في أعقاب السقوط السريع والمفاجئ لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، تنظر الإمارات بعين الريبة إلى الانتماءات الإسلامية للفصائل المسلحة التي فرضت سيطرتها على دمشق بقيادة هيئة تحرير الشام، مشيرة إلى ارتباطات بجماعة الإخوان المسلمين، في ما يراه محللون خوفا على النفوذ.

وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام الإسلامية من السيطرة على دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.



وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي خلال كلمة في "مؤتمر السياسات العالمية" في أبوظبي، السبت: "نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية".



تقول مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس" صنم وكيل لـ"فرانس برس" إن تصريحات قرقاش "تعكس تشكيك القيادة الإماراتية تجاه الجماعات الإسلامية بشكل عام".

وتضيف أن "قادة الإمارات يرون أن كل الجماعات التابعة للإسلام السياسي، سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو هيئة تحرير الشام، تشكل خطرا على نموذجهم من الحكم، واستنادا إلى تجربة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، يرون أن تأثير هذه الجماعات مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".

"لائحة الإرهاب"
ولا تخفي السلطات في دولة الإمارات عدم ثقتها بالإخوان المسلمين. ومن ثوابت سياسة الإمارات عدم التسامح مطلقا مع أي نموذج للإسلام السياسي، في ما عدا حركة طالبان الأفغانية وهي علاقة تمليها مصالح اقتصادية وفق مختصين.

ففي العام 2014، صنّفت الدولة 83 مجموعة تنشط على المستوى العالمي ويقاتل قسم منها في سوريا في قائمة "التنظيمات الإرهابية"، وكان من بينها جماعة الإخوان المسلمين.

وكانت أصدرت قبيل ذلك أحكاما بالسجن في حق عشرات من الإماراتيين والمصريين المتهمين بتشكيل خلايا لجماعة الإخوان المسلمين، والعمل على قلب نظام الحكم، من ضمنها "جمعية الإصلاح" التي تمثل الإخوان المسلمين في الإمارات.

يقول أندرياس كريغ المحاضر في كلية الدراسات الأمنية في "كينغز كوليدج" بلندن لوكالة "فرانس برس" إن الإمارات حدّثت لائحة التنظيمات الإرهابية لديها، لكن اسم هيئة تحرير الشام لا يظهر فيها.

لكنه يشير رغم ذلك إلى أن "جبهة النصرة أُدرجت في العام 2014، لذا فإن هيئة تحرير الشام مشتقة من جبهة النصرة (...) وبالتالي فهي مدرجة".

ويضيف أن "جماعة الإخوان المسلمين هي فزاعة تستخدمها الإمارات لتقويض مصداقية المجتمع المدني والجهات الفاعلة السياسية الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة (...) وتصويرهم كجزء من سلسلة متصلة تؤدي في نهاية المطاف (...) إلى السلفية والجهادية على غرار القاعدة أو داعش".

ذلك أنه خلال السنوات الماضية استثمرت الإمارات في العلاقة مع بشار الأسد، وكانت عاملا أساسيا في استمالة دول عربية أخرى، وخصوصا الخليجية، لتطبيع العلاقات مع حكم الأسد.

وخلال العام الماضي، بدا أن الأسد يعود مجددا إلى "الحضن العربي" من بوابة القمة العربية التي حضرها بعد عزلة استمرت 12 عاما.

وأملت الإمارات في أن تكون الركيزة الأساسية لتسهيل إعادة الإعمار وبناء سوريا ما بعد الحرب التي وضعت أوزارها نوعا ما بعد اتفاق آستانا في العام 2017.

"أمن النظام"
وفي هذا السياق، يرى كريغ أن الإمارات "تحاول تأمين أي نوع من النفوذ المتبقي لها في البلاد، وهو ضئيل للغاية. لذا أعتقد أن الإمارات، على غرار إيران، ربما تلقت الضربة الأعظم لسياستها في سوريا".

ولطالما نظرت الإمارات إلى الانتفاضة السورية أو الثورات بشكل عام من خلال عدسة "أمن النظام"، وفق كريغ.

وبالنسبة لهم، كما يضيف: "كان انتصار الأسد أو انتصار الثورة المضادة ضد الانتفاضة في العام 2011، حربا أيديولوجية أيضا".

لكن ذلك الاستثمار الذي استمر أعواما، انهار في غضون ثلاثة أسابيع. ذلك أن تركيا وقطر، أصبحتا الآن وسيطا رئيسيا في مرحلة سوريا ما بعد حكم الأسد، وبالتالي بات التخوف الإماراتي من تحوّل الدور الرئيسي من أبوظبي إلى الدوحة أو إلى أنقرة.

