ماذا لو اعتذروا؟.. نجوم سوريا "المكوعين" عندما يجسدون "تشيزوفرينيا سياسية"
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
شهدت الآونة الأخيرة انتشار مصطلح "مكوّع"، أطلقه نشطاء سوريون عبر منصات التواصل الاجتماعي لوصف الأشخاص الذين غيّروا مواقفهم السياسية عقب سقوط نظام الأسد مؤخراً.
وسرعان ما انتشر مصطلح "التكويع" كالنار في الهشيم، ليصبح تعبيراً ساخراً عن قائمة طويلة من "المكوعين"، وهو مصطلح يعكس بشكل فكاهي حالة من "الفصام السياسي" في المجتمع.
وشملت اللائحة عدة أسماء من الإعلاميين وأشهر الفنانين السوريين، الذين أمضوا طيلة السنوات الماضية في دعم نظام الأسد علناً، وأبواقاً للنظام رغم كل أفعاله القمعية ضد السوريين.
ووجهت انتقادات لاذعة لهؤلاء "المكوعين" الذين اعتبرهم رواد السوشيال ميديا في سوريا "مشاركين" في آلة الظلم طيلة 14 عاماً، مشيرين إلى أن السلاح لم يكن وحده وسيلة تدمير للشعب السوري، بل كان الصمت والدعم التام جزءاً من تلك الجريمة.
توقع البعض أن هؤلاء "المكوعين" سيعتذرون أو يختارون الهروب، لكن بمجرد سقوط بشار الأسد، سواء بعد ساعات أو أيام، عادوا ليتصدروا المشهد مرة أخرى بكل فخر، معبرين عن مواقفهم دون خجل. ومع ذلك، تبقى جراح الحرب التي امتدت لنحو 14 عامًا صعبة الشفاء، والهوة بين المؤيدين والمعارضين للنظام لا تزال واسعة.
وتصدرت أسماء أولئك المشاهير ترند منصات التواصل، إلى أن وصل الأمر بالنشطاء تسمية بعض الصفحات الساخرة على منصة "فيسبوك" باسم "صفحات لفضح المكوعين" أو "هوية المكوعين".
علي الديك
وفي طليعة "المكوعين" بحسب ما تداوله رواد منصات التواصل، الفنان علي الديك الذي خرج عن صمته ليعلق على الأحداث الأخيرة التي تشهدها بلاده، وقال في بيان رسمي:"مبروك لسوريا وشعبها وبهمتنا سنبني سوريا من جديد لتكون منارة للعالم".
غير أن هذا البيان أثار جدلاً قبل سحبه لاحقاً من منصاته الرسمية، ما دفع البعض للتشكيك بصحته، ومن الجدير ذكره أن علي الديك بصم بالدم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفي التفاصيل طلب على الديك إبرة عند صناديق الإقتراع للبصم بالدم لنظام لأسد.
وعلى غرار الديك يعتبر دريد لحام من أشهر المكوّعين، الذي وجه رسالة إلى الشعب السوري، كاشفاً عن موقفه من التغيير الكبير الذي حدث على مدار الأيام القليلة الماضية.
ونشر دريد لحام مقطع فيديو عبر حسابه على "فيسبوك"، بدأه وأنهاه بلقطات من مسرحية "كاسك يا وطن"، التي قدّمها في عام 1978، وحقق من خلالها نجاحاً كبيراً.
ولم يذكر دريد لحام اسم بشار الأسد أو التعبير بجملة "سقوط النظام" أثناء الفيديو، قائلاً: "مبروك لوطني سوريا ولادتها الجديدة.. لحتى نضل نحتفل بهذه المناسبة كل عام، لازم نبقى يد واحدة بكل طوائفنا وانتماءاتنا السياسية".
وبعد أعوام من التهليل للنظام، أكدت الفنانة ميادة الحناوي للشعب السوري خلال حفلها الأخيرة في البحرين، أن سوريا كانت تعيش حقبة مؤلمة وظروف صعبة ومظلمة"، في إشارة منها إلى الظروف الصعبة التي عاشها السوريون في ظل نظام الأسد.
وسرعان ما ضمها النشطاء لقائمة "المكوعين" باعتبارها دعمت النظام حتى النخاع قبل سقوطه، إذ استذكر الجمهور تصريحاً سابقاً لها تحدثت فيه عن دعمها للأسد حينها وقالت :"أنا أدعم الرئيس بشار الأسد ومن لا يعجبه ذلك من جمهوري يضرب رأسه في الحائط".
