سباق مع الزمن لإنقاذ مستكشفة عالقة في أعماق كهف منذ يومين
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
بعد مضي يومين على سقوطها، تتواصل عمليات الإنقاذ في سابق مع الزمن لإخراج خبيرة استكشاف كهوف علقت في أعماق كهف إيطالي ضيّق وعميق للغاية.
لا تزال الخبيرة أوتافيا بيانا (32 عاماً) حياتها مهدّدة داخل كهف يسمى "بوينو فونتينو" شمال شرق إيطاليا، وفقاً لما نقله موقع "أل بي سي" البريطاني عن المتحدث باسم عمليات الإنقاذ ماورو غيدوتشي.
وقال: "نحن في سباق مع الوقت لإنقاذها قبل فوات الأوان". وقال: "شيء واحد مؤكد، هو أن هذه الأنواع من العمليات الإنقاذ تستغرق وقتاً طويلا".
وأشار إلى أن فريق الإنقاذ يضم 100 شخص، بينهم 20 فنياً يعملون داخل الكهف، بينما يقدم العشرات الدعم من خارج الكهف.
سقطت خلال رحلة استكشافية مع ثمانية آخرين من أجل رسم خريطة لمسافة كيلومتر واحد من فرع مجهول من الكهف، فسقطت عن ارتفاع 5 أمتار ليلة السبت إلى قعر النفق، في مكان رطب وبارد حيث تبلغ الحرارة 8 درجات.
وهي جزء من مشروع "سيبينو"، الذي يحاول رسم خريطة للكهف غير المستكشف إلى حد كبير بالقرب من بلدة بيرغامو الشهيرة.
وأبلغ أعضاء فريقها عن فقدانها بعد وصولهم إلى السطح مساء السبت الماضي. ثم وصلت فرق الإنقاذ إليها في وقت متأخر من مساء الأحد.
العائق الرئيسي هو جزء من النفق يبلغ طوله حوالي 100 متر، ضيق للغاية، بحيث لا يسمح بمرور نقالة. يعمل فريق الإنقاذ على توسيعه باستخدام متفجرات صغيرة لتوسيع النفق.
لكن العملية دقيقة وتستغرق وقتاً طويلًا، كما أنها معقدة بسبب عمق الكهف، وعدم وجود خريطة كاملة للكهف
وطمأن فرق الإنقاذ أنها ما زالت في وعيها وتستجيب معهم، لكنها تعرّضت لعدة إصابات، بما في ذلك في وجهها وأضلاعها وركبتيها.
هذه ليست المرة الأولى التي تعلق فيها بيانا في نفس الكهف، فخلال رحلة إلى أعماقه في يوليو (تموز) 2023، سقطت بيانا وحوصرت في نقطة ما في الكهف بالقرب من المكان الذي تُحبس فيه حالياَ، على عمق حوالى 150 متراً.
استغرق رجال الإنقاذ لتحرير بيانا في ذلك الوقت يومين كاملين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
في أعماق غزة… تراجيديا الجوع تحت وطأة الاعتقال الكبير
يمانيون ـ تقرير
في عمق المعاناة، تمتد غزة كالمعتقل الكبير، حيث تُمارس الآلة الصهيونية أبشع جرائم الإبادة الجماعية على مرأى ومسمع العالم. قنابل العدو تتساقط بلا هوادة، وقصف متواصل يقض مضاجع الأبرياء، وعمليات مداهمة واعتقالات لا تتوقف لحظة. تئن شوارع المخيمات تحت وطأة المجازر التي تُرتكب بين الفينة والأخرى، بينما تباد مئات الأسر بدون رقيب أو حسيب.
في هذا الضياع المظلم، تعكس الأجواء الشتائية القاسية صورة الوطن الذي يصارع البقاء؛ الأطفال والنساء والمسنون يعانون من قسوة الطقس وصعوبة الحياة. وحده الألم هو من يستمر، ولكن هناك جانب آخر لهذا الواقع المر، إذ تتزايد الاعتداءات على نقاط وشاحنات نقل المساعدات الإنسانية، حيث يتعرض السائقون للسرقة والابتزاز والتهديد من قِبَل قطاع طرق ولصوص يرسلهم العدو، ما يجعل الحصول على العون الغذائي والدوائي أشبه بمعجزة.
