المعاجم العربية عزفت عن لغة أهل الساحل

ما لا يقل عن 95% من المفردات البحرية عربية الأصل

الكلمات المعربة إذا خضعت لمقاييس اللغة فهي عربية

........................

انطلقت أولى ليالي "أسبوع اللغة العربية في بيت الزبير" مساء أمس ، وذلك باستضافة الدكتور سلطان العميمي من دولة الإمارات العربية المتحدة، لإلقاء محاضرته التي عنونت بـ"تاريخ المفردات البحرية في الخليج العربي.

. عُمان والإمارات نموذجًا"، بحضور معالي السفير الإماراتي محمد بن نخيرة الظاهري، ومحمد بن الزبير وعدد من الشعراء والمهتمين بالجانب الأدبي والتاريخ اللغوي.

افتتحت المحاضرة بتقديم الدكتورة منى بنت حبراس السليمية، التي قدمت نبذة تعريفية بالدكتور سلطان العميمي، ذاكرة أنه أحد أعلام الفكر والأدب في العالم العربي، حيث يحمل درجة الدكتوراه في السيميائيات وفلسفة الأدب والفنون من جامعة محمد الخامس بالرباط، وأشارت إلى أنه يشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لقطاع الشعر والموروث في هيئة أبوظبي للتراث، بالإضافة إلى كونه رئيسًا لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات منذ عام 2020.

كما أوضحت الدكتورة منى أن الدكتور العميمي له إسهامات بارزة في المجال الثقافي، من خلال عضويته في لجان تحكيم العديد من الجوائز والمسابقات الأدبية المرموقة، مثل برنامج "شاعر المليون" وتحدي القراءة العربي، وأكدت على غزارة إنتاجه الأدبي، الذي يشمل 33 إصدارًا في مجالات النقد والرواية والقصة والمعاجم، من بينها روايته "غرفة واحدة لا تكفي" التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، ورواية "ص. ب 1003" التي تحولت إلى عمل تلفزيوني.

بعدها بدأ الدكتور سلطان العميمي بالحديث، مشيرًا إلى مشروعه الذي سيرى النور قريبًا، وهو معجم المفردات البحرية، الذي عمل على جمعه وبناءه حوالي 18 عامًا، وسيكون في 6 مجلدات، قائلًا: "لغتنا ومفرداتنا المحلية هي وسيلتنا لنسج الحكايات والآداب، ومشروع معجم المفردات البحرية هو خطوة لحماية لغتنا الخليجية".

كما تطرق الدكتور العميمي إلى مسألة عدم توثيق مفردات أهل الساحل في معاجم مستقلة، مؤكدًا أن هذا الأمر يشترك مع مفردات أهل الجبال، في حين أن أهل البادية كان لهم النصيب الأكبر من توثيق مفرداتهم، كما وصف مشروعه المتمثل في معجم المفردات البحرية بأنه مغامرة، حيث صعوبة الخوض في صناعة معجم بحري من خلال المصادر العربية.

وأرجع سبب عدم توثيق مفردات أهل السواحل إلى عدة أمور، منها أن أهل البادية يرون أن أهل الساحل أناس متأثرون بالخرافات والأساطير، كما جاء في الموروث الديني أن التأمل في البحر يورث الجنون، إلى جانب ادعاء أن المفردات الساحلية شابها نوع من تداخل المفردات غير العربية نتيجة الإبحار إلى دول أعجمية لغرض التجارة؛ إلا أن العميمي نفى صحة هذه الفرضية، مؤكدًا أن ما لا يقل عن 95% من مفردات أهل الساحل هي ذات أصول عربية، ولكنها مفردات تأثرت بعوامل متعددة مثل "الظواهر الإبدالية" وهي حين يتم استبدال بعض الحروف بأخرى، كإبدال الألف إلى العين، وإبدال السين إلى صاد أو العكس.

