طرح شركات حكومية في البورصة.. هل يسهم في انتعاش الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خطة غير مسبوقة لـ طرح 10 شركات حكومية في السوق خلال منتصف عام 2025، وهي «محطة رياح جبل الزيت، الأمل الشريف للبلاستيك، مصر للصناعات الدوائية، شركة سيد «CID»، ونسبة من بنك الإسكندرية، وبنك المصرف المتحد، ونسبة من بنك القاهرة، وشركة وطنية، وشركة صافي، وشركة سايلو فودز، وتشيل أوت».
وأثار الإعلان تساؤلات واسعة حول أبعاد هذه الخطوة، ما بين إعادة هيكلة أصول الدولة، وتشجيع القطاع الخاص، والالتزام بشروط صندوق النقد الدولي.
ومع التطلعات إلى المستقبل، يبقى السؤال الأهم: هل هذه الطروحات هي الحل المنتظر لإنعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات؟
وثيقة ملكية الدولة أم التزامات دولية؟ولطالما كانت وثيقة ملكية الدولة للأصول خارطة طريق تنظم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، حيث تهدف إلى تقليص تواجد الدولة في قطاعات يمكن للقطاع الخاص إدارتها بفعالية، ويبدو الطرح الجديد وكأنه تنفيذ لهذه الوثيقة، خاصة أن الشركات المطروحة تتنوع بين صناعات غذائية، طاقة، ودواء.
ولكن لا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي في تشكيل هذا القرار، فمنذ توقيع الاتفاقيات الأخيرة، طالبت بعثة الصندوق بتوسيع دور القطاع الخاص كشرط للحصول على الدعم المالي.
من جهته، يقول حسام عيد، خبير أسواق المال، إن الطرح الحالي ليس فقط التزامًا بوثيقة الملكية، بل أيضًا رسالة طمأنة للمجتمع الدولي على التزام مصر بتحقيق إصلاح اقتصادي عميق.
تشجيع القطاع الخاص وفرصة من ذهب للمنافسةويبقى الهدف الرئيسي المعلن من الطروحات، فتح المجال أمام القطاع الخاص، الذي يُعتبر المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، وترى رانيا يعقوب، خبيرة الأسواق المالية، أن هذه الخطوة «تخلق بيئة تنافسية جديدة»، مشيرة إلى أن مشاركة القطاع الخاص ستدعم تشغيل الشباب وتعزز الكفاءة في إدارة الشركات.
ولكن هل سيشعر القطاع الخاص بالطمأنينة للمشاركة وسط وجود شركات حكومية ضخمة تسيطر على السوق؟
الطروحات تزيل هذا التخوفوأضافت يعقوب في تصريحات خاصة لـ«الأسبوع»، أن المستثمرين يدركون الآن أن الدولة تريد شراكتهم، وليس منافستهم.
تأثير الطروحات على الاقتصاد المصريومن المتوقع أن يكون للطرح تأثير متعدد الجوانب على الاقتصاد المصري، فمن جهة سيسهم في توفير العملة الصعبة، لا سيما إذا تم بيع حصص كبيرة لمستثمرين أجانب، ومن جهة أخرى، سيزيد من كفاءة الشركات المطروحة عبر إدخال شركاء استراتيجيين قادرين على تعزيز الإنتاجية وفتح أسواق جديدة.
وتؤكد حنان رمسيس، خبيرة الأسواق المالية، أن الطروحات قد تكون بمثابة «قبلة حياة» للاقتصاد المصري، خاصة في ظل الأزمات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف التمويل عالميًا، لافتة إلى أن الطروحات ليست مجرد بيع أصول، بل خطوة استراتيجية لزيادة السيولة وتحقيق التوازن في سوق العملة.
البورصة أم مستثمر أجنبي؟ويبقى السؤال الأهم، هل ستطرح الشركات بالكامل في البورصة أم ستباع مباشرة لمستثمرين أجانب؟ «الخطة الحالية تبدو مرنة»، إذ تشير التقارير إلى احتمالية استخدام كلا النهجين، ويمنح الطرح المستثمرين المحليين فرصة للمشاركة، بينما بيع حصص مباشرة لمستثمرين استراتيجيين يوفر سيولة فورية ويعزز التعاون مع شركاء دوليين.
وتقدم التجربة السابقة للطرح العام لبنك القاهرة تقدم درسًا مهمًا رغم التغطية المرتفعة، ولم تحقق الأسهم الطفرة المتوقعة في البورصة، وقد يكون المزج بين الطرح العام والخاص هو الخيار الأنسب لضمان تحقيق الاستفادة القصوى.
