منها روبلوكس وويسبر.. 5 تطبيقات شهيرة قد تعرّض أطفالك للاستغلال
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
في عصر التكنولوجيا المتسارعة، أصبح امتلاك الهواتف الذكية والاتصال بالإنترنت جزءًا من حياة الأطفال اليومية، حتى في سن مبكرة. ورغم ما تتيحه هذه الأجهزة من فرص التعلم والترفيه، فإنها قد تحمل مخاطر جسيمة تهدد الأطفال نفسيًا واجتماعيًا، خاصة مع تعرضهم لمحتوى غير ملائم وممارسات غير آمنة تتنافى مع القيم الأخلاقية.
ومن بين أبرز هذه المخاطر، بيئات افتراضية وتطبيقات تواصل شهيرة، تفتح أبوابًا خفية قد يستغلها الغرباء، مما يستدعي رقابة وتوعية مستمرة من الأهل.
فيما يلي، نستعرض مجموعة من التطبيقات التي ينبغي الحذر من تعامل الأطفال معها:
1- عالم "روبلوكس" الافتراضيتُعد "روبلوكس" واحدة من أكثر الألعاب شهرة حول العالم، حيث تقدم بيئة افتراضية تفاعلية تجمع ملايين المستخدمين. تكمن مشكلة اللعبة في إمكانية تواصل الأطفال مع أشخاص بالغين غرباء، ما يعرضهم لخطر الاستدراج إلى منصات تواصل أخرى. كما أن بعض أقسام اللعبة تحتوي على محتوى خاص بالبالغين ومشاهد العنف والسرقة والقتل.
بسبب عدم فرض اللعبة قواعد صارمة على المحتوى، يقع على عاتق الآباء متابعة أنشطة أطفالهم وتوجيههم لكيفية الإبلاغ عن الرسائل المسيئة، بالإضافة إلى تحديد وقت معين للعب لتجنب الاستخدام المفرط.
إعلانوكانت عدة دول اتخذت إجراءات ضد "روبلوكس" بسبب مخاوف تتعلق بمناسبة محتواها للأطفال؛ حيث حظرت تركيا الوصول إلى اللعبة في أغسطس/آب 2024، بعد تحقيق كشف عن إمكانية استخدامها في استغلال الأطفال.
كما حظرت الأردن وعمان والإمارات "روبلوكس" بسبب مخاوف من اللغة البذيئة وعمليات الاحتيال والاختراق إلى جانب المحتوى غير المناسب للصغار.
وفرضت بلجيكا وهولندا قيودًا على العناصر داخل اللعبة التي تعتمد على فرص عشوائية، بهدف حماية الأطفال من التعرض للمقامرة.
2- "تيك توك".. عالم غير آمن للأطفاليُعتبر "تيك توك" تطبيقًا جذابًا لمقاطع الفيديو القصيرة، لكنه قد يتحول إلى أداة ضارة إذا لم يُستخدم بحذر. فمشاهدة المقاطع بشكل متسارع قد تؤدي إلى الإدمان، كما قد يدفع التطبيق الأطفال للمشاركة في تحديات خطيرة لجمع النقاط وتحقيق الأرباح المالية.
وأظهرت دراسة أجراها "مركز مكافحة الكراهية الرقمية" الأميركي، أن خوارزميات "تيك توك" قد توصي بمحتوى مؤذٍ. حيث أنشأ الباحثون حسابات وهمية لمراهقين في 3 دول، وبمجرد التفاعل مع مقاطع تتناول صورة الجسم أو اضطرابات الأكل، ظهرت توصيات بمقاطع مرتبطة بإيذاء النفس والانتحار.
وورد في التقرير أن المحتوى المرتبط بإيذاء النفس كان يُعرض بمعدل أعلى 12 مرة مقارنة بمقاطع الطعام غير الصحي.
وكانت عدة دول اتخذت إجراءات ضد "تيك توك"؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أقر البرلمان الأسترالي قانونًا يحظر استخدام الأطفال دون سن 16 عامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "تيك توك"، بهدف حماية صحتهم النفسية والجسدية.