كما استنكر الدكتور سلطان العميمي قناعة البعض أو إيمانهم بقاعدة أن الكلمة ما لم تكن موجودة في الموسوعات العربية، فهي "غير عربية"، مؤكدًا أن الكثير من المصادر تثبت عربية الكلمة إذا وردت على لسان العرب في الشعر الجاهلي، وفي الكتب القديمة، ومن الكلمات التي ضرب بها المثل، مصطلح "حَدْق" بمعنى صيد السمك باستخدام الخيوط، مشيرًا إلى أن الكثير قد ظن أنها غير عربية إذ لم ترد في معاجم اللغة العربية، إلا أنه تم الالتفات إليها في معجم "الاشتقاق" لابن دريد، إذ ورد فيه أن "حدق السمك هو صيده"، سائلًا: "هل تدخل الكلمة إلى قائمة الكلمات العربية بهذه السرعة والتلقائية فور العثور عليها في معجم ما؟ وكيف إذا لم تدون؟!" وتابع قائلًا: "هذا إجحاف بحق الكلمات العربية".

كما أشار إلى أن الكثير من الكلمات المرتبطة بمفردات أهل الساحل وجدها عند المسعودي، وهو "أبو الحسن المسعودي"، عالم الجغرافيا واللغة المتوفى قبل أكثر من 1000 عام، وعند غيره من أهل اللغة الذين تركوا علومًا وكتبًا وأشعارًا من غير أصحاب الموسوعات والمعاجم، وفي هذا السياق قال الدكتور سلطان العميمي: "الحقيقة أن المعاجم العربية عزفت عن لغة أهل الساحل".

ومما أشار إليه غرابة مسألة عزوف البادية عن أهل الساحل، حيث إن أهل البادية قد ركبوا البحر بحثًا عن اللؤلؤ في مواسمه، إلا أنهم كانوا يترفعون عن صيد السمك، كما أنهم فسروا رؤيا منامهم لصائد سمك بوجود شخص كاذب في حياة الرائي، إلى جانب العديد من المعلومات التاريخية والدلالات التي حالت دون جمع المفردات البحرية.

بعدها استعرض العميمي بعضًا من المفردات البحرية المشتركة بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات ذات الأصول العربية، على سبيل المثال لا الحصر، استنادًا إلى عدد من المصادر التي رجع إليها للبحث عن دلالاتها اللغوية، ومن ذلك "السحناة" التي ذكرها الجاحظ بلفظة "الصحناة"، وهو السمك المدقوق.

ومن تلك الكلمات "الروبيان" التي وردت في كتب العرب قبل أكثر من 1000 عام بلفظة "الأربيان"، وجاء في قولهم "الأربيان للجمع، والمفرد الأربيانة"، وكذلك كلمة "عوال"، إذ ذكرها المسعودي بلفظة "الأوال" وقد طرأت عليها "الظواهر الإبدالية"، وهي السمك الكبير، وكلمة "القباب"، إذ جاءت في كتاب الأزهري "تهذيب اللغة"، وهي "ضرب من السمك"، إلى جانب كلمة "النوخذة" التي تعد معربة من كلمة فارسية "نوه خداه".

وردًا على سؤال "عُمان" حول كلمة "نوخذة"، إذ أشار الدكتور العميمي إلى أن أصلها فارسي، وهو ما يتنافى مع فكرة أن المفردات التي ذكرها في المحاضرة عربية، فأجاب العميمي قائلًا: أهل اللغة ذكروا أن ما خضع لمقاييس اللغة العربية أثناء التعريب، وأوجدوا لها الشكل الخاص بها، فقد أصبحت كلمة عربية، وإن كانت في الأصل من مصدر غير عربي، مثل "النوخذة"، التي انتقلت من "نوه خذاه" ثم إلى "نوخذا" ثم "النوخذة"، كما أشير إلى أن منهجي البحثي فرض علي تدوين كل ما ورد في أمهات الكتب العربية والمصادر العربية من مفردات بحرية.

