قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدن وأحياء فلسطينية بأكملها في قطاع غزة يعد تجسيدًا واضحًا لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 14 شهرًا، وأداة رئيسة لتنفيذها.

وأضاف الأورومتوسطي، في بيان له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21": "إن هذه الجريمة لم تقتصر على قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير حياة مليوني شخص بشكل تدريجي عبر القضاء على مقومات نجاتهم الأساسية فحسب، بل امتدت لتشمل إبادة المدن الفلسطينية بالكامل بنسيجها المعماري والحضاري، وما يتبع ذلك من تدمير للهوية الوطنية والثقافية للفلسطينيين، واستئصال وجودهم من أراضيهم، وفرض التهجير القسري الدائم عليهم، ومنع عودتهم، وتفكيك مجتمعاتهم، وطمس ذاكرتهم الجمعيّة، في محاولة منهجية للقضاء على وجودهم المادي والإنساني وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم".



وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن المعلومات التي وثقها فريقه الميداني، إلى جانب البيانات التي حصل عليها من عائلات هجرت قسرًا من شمال قطاع غزة، تظهر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينتهج بشكل واسع منذ هجومه البري الثالث في المنطقة منذ 5 أكتوبر/تشرين أول الماضي، عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية، مستخدمًا في ذلك أربع وسائل، تشمل: النسف من خلال روبوتات وبراميل مفخخة، والقصف الجوي بالقنابل والصواريخ المدمرة، وزارعة المتفجرات والنسف عن بعد، والتجريف بالجرافات العسكرية والمدنية الإسرائيلية. 

وأبرز الأورومتوسطي أنه تابع مجموعة من مقاطع الفيديو والصور التي نشرها جنود إسرائيليون ومنصات إعلامية إسرائيلية وأخضعها للتدقيق، وتحقق فعلًا من حجم الدمار الهائل الذي ألحقه جيش الاحتلال الإسرائيلي بشمال قطاع غزة، إذ أظهرت مقاطع تصوير جوية ممتدة مخيم جباليا مدمرًا بالكامل، حيث بات كل ما فيه عبارة عن أكوام من الركام وشوارع مدمرة بالكامل.

وذكر أن بلوكات 4 و5 و2، 3 ومناطق العلمي، والهوجا، والفالوجا والتوام وأطراف الصفطاوي الشمالية مسحت بالكامل، وذات الأمر ينطبق على باقي الأحياء في بيت لاهيا وبيت حانون.

وشدد على أن نمط التدمير الشامل الذي استهدف البلدات والأحياء الفلسطينية، بما يشمل عمرانها ومنازلها ومنشآتها المدنية والاقتصادية وبناها التحتية، واستمراره بشكل منهجي طوال 73 يومًا (منذ مساء يوم 5 أكتوبر/تشرين أول 2024)، يدل بشكل قاطع على أن هذا التدمير لم يكن له أي ضرورة عسكرية، بل جاء بهدف التدمير والمحو الكامل للأثر الفلسطيني المادي والحضاري، وذلك في انتهاك خطير لقواعد القانون الدولي.

وأكد الأورومتوسطي أن هذا السلوك يمثل جزءًا من سياسة إبادة المدن (الإبادة الحضارية) التي تنفذها إسرائيل، والتي تستهدف ليس فقط السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم كأفراد، بل أيضًا محو وجودهم الثقافي والحضاري، وإزالة أي أثر مادي أو تاريخي يدل على ارتباطهم بأرضهم، وبالتالي إضعاف قدرتهم على البقاء على قيد الحياة في مناطقهم، وصولًا إلى القضاء على وجودهم الفعلي والمجتمعي فيها، مقابل تسهيل إقامة مشاريع استيطانية غير قانونية في شمال غزة.

يُشار إلى أن هذه المشاريع يُروّج لها علنًا وزراء ومسؤولون في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكنيست ومنظمات استيطانية، في إطار محاولات فرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد، يُستبدل فيه السكان الفلسطينيون الأصليون بمستوطنين إسرائيليين، ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وجرائم تستوجب الوقف الفوري والمساءلة والمحاسبة وإنصاف الضحايا.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن منهجية التدمير الشامل لأحياء وبلدات كاملة لم تقتصر على شمال قطاع غزة، بل طالت أغلب مناطق قطاع غزة، مبينًا أن المعطيات الأولية التي أمكن الحصول عليها من رفح جنوبي القطاع من خلال إفادات من سكان في المنطقة وصور للأقمار الصناعية ومقاطع فيديو نشرها جنود إسرائيليون تظهر أن المحافظة تم محوها بصورة شبه تامة.

كما أشار إلى أن العديد من أحياء خان يونس جنوبي القطاع مسحت بالكامل، وكذلك العديد من المربعات السكنية في حيي الشجاعية والزيتون جنوب غزة وشرقها، وكذلك المنطقة الواقعة على امتداد محور نتساريم من الجنوب والشمال.

وأكد أن هذا التدمير الإسرائيلي للأحياء السكنية شمل المنازل والشوارع والبنى التحتية والمنشآت التعليمية والشرطية والخدماتية والاقتصادية، بما يجعل من شبه المستحيل عودة الفلسطينيين للعيش في تلك المناطق.

وترتبط إبادة المدن التي ترتكبها إسرائيل للبلدات والأحياء السكنية كذلك بجريمة الإبادة الثقافية المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، حيث تستهدف بشكل متعمد المعالم الأثرية والحضارية الفلسطينية، في مسعى واضح للقضاء على التراث الحضاري الإنساني الفلسطيني.

وأشار إلى أنه وثق استهداف الجيش الإسرائيلي عشرات المعالم الأثرية والحضرية، مثل المساجد والكنائس والمواقع والمباني الأثرية والتاريخية في مدينة غزة، والمتاحف العامة والخاصة، والمراكز الثقافية والجامعات التي تشكل جزءًا أساسيًا من هوية غزة الحضارية وترتبط ارتباطًا وثيقًا بوطن الفلسطينيين.

وشدد على أن العمليات العسكرية المتعاقبة للجيش الإسرائيلي على غزة على مر السنين دمرت العديد من الأجزاء المهمة من تراثها المعماري الغني، إلا أن ما يجرى منذ بدء الهوم العسكري الحالي يمثل محوًا شاملًا لتاريخ وتراث المدينة.

 وأكد المرصد الأورومتوسطي أن المواقع التراثية والتاريخية في غزة هي في الواقع ملك للإنسانية ولكل من يهتم بتاريخ الإنسانية، وليست مقتصرة فقط على البلد الذي توجد فيه تلك المعالم. حيث إن هذه المواقع تحمل قيمة ثقافية وتاريخية تتجاوز الحدود الوطنية، إذ تمثل ذاكرة جماعية للبشرية جمعاء. ولذلك، يجب أن يكون المجتمع الدولي في مقدمة من يتحمل المسؤولية في الدفاع عن هذه المواقع وحمايتها من التدمير المنهجي، ما يستدعى إطلاق تحقيق دولي محايد في انتهاكات إسرائيل والضغط الفعلي عليها لوقف جرائمها في قطاع غزة ومحاسبتها وتقديم العدالة للضحايا.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، وشرائها منها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين.  ودعا أيضًا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية.

ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.

إقرأ أيضا: شهداء وجرحى في قصف استهدف منازل المدنيين في مدينة غزة (شاهد)

وفجر اليوم الثلاثاء تقدمت آليات عسكرية إسرائيلية، بشكل مفاجئ ومحدود شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسط غطاء ناري كثيف.

ويواجه الفلسطينيون والنازحون بالمنطقة صعوبة شديدة في التحرك أو النزوح مجددا بسبب خطورة الأوضاع الأمنية جراء إطلاق النار المتواصل.

ومن وقت لآخر، تتقدم آليات الجيش الإسرائيلي إلى منطقة شمال غرب رفح، المعروفة باسم "المواصي"، حيث تنفذ عمليات عسكرية تستمر لساعات قبل أن تتراجع وتُعيد تموضعها في المدينة.