وفي أبريل/نيسان 2023، فرض مكتب مفوض المعلومات البريطاني غرامة قدرها 12.7 مليون جنيه إسترليني على "تيك توك" لسماحه للأطفال دون 13 عامًا باستخدام المنصة دون الحصول على موافقة الوالدين، وفشله في حماية بياناتهم الشخصية.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، فرضت لجنة حماية البيانات الأيرلندية غرامة قدرها 345 مليون يورو على "تيك توك" بسبب انتهاكات تتعلق بخصوصية الأطفال، خاصة فيما يتعلق بالتحقق من العمر وإعدادات الخصوصية.
إعلانأما إيطاليا، ففرضت في مارس/آذار 2024 غرامة قدرها 10 ملايين يورو لعدم حمايته الكافية للمستخدمين القُصّر من المحتوى الضار، مثل تحديات خطيرة تؤثر على سلامتهم.
3- "سناب شات" والرسائل المخفيةيُعد تطبيق سناب شات من التطبيقات غير الآمنة للأطفال، نظرًا لاحتوائه على ميزات تسهل استغلالهم. تتمثل أبرز المخاطر في ميزة "الرسائل المخفية" التي تختفي بعد إرسالها، مما يُصعّب تعقب حالات التحرش أو الإساءة.
كما أن خاصية "الإضافة السريعة" تُتيح للأطفال إضافة غرباء دون معرفتهم، إضافة إلى خاصية "تحديد الموقع الجغرافي" (سناب ماب) التي قد تعرّض الطفل للملاحقة الفعلية.
لكن في المقابل، يوفر التطبيق بعض ميزات الأمان لحماية الأطفال مثل "مركز العائلة"، الذي يمكّن الوالدين من ربط حساباتهم بحسابات أطفالهم لمعرفة قائمة أصدقائهم والأنشطة الأخيرة. كما توجد خاصية "وضع الشبح" لإخفاء موقع المستخدم، وميزة "تقييد الاتصال بالبالغين"، التي تمنع البالغين من إضافة الأطفال دون وجود أصدقاء مشتركين.
4- "كيك" وغياب أدوات الرقابةيتيح تطبيق "كيك" للمستخدمين الدردشة مع الآخرين دون الكشف عن هوياتهم، مما جعله بيئة خصبة للتحرش والاستغلال. وقد ارتبط التطبيق بحالات عديدة من التعرض لمحتوى غير لائق، إضافة إلى استخدامه من قِبل المحتالين الذين يتنكرون بهويات مزيفة بهدف الحصول على المال أو المعلومات الشخصية.
ونظرًا لافتقاره لأدوات رقابة قوية تمنع السلوكيات غير القانونية، يُعتبر التطبيق خطرا على الأطفال والمراهقين، ما يتطلب توعية كبيرة بمخاطره لحمايتهم من الاستغلال.
عدة دول ومنظمات اتخذت إجراءات لحماية الأطفال من المخاطر المحتملة المرتبطة باستخدام تطبيق "كيك"؛ إذ أقر البرلمان الأسترالي قانونًا يحظر استخدام الأطفال دون سن 16 عامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "كيك"، بهدف حماية صحتهم النفسية والجسدية.
إعلانوواجه التطبيق حملة واسعة في الولايات المتحدة الأميركية بسبب استخدامه من قبل البالغين للتواصل مع القُصّر ومشاركة محتوى غير لائق. في عام 2015، بدأ التطبيق في استخدام تقنية "فوتو دي. إن. إيه." من مايكروسوفت للكشف التلقائي عن الصور غير اللائقة والإبلاغ عنها، في محاولة لتعزيز سلامة المستخدمين.
من جانبها، أصدرت منظمات معنية بسلامة الأطفال، مثل "إنترنت ماترز"، إرشادات تحذر من استخدام الأطفال لتطبيق "كيك" نظرًا للمخاطر المرتبطة به، بما في ذلك التعرض لمحتوى غير مناسب والتواصل مع غرباء.
5- "ويسبر" والمشاركة مع الغرباءيشجع تطبيق "ويسبر" مستخدميه على مشاركة أسرارهم وتجاربهم الشخصية بشكل مجهول، مما يجعله مغريًا للأطفال والمراهقين. رغم أن التطبيق يوفر ميزة النشر المجهول، فإن البيانات الشخصية قد تكون عرضة للتسريب بسبب ثغرات أمنية.