في هذا السياق البائس من فقدان الأمل في عالم فقد الإحساس بكل معاني ودلالات المسؤولية ليلوذ إلى الصمت، تُسرد حكايات تراجيديا الجوع في سجن كبير اسمه غزة لسجان متوحش اسمه الكيان المؤقت، لتعكس الصمود أمام قسوة الظروف، وتظهر العزيمة التي تتحدى المحن. إن هذه الدراما التراجيدية المتشابكة بين الألم والأمل، تجسد واقعًا متناقضًا لا ينفصل عن حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يواصلون الكفاح من أجل البقاء في مواجهة ظلم بلا حدود.
ماذا في المعتقل الكبير (غزة)؟
تحت سماء مشحونة بالغيوم الثقيلة، تسود أجواء من الكآبة بين أنقاض مخيم جباليا، حيث تتجلى مأساة الإنسان بكافة أبعادها، فغزة تبدو كالمعتقل الكبير الذي يسجن فيه الأمل، والأرواح يصطدم حلمها بالواقع المرير.
في كل صباح، يخرج هؤلاء الآباء، متسلحين بالإرادة والأمل، نحو الأراضي المفتوحة شرق المخيم. هناك، حيث يكمن الأمل الوحيد في الحصول على القليل من نبات “الخبيزة”، الذي أصبح سلاحهم في مواجهة الجوع القاتل. لكنهم مدركون تمامًا أن هذه المغامرة ليست خالية من المخاطر، فالجنود المجهزين بكل وسائل القتل يترصدونهم، في انتظار أي حركة مشبوهة.
مع كل خطوة يخطوها الأب، يخالج قلبه خوف مقلق؛ هل سيرى عائلته مجددًا، أو سيلتحق بركب الشهداء في تلك المنطقة المنكوبة؟ لكن الجوع ليس خيارًا، ومواجهة الموت من أجل إطعام الأحبة تبدو هي الخيار الوحيد. ويعود الأب إلى خيمته، حيث تجمع العائلة حول موقد يشعل فيه الحطب، لتبدأ عملية طهي “الخبيزة”، ليس فقط كوجبة، بل كرمز للأمل والمقاومة في زمن اليأس.
تتجلى العلاقة الإنسانية في هذه اللحظات البسيطة؛ أطفال يلتفون حول أمهاتهم، ينظرون إلى تلك الأكلة الشعبية البسيطة وكأنها كنز لا يُقدّر بثمن. يبتسمون رغم كل شيء، ومازال هناك جزء من براءتهم غير ملوث بالواقع المر، لكن قلوب الأمهات محروقة، فهن يتساءلن مع أنفسهن كل يوم: “كيف يُمكننا إطعامكم في الأيام القادمة؟“
سنبقى أحياءً لنروي قصة مقاومتنا للأجيال القادمة
تبدو أسواق المدينة أشبه بالأعجاز الخاوية، حيث تختفي مواد الغذاء من الرفوف والأسعار تحلق بعيدًا بعيداً في ظل انقطاع مصادر الرزق، إلا أن “الخبيزة” ما زالت تنمو في جوانب خلواته أراض الأمل، تُجسد صمود الشعب الفلسطيني في وجه آلة القتل المتوحشة. تمتزج رائحة الحب والصبر بكل ما يتداول في أركان المخيمات، بينما تنبعث من زوايا الإعياء الطاقة المتبقية في الإنسان الفلسطيني الذي لا يُقهر.
ومع شدة البرودة التي تخيم على غزة، تزداد معاناة الأسر، فالأطفال والمسنون يتحملون قسوة الشتاء القارص، مع انعدام وسائل التدفئة، وبينما تسقط الثلوج خارج الخيمة، تتدافع الأفكار في أذهان الأمهات: كيف ستجعل هؤلاء الأطفال يشعرون بدفء الأمن؟.
ومع ضيق ذات اليد، يتحول أصدقاء الجوع إلى أسرة واحدة، تتوزع حصص الألم بالتزامن مع صرخات الإرادة من خلف الجدران المنهارة: “لن نموت جوعًا، سنبقى أحياءً لنروي قصة مقاومتنا للأجيال القادمة.”
هكذا، تصبح قصة الجوع في غزة تراجيديا تحتوي على ألم الإنسان ونجاحه في البقاء، إذ يظل الشعب الفلسطيني عنوانًا للصمود والمقاومة في وجه الاستبداد، وأُسر تواصل النضال بكل الوسائل الممكنة. وفي النهاية، تبقى “الخبيزة” أكثر من مجرد غذاء؛ فهي رمز الأرواح الحرة التي ترفض أن تفقد الأمل في ظل الظلام الذي يحيط بها.
