داعش يسعى لاستغلال الفوضى في سوريا بعد سقوط الأسد.. تهديدات جديدة وفرص للعودة
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فيما تتواصل التطورات في سوريا بعد سنوات من الحرب والصراع، يبرز تنظيم داعش كأحد اللاعبين الذين يسعون للاستفادة من الفوضى المحتملة في مرحلة ما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.
ويُتوقع أن يحاول التنظيم استغلال الفراغ الأمني والسلطوي لاستعادة الأراضي التي فقدها سابقًا، فضلًا عن السعي لتحرير مقاتليه المحتجزين في المناطق الكردية في شمال شرقي سوريا.
وتعد سوريا اليوم، في ظل هذا الفراغ المحتمل، بيئة مثالية للتنظيم الذي طالما استغل الفوضى وعدم الاستقرار لتنمية شبكاته.
كما يحذر الخبراء من أن داعش يترقب اللحظة المناسبة للعودة، وهو ما أشار إليه كولن كلارك، المدير العلمي لمركز سوفان في نيويورك، بقوله إن الفوضى ستكون نعمة لهذا التنظيم، حيث يمكنه إعادة بناء نفسه ببطء ولكن بثبات.
ومؤخرًا، قامت القوات الأمريكية بشن غارات على أهداف لداعش في سوريا، في خطوة تهدف إلى منع التنظيم من استغلال الوضع الحالي للتوسع مجددًا، وهذا التوجه أكدته تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي شدد على أن الولايات المتحدة عازمة على منع التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه.
ورغم الضغوط العسكرية والخسائر التي تكبدها داعش، لا يزال التنظيم يشكل تهديدًا قائمًا، فبعد أن فقد سيطرته على معظم الأراضي التي كانت تحت إمرته، شهدت الهجمات التي تبنى التنظيم المسئولية عنها في سوريا ارتفاعًا كبيرًا عام 2024.
كما تكشف التقارير عن تكتيكاته في فرض الضرائب على سكان المناطق التي تسيطر عليها خلاياه، في محاولة للحفاظ على قدراته الاقتصادية والتنظيمية.
من جهة أخرى، يبقى وجود التنظيم في المخيمات المكتظة التي تحتجز عناصره وعائلاتهم في شمال شرقي سوريا مصدر قلق.
وسبق لداعش، أن شن هجومًا على سجن غويران في الحسكة عام 2022، وهو ما يثير المخاوف من تكرار هذا النوع من الهجمات على مخيم الهول العملاق.
وفي حال تمكنت أي فصائل من السيطرة على السلطة في دمشق بعد سقوط النظام، يُتوقع أن يُعتبر داعش هذه السلطة عدوه الأساسي الذي يجب محاربته.
وتبقى استراتيجية الحرب ضد التنظيم وحماية القوات الكردية من الهجمات التركية هي عوامل حاسمة في مواجهة هذا التهديد، كما يؤكد المحللون.
في ظل هذه التوترات، تبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول سياسية وأمنية مستدامة لتجنب أن يصبح "داعش" هو المستفيد الأول من أي تغيير في المعادلة السورية.
مواجهة توغل التنظيم
لمواجهة تهديد داعش في سوريا ومنع استغلال الفوضى من قبل التنظيمات الإرهابية، يمكن اتباع مجموعة من الحلول متعددة الأبعاد، تشمل:
تعزيز التعاون الدولي
منها تنسيق الجهود بين الدول، إذ يجب أن تتعاون القوى الكبرى والدول الإقليمية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، ويشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق العسكري، والضغط على الأطراف المتورطة في النزاع لتخفيف حدّة العنف وتمكين الحلول السلمية.
مكافحة التمويل
يجب استهداف الشبكات المالية التي تمول داعش والتنظيمات الأخرى عبر فرض عقوبات، وتعقب الأموال الموجهة لدعم الأنشطة الإرهابية.
استعادة الاستقرار في المناطق المتأثرة
إذ يجب توفير الدعم للمناطق التي استعادتها القوات المحلية أو الدولية من داعش، مثل تقديم مساعدات إنسانية، وإعادة بناء البنية التحتية، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وهذا يقلل من التربة الخصبة التي يمكن أن يستغلها داعش لتجنيد أفراد جدد.
توفير فرص عمل وتعليم
حيث يساعد توفير فرص اقتصادية وتعليمية في التقليل من تأثير البطالة واليأس الذي يمكن أن يجعل الشباب عرضة للتجنيد من قبل التنظيمات المتطرفة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: داعش سوريا استغلال أزمة بشار الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
كيف غزت المنتجات الأجنبية الأسواق السورية بعد سقوط الأسد؟
قالت صحيفة فايننشال تايمز -في تقرير لها- إن سوريا تشهد تحولًا اقتصاديًا جذريًا بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث أدى تخفيف القيود على الدولار وخفض الرسوم الجمركية إلى تدفق غير مسبوق للسلع الأجنبية التي كانت غائبة عن الأسواق السورية طوال سنوات الحرب الأهلية.