كما يطلب التطبيق من المستخدمين مشاركة مواقعهم الجغرافية لاقتراح مجموعات أو أصدقاء في نفس النطاق، مما يزيد من مخاطر التحدث مع غرباء مجهولين. قد تدفع خاصية النشر المجهول الأطفال إلى الإفراط في مشاركة معلوماتهم الشخصية، دون إدراك العواقب المحتملة. وفي بعض الحالات، قد يتسبب التفاعل المستمر مع "الهمسات" في سلوك إدماني، حيث يقضي المستخدمون ساعات طويلة لمتابعة منشورات الآخرين.
وفي عام 2020، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن تسريب بيانات مستخدمي تطبيق "ويسبر"، بما في ذلك معلومات الموقع والاهتمامات الشخصية، مما أثار مخاوف بشأن خصوصية وأمان المستخدمين، خاصة الأطفال.
كما أصدرت منظمات مثل "سايبر سيفتي كوب" تحذيرات للآباء حول مخاطر استخدام الأطفال التطبيق، مشيرة إلى أن التطبيق يتيح مشاركة المحتوى بشكل مجهول، مما قد يؤدي إلى تعرض الأطفال لمحتوى غير لائق أو تواصل مع غرباء.
وأوصت منظمات مثل "سكرين تايم" و"سايفس" الآباء بمراقبة أنشطة أطفالهم عبر الإنترنت واستخدام تطبيقات الرقابة الأبوية لحمايتهم من التطبيقات التي تسمح بالمشاركة المجهولة، مثل "ويسبر"، نظرًا للمخاطر المرتبطة بها.
إعلانأخيرا، في ظل تعدد المخاطر المرتبطة بتطبيقات الإنترنت، يبقى دور الأهل محوريًا في توعية أطفالهم بسبل الاستخدام الآمن.
ويجب على الوالدين متابعة التطبيقات التي يستخدمها أطفالهم، ووضع قيود زمنية للمراقبة، بالإضافة إلى استخدام ميزات الأمان المتاحة في كل تطبيق.
كما أن توجيه الأطفال لكيفية التبليغ عن المحتوى المسيء أو الأشخاص المشبوهين يعد خطوة أساسية لحمايتهم من المخاطر النفسية والاجتماعية المحتملة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات استخدام الأطفال لمحتوى غیر بما فی ذلک إضافة إلى تیک توک
إقرأ أيضاً:
فضيحة سيغنال.. لماذا لا تستخدم الدول تطبيقات سرّية خاصة؟
في واقعة أثارت القلق داخل أروقة السلطات والأمن السيبراني، كشفت مجلة "ذي أتلانتيك" أول أمس تسريبا غير مقصود لمحادثة سرية جرت على تطبيق "سيغنال"، ضمّت مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومن بين المشاركين في المجموعة: مستشار الأمن القومي مايكل والتز، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، وجيه دي فانس نائب الرئيس.
لكن الفضيحة حدثت عندما أُضيف رئيس تحرير المجلة، جيفري غولدبيرغ، وآخرون إلى المجموعة عن طريق الخطأ، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للتشكيك في جدوى الاعتماد على التطبيقات التجارية، حتى تلك التي توصف بأنها "الأكثر أمانا في العالم". ولعل السؤال الأبرز الذي أثار تساؤلات الرأي العام هو لماذا تلجأ الحكومات -خصوصا القوية- إلى استخدام تطبيقات عامة مجانية ولا تستخدم تطبيقات سرية خاصة؟
خطأ بشري وليس مشكلة تقنيةالتسريب الذي كشفته المجلة لم يكن نتيجة خلل في بنية التطبيق أو خرق للتشفير، بل ببساطة بسبب خطأ بشري في إضافة أشخاص غير مصرح لهم. ويؤكد الخبراء أن الفضيحة ليست ناتجة عن اختراق تقني أو ثغرة برمجية، بل نتيجة خطأ بشري صِرف، فأحد المسؤولين أضاف رقما إلى المحادثة من دون التأكد من هويته، ليتضح لاحقا أنه يعود إلى أحد الصحفيين، الذي تلقّى فجأة أسرارا عسكرية من قلب الإدارة الأميركية. وحسب جوزيف ريدل، خبير الأمن السيبراني في معهد بروكينغز، فإن "هذا الحادث لا يُدين سيغنال، بل يفضح هشاشة الوعي الأمني حتى في أعلى المستويات".