أما الفنان جورج وسوف الذي جاء تعبيره عن موقفه السياسي متأخراً، انضم لقائمة "المكوعين" قبل عدة أيام عندما علّق لأول مرة عبر حسابه على "إكس" قائلاً :" "أتمنى لسوريا وطني مستقبلاً مشرقاً جامعاً تسوده المحبة والاستقرار والازدهار، مستقبلاً يليق بشعبها الغالي".
واعتبر هذا أول موقف علني للفنان عقب سقوط الأسد، وهو الذي عرف بصداقته مع الرئيس السوري السابق، ووصفه بالطيب والحنون، وبأنه "يكره الدم"، وزاره عدة زيارات علنية، ونشر تسجيلاتها عبر وسائل الإعلام.
أما الفنان أيمن رضا عبر بشكل ساخر عن سقوط الأسد، لكنه انضم أيضاً إلى قائمة "المكوعين" فعلى الرغم من أنه علق عبر حسابه على "إنستغرام" بمنشور ساخر أرفقه بعبارة "وين هرب سمير؟" إشارة منه إلى ذهاب الرئيس السوري السابق في روسيا، إلا أنه صنف مكوعاً.
أيمن زيدانوأبرز هؤلاء "المكوعين" أيضاً كان الفنان أيمن زيدان، الذي اعتذر بشكل صريح للشعب السوري، مشيراً إلى أنه كان أسيراً لثقافة الخوف.
وقال زيدان إبان سقوط الأسد عبر حسابه على "فيسبوك" "أقولها بالفم الملآن كم كنت واهماً.. ربما كنا أسرى لثقافة الخوف.. أو ربما خشينا من التغيير لأننا كنا نتصور أن ذلك سيقود إلى الدم والفوضى".
أما الفنانة السورية، سوزان نجم الدين، والتي أعلنت من قبل تأييدها لبشار الأسد، تراجعت واحتفت بسقوط النظام، وكتبت عبر حسابها على "إنستغرام" "سوريا للسوريين.. سوريا بتجمعنا".
وسرعان ما انضمت بتصريحها إلى قائمة "المكوعين"، إذ استذكر رواد منصات التواصل تصريح سابق لها وهي تصف الرئيس السوري السابق بالقول :"بشار الأسد رئيس جداً حضاري، وسوريا لا تستحق هكذا رئيس". مضيفة: "أنا مش دفاعاً عن السيد الرئيس هي حقيقة، وبشار ليس طائفياً ويكره الطائفية إلى أبعد مدى، وإنه ديمقراطي وإنساني مثل الأجانب".
أما الممثل، يزن السيد الذي شملته قائمة "المكوعين" والذي عُرف سابقاً بمواقفه المؤيدة للنظام السوري، قال في منشور عقب سقوط الأسد "إنه تعب من الكذب والنفاق، معتبراً أن سوريا انتصرت اليوم".
View this post on InstagramA post shared by 24.ae (@20fourmedia)
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نظام الأسد الشعب السوري دريد لحام سقوط الأسد دريد لحام سوريا الرئیس السوری السابق میادة الحناوی منصات التواصل بشار الأسد سقوط الأسد سقوط نظام درید لحام عبر حسابه جورج وسوف بعد سقوط
إقرأ أيضاً:
بعدما غزا نجوم التكويع المشهد الإعلامي.. سوريون يطالبون بالمحاسبة
منذ الدقائق الأولى التي أعلن فيها سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، سارع عدد كبير من نجوم الدراما السورية إلى تغيير مواقفهم بطريقة جذرية وبشكل مباشر دون أي توطئة مسبقة!
الانحرافات الحادة في وجهات النظر السياسية لم يمهّد لها أحد حتى خلال معركة "ردع العدوان" التي أطاحت بنظام الأسد في 11 يومًا، إنما انتظر كل هؤلاء حتى تحررت دمشق من سلطة البعث، وانهالت تصريحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، ثم تبعتها سلسلة اللقاءات الإعلامية.
أول هؤلاء كان الممثل أيمن زيدان الذي كتب على صفحته بفيسبوك عقب تحرير دمشق "أقولها بالفم الملآن، كم كنت واهمًا… ربما كنا أسرى لثقافة الخوف.. أو ربما خشينا من التغيير لأننا كنا نتصور أن ذلك سيقود إلى الدم والفوضى… لكن ها نحن ندخل مرحلة جديدة برجال أدهشنا نبلهم في نشر ثقافة التسامح والرغبة في إعادة لحمة الشعب السوري. شكرًا لأنني أحس أنني شيّعت خوفي وأوهامي، بشجاعة أعتذر مما كنت أراه وأفكر فيه".
