هل انتهت المسرحية يا شام أم للقصة بقية؟!
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
د. أحمد بن سالم باتميرا **
batamira@hotmail.com
انتهى السيناريو، واتفق الكبار على التنفيذ بعد أن فشلت في الأعوام الماضية كل المحاولات، مسرحية أسقطت سوريا من القائمة، وكسب رهانها العدو الإسرائيلي وأمريكا وحلفاؤها، مسرحية لا نعرف نهايتها، هل هي سوريا بوجه جديد ومستقبل واعد، أم سوريا الفوضى والتقسيم؟!
بعد الإطاحة ببشار الأسد، سلميًا دون إراقة دماء- حسب المُخطط- دخلت الجيوش والمعارضة، حمص وحلب ودمشق، لاستلام القيادة مع ترحيب شعبي، وفي نفس الوقت قام المحتل الإسرائيلي بالقضاء على ما تبقى من سوريا من خلال شنه نحو 480 هجومًا على سوريا خلال 48 ساعة؛ ليقضي على الجيش السوري وأسلحته الإستراتيجية وقوته والبنية التحتية الباقية لبلد عربي، مما يشكل انتهاكًا لاتفاق فض الاشتباك الذي وقعته إسرائيل وسوريا في عام 1974 وللقانون الدولي.
وشُكِّلت حكومة مُؤقتة في سوريا، وأرسلت رسائل بأنها انتقالية حتى الأول من مارس المقبل، ولكن الفصائل العسكرية التي ساهمت في تنفيذ السيناريو والدول الداعمة لها والتي اتفقت على السيناريو والمهمة، من المؤكد أنها ستُطالب بجزء من الكعكة، ولا يمكن استبعاد احتمال نشوب صراعات داخلية، والتي نأمل ألّا تتحقق، خاصةً وأن عدة لاعبين داخل وخارج سوريا ينتظرون الاقتراحات الأمريكية والروسية في المقام الأول، ومن ثم تركيا وإيران.
لا روسيا يمكن أن تُضحِّي بسوريا دون الحفاظ على أصولها العسكرية هناك، ولا أمريكا يمكن أن تنسحب من مناطق النفط والغاز، وتركيا لن تتراجع عن ما تسميه "تأمين حدودها"، وكذلك العدو الصهيوني المستفيد الأكبر، ومن الصعب أن تلعب إيران دورًا محتملًا في سوريا في الوقت الحالي.
باختصار، رغم الانتقال السلس للسلطة بعد الإطاحة بالرئيس السوري دون صراع ومعارك واقتتال وهو من إيجابيات السيناريو العالمي، إلّا أن اختيار رئيس توافقي صُنِع في الخارج، لن يكون مقبولًا من كل الأطراف المجروحة، أو القلوب المكلومة، خاصة بعد أن تكشفت الأمور وسقطت أوراق التوت. فما حدث في سوريا، واتفاق كل الأطراف المشاركة على تحقيق مصالحها في المقام الأول، بعيدًا عن القانون الدولي بدقة متناهية، لا يجعلنا كقادة وشعوب عربية وإسلامية أن نتجاهل هذه الأحداث أو ننسى ما يُحاك ضدنا.
لقد رفض بشار الأسد كل المحاولات السابقة للتغيير والتجديد والمصالحة، قرار مجلس الأمن 2254، والتطبيع مع إسرائيل، وقاوم ثورات الربيع العربي، والإرهاب وداعش، ودعوات كثيرة عربية ودولية منها الإيجابي ومنها السلبي، حتى التنحِّي عن السلطة أو الانقلاب الشكلي، ولم يجد إجابة على كل استفساراته الأخيرة من حلفائه قبل سقوطه.
ولكل شيء نهاية، إذا ثارت الشعوب لا تنفع الجيوش في المقاومة، ولا حتى مساعدة الحلفاء، فسقطت سوريا لهذه الأسباب، واكتمل الاتفاق على خلع الرئيس الذي يتحمل جزءًا من المسؤولية عن الأوضاع التي وصلت إليها البلاد والعباد، لذا نأمل أن يكون مستقبل السوريين بيد السوريين أنفسهم اليوم، وأملنا كبير في العقلاء والحكماء بالوقوف ضد الصهاينة ومخططاتهم الخبيثة في المنطقة وفلسطين.