في خضم النقاش المتصاعد حول تسريب المحادثات المشفّرة، يتساءل كثير من المتابعين والمراقبين: لماذا تعتمد الحكومات -التي يفترض أن تمتلك أقصى درجات الأمان الرقمي- على تطبيقات مراسلة تجارية متاحة لعامة الناس مثل "سيغنال" و"واتساب"، بدلا من تطوير أنظمة خاصة بها مغلقة ومحكمة؟ وهل هو اعتماد على المألوف؟ أم تفضيل للكلفة الأقل؟ أم أن هناك أسبابا أعمق تتعلق بالفعالية والتواصل الدولي؟
إعلانهذا السؤال ليس جديدا، وقد تناولته تحليلات تقنية متعددة في مجال الأمن السيبراني والاتصال الحكومي. وتُجمع هذه التحليلات على أن تطوير أنظمة اتصال داخلية مغلقة يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، تشمل التصميم البرمجي، والمراجعة الأمنية، والاستضافة المستقلة، بالإضافة إلى التحديثات المستمرة وضمانات الصيانة والاعتمادية. في المقابل، تتيح التطبيقات المفتوحة المصدر –مثل سيغنال– خيارا أكثر فعالية من حيث الكلفة وسرعة النشر.
كما أن التطبيقات التجارية تعد الخيار الأفضل في كثير من الأحيان نظرا لسهولة استخدامها وواجهاتها المألوفة، مما يقلل من مقاومة المستخدمين، خصوصا في المؤسسات التي تضم مسؤولين لا يتمتعون بخبرة تقنية عالية. وإلى جانب ذلك، هناك حاجة متزايدة لتواصل المسؤولين مع جهات خارجية -مثل الصحفيين أو الدبلوماسيين أو المنظمات الدولية- لا تستخدم أنظمة الاتصال الحكومية، مما يجعل التطبيقات العامة حلا عمليا ومتاحا للجميع.
لماذا تستخدم الحكومات تطبيقات مثل سيغنال وواتساب؟لا شك أن سؤالا كهذا يرد في ذهن الجميع، أليس من الأولى أن تملك الحكومات تطبيقاتها السرية الخاصة، بعيدا عن المنصات العامة؟
وفي الحقيقة فإن الإجابة معقّدة، إذ يرى كثير من الخبراء والتقنيين أن لهذه الظاهرة عدة أسباب ويمكن اختصارها فيما يلي:
أولا: التشفير
يرى الخبراء أن التشفير مفتوح المصدر المستخدم في التطبيقات العامة مثل سيغنال هو الأكثر ثقة، وفي المقابل، فإن كثيرا من تطبيقات الحكومات مغلقة المصدر، مما يجعلها أهدافا أسهل للاختراق.
والتشفير مفتوح المصدر (Open Source Encryption) يعني أن الشيفرة البرمجية (الكود المصدري) المستخدمة في تصميم خوارزميات التشفير متاحة علنا للجميع، ويمكن لأي شخص مطوّر، أو باحث أمني، أو مؤسسة مستقلة أن يراجع الكود ويتأكد من طريقة عمل التشفير بدقة. وأن يفحص الثغرات الأمنية أو الأخطاء في التنفيذ. وكذلك أن يختبر قوة التشفير ومدى مقاومته للاختراق أو التجسس. ويساهم في تطويره وتحسينه عبر المجتمعات البرمجية المفتوحة.
وتنبع أهمية المصدر المفتوح من أن الشفافية هنا تعني ثقة أكبر فبدلا من الاعتماد على كلام الشركة المطوّرة (التي قد تدّعي أن تطبيقها "آمن" دون دليل)، فإن الشيفرة المفتوحة تتيح للخبراء حول العالم التأكد بأنفسهم.
إعلانوعلى عكس ذلك، فإن التشفير المغلق المصدر (Proprietary Encryption) يعني أن الكود غير متاح، ويكون المستخدم مجبرا على الوثوق بالشركة من دون أن يستطيع فحص ما يجري "خلف الكواليس"، مثل بعض تطبيقات الشركات أو الحكومات أو تطبيقات المراسلة غير المعروفة.
