في زمن الحرب … المرأة السودانية تسعى جاهدة لصنع السلام وإنجاز العدالة والمساءلة
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
واجهت المرأة العديد من المآسي في ظل استمرار الحرب، من نزوح وهجرة وفقدان معيل الأسرة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد واجهوا العديد من الانتهاكات، بما في ذلك الاغتصاب من قبل قوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها في جميع المناطق أو القرى التي دخلوها واحتلوها، ويرى الكثيرون أن للمرأة السودانية دوراً كبيراً في تحقيق السلام، وتحقيق مرحلة العدالة الانتقالية والمساءلة في البلاد.
إضافة لذلك، عانت المرأة في مناطق سيطرة الأطراف المتحاربة من أنواع الاستغلال، سواء في إقليم دارفور والجزيرة وكردفان، في بعض المناطق المناطق، الاجهزة الامنية تهدد النساء اللائي يعملن في حقل الإنسان، بالاعتقال والضرب، وحتى التصفية، وهذا حدث المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، ازدهار جمعة في الولاية الشمالية، في أقصى شمال البلاد.
دور المرأة السودانية العظيم
ترى المرأة السودانية أن لها دور عظيم وكبير في تحقيق استقرار السودان، وهذا العمل يتحقق في حال أدرك السودانيون، أن وطنهم يحتاج في هذا الوقت العصيب ترجيح كفة الاستماع الي صوت العقل، بإيقاف الحرب التي بدأت في 15 أبريل 2023، هذه الحرب الكارثية دخلت كل بيت سوداني، من دارفور والخرطوم وإقليم كردفان والجزيرة والنيل الأبيض، الكل تأثره بها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
هي تطالب كل الأطراف التي تتقاتل أن يستمعوا الي أصوات النساء النازحات واللاجئات في كل دول الجوار، المرأة فقدت الزوج والأخ ، والابن، والمعيل، وايضا تعرضت لاسوأ انواع المعاملات غير الإنسانية والأخلاقية، من اغتصاب، وتحرش جنسي، واستغلال وعبودية جنسية، والحل في إيقاف الحرب المشؤومة، حتى لا تستمر على أجسادهن.
تحقيق آليات المساءلة والعدالة في الفترة الانتقالية
تري سعدية هارون اللاجئة السودانية في دولة تشاد، أن سبب استمرار الحرب في السودان، هي الفشل في تحقيق العدالة الانتقالية للضحايا، تقول سعدية، دارفور على سبيل المثال، التي شهد إقليم حرب منذ 2002 و 2003 وحتى الآن، وبعد سقوط نظام الرئيس السابق، بثورة شعبية، لم يتحدث الساسة وحركات الكفاح المسلح، عن آليات تحقيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة المتورطين في قتال مئات الالاف من الابرياء في جنوب كردفان، والنيل الابيض، بالاضافة الي ضحايا حرب 15 أبريل 2023.
تؤكد سعدية أن مستقبل استقرار السودان في محاسبة ومحاكمة كل من تورط في قتل السودانيين، في المناطق التي ذكرت سابقا، وضحايا الحرب الحالية، والا سوف يستمر القتل، لأن الجناة يدركون لن تكون هناك أي محاسبة و مقاضاة لهم.
إضافة قائلة ’’ نطالب كل النساء في معسكرات اللجوء في دول العالم المختلفة، أن يتعاونوا مع أجهزة العدالة الاقليمية والدولية، في تقديم وكشف أي سوداني او سودانية تلطخت يدها بدماء السودانيين، للرأي العام العالمي، والإقليمي والمحلي، وهذا يحتاج الي جهد قوي من النساء السودانيات ‘‘.
أشارت سعدية الي أن المرأة السودانية يجب أن تكون سباقة في هذا الدور، خاصة أن أطراف النزاع في السودان، لا يهتمون بما يحدث الابرياء العزل في كل المناطق المشتعلة، والنساء تقتل بطائرات الجيش محليات ولاية شمال دارفور، وكردفان والجزيرة والخرطوم، هذا العمل غير الإنساني يجب أن يقف.
