يُدرك "حزب الله" إشتداد المعارضة المسيحيّة ضدّ سلاحه، فأعاد بناء قنوات التواصل مع "التيّار الوطنيّ الحرّ" والنائب جبران باسيل، وهو لا يزال يتمسّك بإيصال سليمان فرنجيّة إلى بعبدا، كي يضمن الغطاء المسيحيّ لـ"المقاومة"، ولأعمالها العسكريّة. وبعد حوالى 10 أشهرٍ من الفراغ، يستمرّ "الثنائيّ الشيعيّ" اللعب على عامل الوقت، كيّ يقتنع بعض الأفرقاء أخيراً بانتخاب رئيس "المردة"، رافضاً في الوقت عينه السير بشخصيّة توافقيّة، رغم مناداته بالحوار، وبضرورة التوافق بين الجميع.


 
وقد أتت حادثة "كوع الكحالة" التي شهدت تبادلاً لإطلاق النار بين عناصر من "حزب الله" وآخرين من المنطقة، وسقوط قتيلين من كلا الطرفين، وما رافقها من غضب من قبل مناصري "القوّات اللبنانيّة" و"الكتائب" وأهالي البلدة، ليدفع حارة حريك إلى التشدّد أكثر في انتخاب فرنجيّة. وفي هذا السيّاق، فإنّه من المنتظر بحسب مراقبين، أنّ يقبل "الحزب" بشروط باسيل، لأنّ هذا الأمر سيحسم خيار تكتّل "لبنان القويّ" بالإقتراع لفرنجيّة، وهكذا يكون قد ضمن غطاءً سياسيّاً مسيحيّاً لسلاحه، يتمثل بدعمٍ نيابيّ من قبل "الوطنيّ الحرّ"، والرئيس المسيحيّ.
 
ويقول المراقبون إنّه بعد الذي حصل في الكحالة، فإنّ موافقة "حزب الله" على رئيسٍ وسطيّ لم تعدّ واردة، وقد تأكّد بعد الحادثة الأخيرة، وما سبقها في الطيونة، أنّه بحاجة فقط لشخصيّة تحفظ "ظهر المقاومة"، ولا أحد حاليّاً غير فرنجيّة قادر على لعب هذا الدور. ويعني هذا الواقع أنّ على "حركة أمل" ليس فقط الترحيب بالتقارب بين حليفها الشيعيّ و"التيّار"، وإنّما العمل والمساهمة في تطبيق الشروط التي طرحها النائب جبران باسيل قبل أيلول، موعد قدوم جان إيف لودريان إلى لبنان، موفداً من الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون.
 
ومن شأن توصّل "الثنائيّ الشيعيّ" و"التيّار" لمرشّحٍ مشتركٍ، أنّ يُعزّز موقفهما الرئاسيّ تجاه باريس، والدول الأخرى المعنيّة بلبنان، فلم يتبقَ أمام "حزب الله" و"أمل" سوى التفاوض مع باسيل لانتخاب فرنجيّة بأكثريّة 65 صوتاً.
 
وهنا تجدر الإشارة أيضاً، إلى أنّ "حزب الله" لديه من يدعمه في الشارع السنيّ، بعدما حصّل مواقع نيابيّة مهمّة بعد عزوف "تيّار المستقبل" عن خوض الإنتخابات، إضافة إلى أنّ أغلبيّة الشيعة يُؤيّدونه، كما أنّ لديه حلفاء دروز، يتمثلون برئيس الحزب "الديمقراطي اللبنانيّ" طلال ارسلان، ورئيس حزب "التوحيد العربيّ" وئام وهاب. وبعد خلافه مع "الوطنيّ الحرّ"، فإنّ "الحزب" كان في مرحلة حرجة من خسارة أحد آخر داعميه المسيحيين، على الرغم من أنّ شعبيّة "التيّار" تراجعت بشكل لافت. إلّا أنّ ما يهمّ "حزب الله"، هو المحافطة، أقلّه على حزبين أو تيّارين مسيحيين داعمين لجهود "المقاومة".
 
ولا يستبعدّ المراقبون أنّ يقوم "حزب الله" بعد ستّ سنوات بترشّيح باسيل، لأنّه يُمثّل الحليف المسيحيّ الأقوى بالنسبة إليه، فهدفه المحافظة على إستمراريّة الدعم المسيحيّ لسلاحه. ويرى المراقبون أنّ عودة التنسيق بين حارة حريك وميرنا الشالوحي في مختلف المواضيع نقطة بارزة في العلاقة بينهما، وخصوصاً في الإستحقاق الرئاسيّ. وأكثر من ذلك، فإذا قبل فرنجيّة بشروط باسيل، فإنّ التحالف بينهما سيعود أيضاً كما في السابق، وسيرتاح "الحزب" من استقرار العلاقة بين آخر حلفائه المسيحيين.
 
ومن المتوقّع أنّ يسمع لودريان في جولته المرتقبة إلى لبنان الشهر المقبل الأجوبة عينها من مختلف الكتل النيابيّة. فـ"الثنائيّ الشيعيّ" سيُشدّد على فرنجيّة مرّة جديدة، وبشكل خاصّ إذا دعمه باسيل، وحصل التوافق المنتظر بين "حزب الله" وأفرقاء 8 آذار مع "التيّار" حول اللامركزيّة الإداريّة والماليّة والصندوق الإئتمانيّ.
 
ويقول المراقبون إنّ حادثة الكحالة تُحتّم على "الحزب" و"أمل" الإسراع في تقديم التنازلات لباسيل، لأنّ المعركة الرئاسيّة أصبحت مصيريّة، فوصول مرشّحٍ غير فرنجيّة يُهدّد سلاح "المقاومة"، وربما يُدخل البلاد في نقاش خطيرٍ، قد يرتدّ على الشارعين المسيحيّ والشيعيّ أمنيّاً.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

خياران أمام حزب الله: مالهما وما عليهما

كتب عماد مرمل في " الجمهورية": مسألة الاستخفاف الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار كانتمادة أساسية للنقاش بين الرئيس نبيه بري ووفد من كتلة «الوفاء للمقاومة » برئاسة النائب محمد رعد، في أولى إطلالاته العلنية قبل ايام ، حيث جرى عرض للواقع السائد على الأرض في الجنوب، ولمحاولات معالجته بالوسائل الديبلوماسية، استناداً إلى مداولاتبري مع رئيس لجنة الإشراف والمراقبة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، ثم مع آموس هوكشتاين الذي التقى رئيس المجلس وشارك في اجتماع اللجنة، بعدما «سلّفته » تل أبيب انسحاباً من الناقورة بالترافق مع وجوده فيها لحضور الاجتماع.
ومن الواضح أنّ الحزب يدرس خياراته بتأنٍ، ويقيس سلبيات وإيجابيات كل منها، بعيداً من العواطف والانفعالات، خصوصاً في ما يتعلق بخياري الصبر على الخروقات الإسرائيلية او الردّ عليها.
تعرف قيادة الحزب انّ كلاً من الاحتمالين يختزن فرصاً وتهديدات،ويتضمن حسنات وسيئات، وبالتالي هي تحسب خطواتها جيداً، لأنّ المرحلة لا تتحمّل اي دعسة ناقصة، خصوصاً انّ الحزب وبيئتهلا يزالان في طور «النقاهة » ولملمة آثار الحرب.
أما في حسابات الحزب، فإنّ خيار الصبر الذي اعتمده حتى الآن ينطوي على المردود الآتي:
تفادي الانزلاق إلى اي فخ محتمل، قوامه استفزاز الحزب لاستدراجه إلى عمل عسكري انفعالي ، يستخدمه العدو الإسرائيلي ذريعة لاستئناف حربه على المقاومة وبيئتها، في ظل متغيّر جيوسياسي يخدم مصلحته ويتمثل في سقوط نظام بشارالأسد وانقطاع خط الإمداد السوري ل «حزب الله .
وضع الدولة والجيش وقوات «اليونيفيل » ولجنة الإشراف تحت المجهر، وتحميلهم مسؤولية معالجة الانتهاكات الإسرائيلية، وكشف عدم احترام تل أبيب لا الشرعية اللبنانية ولا الشرعية الدولية.
إعادة تثبيت جدوى المقاومة وتجديد شرعيتها على وقع التحدّي الذي يواجه البدائل الأخرى، بعدما ذهب البعض إلى الافتراض بأنّ العدوان الإسرائيلي الاخير أنهى دورها الميداني ومبرر وجودها. 
التركيز على استكمال مسار تعافي الحزب وتكيّفه مع ظروف المرحلة الجديدة. 
إيلاء الاهتمام اللازم لورشة إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، وتأمين المتطلبات الضرورية والملحّة للبيئة 
الحاضنة التي تعرّضت للإنهاك وتحتاج إلى رعاية على أكثر منصعيد.
في المقابل، فإنّ خيار الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، اذا استمرت، يرتكز وفق نمط تفكير «حزب الله » على الأسباب
الموجبة الآتية:
وجوب عدم التفريط بالإنجازات التي حققها صمود المقاومة في الميدان خلال المواجهات، لا سيما منها البرية، بعدما تبين انّ الطرف الإسرائيلي يحاول ان يكرّس في ظل وقف إطلاق النار وقائع ميدانية عجز عن فرضها بفائض النار. 
تمادي الجانب الإسرائيلي في الخروقات النافرة، منذ الإعلان عن الاتفاق، بحيث لا يستطيع الحزب الاستمرار في 
التغاضي عنها لفترة طويلة، خصوصاً انّها تشكّل تحدّياً ل«كبرياء » المقاومة وتضع مجمل أدبياتها على المحك.
إنّ المقاومة لتحرير الأرض اللبنانية المحتلة هي حق ثابت ومكفول بكل الشرائع الإنسانية والدولية، وأي عملية قد ينفّذها الحزب داخل الأراضي اللبنانية التي توغل فيها الاحتلال الإسرائيلي خلال اوبعد الحرب الأخيرة هي مشروعة ومبررة بكل المعايير. 
إفهام العدو الاسرائيلي وخصوم الداخل بأنّ الحزب لم يُهزم ولم يضعف، حتى لا تؤدي التقديرات المغلوطة إلى استنتاجات خاطئة قد تُبنى عليها قرارات وتصرفات متهورة. 
يبقى انّ «حزب الله » معني بأن يوازن بأعصاب باردة بين الآثار المترتبة على سلوكه هذا المسار او ذاك، تبعاً للمنحى الذي ستتخذه التطورات الميدانية في الأيام المقبلة، وهو سيختبر وعود هوكشتاين المنبرية على أرض الواقع حتى يبني على الشيء مقتضاه. 

مقالات مشابهة

  • بالصورة.. هكذا ظهر باسيل خلال لقائه مع لودريان
  • لقاءٌ مرتقب بين باسيل ولودريان هذا المساء
  • عن إسم الرئيس.. هذا ما قاله الحزب للودريان
  • هل يعود حزب الله حزباً سياسياً؟
  • خياران أمام حزب الله: مالهما وما عليهما
  • تصريح إسرائيلي صادم عن عناصر الحزب: سيعودون!
  • مراكز الإصلاح والتأهيل تستقبل رجال الدين المسيحي لمشاركة النزلاء الاحتفال بعيد الميلاد
  • تحليل إسرائيلي لحجم الأسلحة التي جمعها حزب الله.. ما مصدرها؟
  • حزب الله يتجاهل خروجه من سوريا!
  • حزب الله يعلن موعد تشييع الشهيد السيد حسن نصر الله