مواجهة الموت.. لحظات من الألم والأمل في غزة
ماجد، رجل في الأربعين من عمره، يشق طريقه عبر زقاق المخيم، عينيه مليئة بالتعب، وقلبه مثقل بالألم. كل صباحٍ، يقف على عتبته، مستمعًا إلى أصوات أطفاله الناعمة، الذين يتجمعون مع أقرانهم، حالمين بما قد تحمل لهم الايدي من أرغفة لسد جوعهم. لكن، مع كل لحظة تمر، يتلاشى الأمل شيئًا فشيئًا.
الظروف القاسية عكست صورة قاتمة عن الحياة في شمال غزة، فكل عائلة تعاني مثل الأخرى، الغالبية تحت وقع المجاعة التي تضرب المنطقة بلا هوادة. منذ انطلاق الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، تحوّلت الحياة إلى كابوس مستمر نتيجة سياسات الاحتلال، التي تقضي بمنع إدخال الطعام حتى للعينات القليلة.
تدور في أذهان الكثيرين الأرقام المروعة؛ ثمانية حالات وفاة في منطقة الشمال بسبب المجاعة وسوء التغذية كما ذكر إسماعيل الثوابتة. يتذكر ماجد واحدة من تلك الحالات، والتي لم تكن سوى جاره، أبو سامي، الذي توفي بعد أيام من المعاناة بسبب الجوع، تاركًا وراءه عائلة ممزقة.
يقول ماجد: “لا أستطيع استيعاب كيف يمكن للعالم أن يشاهد كل هذا ويسكت”. الضحايا هنا هم من الأطفال وكبار السن، ومن لا حول لهم ولا قوة، ما يجعل الوضع أكثر مأساوية. لا يقتصر الأمر على الجوع فقط، بل هناك حوالي 60 ألف سيدة حامل لا يجدن الرعاية الصحية اللازمة، والذي قد يؤدي إلى جيل بلا ملامح مستقبلية.
في ظل هذه الأوضاع، ترددت أنباء الصعوبات التي تواجهها الأسر. رائد النمس، المتحدث الرسمي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أشار إلى حالات الوفاة الناتجة عن الجوع، مؤكدًا على الارتفاع الملحوظ في إصابات فقر الدم بين الأطفال وكبار السن. يشير إلى أن العائلات تضطر إلى تناول غذاء فاسد يسبب التسمم بسبب انعدام الخيارات النظيفة، ووضع المستعمرات الإسرائيلية التي تعترض القوافل الغذائية.
ومع كل ذلك، يبقى ماجد يبحث عن أي فرصة لتمكين أسرته من تجاوز هذه المحنة. يجذب الأطفال، ويقول لهم بلهجة مليئة بالأمل: “الأيام الصعبة ستنتهي، وسنجد الطعام قريبًا”. لكن قلبه في عمق المعاناة يستغيث: “كيف نأكل، ونحن لا نجد ما يباع في الأسواق حتى القليل من الحبوب التي تقدم للحيوانات؟“.
الأمل لا يكفي
في تلك اللحظات العصيبة، تنتشر قصص الصمود والأمل بين الجدران المتصدعة، قصص عن أطفال لا يزالون يحلمون بسماع هذه الكلمات: “الغد أفضل”. لكن، الواقع يؤكد أن الأمل لا يكفي وحده، وأن الحاجة إلى الغذاء والدواء باتت أكثر إلحاحًا مع كل دقيقة تمر. يتأمل ماجد في وجوه أطفاله، فيعتصر في دواخله الصراع المحتدم ما بين الأمل واليأس.
مع شدة الألم، يتذكر ماجد الأيام التي كان فيها أطفال الحي يتشاركون الضحك على ألعابهم البسيطة، بينما الآن، الحياة لم تعد قادرة على إخفاء القسوة المفروضة عليهم. يبقى الحلم حيًا، لكنه كبيت من زجاج متهشم يوشك على الانهيار بتأثير الواقع.
في غزة، الحكايات تتكرّر، والمآسي لا تعود إلى الوراء بل تتزايد في التعداد، ومع كل حالة وفاة جديدة، تزيد الجراح عمقًا، لكن الأمل يبقى نابتًا في قلوب الغزاويين، يرفض الزوال مهما طالت يد وطأة التوحش الصهيوني والمجاعة. وفي خضم كل هذا، يبقى ماجد وأمثاله، ومن زوايا الظلام، يقفون في صفوف المقاومة، في إصرار أذهل العالم يتطلعون إلى غدٍ يحمل بوارق الأمل كاملة في حتمية الانتصار.