هل هذه الطروحات تشجع الاستثمار؟ومن المؤكد أن الطروحات تمثل فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، خاصة من دول الخليج التي أبدت اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في القطاعات الإنتاجية بمصر، وعلى سبيل المثال، قطاع الصناعات الغذائية، الذي يعد من أكثر القطاعات جاذبية للمستثمرين بسبب الطلب المحلي المتزايد والإمكانات التصديرية الكبيرة.
ولكن يبقى نجاح الطروحات مرهونًا بتوفير بيئة استثمارية مستقرة، بما يشمل مرونة سعر الصرف، واستقرار التشريعات الاقتصادية.
ويرى حسام عيد أن الطروحات تعزز الثقة في الاقتصاد المصري، ما يجعلها ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات طويلة الأجل.
وبين وثيقة ملكية الدولة، وضغوط صندوق النقد، ورغبة الحكومة في تمكين القطاع الخاص، تبدو الطروحات الحكومية خطوة لا مفر منها، فهي ليست مجرد بيع شركات، بل هي إعلان عن بداية جديدة لاقتصاد يحاول التحرر من قيوده التقليدية، وإذا أُحسن استغلال الفرصة، فإن هذه الطروحات قد تكون البوابة التي تعيد رسم مستقبل الاقتصاد المصري، وفقًا لتصريحات الخبراء خلال تصريحاتهم لـ«الأسبوع».
اقرأ أيضاًإجمالي أصول بنك فيصل الإسلامي تنمو بـ نسبة 29.4% بين يناير ونوفمبر 2024
السهم يصل 13.85 جنيه.. «المصرف المتحد» يبدأ الطرح العام الأولي للجمهور
بهدف سد فجوة النقد الأجنبي.. تفاصيل طرح أسهم «المصرف المتحد» في البورصة المصرية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القطاع الخاص صندوق النقد الدولي الشركات الحكومية بنك الإسكندرية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء بنك القاهرة الطروحات الحكومية جذب الاستثمارات الأجنبية وثيقة ملكية الدولة تمكين القطاع الخاص شركة صافي شركة وطنية الاقتصاد اليوم الطروحات قطاع الصناعات الغذائية الاقتصاد الآن شركة سيد للأدوية شركات الطروحات الحكومية الاقتصاد المصری القطاع الخاص فی البورصة
إقرأ أيضاً:
الوعي: جهود الدولة لتمكين القطاع الزراعي بارقة أمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي
قال المهندس عادل زيدان، نائب رئيس حزب الوعي ، إن التصنيع الزراعي ودوره في دعم الاقتصاد المصري أصبح محورا رئيسيا لدى توجهات الدولة من أجل تعزيز القيمة المضافة للمنتجات الزراعية وتقليل الفاقد من الإنتاج، مما يفتح آفاقًا أوسع أمام التصدير ويعزز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، مشيدا بمؤتمر "من سيزرع المليون الرابع"، باعتباره علامة بارزة في مسيرة تطوير القطاع الزراعي المصري، حيث يجسد التوجه الجاد نحو استثمار التكنولوجيا والابتكار لمواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي.
وأكد زيدان، في تصريحات صحفية له، أن المناقشات التي شهدها المؤتمر حول الابتكارات والتكنولوجيا الحديثة تمثل نقطة تحول في مسار الزراعة المصرية، حيث تعكس توجه الدولة نحو الزراعة الذكية التي تعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية المتطورة، وهو ما يسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل وترشيد استهلاك المياه.
وأشار زيدان، إلى أن المؤتمر جمع بين الخبراء والباحثين والاستشاريين الزراعيين والمسؤولين الحكوميين في نقاشات معمقة، مما تؤكد أهمية التحديث المستمر للقطاع الزراعي ليكون أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية وتحقيق الاستدامة.
وأوضح زيدان، أن التحديات التي تواجه القطاع الزراعي كانت حاضرة بقوة في المؤتمر، حيث تمت مناقشة تأثيرات تغير المناخ وندرة المياه وارتفاع تكاليف الإنتاج على مستقبل الزراعة في مصر، مشيرا إلى إنه لا يمكن إغفال الجهود التي تبذلها الدولة لمواجهة هذه التحديات، حيث أطلقت العديد من المشروعات القومية الكبرى، مثل مشروع الدلتا الجديدة واستصلاح مليون ونصف المليون فدان، إلى جانب التوسع في استخدام أنظمة الري الحديث وتحلية المياه وإعادة تدويرها.
وأضاف زيدان، أن الدولة تعمل على دعم المزارعين وتوفير التمويل اللازم لهم لتبني تقنيات الزراعة الحديثة، إضافة إلى تطوير مراكز الأبحاث الزراعية لتعزيز إنتاج أصناف جديدة أكثر قدرة على تحمل الظروف المناخية القاسية.