تلاه مجموعة كبيرة من النجوم، على رأسهم الممثل الكوميدي دريد لحّام الذي برر سكوته سابقًا بسبب الخوف، وتذرع بأنه لو حكى "كنا انتشلنا عظامه من سجن صيدنايا"، ورأى أن موقفه كان واضحًا في أعماله الفنية المسرحية منها على وجه الخصوص.
إعلانأما الممثلة سلاف فواخرجي فعبرت عن موقفها ورأيها بطريقة ذكية إلى حد كبير، كونها لم تتنكر للمواقف السابقة، ومع ذلك قوبلت بحملات نقدية لاذعة من رواد شبكات التواصل الاجتماعي.
كذلك الحال مع الممثلة سوزان نجم الدين التي أطلّت عبر التلفاز بفستان أخضر كنوع من الغزل المفترض بعلم الثورة السورية، وقالت إنها لم تكن تعرف بكل هذا الظلم الذي يقع على عاتق شعبها خاصة على معتقلي الرأي والسجناء السياسيين. ثم جربت عبثًا أن تبكي دون جدوى! الأمر الذي جعل أغلب المتابعين ينتقدونها بقسوة.
استمرّت الحالة حتى وصلت سريعًا إلى المخرج سيف الدين السبيعي الذي دخل موجة من التصريحات، بعضها كان خلال فيديوهات متلاحقة على حسابه الخاص بموقع إنستغرام، توجه فيها بسلسلة شتائم طالت الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي عرف عن مخرج "الحصرم الشامي" موالاته له.
ثم بعد أن جاءته الردود الحاسمة على لسان عدد كبير من متابعيه، قرر أن يحوّل ظهوره إلى لقاءات إعلامية قال فيها إن خلافه مع شقيقه الراحل عامر سبيعي كان عائليا وليس سياسيا، بالإضافة إلى اتهامه المخرجة رشا شربتجي لامتناعها عن إكمال إخراج مسلسل "الولادة من الخاصرة 3" بسبب زواجها آنذاك من ضابط سابق، وأن النص "كتبه سامر رضوان في أقبية المخابرات" فنشب ما يشبه المعركة الافتراضية تراشق فيها الطرفان الانتقادات لكن ظلّت تغلب على سبيعي لغة الشتائم!
الحالة ذاتها انسحبت على المشهد العام، تزامن معها إطلاق مصطلح "التكويع" على كلّ فنان غيّر موقفه لمصلحة الثورة السورية، الكلمة التي تسيّدت المشهد الافتراضي السوري خلال الشهر الماضي، حتى قيل إن الإدارة الجديدة حذّرت من تناول الأشخاص الذين كانوا موالين للسلطة السابقة كنوع من التطبيق الفعلي لتصريح قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع بأن الثورة انتقلت إلى منطق الدولة.
إعلانمع ذلك، لم يجد القرار آذانًا صاغية لدى بعض فئات الشارع السوري، وظلّ المصطلح رائجًا بوفرة!
الفنان السوري وئام إسماعيل يرى أن شريحة من الناس أبدت تأييدها لنظام بشار الأسد مراعاة لمصالحها الشخصية (الجزيرة)أجريت جولة على عيّنة من الشارع السوري لاستطلاع آراء مجموعة من الجمهور حول هذا الموضوع مع الأخذ بالاعتبار التباين في مهنهم وتوجهاتهم. لقاؤنا الأول كان مع الممثل الشاب وئام إسماعيل الذي قال إن "هناك شريحة كبيرة من الناس، وليس فقط الفنانين، كانوا يتبعون مصالحهم. كما أن البعض غيّر مواقفه خوفًا من المصير الذي قد يواجهه، خاصة إذا كان من المؤيدين المتشددين للنظام السابق. هؤلاء أشخاص لا يملكون مبدأ من الأساس. نحن لا نمتلك وعيا سياسيا حقيقيا، فأصبح الإعلام مصدر الوعي الوحيد لكثيرين في سوريا".
أما المغني الشاب محمود حداد فيجد في الحالة ترجمة فعلية لجزء من الحقيقة ويقول إن "مصطلح التكويع يليق بهؤلاء لأنهم فنانون ومؤثرون، فيفترض أن يعارضوا الخطأ، وهم مدينون بشهرتهم للناس الذين يتوقّعون منهم التعبير عن أوجاعهم، أو على الأقل ليكن الصمت حلًّا في أضعف الإيمان".