المساهمة في تحقيق استقرار السودان
أن الأطراف التي يجب أن تساهم في عمليات تحقيق استقرار السودان، هي أطراف الصراع نفسها، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وحلفاء الطرفين، من حركات مسلحة ومليشيات موالية لقوات الدعم السريع، توضح سعدية ايضا في هذا الجانب، أن منظمات المجتمع المدني السودانية، واجهزة العدالة في البلاد، بالتعاون مع الأجسام الدولية والحقوقية، قد يكون لها دور ايجابي في تحقيق السلام، وإنجاز المرحلة الانتقالية في السودان.
ويجب أن يكون للمحامين والمحاميات، والمدافعين عن حقوق الإنسان دور محوري في مرحلة ما بعد الحرب، في توجيه دفة العدالة والمساءلة والمحاسبة، هذا ليس دور هذه الأطراف وحدها، بل دور كل سودانية وسودانية في مرحلة ما بعد الحرب، ودور اجهزة العدالة، يجب أن تكون جاهزة وراغبة في انجاز هذا المشروع العدلي، وعلى الامهات السودانية أن تضغط كل الأطراف أن توقف هذه الحرب الدموية، حتى يتحقق الاستقرار في السودان.
الأمم المتحدة وبرنامج المرأة والسلام والأمن
تؤكد الأمم المتحدة أن إدراج مشاركة المرأة مشاركة كاملة وذات مغزى على قدم المساواة مع الرجل في الجهود المبذولة لصنع السلام ومنع نشوب النزاعات، وبناء السلام ضمن الأولويات الرئيسية لإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام بالأمم المتحدة، أدرجت الأمم المتحدة هذه المسألة للمرة الأولى في جدول اعمال مجلس الامن عام 2000، عندما اتخذ مجلس الأمن القرار 1325 (2000 )
وقتها، أشارت الي أن عدد النساء المشاركات في عمليات صنع السلام الرسمية، لا يزال منخفضا رغم تعدد الالتزامات، والمبادرات المتخذة على الصعيدين العالمي والإقليمي، إضافة لذلك، أن العديد من اتفاقيات السلام لا تتضمن احكاما متعلقة بـ الاعتبارات الجنسانية تلبي بالقدر الكافي احتياجات المرأة في مجالي الأمن والسلام.
الاتحاد الأفريقي ومساهمات المرأة الأفريقية في استقرار القارة الأفريقية
في جلسة الاتحاد الافريقي شهر فبراير 2020، بعنوان ’’ سد الهوة في دور المرأة في أجندة السلم والأمن‘‘، تطرقت الجلسة لتسريع العمل والجهود المبذولة لإنهاء كافة الحروب والنزاعات الأهلية والعنف القائم على النوع الاجتماعي ومنع الإبادة الجماعية، ودور النساء والفتيات الافريقيات كجزء لا يتجزأ من تنفيذ خارطة الطريق الرئيسية لإسكات البنادق في القارة الافريقية.
في تلك الجلسة استعرضت النساء والفتيات في أفريقيا، خلال اجتماع ما قبل قمة الاتحاد الإفريقي حول النوع الاجتماعي ، حالة النزاعات في القارة والتهديدات الحالية والناشئة، وقدمت النساء توصيات بشأن تعميم المساواة بين الجنسين كعنصر رئيسي في تنفيذ خريطة الطريق.
المرأة السودانية ركيزة السلام
تقول سارة مصطفي الناشطة في منظمات المجتمع المدني السودانية وعضو ملتقى نساء دارفور أن المرأة السودانية هي المرأة هي ركيزة السلام، لذا يجب أن يتم إشراكها في مواقع صنع السلام، وكشفت الآن عن تحركات نسوية من إيصال صوت النساء من أجل السلام، وإيقاف الحرب.
تطالب سارة المجتمع الدولي بالوقوف مع صوت النساء في إيقاف الحرب وتحقيق السلام، وتضيف ايضا، العدالة الانتقالية لا يتحقق إلا، بعد وقف إطلاق النار، يجب إنشاء محاكم مختلط لتحقيق العدالة، وسيادة حكم القانون، وحكومة مدنية يتفق عليها الشعب.
مشاركة النساء في مفاوضات جنيف
بينما تقول الصحفية والكاتبة عواطف احمد اسحق أن دور المرأة في السودان لها أدوار وتاريخ عريض، والمشاركة في كل الاتفاقيات التي وقعت، منذ اتفاقية أبوجا 1، والدوحة، فقط لم تكن جزء من طاولة التفاوض.