لكن جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم، لم تعد موجودة في سوريا منذ الثمانينيات حين فككها الرئيس السوري وقتها حافظ الأسد بالقوة.

ويعتبر محللون أن الإماراتيين يرون في المشروع التركي في سوريا إشكاليا لأنه مدفوع جزئيا بالمصلحة الذاتية التركية بدلا من مصلحة بناء الاستقرار في سوريا.

لذا فإن تصوير هيئة تحرير الشام على أنها تابعة أو مرتبطة بالإخوان المسلمين هو "شكل كسول للغاية من خلق رواية لتقويض وتشويه سمعة هذا الكيان الاجتماعي السياسي الجديد الذي يتم تشكيله أو تطويره داخل سوريا"، بحسب كريغ.

"منافسة أيديولوجية"
تلفت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إلى أن "الإمارات تتشاطر مخاوف جميع الدول العربية من أن تفقد سوريا وحدتها وسيادتها وترفض الإرهاب الدولي"، وهي بالفعل أبدت مخاوفها من رؤية سوريا تغرق في الفوضى، كما أن لديها انعدام ثقة عميق في أيديولوجية القادة الجدد في دمشق.



وتضيف ديوان "لكن عدم الثقة الإماراتية يمتد على نطاق أوسع إلى جميع الحركات الشعبية الإسلامية السُنّية. فهي ترى فيها منافسين في تحديد طبيعة المنطقة بطريقة تهدد طموحاتها كمركز تجاري مفتوح متعدد الثقافات".

وإذ ترى أن الإمارات "غير راضية عن رؤية إحياء القوى السُنّية الشعبية التي تذكرنا على الأقل بالانتفاضات العربية"، يؤكد كريغ أن "المشكلة مع الإماراتيين الآن هي أنهم يشعرون أنهم يتنازلون عن مساحة رئيسية في العالم العربي لمنافسيهم، المنافسون الإيديولوجيون في الدوحة وأنقرة".

ويعتبر أن "الأمر متروك الآن خصوصا للدول، ربما ليس للأتراك، ولكن للدول لنقل هذه الرسالة إلى الإمارات بأن هذا ليس تهديدا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الأسد الإمارات سوريا سوريا الأسد الإمارات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الإخوان المسلمین هیئة تحریر الشام أن الإمارات فی سوریا فی العام

إقرأ أيضاً:

الداخلية السورية تعتقل قياديا بمخابرات نظام الأسد

أفاد مصدر بالداخلية السورية للجزيرة بإلقاء القبض على تيسير عثمان محفوظ مسؤول الدراسات بسرية 215 التابعة لمخابرات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقال المصدر إن تيسير عثمان محفوظ متهم باعتقال وتعذيب مدنيين وارتكاب جرائم سلب وسطو.

وفي تطور آخر قالت مديرية أمن محافظة حمص إنها ضبطت مستودعا يحتوي على أسلحة متنوعة وذخائر بريف حمص الشمالي الشرقي.

وأضافت أن مجموعات خارجة عن القانون كانت تتخذ من المستودع مصدرا لإمداد عمليات تهدف لزعزعة أمن المنطقة. وأكدت مديرية أمن حمص مصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطة وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

كما أفاد بيان لوزارة الداخلية السورية بأن إدارة الأمن العام ألقت القبض في ريف اللاذقية على مجموعة خارجة عن القانون بعد اشتباك أسفر عن اعتقال اثنين وضبط أسلحة كانت بحوزتهما.

وأشار بيان الداخلية السورية إلى أن المجموعة شاركت في الهجوم على نقاط الجيش والأمن الشهر الماضي وقامت بعمليات سلب وسطو بحق المدنيين. وأضاف بيان الوزارة أنّ أفراد المجموعة أُحيلوا إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.

مقالات مشابهة

  • معهد: إيران تنسق مع منظمات متطرفة لزعزعة استقرار سوريا
  • تحوّل بفعل الناس.. طريق هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا
  • الداخلية السورية تعتقل قياديا بمخابرات نظام الأسد
  • سوريا.. اعتقال تيسير عثمان مسئول في مخابرات نظام الأسد بتهم تعذيب وسرقة
  • الأردن يُعلن حظر جماعة الإخوان المسلمين... ماذا نعرف عنهم؟
  • سوريا.. القبض على أبرز ضباط الاستخبارات الجوية في نظام الأسد
  • سوريا.. اعتقال ضابط كبير بمخابرات الأسد متهم بـ جرائم حرب
  • سوريا: القبض على أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية في نظام الأسد
  • عودة 55 ألف لاجئ سوري من الأردن إلى سوريا منذ كانون الاول سقوط نظام الاسد
  • سوريا الشرع وترويض النمرة