محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

رغم أن الجميع "مُتفِق"، إلا أن الجميع "لا يُحرك ساكنًا"!

هل ينطبق هذا المثال على حالة التعليم في بلادنا؟ ولماذا يربض قطار التعليم في محطته العتيقة ولا يمضي في رحلته نحو الجودة الشاملة؟ هل هناك مراجعة شاملة للأهداف التي تضعها الجهات المعنية بشأن التعليم في السلطنة ومُحاسبة دقيقة للإخفاقات وأسبابها؟

ذلك لأنَّه لم يعد هناك أدنى شك أنَّ الأهداف التي تُريد رؤية "عُمان 2040" بلوغها في شتى الحقول رهينة بحالة التعليم في السلطنة، وأن ركوده وعدم مواكبته للعصر سيجعل الرؤية قريبة من أفق الحُلم.

والمُذهل في الأمر أنَّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قد حددت أهدافها بأنها تريد توفير نظام تعليمي عُماني يتسم بالجودة العالية، نظام متكامل ومستقل وفق معايير وطنية وعالمية، ولكننا من مجموع 27 مؤسسة تعليمية في السلطنة لا نجد إلّا مؤسسة تعليمية واحدة استطاعت أن تكون مُسجلة في تصنيف (QS) العالمي للجامعات!

صدرت مُؤخرًا دراسة بعنوان "استراتيجية مقترحة للتحول إلى اقتصاد المعرفة في سلطنة عُمان" اقترحت مجموعة من المقترحات للنهوض بالعملية التعليمية وتحريك قطار التعليم الرابض في محطته. وتركز الدراسة على تحليل تجارب الدول التي سبقتنا في التحول إلى اقتصاد المعرفة بهدف استخلاص العوامل المشتركة التي ساهمت في نجاح تلك الدول، ومن ثم تقييم جاهزية سلطنة عُمان للتحول إلى اقتصاد المعرفة عبر تحليل الوضع الحالي ومقارنة المؤشرات الدولية الرئيسية بالعوامل الأساسية المطلوبة لهذا الانتقال.

وتُجمِع الدراسة على أن العنصرين الأكثر أهمية لتعزيز هذا التحول هما: تطوير منظومة التعليم بكل أركانها (المدرسي، الأكاديمي، والمهني)، والتغلب على التحديات الثقافية التي قد تُعيق هذا التغيير الجوهري. لهذا، تقترح الدراسة استراتيجية تدريجية للتحول إلى اقتصاد المعرفة، تتكون من مرحلتين رئيسيتين:

المرحلة الأولى (4 سنوات): تُركِّز على بناء قاعدة صلبة لاقتصاد المعرفة من خلال الاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير منظومة التعليم، ومعالجة التحديات الثقافية.

المرحلة الثانية: تستهدف تطوير العوامل المساندة الأخرى، مثل تحسين البنية التحتية الرقمية، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار.

ولتحقيق هذه الاستراتيجية، تُبرز الدراسة مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية الضرورية لمُعالجة مشكلات التعليم في السلطنة. وتشمل هذه الإجراءات تحديد أولويات الإصلاح، وتقييم كل خطوة وفق معايير استراتيجية واضحة، وتفصيل المهام المطلوبة لكل إجراء، مع تحديد الجهات المسؤولة، والجداول الزمنية، والموارد اللازمة، إلى جانب آليات قياس النتائج المتوقعة بدقة وضمان تحقيقها.

وأنصح المهتمين بمراجعة الرابط التالي: (https://l.ead.me/Knowledge_based_economy).

لعلنا بدأنا نفهم سبب عجز قطار التعليم عن المضي في رحلة تطوير التعليم إلى يومنا هذا؛ لأن هذا الهدف لا يبدو أنه من أولوياتنا، وما يعكس ذلك هو الموازنة المتدنية التي خُصصت للهيئة العُمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، والتي تبلغ 1.7 مليون ريال عُماني فقط، وهي أقل الموازنات المُخصَّصة للإنفاق لأي مؤسسة حكومية على الإطلاق. وتُشير الدراسة إلى أن هذه الموازنة لن تكون كافية لتمكين الهيئة من أداء وظائفها الحيوية خلال السنوات العشر المقبلة.