أوضحت هي جزء من الاخطاء التي ارتكبت من المفاوضين، لكن في الفترات الاخيرة، برزن نساء خبيرات في التفاوض والسلام، علي سبيل المثال، مفاوضات جنيف شاركت فيها مجموعة كبيرة من النساء يحملن الاجندة النسوية.
توضح عواطف أن الأجندة النسوية يجب لا تقتصر على النساء فقط، والرجال ايضا عليهم حملها، واضافة لذلك، النساء مساهمات مساهمة كبيرة في صناعة السلام.
انتقدت عواطف الاخفاق في ترشيح النساء، و تعتبرها مشكلة كبيرة، والنساء أكثر شريحة تعرضت في الفترة السابقة للانتهاكات، والحرب قامت على أجساد النساء، الاختفاء القسري، القتل والتعذيب، والاستغلال الجنسي، في ظل هذه الممارسات، المرأة كانت هي الضحية الأولى.
تؤكد عواطف أن المراة السودانية هي اول من تنادي بالسلام، وتكافح من أجله، حتى في ثورة ديسمبر العظيمة النساء كن وقودها، وايضا اعدادهم كبيرة في التعداد السكاني الأخير، ويجب الضغط باستمرار من أجل تمثيلهم في طاولة المفاوضات، وأن القرار 1325 المتعلق بالأمن، والسلام للمرأة، وفي المفاوضات يجب استصحاب اجندة المرأة السودانية.
إصلاح المؤسسات العدلية
تشير الي عواطف أن دور المرأة في العدالة، الانتقالية لا يختلف كثيرا عن الرجل، لكن مراعاة الحساسية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، في وضع آليات العدالة الانتقالية في كل مراحلها، في مسألة إصلاح المؤسسات العدلية، يجب مراعاة القوانين التي تمس المرأة، في ظل وجود قوانين مقيدة لحريات المرأة، في العمل أو القوانين الجنائية، في قضية التعويضات، وجبر الضرر يجب أن يكون لها حقها الخاص من المنظور الجندري بالنسبة للعدالة الانتقالية.
تقول عواطف في الحرب ليس الرجل وحده من خسر، النساء أيضا، ويجب أن تأسيس قسم خاص للانتهاكات الخاصة بالنساء، سواء في العدالة الانتقالية او لجنة تقصي الحقائق، هذا يؤسس خطوة للوصول الي العدالة النسوية، في انتهاكات حرب 15 أبريل 2023، ويجب عليهن المشاركة في كل لجان، الحقيقة والمصالحة، والإصلاح الأمني والعسكري، هذا يقود الي تحقيق عدالة انتقالية شاملة تريد المرأة السودانية.
ختاما
رغم التحديات على الأرض، والأسئلة التي تطرح دائما وتكرر، هل تستطيع المرأة الضغط على الجهات المؤثرة لتحقيق الهدف الإنساني المنشود؟، عملية صنع السلام تحتاج الي مشاركة الجميع، نساء ورجال، وشباب وشابات، وجميع الوان الطيف المجتمع، بالطبع المرأة من المؤثرين والفاعلين بصوتها المسموع في المنظمات الدولية والإقليمية، يمكنها الضغط والمشاركة في إيقاف صوت البندقية في السودان الجريح.
ishaghassan13@gmail.com
تقرير : حسن اسحق
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العدالة الانتقالیة المرأة السودانیة استقرار السودان دور المرأة فی السودان المرأة فی فی تحقیق یجب أن
إقرأ أيضاً:
تكاثر الاضطرابات النفسية في إسرائيل بفعل الحرب
تركت الحرب الجارية حاليا آثارا كبيرة على المجتمع الإسرائيلي، لم تقتصر فقط على الجانبين البشري والاقتصادي، ولا حتى على مدى اطمئنان الإسرائيليين لمستقبل الدولة العبرية، بل تعدت إلى الجانب النفسي أيضا. وأظهر تقرير صادر عن مركز معلومات تابع للجبهة الداخلية -شعبة الاستخبارات العسكرية- ووزارة الاقتصاد، ونشره موقع "زمان إسرائيل" أن الحرب ألحقت أضرارا واسعة بالصحة العقلية للإسرائيليين، وأحدثت أضرارا نفسية خطِرة لشريحة واسعة من الجمهور.
