة السريرية في مرحلتيها الأولى والثانية، والتي حصلت على موافقة من وزارة الصحة الروسية، بتحليل فعالية ذلك الدواء. ويمكن للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و60 عاما المشاركة في الدراسة. وستجرى التجارب السريرية في المركز الطبي العلمي والتعليمي التابع لـ”جامعة موسكو” الحكومية.

وبحسب بيان لـ”جامعة موسكو” فقبل ظهور دواء “ميديريغ” لم يكن لدى المرضى الذكور الذين يعانون من أشكال حادة من العقم أي فرص تقريبا للإنجاب، حتى باستخدام تقنيات الإنجاب المساعدة الحديثة. وأضاف البيان: “هذا الدواء قد يمنح الأمل للعديد من الأسر التي تحلم بالإنجاب”.

يذكر أن التجارب التي أجريت على الحيوانات أظهرت فعالية الدواء، حيث استعادت ذكور الفئران خصوبتها، وتمكنت من إنتاج ذرية سليمة.

ويتوقع العلماء أن الدواء الجديد سيسمح بحل مشكلة العقم لدى الرجال الذي لا يستجيب للعلاج بطرق أخرى.

مقالات مشابهة

  • أمل جديد لمرضى العقم من الرجال.. دواء جديد تحت الاختبار
  • وفيات يوم الأربعاء الموافق 15 يناير 2025
  • ضرب مبرح بـصوندة.. وفاة امرأة إثر تعنيف زوجها في الموصل
  • الملاط: يجب التساوي بين النساء والرجال لتكون الحكومة ديموقراطية
  • مقتل امرأة على يد شقيقها خطأً بالبصرة
  • وفاة امرأة بعد اجرائها عملية شفط دهون
  • مينا مسعود يروج لفيلمه «Wish You Were Here»
  • في لندن: البحث عن مهاجم يقص شعر النساء بالقوة
  • أمل جديد لمرضى العقم من الرجال
  • بشرى سارة لمرضى العقم من الرجال.. دواء جديد قد يحل المعضلة