سقوط دمشق، لن تتوقف تداعياته إذا لم نستوعب الدرس، وستُظهر الأيام المقبلة الكثير من مما لا نعلمه، وربما يتجاوز بكثير ما يعلمه الجميع، فالإرادة القوية للحرية كسرت الظلم والاستبداد، والحرية ليست هبةً تُمنح؛ بل حق يُنتزع، وكانت أمام بشار فرصة سانحة لكتابة التاريخ لو طبَّق قرار مجلس الأمن واستمع للعقلاء وليس الحلفاء.
اليوم.. سوريا الكرامة والحرية أمام تحدٍ قادم، فلا تتنازعوا يا أهل الشام على السُلطة، وتُشعلوا حربًا أهلية؛ فالتحديات الإقليمية والدولية كثيرة، وعليكم ببتر الخلافات المذهبية بالعدل والمساواة، ومحاربة الفقر، لأن ذلك يعني نجاح ثورتكم، إن كنتم أصحابها وقاداتها.
لا يمكن للدول العربية أن تبقى مُتفرِّجة، فيما الأنواء تتلاطم حولها من كل حدب وصوب، خصوصًا وأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستكون مزعجة للجميع، من حيث تشكيلتها المعلنة؛ فالتطورات والتحديات تزداد تعقيدًا، ومع كل هذه الخسائر المتتالية، يوحي الوضع بأن ما حدث في سوريا هو ضمن المخطط الصهيوني الأمريكي لإضعاف الدول العربية والسيطرة على ثرواتها الطبيعية.
مستقبل المنطقة غامض ومجهول، وما أحدثته وافتعلته حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالجيش السوري وتدميره وتشتيته في الايام الماضية لا يحتاج لتصريحات أو تنظير. وعلى على الدول العربية أن تتحد وتقف صفًا واحدًا أمام هذا الخطر القادم. ودون تكاتف الجميع فإن الأمر سينتقل رويدًا رويدًا لدول أخرى، وسيُسمح للقوى المعادية للاستمرار في هجومها ومختطاتها؛ فالأطماع ليست في سوريا وأمنها واستقرارها فقط، وإنما ما بعد سوريا.
على الحكومة السورية الجديدة والشعب السوري، أن يدركوا جميعًا أن هذه الحرب والتصعيد، لتفكيك اللُحمة الوطنية وخلق الفتنة، وصب الزيت على النار، وعليهم أن يُدركوا تمامًا أن تضامنهم ومواجهة أعدائهم هو طريق النصر، وأن الحوار الصادق والسياسي يبدأ من داخل دمشق عن طريق الجلوس على طاولة واحدة؛ فالمسوولية جسيمة، ومهما كان حجم التنازلات والتقارب لمصلحة الوطن، يجب أن يكونوا يدًا واحدة ضد أعدائهم حتى لا تتحول بلادهم إلى أرض محروقة، كما يحدث الآن في دول أخرى في المنطقة والعالم.
فهل انتهت المسرحية أم للقصة بقية يا أهل الشام؟ القرار في أييدكم ورهن حكمتكم، وكما يُقال في الأمثال "إذا ما تحزمت طاح وزارك" واللبيب بالإشارة يفهم!
والله من وراء القصد.
** كاتب ومحلل سياسي عُماني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خالد النبوى: أبحث عن السيناريو الجيد.. وأتمنى تقديم مصطفى محمود
- «سراب» دراما مشوقة.. و«امبراطورية ميم» أكثر واقعية من الحياة نفسها
استطاع النجم خالد النبوى بفضل موهبته الفائقة واحترافيته العالية أن يحقق بصمة واضحة فى تاريخ السينما والدراما المصرية، قدم العديد من الأعمال التى لاقت إعجابًا جماهيريًا ونقديًا، وبرز بقدرته على تجسيد شخصيات معقدة وغنية بالأبعاد النفسية والدرامية، مما جعله واحدًا من أهم الممثلين الذين يتقنون أداء أدوار متنوعة بين التراجيديا، التاريخية، والاجتماعية ببراعة، وأبرزها عرض مسلسله المنتظر «سراب» والذى انطلق يوم 7 يناير 2025.
أعرب خالد النبوى عن سعادته البالغة بتكريمه فى مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، فى دورته الرابعة عشرة، التى تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف، وقال: «هذه لحظة من لحظات الشكر والاعتراف بالجميل»، مضيفًا: «أيها التكريم الجميل، أنت مش هتقدر عليا، وأنا مش هنبسط ولا حاجة، ولا أعتبره تقديرًا لما فات، بل تقديرًا لما هو قادم. أنتم لسه ما شفتوش حاجة».