وقد نتج هذا التحول الاقتصادي المفاجئ عن تغييرات شاملة في السياسات الاقتصادية، مما جعل الأسواق تزدهر بالبضائع المستوردة.
سيل من الوارداتوفي العاصمة دمشق، شهدت المتاجر ارتفاعًا كبيرًا في توفر السلع المستوردة التي كانت تختفي عن الأنظار منذ سنوات، مثل المياه المعدنية التركية، مكعبات المرقة السعودية، مساحيق الحليب اللبنانية.
أحد الأسواق الشعبية في دمشق (الأناضول)كما عادت العلامات التجارية الغربية لتزين أرفف المتاجر، في مشهد يرمز إلى عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها بحسب الصحيفة.
وفي أحد المتاجر الكبرى وسط دمشق، خُصص جدار كامل لمنتجات رقائق البطاطا (الشبس)، في حين أفاد موظف بأن المستهلكين كانوا الأكثر حماسًا للحصول على منتجات مثل الجبنة المكعبة والمشروبات الغازية الأميركية، مضيفًا "كل شيء مستورد الآن جديد. ما كنا نبيعه سابقا كان إنتاجا سوريا بالكامل".
إعلان إرث سابقووفق الصحيفة فقد كانت السياسات الاقتصادية لنظام الأسد تعيق وصول السلع الأجنبية إلى الأسواق. فمنذ عام 2013، تم حظر التعامل بالعملات الأجنبية، وزادت الرسوم الجمركية على الواردات بشكل كبير لتصل -على سبيل المثال- إلى 900 دولار على هواتف آيفون.
وقد أجبر ذلك السوريين على الاعتماد على الإنتاج المحلي أو اللجوء إلى التهريب للحصول على السلع غير المتوفرة.
كما فرضت نقاط التفتيش العسكرية التابعة للنظام، وخاصة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، قيودًا إضافية على نقل البضائع، مما زاد من تكاليف الإنتاج ورفع أسعار السلع. وأوضح محمود، أحد بائعي الخضراوات في سوق الشعلان، أن المزارعين كانوا يُجبرون على تسليم جزء من منتجاتهم عند نقاط التفتيش. وقال "لم يكن لدى المزارعين خيار سوى الخضوع للابتزاز. كانوا بحاجة لتأمين معيشتهم".
إصلاحات اقتصاديةوبعد سقوط النظام، أعلنت الحكومة الجديدة التي تدير شؤون البلاد عن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، أبرزها السماح بالتعامل بالدولار وتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 50% و60% وفق فايننشال تايمز.
وصرّح وزير التجارة الداخلية ماهر خليل الحسن -لوكالة سانا- في وقت سابق بأن الهدف الرئيسي لهذه الإصلاحات هو "ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطنين".
تهدف الإدارة السورية الجديدة لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد المتهاوي (الأناضول) تأثير الإصلاحات على الأسعار والأسواقوأسهمت هذه الإصلاحات في انخفاض ملحوظ بأسعار السلع، سواء المستوردة أو المحلية. على سبيل المثال، انخفض سعر الكيلوغرام من الموز اللبناني بنسبة الخُمس، بينما انخفضت أسعار البطاطس المحلية إلى ربع قيمتها السابقة. أما المنتجات الأجنبية مثل الكاتشب، فقد بلغ سعر زجاجة منها 78 ألف ليرة مقارنة بـ14 ألفا فقط للمنتج المحلي دوليز.
كما شهدت الأسواق عودة العلامات التجارية التي تحمل قيمة رمزية للمستهلك السوري، مثل بعض الأجبان الأجنبية مما أثار موجة من التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
إعلان تحديات مستمرةوتشير فايننشال تايمز إلى أنه رغم التحسن الملحوظ في توفر السلع وانخفاض الأسعار، لا تزال التحديات الاقتصادية قائمة، حيث أشار البائعون لتأخر دفع الرواتب، مما أدى إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.
لكن بعض التجار أكدوا شعورهم بالأمان النسبي في العمل، إذ يقول المواطن محمود "لم أعد أشعر بالخوف كما كان الحال في السابق".
رغم التحسن الملحوظ في توفر السلع وانخفاض الأسعار فلا تزال التحديات الاقتصادية قائمة (الفرنسية)وأشارت فايننشال تايمز إلى أن هذه الإصلاحات الاقتصادية قد تشكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ سوريا الاقتصادي، مع فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية وزيادة النشاط التجاري.
ومع ذلك، يعتمد النجاح طويل الأمد لهذه الإصلاحات على الاستقرار السياسي وقدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة تلبي احتياجات الشعب السوري.
وفي ظل هذه التغيرات، يبدو أن سوريا تسير على طريق الانفتاح الاقتصادي بعد سنوات من العزلة، حيث تشكل هذه الفترة اختبارا حقيقيا للقدرة على تجاوز التحديات وبناء مستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا.