الى أين تتجه حرب المسيرات في السودان؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
بقلم: حسن أبو زينب عمر
(1)
التطورات الدراماتيكية للهجمات بعيدة المدى التي تشنها مسيرات الدعم السريع في العمق أخذت منحى جديدا بالغ الخطورة خلال نموذجين الأول في حرب روسيا واو كراينا والثاني في حرب ايران وإسرائيل حيث تأكد أنه أنه لا عاصم من تدميرها العشوائي حتى في المناطق الآمنة النائية البعيدة من المواجهات العسكرية والدليل انها انطلقت من خاصرة ايران لتدك أهدافا على بعد آلاف الكيلومترات في العمق الإسرائيلي .
(2)
القوات المسلحة السودانية شنت حتى الآن 280 هجوما بطائرات مسيرة على مواقع للميلشيات المتمردة 98% منها حدثت في الخرطوم فيما تضاعفت هجمات الدعم السريع وتجاوزت رقم المائة ولكن الفارق بين الفريقين ان الجيش يستخدم المسيرات كتكتيك مكمل لدعم الهجمات الأرضية أما الدعم السريع فيستخدمها لتجفيف قدرات الجيش في مناطق كانت آمنة سابقا ولخلق حالة من التهديد المتواصل لإجبار الجيش على تمديد خطوط دفاعه بهدف اضعاف القدرات الكلية للمضي في طريق مواصلة الصراع وجعلها حربا بعيدة الأمد. الفارق الثاني ان الهدف الاستراتيجي لمسيرات ميليشيات الدعم السريع التي يبلغ طول بعضها (زاجيل) 6,5 متر ومداها 2 ألف كيلومتر هو استهداف المواطن وممتلكاته وكل مقدرات البلاد الاقتصادية والخدمية حتى المراكز التراثية فضلا عن تدمير البنية التحتية من طرق وكباري وسدود.
(3)
الهجمات معلومة المصدر مجهولة مكان الانطلاق طالت مناطق ليست جبهات قتال مثل شندي في نهر النيل وكوستي وربك في النيل الأبيض والقضارف في ولاية القضارف الأقرب الى الشرق. ففي نوفمبر الماضي تعرض المهبط الجوي للفرقة الثالثة مشاة في شندي الى هجوم شنته 4 طائرات مسيرة انتحارية بالتزامن. كما تعرضت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل لهجوم عبر المسيرات شنته 20 طائرة مسيرة ولا زال الحبل على الجرار. مصادر اللجنة الأمنية أشارت الى ان الطائرات الانتحارية انطلقت من منصات بعيدة المدى خارج حدود ولاية النيل كما ان الهجوم يعتبر الخامس خلال اسبوعين. قبل 3 أسابيع تصدت الفرقة 19 مشاة لسلسلة من المسيرات كانت تستهدف مطار مروي الدولي شمال البلاد.
(4)
في الأسبوع الماضي استهدفت مسيرات الدعم السريع عاملين كانوا يعملون في انشاء مراكز حضرية في أطراف الولاية الشمالية وعند حدودها مع الولايات الأخرى و أسفر الهجوم العشوائي عن إصابة 4 من العمال بإصابات متفاوتة احداها خطيرة في الرأس. لكن كان أبرزها جاء في 31 يوليو الماضي حينما نجا البرهان من محاولة اغتيال اثر تعرضه لهجوم طائرات (درون) استهدفت استعراضا عسكريا كان يشارك فيه بمنطقة جبيت العسكرية وأسفر الهجوم الذي شاركت فيه مسيرتان عن مصرع خمسة منهم اثنان من الحرس الشخصي للبرهان . الهجوم جاء بعد يوم واحد فقط من قبول مشروط من الحكومة للعرض الأمريكي بالمشاركة في مفاوضات جنيف قبل أن تغسل يدها من المشاركة جملة وتفصيلا بعد الهجوم.
(5)
التحول الأكثر خطورة في حرب المسيرات كان اتهاما من أحد القيادات البارزة في الحكومة بأن بعضها ينطلق من دولة تشاد التي تبعد آلاف الكيلومترات من ولايات النيل والشمالية والتي تستهدف بصفة أساسية تعطيل العمل في المطارات التي تم تحديثها لتكون مطارات دولية مؤهلة لاستقبال خطوط الطيران الأجنبية.