ويضيف "لا بأس في تغيير الرأي، لكن النفاق والتمثيل مرفوضان لأن الجمهور قادر على كشف الحقيقة. هناك فرق بين أن تكون فنانًا أو (فتّانًا). النقد اليوم أصبح ممكنًا للجميع بفضل الحرية المكتسبة، لكن يجب أن يكون الحديث موضوعيا، لا أن يناقض مواقف سابقة تجاه الناس وقضاياهم".
الفنان السوري محمود حداد يرى أن النفاق والتمثيل مرفوضان لأن الجمهور قادر على كشف الحقيقة (الجزيرة)كذلك يقول علي رضا الذي يعمل مدير ترويج "شهدت الساحة الفنية في السنوات الأخيرة بروز شخصيات دعمت النظام السابق، مثل الممثل مصطفى الخاني الذي أثارت منشوراته وصوره مع المخلوع بشار الأسد استياء كثيرين. ورغم نجوميتهم، أثبت هؤلاء انفصالهم عن معاناة الشعب السوري، مما يبرر الدعوة لاتخاذ إجراءات حازمة كطردهم من النقابة".
إعلانويستدرك "في المقابل، يستحق الفنانون الذين وقفوا بجانب الشعب، مثل عبد الحكيم قطيفان وجهاد عبده ويارا صبري، التكريم لتضحياتهم ومواقفهم الصامدة رغم التحديات. أما المؤيدون للنظام فينبغي أن يقدموا اعتذارًا صادقًا للشعب وزملائهم المعارضين، كخطوة لاستعادة الحد الأدنى من الثقة المفقودة".
من جانبه، ينسجم رأي المراسل الصحفي مهدي العثمان مع الرأي السابق ويدعو الفنانين "المكوّعين" -على حد قوله- إلى الاعتذار، "فأغلبهم كانوا واجهات ثقافية، لكن دعمهم للنظام السابق وأساليبهم الانتهازية جعلتهم يسقطون من أعيننا. هم بلا مبدأ، غيّروا مواقفهم لتجنب المساءلة، دون ترك مجال للعودة أو الاعتراف بالخطأ. من موقعهم كمؤثرين، ندعوهم للصمت والاعتذار بصدق، لأن الاعتراف بالاقتراف سمة الأشراف، وهو ما فشلوا في تحقيقه".
بدوره، ربما يبالغ فني المونتاج مؤيد جانودي في رأيه عندما يدعو "المكوّعين المجرمين" للرحيل عن سوريا، "فبعضهم أجبروا على التطبيل لقضاء حاجاتهم، لكن آخرين بالغوا في تأييد النظام وتجميله على حساب الحقيقة، ولا مكان لهؤلاء في سوريا. يجب أن يعتذروا للشعب، وإن تلطّخت أيديهم بالدماء فالمحاسبة واجبة. السوريون يميزون بين المخلصين والمعارضين الحقيقيين، ومن أخطأ وصمت فليبتعد أو يرحل".
لكنّ للموظف المتقاعد عمر عارف موقفا أشّد ضراوة يجد له مبررات وافية ويفصح عنه بالقول "لقد تعرضت لظلم وتحجيم كبير لأن ابني كان أحد المقاتلين في الجيش الحر، وبعد أن استشهد بدؤوا بملاحقتي وسجني لأكثر من مرة وتعرضت للتعذيب من النظام المخلوع، وكله بسبب المخبرين المدنيين في حي الميدان الذي أسكن فيه. هذه النوعية من المكوّعين لن أغفر لهم وأسامحهم هم ومن تلطخت يدهم بالدماء".
ويصل الموقف إلى ذروة الغضب عند محمد سمير، صاحب محل أعشاب في العاصمة دمشق، إذ يرفض وصف هؤلاء الفنانين "بالمكوعين" ويذهب أبعد من ذلك، والسبب من وجهة نظره أن "كل من تلطخت يده بالدم وكان يعمل مع النظام السابق لا تليق به كلمة مكوّع، فقط إنما المناسب تسميته بالمذنب ولا مجال لمسامحته أبدًا. لكن هناك من وقف مع النظام لمصالح شخصية دون أذية أحد، ومنهم من كان مجبرًا لعدم خسارة وظيفته وهؤلاء لا يمكن تحميلهم أكثر من ذنبهم ذاك".
إعلانفي السياق ذاته، يرفض خالد عبد الستار خطاب المسامحة ويقول "يجب محاسبة المكوعين كلهم، لا أعني نجوم الوسط الفني بل بشكل عام، لأننا تعرضنا بسببهم للعديد من الانتهاكات وقام بعضهم بكتابة تقارير مخابراتية كاذبة عنا وتعرضنا للظلم بسببهم. فكيف نسامح من لم يرحمنا؟".