وتابع «النبوى» قائلاً: «الشكر لله أولًا على كل شىء، والامتنان لأننى وُلدت على أرض مصر، ولأن الأقصر هى بلدنا صاحبة الحضارة العريقة، أنا فخور بأننى تسلمت هذا التكريم داخل هذا المكان الأثرى الذى يقدر عمره بثلاثة آلاف سنة».
كما وجه النبوى شكره إلى أسرته، وعبر عن تأثره قائلاً: «شكراً لوالدى اللذين أرادا لى التعليم وساندانى فى كل خطوة، وشكراً لأمى التى لولاها لما كنت هنا اليوم، كما أشكر عائلتى التى حضرت رغم مشاغلها، وأتوجه بالشكر لكل ناقد وصحفى وإعلامى ساهم فى استمرار مسيرتى الفنية، وأشكر السينما الإفريقية على هذا التكريم».
وأضاف «النبوى»: «أوجه شكرى للجمهور الذى لا يمكن للفن أن يكون له معنى من دون وجوده وتقديره لى من خلال متابعة أعمالى، هذا التكريم ليس لى شخصيًا فقط، بل هو تقدير للمخرجين والكتاب والمنتجين الذين عملت معهم، إلى جانب زملائى من الممثلين الكبار الذين أسهموا فى نجاح الأعمال».
كما حكى «النبوى» عن مسلسل السراب وقال: «قدمنا القصة بطريقة مشوقة تتماشى مع الثقافة المحلية وتخاطب الجمهور المصرى والعربى بشكل عام، كنت حريصًا على أن أضفى على شخصيتى شكل مختلف، وأنا متحمس لردود الأفعال التى سيتلقاها العمل، خاصة أنه يمثل أولى أعمالى لعام 2025».
وفيما يتعلق بالمشاريع المستقبلية، عبّر النبوى عن أمله فى استئناف العمل على فيلم «مصطفى محمود»، الذى توقف لفترة طويلة، وأكد أنه يواصل العمل على تحضير نفسه لمشروعات فنية جديدة، ويبحث عن الفرص التى تمكنه من تقديم أدوار جديدة ومختلفة.
وفيما يتعلق بتجربته فى مسلسل «امبراطورية ميم»، حيث جسد دور الأب لابنه الفنان الشاب نور النبوى، مؤكدًا أن هذه التجربة كانت مميزة بالنسبة له، وأنه شعر أنه قدم دور الأب فى الأعمال الفنية بشكل أفضل من الواقع.
أكد النجم خالد عن بداياته الفنية وكيف بدأ مسيرته قائلاً: «دخلت المعهد العالى للتعاون الزراعى ولكن لم أحب هذا المجال، ولم يكن التمثيل فى حساباتى»، كما أضاف أن الممثل جزء من «حدوتة»، قد تكون مستوحاة من الواقع أو خيال الجمهور، مؤكداً أن الجسد أحد أدوات الممثل، أحيانًا يكون صديقًا وأحيانًا عدواً، مما يستدعى من الممثل فهم طريقة إخراج الحروف بشكل صحيح.
ووجه النبوى نصيحه للممثلين الشباب، حيث أكد أن التمثيل ليس مجرد هواية بل هو «شغلة حقيقية» يجب أن يكون الشخص ملتزماً بها بشكل كامل، أضاف أنه يجب على أى شاب يرغب فى دخول هذا المجال أن يعى تماماً أن التمثيل قد يكون مصدر رزقه الوحيد، وأنه يمر بتحديات كبيرة، خاصة لمن دخلوا معاهد السينما، حيث يعانون من صعوبة العثور على فرص عمل مناسبة، وأوضح النبوى أنه من الضرورى للممثل أن ينتبه للإشارات التى تؤكد له أنه على الطريق الصحيح.
كما أشار خالد النبوى إلى أهمية الحذر من الشهرة السريعة، مستشهداً بتجربته فى مسلسل «بوابة الحلوانى»، حيث قام بدور «حمزة الحلوانى»، ورغم النجاح الكبير الذى حققه المسلسل على مستوى الجمهور والصناعة، إلا أن الشهرة بدأت تتراجع بعد بضعة أشهر، وهو ما جعله يوجه نصيحة للممثلين الشباب بأن يكونوا حذرين من هذا الفخ وأن يواصلوا العمل على تطوير مسيرتهم الفنية وتقديم أعمال مميزة.