(6)
السؤال الى أي حد تورطت الجارة الغربية تشاد في الحرب الدائرة الآن وماهي حقيقة الجسر الجوي الذي يبدأ رحلته من مطار أبو ظبي وعبر مطارات نيروبي وكمبالا ومنها الى مطار أمد جرس شرق تشاد على بعد 7 كيلومترات من الحدود مع السودان للعديد من المرات خلال الأسبوع الواحد. وهو دور سبق أن قامت به حكومة أبو ظبي في أثيوبيا واليمن وتم رصده بالفعل عبر تقرير قدمه خبراء في مجال مراقبة الشحنات الجوية منهم ب(ريان كاستنر) وهو خبير عسكري في منظمة (امنيستي إنترناشيونال) وجه أصابع الاتهام الى الامارات في تزويد قوات الدعم السريع رغم الحظر الدولي الصادر من مجلس الأمن عام 2023. وهو أمر درجت على نفيه الامارات مشيرة بأنها تنقل فقط الاغاثات والمعونات الإنسانية. وهو نفس نهج آل دقلو الذين يتحدثون باللسان عن الديموقراطية والعدالة ورفض الظلم والتهميش ويمارسون بقوة الذراع مالم يمارسه جنكيز خان وهولاكو وهتلر في زمن سير القاتل في جنازة قتيله شاقا للجيوب ولاطما للخدود.
(7)
كانت تشاد ويوغندا دولا صديقة للسودان يجمعها الفقر واختلالات الجانب الاقتصادي ولكن فتح الله لهما مؤخرا فجاء الفرج من الدراهم الإماراتية لتتحولا 180 درجة وبالذات الجارة الغربية تشاد التي تحمل لقب) القلب الميت لأفريقيا) بسبب موقعها الساحلي ومناظرها الصحراوية القاحلة الشاسعة. وتواجه تحديات أمنية مستمرة بسبب الصراعات في دول الجوار فضلا عن عدم الاستقرار السياسي الداخلي. وحتى على الصعيد الدولي كانت لها علاقات وثيقة بفرنسا في كافة المجالات منذ بداية الاستعمار الفرنسي عام 1900 وحتى نالت استقلالها عام 1960 ورغم أن منظمة (الفرانكفون) الدول الناطقة باللغة الفرنسية والأمم المتحدة تجمعها مع باريس الا انها وعلى نحو مفاجئ الغت اتفاقية الدفاع المشتركة معها في بداية ديسمبر الجاري منهية علاقة استمرت 65 عاما وطلبت رحيل ألف جندي فرنسي كانوا متمركزين في قاعدة نجامينا العسكرية في خطوة فسرت بأن الدرهم الاماراتي أطاح بالفرنك الفرنسي.
(8)
الدروس المستفادة من توجه ميلشيا آل دقلو الى حرب المسيرات نحو المناطق البعيدة عن قبضتها والتي ليست منطقة عمليات تؤكد على انها فقدت قدراتها العسكرية على الأرض كما يؤكد أيضا بأن العنف البعيد سيصبح ظاهرة مركزية للحرب القادمة ولكن الأهم من كل هذا هي الرسالة التي تخطط المليشيا المجرمة توجيهها الى العالم وهي تواصل بسبق الإصرار والترصد جرائمها التخريبية اللاإنسانية بهدف انتزاع صرخة استنكار من العالم لإيقاف نزيف الحرب وهو هدف تزعم أنه لن يتم مالم يتم اختيارها رقما في التسوية السياسية القادمة.