وبحسب موقع "زمان إسرائيل" أفاد التقرير أن: حرب "السيوف الحديدية" أثرت تأثيرا كبيرا على الصحة النفسية لسكان دولة إسرائيل […]. وقد أدت الحرب إلى وضع غير مسبوق، حيث أصبحت نسبة كبيرة جدًا من السكان معرضة لخطر الإصابة باضطرابات نفسية مختلفة، بما فيها اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، والإدمان. في الواقع، يشعر معظم المواطنين الإسرائيليين بمستوى معين من الضيق".
ويبين التقرير بيانات بزيادة نحو 900% في عدد المرضى في الرعاية الصحية النفسية السريرية منذ اندلاع الحرب مقارنة بالفترة السابقة. كما يشير التقرير إلى أنه "منذ اندلاع الحرب، شهدنا ارتفاعاً بنسبة مئة في المائة في عدد الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على المساعدة النفسية والفردية والعائلية والجماعية".
إعلان أغلبية الجمهورويوضح التقرير، أن عدد الإحالات إلى مركز "ناتال" (ضحايا الصدمات لأسباب وطنية) قفز بمقدار 15 ضعفاً في الأشهر الأولى من الحرب. وبحسب هذه البيانات، انخفض عدد الإحالات مع استمرار الحرب، لكنه ظل مرتفعا: ففي عام 2022، اتصل ما يقرب من 1540 شخص بناتال؛ لكن منذ اندلاع الحرب وحتى يونيو 2024 (لمدة تسعة أشهر)، اتصل نحو 43 ألف شخص بمركز ناتال (نحو 26 ألف رجل ونحو 17 ألف امرأة).
ويشير التقرير أيضًا إلى أنه خلال الحرب كانت هناك زيادة بنسبة 950% في الاستفسارات المقدمة إلى جمعية "آران" بخصوص القلق والصدمة والخسارة. ويشير التقرير، استناداً إلى تقارير الجمعية، إلى أنه "خلال الحرب، ارتفع أيضاً عدد الاستفسارات المتعلقة بالاكتئاب والضيق النفسي والشعور بالوحدة".
ويؤكد التقرير "الحقيقة المروعة وهي أن هذا الحدث يخلف العديد من الضحايا ولن ينتهي أبدًا". وأن 8700 مريض جديد "بدأوا العلاج الفردي في مراكز المناعة منذ بداية الحرب وحتى أبريل"، مقارنة بنحو 1500 مريض جديد كل ستة أشهر في مراكز المناعة قبل الحرب. وبحسب التقرير: "يستمر الطلب على العلاج في مراكز الرعاية في الارتفاع مع مرور الوقت".
وكان استطلاع أجراه صندوق المرضى "مكابي" في شهر مارس من هذا العام، أظهر أن نحو 30% من الإسرائيليين يعانون من حالة نفسية متوسطة أو سيئة. وأفاد 55% من النساء و31% من الرجال الذين شاركوا في الاستطلاع بتغير عام في حالتهم النفسية نحو الأسوأ. أفاد 62% من النساء و38% من الرجال الذين شاركوا في استطلاع مكابي بوجود تغير سلبي في نوعية نومهم. وبحسب الاستطلاع فإن 55% من الإسرائيليين يعانون من القلق بدرجات متفاوتة، مقارنة بـ11% فقط قبل الحرب. 23% يعانون من القلق الذي يوصف بأنه "متوسط" أو "شديد".
إعلانويشير التقرير إلى استطلاع أجرته جامعة حيفا ومركز روبين الأكاديمي وجامعة أريئيل، وجاء فيه أن 75% من الإسرائيليين يعانون من الإرهاق العاطفي. ويستشهد التقرير أيضا باستطلاعات ودراسات أجرتها جامعة أرييل والمركز الإسرائيلي للديمقراطية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي تفيد أن ما يقرب من نصف الإسرائيليين عانوا من الاكتئاب، وانخفاض الدافع للقيام بأنشطة مختلفة، وانخفاض إنتاجية العمل في الأسابيع الأولى من الحرب. ويشير التقرير إلى استطلاعات رأي تفيد أن نحو 30% من الإسرائيليين يعانون من حالة نفسية متوسطة أو سيئة، ونحو نصفهم يبلغون عن تغير سلبي في جودة النوم، و75% يعانون من الإرهاق العاطفي.
