أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
حدد مصرف سوريا المركزي اليوم الثلاثاء سعر صرف العملة عند 15075 ليرة مقابل الدولار في التعاملات الرسمية وفي أي عمليات بالبنوك أو شركات الصرافة، ليخفض بذلك قيمة العملة في ثاني نشرة أسعار يصدرها رسميا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول.
وحدد المصرف سعر صرف الليرة الاثنين عند 12562 ليرة مقابل الدولار، لتكون هذه أول مرة يحدد فيها السعر ويوحده رسميا بمؤسسات الدولة وشركات الصرافة، منذ الإطاحة بالأسد.
واستُخدمت عدة أسعار صرف رسمية خلال حكم الأسد في المعاملات الحكومية مثل حسابات الميزانية وشركات الصرافة وبالنسبة للتحويلات المالية من الخارج ولوكالات الأمم المتحدة.
وكانت هناك أسعار أخرى في السوق السوداء، لكن استخدام عملات أجنبية في التعاملات التجارية اليومية كان من الممكن أن يقود في السابق إلى السجن، وكان كثير من السوريين يخشون حتى من مجرد نطق كلمة "الدولار" علنا.
وعانت سوريا من أزمة اقتصادية في السنوات القليلة الماضية ناجمة عن الصراع والعقوبات الغربية الصارمة فضلا عن شح العملة لأسباب من بينها الانهيار المالي في لبنان المجاور وخسارة الأسد حقول النفط في شمال شرق البلاد.
ودفع انخفاض قيمة الليرة السورية الحاد معظم السوريين إلى ما دون خط الفقر مع الأجور الهزيلة في القطاع العام وانهيار عدد من الصناعات. وأدى فقدان الأسد السريع للأراضي في الأيام التي سبقت الإطاحة به من دمشق إلى تقلبات في أسعار الصرف بالسوق السوداء.
وآخر مرة حدد فيها المصرف المركزي سعر الصرف في عهد الأسد كانت في الخامس من ديسمبر/كانون الأول حين كان لا يزال هناك أسعار صرف منفصلة بواقع 13668 مقابل الدولار للبنوك والمؤسسات المالية و12562 أمام العملة الأميركية لاستخدامها في موازنة الدولة.
وارتفعت الليرة على ما يبدو بعد سقوط الأسد مع تحديد شركات الصرافة في دمشق أسعار صرف تراوحت بين 10 آلاف و12500 مقابل الدولار يوم السبت.
وقال متعاملون إن ذلك يمثل ارتفاعا كبيرا عن سعر الصرف السابق في السوق السوداء الذي بلغ 15 ألف ريال في ظل غياب سعر صرف رسمي.
وأرجع المتعاملون السبب إلى عودة الآلاف من السوريين الذين لجؤوا إلى دول أخرى خلال الحرب وإلى الاستخدام المفتوح للدولار والعملة التركية في الأسواق.
ووحد مصرف سوريا المركزي أسعار الصرف الرسمية وتلك في المؤسسات المالية لأول مرة في النشرة التي أصدرها الاثنين، وظلت الأسعار موحدة في نشرة اليوم الثلاثاء.
وأفادت رويترز الاثنين بأن احتياطي البلاد من الذهب لم يُمس خلال الحرب، التي استمرت 13 عاما، والفوضى التي أحاطت بسقوط الأسد وفراره إلى روسيا، لكن سوريا لا تملك إلا كمية قليلة من احتياطيات العملة الأجنبية نقدا.
وتقول الحكومة السورية الجديدة، التي اختارتها المعارضة بعد السيطرة على دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول في هجوم خاطف أطاح بحكم عائلة الأسد الذي استمر 50 عاما، إنها سترفع الأجور وتعطي أولوية لتحسين الخدمات.
وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن الحكومة أبلغت قادة أعمال أيضا بأنها ستتبنى نموذج السوق الحرة وستدمج سوريا في الاقتصاد العالمي في تحول كبير عن عقود من سيطرة الدولة الفاسدة
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
هل تستمر الليرة السورية في التحسن أمام الدولار ؟
دمشق – تراجع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق الموازية، بصورة مفاجئة، إلى مستويات أدنى من السعر الذي يطرحه المصرف المركزي الذي حدد سعر صرف العملة الأميركية عند 13 ألف ليرة للشراء و13 ألفا و130 ليرة للبيع حتى كتابة هذا التقرير.
وبلغ سعر الدولار في أسواق دمشق 11 ألفا و200 ليرة للشراء و11 ألفا و500 ليرة للبيع، في حين تراجع سعر العملة الأميركية قليلا عن هذا المستوى أمام العملة السورية في إدلب والحسكة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توقعات بارتفاع الدولار 5% في 2025list 2 of 2مصر تتجه للطاقة الشمسية مع ارتفاع أسعار الغازend of listيأتي ذلك بعد أن أصدرت الولايات المتحدة قرارًا يقضي بتسهيل الحوالات المالية إلى سوريا، سواء لأغراض إنسانية أو لدعم الأفراد، بما يسمح بتدفق العملات الصعبة نحو البلاد، الأمر الذي بدأ ينعكس بشكل مباشر على سعر صرف الليرة السورية.
تأتي هذه التطورات في ظل تحديات يشهدها الاقتصاد السوري نتيجة عوامل سياسية واقتصادية تراكمية، وأخطاء سببها النظام السابق في إدارته للعملية الاقتصادية.
وعانى الاقتصاد على مدار 14 عاما من تراجع المؤشرات على كافة المستويات، بعدما رهن النظام السابق كل مقدرات البلاد لتمكين سلطته، ودعم المقربين منه.
قرارات مصرف سوريا المركزي ساهمت في خفض الدولار أمام الليرة (أسوشيتد برس) السعر بالسوق الموازيةيقول الخبير الاقتصادي السوري، يونس الكريم إن أسعارًا دون أسعار صرف المصرف المركزي تجتاح أسواق الصرف الموازية، وهي حالة نادرة، وأرجع ذلك إلى:
إعلان سلوك اتخذه البنك المركزي حيث طلب من البنوك والمصارف السورية عدم ضخ الليرة في الأسواق، وبذلك اضطر التجار وأصحاب المصانع إِلى بيع الدولار مقابل الحصول على الليرة من السوق الموازية لتغطية نفقاتهم. تمسك الحكومة بكميات محدودة من الليرة لتفي بالتزامها بدفع الزيادة في رواتب الموظفين بنسبة زيادة تصل إلى 400% اعتبارا من شهر فبراير/شباط 2025، وهو ما رفع من طلب الحكومة على الليرة. ارتفاع العرض من الدولار، وتمسك المركزي باحتياطيات الليرة، وهو ما يفسر الحالة المفاجئة التي شهدتها أسواق الصرف الموازية في سوريا.
تأثير الإعفاءات الأميركية
تشمل الإعفاءات الأميركية إلى جانب تسهيل تحويل الأموال، إمكانية استيراد موارد الطاقة اللازمة لعملية الإنتاج في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة.
وأكد الخبير الاقتصادي ومدير مركز تريندز، يحيى السيد عمر أن الإعفاءات ستساهم في تعزيز المؤشرات الاقتصادية، وتسهل قيام البنوك السورية بالمعاملات المصرفية، ما يخفف من حدّة التضخم وينشط التجارة الداخلية والخارجية، وينعكس إيجابيًا على قيمة الليرة السورية، ويزيد من قوتها الشرائية، الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحال إِلى ارتفاع مستوى دخل الفرد، ويُحسّن الظروف المعيشية.
من جهة أخرى، قد تشجع الإعفاءات الأميركية الدول الإقليمية على التعامل الاقتصادي مع سوريا، وضخ استثمارات تحت بند التعافي المبكر، مما يسهم في فتح آفاق أوسع للتجارة والاستثمار والعجلة الاقتصادية.