(9)
هناك تسريبات عن أخبار تتحدث عن تساقط بعد الرذاذ من السماء الملبدة بالسحب الداكنة بين السودان والامارات بوساطة تقودها تركيا وهذه أخبار مفرحة ونسأل الله أن تعقبها أمطار خير وبركة ..ليت السودان أخذ زمام المبادرة وفتح قناة تواصل لترويض الوحش الاماراتي واقناعه بأن مصالحه الاقتصادية الاستثمارية موجودة ومصانة وان ضمان ترجمتها الى واقع ملموس مع حكومة حتى ولو كانت عسكرية (أمر واقع) أكثر وأفضل من الرهان على ميليشيا بدأت تنهال عليها اللعنات وتنحسر من حولها الصداقات وأصبح إدخالها حوش المنظمات الراعية للإرهاب مجرد مسألة وقت .. كل هذا ينطلق من قاعدة لا توجد عداءات دائمة ولا صداقات دائمة ولكن مصالح دائمة.
oabuzinap@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني
في تطور ميداني، رفع طرفا النزاع في السودان من وتيرة التحشيد العسكري حول مدينتي الفاشر ومدني، فيما تواصل القوات التابعة للجيش والقوات الموالية للدعم السريع تعزيز مواقعها في تلك المناطق الاستراتيجية.
التغيير ــ وكالات
وتأتي هذه التحركات في وقت حساس، حيث مر عام كامل منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة مدني، التي تعد مركزاً اقتصادياً مهماً في البلاد.
و مع دخول الحرب في السودان عامها الثاني، يزداد التصعيد العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق حيوية من البلاد، حيث تركزت الأنظار في الأيام الأخيرة على مدينتي الفاشر في دارفور و”مدني” في ولاية الجزيرة، في وقت تزايدت فيه الاشتباكات والضربات الجوية بشكل مكثف.
وفي الفاشر، آخر معاقل الجيش بإقليم دارفور، أفادت مصادر ميدانية بتقدم جديد لقوات الدعم السريع داخل المدينة، مما يعزز من وضعها في الإقليم الحيوي الذي يشكل نقطة وصل بين السودان وكل من تشاد، أفريقيا الوسطى، وليبيا.
ويثير هذا التطور مخاوف من تزايد النفوذ العسكري لقوات الدعم السريع في المنطقة.
قتلى ودمار جراء الضربات الجويةفي الأثناء، واصلت الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش السوداني قصف مناطق متعددة في دارفور، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص خلال الأيام الأربعة الماضية، وفقاً لتقارير من منظمات حقوقية.
ومن أبرز الهجمات، الهجوم الجوي على سوق مزدحم في بلدة “كبكابية” شمال دارفور، والذي أوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف المدنيين.
ووصفت منظمة العفو الدولية هذا الهجوم بـ “جريمة حرب”، مؤكدة أن قصف السوق المزدحم بالمدنيين لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، حتى في حال وجود جنود من الطرفين المتنازعين في المنطقة. وصرح تيغيري تشاغوتا، المدير الإقليمي للمنظمة، قائلاً: “استخدام المدنيين كدروع بشرية أو استهدافهم بشكل متعمد يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني”.
الوضع الإنساني المأساويتفاقم الوضع الإنساني في السودان، حيث قدرت بيانات كلية لندن للصحة العامة أن أكثر من 60 ألف شخص قد لقوا مصرعهم منذ بداية الحرب في أبريل 2023، كما أُجبر نحو 14 مليون شخص على النزوح من ديارهم.
وتعاني البلاد من أزمة غذائية حادة، حيث يواجه أكثر من نصف السكان، الذين يقدر عددهم بحوالي 48 مليون نسمة، تهديدات جسيمة تتعلق بالجوع.
مواقف دولية ودعوات للتفاوض
في هذا السياق الميداني والإنساني المأساوي، كررت الولايات المتحدة وبريطانيا دعوتهما إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومع استمرار التصعيد العسكري وغياب أي حل سياسي يلوح في الأفق، تزداد المخاوف من أن يؤدي هذا الصراع المستمر إلى المزيد من التدهور في الوضع الأمني والإنساني في السودان.
في وقت يواجه فيه الشعب السوداني معاناة شديدة من القصف والدمار والتهجير، ويبدو أن فرص الوصول إلى اتفاق سلام أو هدنة تتضاءل بشكل كبير.
الوسومالجيش الدعم السريع الفاشر تصعيد ود مدني