وتوضح الدراسات أن ما بين 13 ألفا و60 ألف شخص سيظلون يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة تماما، إضافة إلى أولئك الذين يعانون، وسيظلون يعانون، من القلق والاكتئاب واضطرابات أخرى. وبين جميع المواطنين، هناك زيادة في حالات تدهور المزاج، وهي حالة لا تصل إلى الحد السريري، وتتميز بالحزن والقلق وانخفاض تقدير الذات والتعب والإحباط. لكن التقرير يؤكد التقديرات المنشورة والتي تفيد أنه لم يتم تسجيل زيادة في عدد حالات الدخول إلى المستشفيات النفسية حتى الآن، ولكن فقط في الطلب على العلاج في المجتمع.
الأكثر تأثراًويشير التقرير إلى العديد من الصعوبات النفسية، وخاصة لدى الأطفال. حيث إن "العديد من الأطفال تعرضوا لمواقف خطِرة. 83% منهم شاهدوا مقاطع فيديو مُرهِقة. ونحو 300 ألف طفل لديهم آباء في قوات الاحتياط، وقد أبلغ معظمهم عن صعوبات بسبب ذلك". وقد اعترفت مؤسسة التأمين الوطني بنحو 20 ألف طفل ومراهق ضحايا أعمال عدائية، والغالبية العظمى منهم على أساس نفسي. "لقد لاحظ العديد من المراهقين زيادة في التدخين واستهلاك الكحول والحشيش". وأظهر نحو 76% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و12 عامًا علامات ضائقة عاطفية شديدة، بينما أظهر نحو 54% منهم أعراض قلق. وأبلغ نحو 72% من الآباء عن مستويات عالية من الاكتئاب والقلق لدى أطفالهم.
إعلانلقد تأثر آباء الأطفال أكثر بكثير ممن ليسوا آباء. وبحسب التقرير، فإن نحو 47% من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال تحت سن 18 عاماً أصيبوا بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة أثناء الحرب، مقارنة بنحو 12% من البالغين الذين ليس لديهم أطفال تحت سن 18 عاماً.
المقاتلون والنازحونويشير التقرير إلى أن من شاركوا وحضروا معارك السابع من أكتوبر والقتال، شهدوا تدهوراً حاداً خاصة. وبحسب التقرير: "هناك عدد من السكان المعرضين لخطر متزايد من الأذى النفسي عقب الأحداث – المقاتلون وفرق الإنقاذ، والمختطفون، والناجون من الأحداث، وسكان غلاف غزة، والنازحون؛ وأفراد وحدات الطوارئ والإنقاذ، وأفراد عائلات المقاتلين والضحايا، والأشخاص الذين تعرضوا لأحداث 7 أكتوبر من بعد في الوقت الحقيقي (مثل المراسلين، على سبيل المثال)، وفرق التحقيق التي تحقق في الأحداث".
ويبين التقرير، أن معدل أفراد هذه الفئات من الساعين إلى الحصول على الرعاية الصحية العقلية أعلى بعدة مرات من معدلهم في عموم السكان. وبحسب بيانات مركز ناتال، فإن ما يقرب من 39% ممن وصلوا إليهم منذ الحرب كانوا من جنود الاحتياط (أي ما يقرب من عشرة أضعاف نسبتهم في السكان). ويذكر التقرير: "يُعد المقاتلون من أبرز الفئات المعرضة لخطر الإصابة باضطرابات نفسية، سواء من تعرضهم المباشر لمواقف تهدد حياتهم، أم من تعرضهم لتوتر مدة زمنية. قد يؤدي قتل شخص آخر إلى اضطراب ما بعد الصدمة، وقد يتطور هذا الاضطراب أيضًا عند المقاتلين الذين قتلوا إرهابيين".
وبحسب بيانات وزارة الدفاع، منذ بداية الحرب على غزة بعد 7 من أكتوبر/تشرين الأول، وحتى أغسطس/آب 2024 استقبل جناح إعادة التأهيل 10 آلاف 56 جريحًا من جنود الاحتياط وقوات الأمن -أي ما يعادل ألف جريح شهريًا- ويعاني ثلثهم تقريبًا من ردود فعل نفسية. هذا إضافة إلى آلاف الجنود النظاميين الذين يتلقون العلاج داخل مؤسسات الجيش الإسرائيلي. كما أن وضع الذين حضروا الحفلات الثلاث التي أقيمت في غلاف غزة صباح السابع من أكتوبر وشهدوا المجزرة التي حدثت هناك صعب بشكل خاص. وبحسب التقرير: "تعرض ما يقرب من 4000 من الناجين من الحفلات لأحداث مهددة للحياة، وشاهد معظمهم أشخاصًا يموتون ويصابون، بمن فيهم أحباؤهم. يعاني كثير منهم من مستويات عالية من الضيق، وأعراض شديدة لاضطراب ما بعد الصدمة، وارتجاع الذكريات العاطفية، الذكريات المؤلمة، الكوابيس، الاكتئاب، القلق، صعوبات النوم الخطِرة.