ثانيا: السرعة والبساطة
أما السبب الثاني الذي يفسر قيام الحكومات باستخدام تطبيقات عامة وشائعة مثل سيغنال وواتساب، فهو أن عالم السياسات العاجلة لا وقت فيه لتثبيت تطبيقات داخلية معقدة، إذ إن تطبيق سيغنال موجود على كل هاتف، ويعمل فورا، وبتشفير مُثبت الكفاءة، مما يعني أنه متاح بأيسر الطرق.
ثالثا: ضعف البنية الرقمية الرسمية
والسبب الثالث في إحجام الحكومات عن استخدام تطبيقات خاصة، فهو أن عديدا من الحكومات -حتى المتقدمة منها- تعاني من مشكلات تحديث الأنظمة الرقمية، حيث إن أي تطبيق داخلي آمن يتطلب سنوات من التطوير، واختبارات أمنية صارمة، وتحديثات دائمة، وهو ما لا يتوفر دائما.
وحتى حينما تختار بعض الحكومات تطوير أنظمتها، لا يكون الطريق خاليا من الألغام. فعلى سبيل المثال، تطبيق "كونفايد" (Confide) الذي استُخدم لفترة في البيت الأبيض تعرض لثغرات أمنية بسبب ضعف آلية التحديث. وفي مقابلة شهيرة مع صحيفة غارديان البريطانية عام 2014، حذّر العميل السابق في الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن من أن البيانات الوصفية (من تحدث مع من، ومتى) قد تكون أخطر من محتوى الرسائل نفسها، وهي بيانات غالبا لا تشملها تقنيات التشفير.
المفارقة الأهم أن معظم الحكومات تعتمد على بنى تحتية تجارية، مثل "أمازون ويب سيرفيس" (Amazon Web Services) أو "مايكروسوفت أزور" (Microsoft Azure)، مما يفقدها السيطرة الكاملة على البيانات، حتى لو طورت تطبيقا خاصا بها.
رغم كل ما قيل عن مبررات عدم استخدام تطبيقات حكومية مغلقة المصدر، فإن بعض الدول (مثل روسيا والصين وإسرائيل) تمتلك بالفعل أنظمة اتصال داخلية مغلقة ومشفرة، لكنها ليست دائما قابلة للتطبيق خارج السياقات الأمنية أو العسكرية وفق خبراء وتقنيين. وذلك لعدة أسباب هي:
إعلان صعوبة الاستخدام محدودية الدعم الفني قيود التحديث والتطوير صعوبة نشرها بين أعداد ضخمة من المسؤولين والدبلوماسيين والمستشارين المتنقلين. هل من حل وسط؟أمام التعقيدات المتزايدة في مشهد الاتصالات الرقمية، تبدو الخيارات المطروحة على طاولة صانعي القرار محفوفة بالمفارقات، فالتطبيقات التجارية سهلة الاستخدام، لكنها معرضة للثغرات، بينما الأنظمة الخاصة قد تكون آمنة نظريا لكنها باهظة التكلفة ومعقدة التشغيل. فهل من طريق ثالث؟
يرى خبراء الأمن السيبراني أن الحل لا يكمن في الانحياز الكامل لأحد الطرفين، بل في بناء مقاربة هجينة تجمع بين الأمان العملي والفعالية التشغيلية، وحسب أولئك الخبراء فإن الحل ليس في التخلص من التطبيقات التجارية ولا في الاعتماد الكلي على الأنظمة الخاصة، بل يتطلب الأمر مزيجا ذكيا من العناصر الثلاثة:
استخدام أدوات مفتوحة المصدر خضعت لاختبارات أمنية واسعة. وضع بروتوكولات دقيقة لإدارة المجموعات والصلاحيات. تدريب المسؤولين على الأمن السيبراني والمخاطر الرقمية.جملة القول إنه في زمن تحكمه الرسائل المشفّرة والقرارات العاجلة، لم تعد المسألة تتعلق فقط باختيار تطبيق أكثر أمانا، بل بفهم معادلة الأمان في سياقها الكامل: التقنية، والممارسة، والبنية المؤسسية. فضيحة تسريبات "سيغنال" لم تفضح ثغرة في الخوارزميات، بل كشفت هشاشة الاستخدام البشري، حتى في دوائر الحكم العليا.