CNN Arabic:
2025-01-17@06:09:47 GMT

مدن الموتى الغامضة منحوتة بالجبل في جنوب عرب تركيا.. ما قصتها؟

تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT

‍‍‍‍‍‍

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو أن الليكيين القدماء كانوا يعرفون الكثير عن الديمقراطية. فقبل ألفي عام، كان لدى الحكام السابقين للجزء الجنوبي الغربي من تركيا الحديثة اتحاد ديمقراطي يعمل بكامل طاقته، حد أنه ألهم البنية السياسية لأمريكا بعد قرون من ذلك.

وفي حين قد تواجه الديمقراطيات في كل مكان أوقاتًا مضطربة، إلا أنّ إرثًا ليكيًّا آخر ما برح حاضرًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​التي اعتادوا إطلاق اسم الوطن عليها.

ويتمحور هذا الإرث بالمجمل نوعًا ما حول الموت.

دفن بعض الموتى الليكيين في مقابر فوق أعمدة، مثل تلك التي وجدت في مدينة "زانثوس" القديمة، في مقاطعة أنطاليا جنوب غرب تركيا.Credit: klenger/iStockphoto/Getty Images

وإذا جلت في ساحل هذه المنطقة الجميلة بالسيارة، فلن تكون بعيدًا أبدًا عن مدينة الموتى المذهلة، وهي عبارة عن مقابر متقنة، نَحَتها الليكيون في جوانب المنحدرات المطلّة على المدن والوديان والشواطئ.

وهذا ليس كل شيء. تنتشر في جميع أنحاء الريف والبلدات توابيت مهيبة يُحتمل أنها كانت تحتوي ذات يوم على رفات علية سكان ليكيا الأقوياء. وفي الواقع، يبدو مشهد هذه التوابيت مألوفًا جدًا لدرجة أنها غالبًا ما تُذكر على نحو عرضي كجزء من المناظر الطبيعية الحضرية.

وبالنسبة للزوار، خصوصًا المهتمين بالتاريخ، فإنّ تعقّبهم يُعد مغامرة في حد ذاتها.

كان هذا القبر الواقع فوق مدينة فتحية يضم في السابق رفات أمينثاس، "ابن هيرمابياس". ويعد موقعا رائعا للجلوس لمشاهدة غروب الشمس فوق الميناء.Credit: Barry Neild/CNN

وفي حين تُحفظ بعضها في مواقع أثرية يمكن دخولها بتذاكر خاصة، فإن البعض الآخر يمكن استكشافه مجانا، وقد يتطلب مهارات استكشاف ترقى لمستوى شخصية إنديانا جونز، وتسلق التلال الشاهقة، وركوب القوارب، والتنقيب في الغابة للعثور عليها.

وتعتبر فتحية نقطة انطلاق جيدة، وهي مدينة ساحلية متواضعة، تعتبر نقطة انطلاق مفيدة لزيارة الشواطئ الرائعة والمعالم السياحية الممتدة على طول ريفييرا ساحل الفيروز في تركيا. وبعد يوم من السباحة في تلك المياه الرائعة، يستحق الأمر القيام برحلة غروب الشمس إلى المنحدرات المطلة.

هنا، في أعلى المدينة المعروفة باسم "تيلميسوس" من العصر الليكي، وبإطلالة رائعة على اللحظات الذهبية الأخيرة لغروب الشمس في بحر إيجه، توجد مقابر "أمينثاس" الصخرية، وهي عبارة عن أقراص عسل من البوابات المنحوتة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد.

توجد سلسلة من المقابر المنحوتة في الصخر فوق مدينة ميرا القديمةCredit: pawopa3336/iStockphoto/Getty Images

وبعد دفع رسوم الدخول البالغة ثلاثة يورو (أكثر من 3 دولارات)، يمكنك صعود الدرجات إلى المقبرة الرئيسية التي تواجهها أعمدة على الطراز اليوناني. 

غير أن المقبرة فارغة، إذ أنها نُهبت منذ قرون، لكن المنظر والفرصة للاقتراب من مثل هذا النصب التذكاري القديم يعد كنزًا بحد ذاته.

ويعد الموقع شهيرا لالتقاط صور السيلفي، حيث يجلس بعض المصورين المحترفين حتى وقت الإغلاق للحصول على لقطة فريدة لأنفسهم من دون أي سائح آخر في الصورة. لكن نظرًا لكونه بعيدًا قليلاً عن المسار المطروق، فإنه لا يكتظ بالزوار.

