بعد حادثة كوع الكحالة... هذا هو مرشّح حزب الله الوحيد
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
يُدرك "حزب الله" إشتداد المعارضة المسيحيّة ضدّ سلاحه، فأعاد بناء قنوات التواصل مع "التيّار الوطنيّ الحرّ" والنائب جبران باسيل، وهو لا يزال يتمسّك بإيصال سليمان فرنجيّة إلى بعبدا، كي يضمن الغطاء المسيحيّ لـ"المقاومة"، ولأعمالها العسكريّة. وبعد حوالى 10 أشهرٍ من الفراغ، يستمرّ "الثنائيّ الشيعيّ" اللعب على عامل الوقت، كيّ يقتنع بعض الأفرقاء أخيراً بانتخاب رئيس "المردة"، رافضاً في الوقت عينه السير بشخصيّة توافقيّة، رغم مناداته بالحوار، وبضرورة التوافق بين الجميع.
وقد أتت حادثة "كوع الكحالة" التي شهدت تبادلاً لإطلاق النار بين عناصر من "حزب الله" وآخرين من المنطقة، وسقوط قتيلين من كلا الطرفين، وما رافقها من غضب من قبل مناصري "القوّات اللبنانيّة" و"الكتائب" وأهالي البلدة، ليدفع حارة حريك إلى التشدّد أكثر في انتخاب فرنجيّة. وفي هذا السيّاق، فإنّه من المنتظر بحسب مراقبين، أنّ يقبل "الحزب" بشروط باسيل، لأنّ هذا الأمر سيحسم خيار تكتّل "لبنان القويّ" بالإقتراع لفرنجيّة، وهكذا يكون قد ضمن غطاءً سياسيّاً مسيحيّاً لسلاحه، يتمثل بدعمٍ نيابيّ من قبل "الوطنيّ الحرّ"، والرئيس المسيحيّ.
ويقول المراقبون إنّه بعد الذي حصل في الكحالة، فإنّ موافقة "حزب الله" على رئيسٍ وسطيّ لم تعدّ واردة، وقد تأكّد بعد الحادثة الأخيرة، وما سبقها في الطيونة، أنّه بحاجة فقط لشخصيّة تحفظ "ظهر المقاومة"، ولا أحد حاليّاً غير فرنجيّة قادر على لعب هذا الدور. ويعني هذا الواقع أنّ على "حركة أمل" ليس فقط الترحيب بالتقارب بين حليفها الشيعيّ و"التيّار"، وإنّما العمل والمساهمة في تطبيق الشروط التي طرحها النائب جبران باسيل قبل أيلول، موعد قدوم جان إيف لودريان إلى لبنان، موفداً من الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون.
ومن شأن توصّل "الثنائيّ الشيعيّ" و"التيّار" لمرشّحٍ مشتركٍ، أنّ يُعزّز موقفهما الرئاسيّ تجاه باريس، والدول الأخرى المعنيّة بلبنان، فلم يتبقَ أمام "حزب الله" و"أمل" سوى التفاوض مع باسيل لانتخاب فرنجيّة بأكثريّة 65 صوتاً.
وهنا تجدر الإشارة أيضاً، إلى أنّ "حزب الله" لديه من يدعمه في الشارع السنيّ، بعدما حصّل مواقع نيابيّة مهمّة بعد عزوف "تيّار المستقبل" عن خوض الإنتخابات، إضافة إلى أنّ أغلبيّة الشيعة يُؤيّدونه، كما أنّ لديه حلفاء دروز، يتمثلون برئيس الحزب "الديمقراطي اللبنانيّ" طلال ارسلان، ورئيس حزب "التوحيد العربيّ" وئام وهاب. وبعد خلافه مع "الوطنيّ الحرّ"، فإنّ "الحزب" كان في مرحلة حرجة من خسارة أحد آخر داعميه المسيحيين، على الرغم من أنّ شعبيّة "التيّار" تراجعت بشكل لافت. إلّا أنّ ما يهمّ "حزب الله"، هو المحافطة، أقلّه على حزبين أو تيّارين مسيحيين داعمين لجهود "المقاومة".
ولا يستبعدّ المراقبون أنّ يقوم "حزب الله" بعد ستّ سنوات بترشّيح باسيل، لأنّه يُمثّل الحليف المسيحيّ الأقوى بالنسبة إليه، فهدفه المحافظة على إستمراريّة الدعم المسيحيّ لسلاحه. ويرى المراقبون أنّ عودة التنسيق بين حارة حريك وميرنا الشالوحي في مختلف المواضيع نقطة بارزة في العلاقة بينهما، وخصوصاً في الإستحقاق الرئاسيّ. وأكثر من ذلك، فإذا قبل فرنجيّة بشروط باسيل، فإنّ التحالف بينهما سيعود أيضاً كما في السابق، وسيرتاح "الحزب" من استقرار العلاقة بين آخر حلفائه المسيحيين.