ويواجه كثير منهم صعوبة في العودة إلى روتينهم اليومي، وممارسة أعمالهم، والعودة إلى العمل والدراسة. 47% فقط من الناجين من الأحزاب استمروا في العمل بانتظام منذ 7 أكتوبر، إضافة إلى نحو ثُمنهم ممن خدموا في قوات الاحتياط. حاول 35% منهم العمل لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. كما يعاني أفراد أسرهم من إصابات نفسية.
ويشير التقرير إلى دراسة أجرتها جامعة تل أبيب وكلية تل حاي، والتي جاء فيها أن نحو 34% من السكان الذين تم إجلاؤهم من البلدات الجنوبية (بمن فيهم أولئك الذين عادوا فعلا إلى منازلهم) ونحو 28% من الذين تم إجلاؤهم من الشمال، يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. ويضيف التقرير، أنه إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن أحداث السابع من أكتوبر وقعت في الجنوب، فإن "المعدل المرتفع للأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال، ويعانون من ضائقة نفسية، يقتربون من معدل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الجنوب، كما يشير إلى أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال تأثروا بشدة أيضًا".
تعاطي المخدراتوجاء في التقرير أيضًا: "شهدنا زيادة بنسبة مئة بالمئة في استخدام المواد المُسببة للإدمان، بما فيها الأفيونية ومضادات القلق والكحول والتبغ. وتُلاحظ هذه الزيادة بشكل خاص لدى سكان غلاف غزة، وهي أكثر شيوعًا بين النساء وكبار السن". وتبين الدلائل ارتفاع استهلاك المواد الأفيونية بنسبة 70% خلال الحرب. وتشير التقديرات اليوم إلى أن نحو 200 ألف إسرائيلي يستخدمون هذه المواد في إفراط، مما قد يؤدي إلى الإدمان عليها، بل والوفاة أحيانًا.
ويشير التقرير، إلى بيانات من شركة التأمين الصحي كلاليت، إذ تشير إلى ارتفاع كبير في استخدام الحبوب المنومة ومسكنات الألم المخدرة ومضادات الاكتئاب وأدوية القلق. وبحسب صندوق التأمين الصحي كلاليت، شهدت الأشهر الستة الأولى من الحرب زيادة في استخدام مسكنات الألم المخدرة بنسبة تزيد عن 200%.. وبحسب صندوق التأمين الصحي العام، كانت هناك زيادة بنسبة تزيد عن 200% في استخدام مسكنات الألم المخدرة، وزيادة بنسبة 50% في استخدام الأدوية المضادة للقلق عند عامة السكان، وزيادة بنسبة 100% عند النازحين في المنطقة المحيطة.
إعلانوتشير دراسة أجرتها جامعة تل أبيب، نقلاً عن تقرير مركز المعلومات، إلى ارتفاع بنسبة 34% في استخدام المهدئات لدى النساء، وارتفاع بنسبة 42% في استخدام المهدئات بين النساء اللاتي تم إخلاؤهن من منازلهن في الشمال والمناطق المحيطة. ارتفاع بنسبة 26% لدى جميع النساء وارتفاع بنسبة 61% بين النساء اللواتي يطلبن العلاج من الاكتئاب والقلق؛ ارتفاع بنسبة 58% بين جميع النساء و132% بين النساء اللاتي تم إجلاؤهن بسبب استخدام الحبوب المنومة.
ويخلص التقرير إلى أن طول مدة الحرب له تأثير. وفقًا للدراسات البحثية، يُعدّ التعرض المتكرر والمطول للأحداث الصعبة أحد العوامل الأكثر مساهمة في تطور اضطراب ما بعد الصدمة. لذلك، مع استمرار الحرب، سيزداد الضرر، لا سيما بين المقاتلين والرهائن وعائلاتهم.