كما تحدث النبوى عن تأثير المخرجين عليه، مشيراً إلى أن المخرج يوسف شاهين علمه كيف يعبر عن المشاعر فى المشهد بشكل عميق، بينما أكد أن المخرجين العالميين مثل ريدلى سكوت ومارتن سكورسيزى كان لهم تأثير كبير على أدائه، موضحاً إن ريدلى سكوت كان يفضل أن يعيش الممثل التجربة لحظة بلحظة، بينما كان مارتن سكورسيزى يضغط على الممثلين لاستنطاق الأداء الأمثل منهم.
وتطرق «النبوى» إلى أهمية التدريب المستمر، حيث أكد أنه يخصص 8 ساعات يومياً للتمرين، حتى فى حال عدم وجود مشاريع تصوير، وأوضح أنه يعمل على تحسين مهاراته الصوتية والفكرية، كما يحرص على قراءة السيناريوهات عدة مرات قبل التصوير لضمان استيعاب العمل بالكامل، وأضاف أنه لا يكتفى فقط بقراءة السيناريو، بل يستمع إلى الموسيقى ويشاهد أفلاماً متنوعة لتوسيع آفاقه الفنية.
أما عن المسرح، فقد تحدث النبوى عن ابتعاده عن هذه التجربة فى الوقت الحالى، مؤكداً أنه يشعر بالخوف من خوض التجربة المسرحية مجددًا، ومع ذلك، أشار إلى أنه يدرس إمكانية تقديم عمل مسرحى مميز فى المستقبل القريب، إذا وجد النص والفرصة المناسبة.
وفيما يتعلق بتكريمه بجائزة «الجولدن جلوب»، قال النبوى إنه شعر بتوتر شديد أثناء تسلمه الجائزة من الفنان حسين فهمى، نظراً لقيمة الجائزة الفنية وتاريخها الكبير، وأوضح أن لحظة تسلمه الجائزة كانت مليئة بالرهبة بسبب ما تمثله الجائزة من تقدير كبير للفنان.
واختتم «النبوى» حديثه عن عشقه للفيلم القصير، حيث أكد أنه قدم ثلاثة أفلام قصيرة هى «العازف»، و«القاهرة منورة بأهلها»، و«فردى»، مشيرًا أن هذه التجارب كانت بمثابة محطات مهمة فى مسيرته الفنية، حيث مكنته من تقديم أفكار مبتكرة ورسائل اجتماعية فى إطار فنى موجز، وأضاف أنه يعتبر الفيلم القصير مساحة للتجربة والابتكار، ويسعى دائماً لإظهار قدراته الفنية بأفضل صورة.
من خلال هذه التجارب المختلفة، يظهر خالد النبوى كأحد الفنانين الذين يسعون باستمرار لتطوير أنفسهم، سواء عبر التمرين المستمر أو من خلال انتقاء أدوار تعكس تطورًا فنيًا كبيرًا.
تدور أحداث مسلسل «سراب» فى إطار مشوق، حيث تبدأ القصة باختطاف طفل يكشف العديد من الأسرار المخفية ويضع العلاقات بين الشخصيات فى اختبار حقيقى، ومع تطور الأحداث، يكتشف الأبطال أن حياتهم التى كانت تبدو مستقرة مليئة بالتحديات والمفاجآت، يسبر المسلسل أغوار ضعف الإنسان ويدفع الشخصيات لإعادة النظر فى اختياراتهم والسعى لبناء مستقبل جديد.
«سراب» يتألف من 10 حلقات ويستند إلى المسلسل الاسترالى «Seven Types of Ambiguity»، يضم العمل مجموعة من أبرز نجوم الفن المصرى، حيث يشارك فى البطولة خالد النبوى، ويسرا اللوزى، بالإضافة إلى هانى عادل، أحمد وفيق، أحمد مجدى، جيهان الشماشرجى، إنجى المقدم، نجلاء بدر، ديامان أبوعبود، ومحمد كيلانى، كل حلقة تركز على شخصية مختلفة، مما يضفى منظورًا خاصًا وتجربة بصرية متميزة.
من إخراج أحمد خالد، يتميز «سراب» بأسلوب بصرى مستوحى من الطابع «Noir»، مع استخدام ألوان باردة وخافتة تعكس الاضطرابات النفسية لشخصياته، هذا الأسلوب الفنى يمنح المسلسل طابعًا موحدًا ويعمق الأحداث، مما يجعل المشاهدين يغمرون فى عالم «سراب» الغامض والمثير.