لكنّ القرار لا يخلو من السلبيات، إذ إن الولايات المتحدة لم تلغ العقوبات، بل هي مجرد إعفاءات مؤقتة ما يدلل على وجود شروط على حكومة تصريف الأعمال.
ووفق يونس الكريم يمكن تفسير انعكاس ذلك على الاقتصاد السوري في مسارين اثنين:
المسار الأول: من المحتمل أن الولايات المتحدة ربطت الإعفاء بمراقبة سلوك الحكومة الجديدة وتحقيق الانتقال السياسي، والتزام الحكومة بالشروط قد يدفع الولايات المتحدة لتمديد الإعفاء وهو ما سينعكس على قيمة الليرة بشكل إيجابي. المسار الثاني: عدم التزام الحكومة بالشروط قد يفضي إلى تجميد الولايات المتحدة قرار الإعفاء والذي سينعكس بشكل سلبي على قيمة الليرة السورية. إعلانوأكد الكريم، أن الحوالات المالية الفردية التي يشملها الإعفاء لن تكون ذات تأثير فعال على الاقتصاد السوري، لوجود قنوات للتحويل اعتاد عليها السوريون وهي أقل كلفة من التحويل عبر البنوك، وأشار إلى أن البنوك السورية ما زالت غير قادرة على تسليم الحوالات بالدولار.
مستقبل الليرة السوريةيقول الخبير الاقتصادي الدكتور السيد عمر، إن رفع التعريفة الجمركية للاستيراد التي أصدرتها الحكومة في 10 يناير/كانون الثاني 2025، يحقق العديد من الأهداف كالتالي:
تحفيز الإنتاج والاستثمار، والذي ظهَر من خلال تخفيض الرسوم الجمركية على مواد صناعية مثل المعادن بأنواعها، مع إعفاء تامّ لسلع محددة مثل الآلات الثقيلة المستخدَمة في إعادة الإعمار. حماية المنتج الوطني، من خلال رفع الرسوم على المنتجات ذات المنشأ الخارجي، لأن إعفاءها جمركيا يعني وضع المنتج الوطني في منافسة مع مُنتجات من دول أخرى، وقد ينتهي بخسارة كبيرة للاقتصاد، لذلك لا بد من فرض رسوم عليها. الحدّ من استيراد الكماليات، لكونها تستنزف الدولار.وأكد عمر أن هذه الاجراءات ستحسن من مؤشرات الاقتصاد الوطني كما ستؤدي إلى زيادة معدل الإنتاج وتحريك العجلة الاقتصادية وإلى تحسن سعر صرف الليرة.
لكن يونس الكريم يرى أن رفع التعريفة الجمركية سوف يخفض من قيمة الليرة مقابل الدولار، ويرفع من مستويات التضخم، ونسبة الفقر في البلاد.
ودعما لقيمة الليرة السورية أكد الكريم على أهمية قبول الدول العربية التعامل مع الحكومة الجديدة ودعمها بمساعدات مالية تحسن من قيمة الليرة.
وأكد السيد عمر، على أهمية اعتماد الليرة السورية كعملة وحيدة في التداول وتنفيذ عمليات البيع والشراء، وحذر من اعتماد الدولار إلى جانب الليرة السورية كعملة رسمية في البلاد، لعدم قدرة البنك المركزي على تحقيق التوازن في العرض والطلب على كمية الدولار في الأسواق، إذ سيزيد ارتفاع الطلب على العملة الأميركية الضغط على سعر صرف الليرة السورية.
إعلانومن المتوقع أن تواجه الليرة والاقتصاد السوري تحديات على المدى القريب والمتوسط، فالبلاد تحتاج إلى اجتياز العديد من المراحل والتحديات للوصول إلى نقطة الاستقرار التي تبدأ عندها مرحلة التنمية والتمكين الاقتصادي.