وبصرف النظر عن قلة المعلومات المحيطة بشاغل القبر، أمينثاس، الذي كان "ابن هيرمابياس"، أو حول طقوس الموت التي يؤديها الليكيون. لكن هل تدل أماكن الراحة المرتفعة هذه على كونها أقرب إلى السماء أو أبعد عن العالم السفلي؟

تزعم الأسطورة المحلية، وفقًا لأوندر أوجوز، وهو مرشد مقيم في المنطقة، أن الليكيين وضعوا موتاهم في شقوق الجرف أو مقابر الشاطئ حتى يتمكن مخلوق مجنّح يشبه "السيرانة" (حوراء بحرية لها رأس امرأة وجسد طير) من حملهم إلى الحياة الآخرة.

ومع ذلك، لا يوجد دليل أثري يدعم هذا المزعم.

يمكن العثور على مقابر في كل مكان في جنوب غرب تركيا. هنا، يبدو أن هناك قبرًا على الطراز الليكي مهمل وسط مزرعة فلفل.Credit: Barry Neild/CNN

وتقول كاثرين درايكوت، أستاذة مساعدة بعلم الآثار في جامعة دورهام بالمملكة المتحدة، إن هذا الأمر يمثل لغزًا.

ومن المعروف أن الليكيين عاشوا في المنطقة لقرون، وطوّروا نصب الموت التذكارية منذ القرن الخامس قبل الميلاد حتى الحقبة التي كانت خاضعة فيها لسيطرة أو تأثير الإغريق والرومان والفرس. ويبدو أن المقابر هي بين التذكارات المادية القليلة الباقية للوجود الليكي.

وتشير درايكوت إلى أن البعض يتكهن بأن الليكيين كانوا مهووسين بالموت، لكن الكثير من فهمنا لمعتقداتهم ليس سوى محض تكهنات.

وتقول: "يمكننا أن نخمّن أنه قد يكون هناك نوع من الاختلاف في الوضع الاقتصادي بين الأشخاص الذين صنعوا تلك المقابر، لكن هذا غير معروف".

خلق الأسطورة تقع مدينة ثيموسا القديمة خارج كاليوتشاغيز مباشرةً، وهي عبارة عن مجموعة من التوابيت العملاقة التي تقف وسط صخور ضخمة وتطل على الخليج القريب.Credit: Barry Neild/CNN

يمكن رؤية المزيد من المقابر المنحوتة في الصخر شمال غرب فتحية، بالقرب من مدينة داليان، والعديد من المواقع الأخرى في الجنوب والشرق، لا سيما في مدينة ميرا القديمة، بالقرب مما يُعرف الآن بمدينة ديمري التركية.

هنا، تقف مقبرة على جانب الجرف فوق ما أصبح فيما بعد مدينة رومانية مزدهرة بها مسرح، ولا تزال أنقاضه باقية حتى اليوم. ويمكن دخول المقابر على مستوى الأرض، لكن المقابر الأعلى التي تحمل بعضها نقوشًا متقنة، بعيدة المنال.

وتشترك هذه المقابر على الجرف مع مقابر الأعمدة التي عثر عليها في موقع "زانثوس" الليكي الداخلي، هو ارتفاع البقايا البشرية نحو السماء. مع ذلك، لا يمكن إلا التكهّن بمدى أهمية ذلك، وفقا لدرايكوت.

وتقول: "لا نستطيع أن نقول ما إذا كان هناك رابط بين المعتقدات الليسية وآلهة السماء"، مشيرة إلى أن تقاليد الموت القديمة الناشئة من منطقة بلاد الشام المتوسطية كانت تميل أكثر نحو ما يسمى بالأرواح الكاثونية التي يُعتقد أنها تسكن تحت الأرض.

وتضيف: "من المؤكد أنّ المقابر تشير إلى وجود رغبة بعدم الدفن تحت الأرض ورغبة بالدفن في أماكن مرتفعة، لكن ليس واضحًا ما إذا كان الأشخاص المدفونون في أماكن مرتفعة يتمتعون بميزة على الآخرين، رغم أنه يمكن القول إن المكانة كانت لتكون أعظم من حيث المنافسة على المقابر، لأنهم كانوا مضطرين بطريقة ما إلى إحضار بنائين إلى هناك".

يُعتقد أن التابوت المعروف باسم قبر الملك في مدينة كاش الساحلية يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلادCredit: greenp/iStock Unreleased/Getty Images

وتفترض أن المقابر مثل تلك الموجودة على الأعمدة ربما كانت ببساطة تمارين لبناء المجتمع، ربما باستخدام عبادة الأسلاف لخلق الأساطير والولاء النسبي لتعزيز مجتمع أكثر تماسكًا في أوقات الاضطرابات.