ومن المتوقّع أنّ يسمع لودريان في جولته المرتقبة إلى لبنان الشهر المقبل الأجوبة عينها من مختلف الكتل النيابيّة. فـ"الثنائيّ الشيعيّ" سيُشدّد على فرنجيّة مرّة جديدة، وبشكل خاصّ إذا دعمه باسيل، وحصل التوافق المنتظر بين "حزب الله" وأفرقاء 8 آذار مع "التيّار" حول اللامركزيّة الإداريّة والماليّة والصندوق الإئتمانيّ.
ويقول المراقبون إنّ حادثة الكحالة تُحتّم على "الحزب" و"أمل" الإسراع في تقديم التنازلات لباسيل، لأنّ المعركة الرئاسيّة أصبحت مصيريّة، فوصول مرشّحٍ غير فرنجيّة يُهدّد سلاح "المقاومة"، وربما يُدخل البلاد في نقاش خطيرٍ، قد يرتدّ على الشارعين المسيحيّ والشيعيّ أمنيّاً.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
زيارة مبعوثة ترامب: استراتيجية الضغط الأميركي واستنزاف حزب الله
في ظلّ أجواء سياسية مشحونة، وصلت مبعوثة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مورغان أورتاغوس إلى بيروت حاملةً رسالة واضحة تظهر الرؤية الاميركية بأن لبنان أمام مفترق طرق، والخيار يجب ان يحسم حول طبيعة نفوذ هذا البلد.
الزيارة، التي تأتي ضمن استراتيجية أميركية مُحكمة، تهدف إلى تعزيز الضغط الدولي لعزل حزب الله عن السلطة التنفيذية، مستفيدةً من تراجُع شعبيته الداخلية (على الصعيد الوطني) وتصاعد الأزمات الاقتصادية التي يُلام عليها، وضعفه العسكري المستجد.
تشير مصادر مطلعة إلى أن واشنطن تعمل على توظيف ورقة انهيار شرعية "حزب الله" بعد سنوات من السيطرة، عبر تحالفها مع قوى محلية تُعارض الحزب. الخطوة الأميركية تعتمد على خطة شبه واضحة تقوم اولا على عزل الحزب سياسياً عبر منع مشاركة "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) في الحكومة المقبلة، وثانيا تحميل الحزب مسؤولية كل الازمات السياسية والاقتصادية في لبنان، خصوصا مع فشله وحلفائه في تنفيذ إصلاحات مطلوبة دولياً.
كما تسعى واشنطن الى تأليب الشارع اللبناني ضد الحزب عبر دعم تحركات تطالبه بالانسحاب من السلطة.
لكنّ السؤال: هل ستنجح واشنطن في تنفيذ سيناريو الإقصاء؟
امام الحزب خياران، كلاهما محفوفٌ بالمخاطر:
اما ان يقرر عدم المشاركة في الحكومة الجديدة، لكن دون ان يبادر هو بإعلان ذلك، بل ينتظر قيام خصومه – بدعم أميركي – باستبعاده، مما يسمح له بتحويل نفسه إلى "قوة معارضة" تنتقد فشل الحكومة في تحقيق الاستقرار والانماء، و استخدام أزمات الكهرباء والوقود كأدلة على عجز "التحالف الغربي" عن إدارة الدولة.
غير أن هذا الخيار يعني تنازل الحزب عن "مكاسبه السياسية" المكتسبة منذ اتفاق الطائف، وهو ما قد يُضعف نفوذه لفترة طويلة.
هنا يبرز الخيار الثاني وهو عدم ترك الحزب للسلطة بسهولة، وقد يلجأ إلى: تعطيل تشكيل الحكومة عبر شروط غير قابلة للتفاوض، مثل الاحتفاظ بوزارات او بعدد معين والمماطلة في الوصول إلى حلول، اضافة الى تحريك الشارع الشيعي عبر تظاهرات ضخمة، خاصةً مع اقتراب موعد تشييع الأمين العام حسن نصر الله، الذي سيُحوَّل – في حال حدوثه – إلى مظاهرة مليونية تُعيد إثبات قوة الحزب التنظيمية والشعبية، وهذا ما يحتاجه في المعركة السياسية الداخلية.
المصدر: خاص "لبنان 24"