وإلى جانب تساؤل "عُمان"، كان للحضور فرصة لطرح تساؤلاتهم وآراءهم المتنوعة في صميم الموضوع، وقد أجاب العميمي على كافة التساؤلات، لتختتم المحاضرة بتقديم هدية تذكارية من محمد الزبير إلى الدكتور سلطان العميمي، بمعية معالي السفير الإماراتي محمد بن نخيرة الظاهري.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إلى جانب إلى أن

إقرأ أيضاً:

استشاري الشارقة يجيز مشروع قانون بشأن معاشات التقاعد للعسكريين

 

أجاز المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، مشروع قانون بشأن معاشات التقاعد ومكافآت نهاية الخدمة للعسكريين في الهيئات النظامية في الإمارة، وذلك عقب مناقشة مشروع القانون في جلسته الخامسة، ضمن أعماله لدور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الحادي عشر، برئاسة معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي رئيس المجلس.
حضر الجلسة سعادة اللواء عبدالله مبارك بن عامر، القائد العام لشرطة الشارقة، وسعادة المستشار الدكتورعيسى بن حنظل، مدير الدائرة القانونية لحكومة الشارقة، والعميد سامي خميس النقبي، مدير عام هيئة الشارقة للدفاع المدني، والعميد الدكتور محمد خميس العثمني، مدير عام أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية، والعقيد الدكتورة رقية جاسم المازمي، مديرة مركز الدعم الاجتماعي، والعقيد عبدالرحمن محمد بن عاشور، مدير إدارة الموارد والخدمات المساندة بالقيادة العامة للحرس الأميري.
وأكد اللواء بن عامر، أهمية مشروع القانون الحالي الذي يعد استكمالاً للمشروعين السابقين، وأنه يشكل إضافة نوعية لمنظومة العمل الحالية ويعزز اختصاصات جهاز الشرطة، ويشمل أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية والقيادة العامة للحرس الأميري، وهيئة الشارقة للدفاع المدني، مثمنا دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المتواصل للشرطة وكذلك المتابعة المستمرة من سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة رئيس المجلس التنفيذي.
واستعرض العضو محمد علي جابر الحمادي، رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية والطعون والاقتراحات والشكاوى بالمجلس، تقرير اللجنة بشأن مشروع القانون، ونصوص ومواد القانون؛ حيث تركز النقاش على تنظيم استحقاقات المنتسب عند نهاية الخدمة العسكرية ونطاق التطبيق بجانب شروط واشتراكات المنتسب ونسبة الاشتراكات الشهرية والمواد المنظمة، بما يحقق المصلحة العامة للعاملين في القطاع العسكري.
وقدم الاعضاء في مداخلاتهم عددا من الآراء حول مواد مشروع القانون، وقام ممثلو الحكومة بالرد على الاستفسارات من خلال بيان أوجه التفسير القانوني لتلك المواد، وكذلك جوانب العمل في تطبيق القانون وفق المواد المذكورة وما تعنى به.وام


مقالات مشابهة

  • "النواب" يوافق مبدئيا على مشروع قانون التجارة البحرية
  • "النواب" يوافق على تعديل قانون التجارة البحرية
  • مجلس النواب يوافق على تعديل مشروع قانون التجارة البحرية
  • مجلس النواب يناقش مشروع قانون التجارة البحرية
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: اكتشاف آثار برتغالية جنوب رأس الحدّ في بحر عُمان
  • استشاري الشارقة يجيز مشروع قانون بشأن معاشات التقاعد للعسكريين
  • الرحلة الغامضة التي أنقذت بشار الهارب .. توقفت في عاصمة عربية قبل توجهها إلى روسيا
  • دعوة عربية إلى انتقال سلمي بسوريا ترعاه الأمم المتحدة والجامعة العربية  
  • النائب ياسر الهضيبي: تعديلات قانون المرور خطوة مهمة للحد من حوادث الطرق