وفي حين صُمّمت العديد من مواقع الدفن الليسية الرئيسية كي تكون أجزاء مرئية للغاية من المناظر الطبيعية للمدينة، إلا أنّ هناك الكثير منها منتشرة في جميع أنحاء هذا الجزء من العالم لدرجة أن بعضها أصبح ببساطة جزءًا من المناظر الطبيعية.

وهذا هو السبب في أنك تجد السيارات تمر بسرور بجوار تابوت في منتصف الطريق في فتحية، أو عالقة في دوار مروري في مدينة كاش الساحلية. 

تركياآثارفنوننشر الثلاثاء، 17 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: آثار فنون فی مدینة

إقرأ أيضاً:

جبانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية في 2024

اختارت مجلة الآثار الأمريكية "أركيولوجي ماغازين" الجبانة الأثرية المكتشفة في محيط ضريح الأغاخان بغرب أسوان في جنوب مصر، واحدة من أهم 10 اكتشافات أثرية في 2024.

وحسب بيان لوزارة السياحة والآثار المصرية، اليوم الثلاثاء، وصفت المجلة كشف جبانة أسوان خلال العصور المتأخرة واليونانية والرومانية بـ "الإضافة التاريخية الهامة لمنطقة أثار أسوان...كما يمثل خطوة هامة نحو تعظيم الفهم والمعرفة بالحضارة المصرية القديمة خلال تلك الحقبة الزمنية".
وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن وزارة السياحة والآثار أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي هذا الكشف للبعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة خلال أعمالها في محيط ضريح الأغاخان غربي أسوان برئاسة الدكتورة باتريتسيا بياتشنتي، أستاذة علم الآثار المصرية بجامعة ميلانو.
وأشار إلى الكشف عن عدد من المقابر العائلية التي لم تكن معروفة من قبل من العصور المتأخرة واليونانية الرومانية، مثمناً اختيار هذا الكشف ضمن أفضل 10 اكتشافات لعام 2024 حيث أنه ساهم في معرفة المزيد عن المنطقة الأثرية مما يؤكد على أهمية أسوان كأحد المواقع الحيوية في التاريخ المصري القديم.
وأشادت المجلة بأهمية هذا الكشف الذي يكشف نوعاً غير تقليدي من الجبانات في مصر، والتي تضم 10 مستويات متعددة من المقابر التي تعكس تدرجا اجتماعيا واسعا، كما يساعد على فهم أعمق للحياة الاجتماعية في أسوان خلال العصرين اليوناني والروماني.
ونقل البيان عن المجلة أن الجبانة الأثرية تمتد على مساحة 25 فدانا، وتضم أكثر من 400 مقبرة تحتوي على رفات آلاف الرجال والنساء والأطفال، ما بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي، بالإضافة إلى العثور على عديد من اللقى والقطع الأثرية الفريدة مثل التماثيل الصغيرة، والكرتوناج الملون زاهية، و طبقات من الجص، والكتان تستخدم للف المومياوات.
وتشير الدراسات إلى أن الجبانة كانت مخصصة لدفن سكان مدينة أسوان في العصور اليونانية والرومانية، حيث تبين أن المقابر العليا كانت مخصصة للطبقات الثرية، بما في ذلك قائد الجيش المصري في القرن الثاني قبل الميلاد، بينما كانت المستويات الأقل مخصصة للطبقات المتوسطة.

مقالات مشابهة

  • ما هي الاستراتيجية التي اتبعها الجيش السوداني لاستعادة مدينة ود مدني؟
  • حكم زيارة المقابر يوم الجمعة.. الإفتاء تجيب
  • حملة مكبرة لإزالة التعديات والمخالفات بحي جنوب مدينة الغردقة
  • الإفتاء: زيارة المقابر يوم الجمعة من السنن المستحبة
  • هبوط طائرة شحن إماراتية في عدن يثير جدلاً واسعاً حول حمولتها الغامضة 
  • الجيش اليمني يحبط تسللًا حوثيًا جنوب شرق مدينة تعز
  • حفظ التحقيق في العثور على جثة شاب مشنوق داخل مقابر مصر القديمة
  • جبانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية في 2024
  • بقوة 2.8.. زلزال يضرب مدينة عربية اليوم
  • القوات المسلحة تدين التجاوزات الفردية التي جرت مؤخراً ببعض المناطق بولاية الجزيرة عقب تطهير مدينة ود مدني