لا شك أنَّ جودة التعليم ومواءمته مع المعايير العالمية يُعد شرطًا أساسيًا للنهوض بالعملية التعليمية، ويتيح مستقبلًا أن تتجه سلطنة عُمان نحو اقتصاد المعرفة. ومع تدني الحالة التعليمية، فإنَّ مثل هذه الأهداف ستظل بعيدة المنال، كما إن الأهداف التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من بناء نظام تعليمي مستقل ومتكامل ربما تبقى حبرًا على ورق، على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة.

لقد تراجعت أعداد البعثات الخارجية إلى أدنى مستوياتها، وسط مبررات تتحدث عن التحديات المالية، في حين يفتقر عدد ليس بالقليل من مؤسسات التعليم العالي في السلطنة إلى المواءمة مع معايير الجودة العالمية. ومعنى هذا أن كل ذلك التكدس في تلك المؤسسات للخريجين مصيره تحصيل تعليم لا يستطيع أن يوفر المهارات المطلوبة في السوق المحلية فضلًا عن العالمية. فأين نحن ذاهبون؟

أهداف رؤية "عُمان 2040" مرتبطة بتطبيق نظام تعليمي أكاديمي ومهني واحترافي يتوافق مع معايير جودة التعليم العالمية، حتى يتمكن من المساهمة بنجاح في تحقيق مستوى جيد من الرفاه الاجتماعي بتحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية الشاملة. كما إن الدراسة- المُشار إليها أعلاه- دقيقة في مدعاها أن العائد على الاستثمار في جودة التعليم سيكون كبيرًا حقًا؛ إذ يُسهم في بناء مجتمع متعلم ومؤهل لتحقيق التنمية الشاملة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء يستعرض السيناريوهات العالمية للقضاء على التلوث البلاستيكي بحلول 2040

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان سيناريوهات السياسات الرامية إلى القضاء على التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040.

وذكر المركز أن السياسات العالمية الشاملة التي تعالج دورة حياة البلاستيك بأكملها يمكن أن تقلل من تسرب البلاستيك إلى البيئة بنسبة 96% بحلول عام 2040، مؤكدًا أنه من خلال تنفيذ مزيج من السياسات يتضمن تعزيز إدارة النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها، يمكن للدول تحقيق فوائد بيئية كبيرة ومدخرات اقتصادية مقارنة بالاستراتيجيات الأقل توازنًا.

وحذر من أنه بدون سياسات أكثر صرامة تعالج دورة حياة البلاستيك، من المتوقع أن يزيد إنتاج البلاستيك واستخدامه بنسبة 70% (من 435 مليون طن في عام 2020 إلى 736 مليون طن في عام 2040)، مع 6% فقط من البلاستيك القادم من مصادر معاد تدويرها.

وبالتوازي مع ذلك، ستزداد النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل سيئ، أي البلاستيك الذي يتم إلقاؤه في نهاية عمره أو التخلص منه بشكل غير مناسب، بنسبة 50% (من 81 مليون طن سنويًّا في عام 2020 إلى 119 مليون طن سنويًّا في عام 2040)، كما سيزداد تسرب البلاستيك الذي تتم إدارته بشكل سيئ إلى البيئة، بما في ذلك إطلاقه في الأنهار والمحيطات والأراضي بنسبة 40%.

من جانبها، أوضحت مدير البيئة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية جو تيندال، وفقًا لبيان مركز معلومات الوزراء، أن السياسات الطموحة التي تطال دورة حياة البلاستيك بالكامل، إذا تم تنفيذها على مستوى العالم، يمكن أن تقضي تقريبًا على التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040.

وقالت: «إن هذا النهج لا يعمل على تحسين جمع النفايات ومعالجتها وإعادة تدويرها فحسب، بل يقلل أيضًا من إنتاج البلاستيك والطلب عليه، ويعزز التصميم الدائري».

وفي السياق، أوضح التقرير، أن الحلول الجزئية لمشكلة تلوث البلاستيك لن تحل المشكلة، فالتركيز فقط على إدارة النفايات دون الحد من الإنتاج والطلب من شأنه أن يقلل من تسرب البلاستيك إلى البيئة بنسبة 55% فقط، مقارنة بالعمل المعتاد بحلول عام 2040، وإذا تم إدارة النفايات البلاستيكية بشكل أفضل، ولكن دون سياسات مخصصة للحد من أحجام النفايات، فإن تكاليف القيام بذلك ستزداد بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على البلدان القضاء على تسرب البلاستيك بشكل تدريجي.

وأشار إلى أن توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تفيد بأن السياسات التي تستهدف جميع مراحل دورة الحياة، رغم أنها تؤدي لانخفاض طفيف بنسبة 0.5% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكنها أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالاستراتيجيات التي تركز فقط على إدارة النفايات.

وتابع: «أن التركيز فقط على إدارة النفايات سيؤدي لخسارة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% بحلول عام 2040، ومن المتوقع أن تواجه البلدان النامية وتلك التي لديها أنظمة إدارة نفايات أقل تقدمًا، وخاصة تلك الموجودة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أكبر التكاليف الاقتصادية الكلية».

وأوضح التقرير، أنه في ظل سيناريو العمل المعتاد، من المتوقع أن تصل احتياجات الاستثمار العالمية لإدارة النفايات البلاستيكية إلى 2.1 تريليون دولار بين عامي 2020 و2040، ومن شأن السياسات التي تعالج دورة حياة البلاستيك بأكملها أن تحد من الاستثمارات الإضافية في البنية الأساسية لإدارة النفايات، بالإضافة إلى العمل المعتاد، إلى 50 مليار دولار بين عامي 2020 و2040.

ولفت إلى أن الزيادات في التكاليف ستكون محدودة، بسبب إعادة توجيه تدفقات الاستثمار نحو تحسين الفرز وإعادة التدوير والابتعاد عن الخيارات الأقل تقدمًا، وعلى العكس من ذلك، إذا سعت البلدان نحو القضاء على تسرب البلاستيك من خلال التركيز على إدارة النفايات وحدها، فإن التكاليف ستكون أعلى، وفي ظل مثل هذا السيناريو، ستكون هناك حاجة إلى 300 مليار دولار إضافية بين عامي 2020 و2040، بالإضافة إلى الاستثمارات المعتادة.

ولدعم نهج دورة الحياة بأكملها، أكد التقرير أهمية سياسات مثل: معايير التصميم البيئي، ومعايير المنتجات، وحظر استخدام مواد بلاستيكية محددة للاستخدام مرة واحدة، موضحًا أهمية برامج مسؤولية المنتج الموسعة للتعبئة والتغليف والسلع المعمرة، التي يمكن أن تشجع على اقتصاد بلاستيكي أكثر استدامة.

وأضاف أن هناك حاجة إلى تدخلات إضافية لمعالجة جوانب أخرى من تلوث البلاستيك بشكل شامل مثل: التخفيف من المخاطر المتعلقة بتلوث البلاستيك الدقيق، والمواد الكيميائية المثيرة للقلق، وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بالبلاستيك.

اقرأ أيضاًمستقبل قطاع البناء في مصر.. معلومات الوزراء يستعرض توقعات شركة BMI التابعة لوكالة فيتش

معلومات الوزراء يحتفي بنماذج مشرفة من القيادات النسائية المساهمة في تحقيق أهداف المركز

معلومات الوزراء يطلق سلسلة فيديوهات لإبراز جهود التحالف الوطني والعمل الأهلي في رمضان

مقالات مشابهة

  • اقتصاد مصر ينمو بأسرع وتيرة ربع سنوية منذ 2022
  • ولي العهد.. بيعة ورؤية ونماء
  • «بلدية أبوظبي» تستعرض ممارسات «إدارة المعرفة»
  • تأثير اقتصاد المعرفة على زيادة دخل النقد الأجنبي للدولة
  • اقتصاد عُمان في أمسيات "الغرفة"
  • سكان سلطنة عمان بين 8 ـ 11 مليون نسمة بحلول 2040
  • لا يملكون الفهم العميق
  • معلومات الوزراء يستعرض السيناريوهات العالمية للقضاء على التلوث البلاستيكي بحلول 2040
  • حالة صحية مقلقة ترتبط بالنعاس المستمر أثناء النهار
  • "الخدمات المالية" توجه إنذارًا لشركتي تأمين