ويتواجد في المواصي آلاف النازحين الذين يقيمون في خيام مصنوعة من القماش والنايلون، والتي لا تحميهم من الرصاص الإسرائيلي العشوائي.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

إقرأ أيضا: الاحتلال يزرع روبوتات متفجرة في محيط مشفى كمال عدوان.. ويقصف عدة مناطق في القطاع (شاهد)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال فلسطينية غزة احتلال فلسطين غزة تقرير ابادة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرصد الأورومتوسطی الأورومتوسطی أن فی قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين

كشف المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، والاعتداءات الإسرائيلية في مختلف المناطق الفلسطينية حيث اقترفت (21) مجزرة قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلالها (238) فلسطينيًا، وجرحت (623) آخرين، وذلك في الفترة بين 7 - 13 يناير 2025.

 وبحسب المرصد، فإن مجموع الشهداء الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023، وحتى 12 يناير 2025، قد بلغ (47410) فلسطينيين، فيما بلغ عدد الجرحى للفترة نفسها، (116360) جريحًا.
وفي قطاع غزة، اغتالت قوات الاحتلال الصحفي سائد نبهان في مخيم بالنصيرات، وطالت الغارات والقصف الإسرائيلي – في أسبوع واحد - كل مناطق شمال ووسط غزة، حيث قصف جيش الاحتلال ثلاث مدارس؛ (أربيكان وزينب الوزير وصلاح الدين) في جباليا وغرب مدينة غزة، وقتل عائلة بأكملها في مخيم النصيرات، واستهدف المدنيين عدة مرات في جباليا وحي الشجاعية، ودير البلح، ومنطقة الفردوس في المواصي، بينما تابعت قوات الاحتلال نسف مبان في محيط مستشفى كمال عدوان وفي مشروع بيت لاهيا وبنى تحتية ومبان في دير البلح في الوقت الذي تعرضت فيه معظم مباني جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا للتدمير الكامل، كما تعرضت العديد من خيام النازحين في قطاع غزة للغرق جراء الأمطار الغزيرة.
وأطلقت مستشفيات قطاع غزة نداءً عاجلًا لتزويدها بالوقود، بينما أجبرت قوات الاحتلال الطاقم الطبي والمرضى على مغادرة المستشفى الإندونيسي، وحاصرت وقصفت مستشفى العودة.
من جهة ثانية، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني تعطل العديد من آلياته، فضلًا عن توقف خدماته في العديد من مناطق قطاع غزة، فيما أعلنت وزارة الصحة أن القصف الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين يتركز في وقت الليل حيث يتعثر إرسال فرق إنقاذ.

 وواصلت البحرية الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم ملاحقة الصيادين الفلسطينيين في بحر دير البلح واعتقلت عددًا منهم.
وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة، تعرضت بلدة طمون بقصف من طائرة من دون طيار، واستشهد خلاله ثلاثة فلسطينيين بينهم طفلان. 

كما هدم جيش الاحتلال 6 منازل في القدس المحتلة، وفي قلقيلية وسلفيت، وفجّر آخر في طولكرم، واحتل منزلًا في رام الله.
كما دمرت قوات الاحتلال وحرق المستوطنون عشرات الحظائر ذات الاستخدامات المختلفة والخيام في نابلس والقدس ورام الله وبيت لحم، وجرفت قوات الاحتلال أراض زراعية واقتلعت أشجارًا في كل من نابلس وبيت لحم، فيما منعت المزارعين من حراثة أراضيهم في أريحا وصادرت جرافة في سلفيت.

مقالات مشابهة

  • العربية لحقوق الإنسان: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الاستحقاق الذي يفرضه القانون
  • الإبادة الجماعية والقتل خارج القانون في أرض المحنة وقلب الجزيرة .
  • الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم
  • تقرير المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
  • رسميا.. كوبا تنضم إلى دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • كوبا تنضم لقضية الإبادة الجماعية المُقامة ضد إسرائيل
  • العدل الدولية تعلن انضمام كوبا إلى قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • كوبا تنضم رسمياً إلى دعوى الإبادة الجماعية ضد كيان الاحتلال
  • تقرير عبري: الجيش الإسرائيلي يواجه “ورطة كبيرة” في قطاع غزة
  • كوبا تنضم رسمياً إلى دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني