تركيا وأزمات دولية.. وساطات ناجعة لدبلوماسية فعالة
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
بقيادة رئيسها رجب طيب أردوغان وبدبلوماسيتها البناءة، تبرز تركيا منذ سنوات دولة محورية في حل الأزمات الدولية، وأحدثها تسوية الخلاف بين الصومال وإثيوبيا قبل أيام.
وبجهود الوساطة تلك، تساهم تركيا في الاستقرار الإقليمي والدولي، وباتت أحد العناصر الرائدة في حل أزمات عديدة، مستفيدة من ثقة أطرافها بسياسة أنقرة وحيادها.
وكان لتركيا دور كبير في أزمات منها الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتبادل أسرى من الجانبين، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحرب في سوريا، ومؤخرا النزاع بين الصومال وإثيوبيا.
** روسيا وأوكرانيا
بين 28 و30 مارس/ آذار 2022، استضافت تركيا اجتماعا لوفدين مفاوضين روسي وأوكراني، وأدت دورا رائدا في توقيع "اتفاقية مبادرة حبوب البحر الأسود" في 22 يوليو/ تموز من العام ذاته.
وحظيت الاتفاقية، الموقعة في إسطنبول، بتقدير الرأي العام الدولي لإسهامها في الحد من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الغذاء في العالم.
وعندما زار الرئيس أردوغان مدينة لفيف الأوكرانية، في 18 أغسطس/ آب 2022، أصبح الرئيس الوحيد لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو" الذي يزور أوكرانيا وروسيا منذ بدء حربهما في 24 فبراير/ شباط من العام نفسه.
ودعت موسكو، قبل الحرب، كييف إلى التراجع عن خططها للانضمام إلى الناتو معتبرة أنها تهدد الأمن القومي الروسي، وهو ما عدته أوكرانيا تدخلا في شؤونها الداخلية.
** تبادل أسرى تاريخي
وفي أغسطس 2024، نسقت المخابرات التركية عملية تبادل أسرى شملت 26 شخصا في سجون 7 دول هي الولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا وبيلاروسيا.
ودخلت هذه العملية التاريخ باعتبارها عملية تبادل الأسرى الأكثر شمولا بين الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا في السنوات الأخيرة.
**وقف تسليح إسرائيل
بقيادة تركيا، طلبت 52 دولة أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتخاذ إجراءات مشتركة من مجلس الأمن الدولي لوقف شحن الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل.
ووقعت 52 دولة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي مبادرة الرسالة المشتركة التي بدأت بقيادة تركيا.
وكانت تركيا من بين الدول التي حافظت على اتصالات دبلوماسية لتبادل الأسرى وإبرام وقف إطلاق نار بين إسرائيل وفلسطين في حالات عديدة.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلّفت نحو 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
** دبلوماسية إنسانية
ومنذ اندلاعها في مارس 2011، واصلت تركيا نشاطها الدبلوماسي لحل الأزمة السورية، واتبعت سياسة إنسانية تجاه مشكلة اللاجئين الناجمة عن هذه الأزمة، فاستضافت ملايين منهم.
كما نفذت عمليات عسكرية مهمة ضد التنظيمات الإرهابية التي تستغل عدم الاستقرار في المنطقة، فمنعت تشكيل ممر إرهابي على حدود تركيا.
وتمارس أنقرة جهودا دبلوماسية مكثفة منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا الجارة الجنوبية لتركيا.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وبعدها بيومين، التقى الرئيس أردوغان مع الأمين العام للناتو مارك روته، وشدد على أن سوريا يجب أن يحكمها الشعب السوري.
وقال، في اتصاله برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن تركيا ستدعم الشعب السوري لتطهير بلاده من العناصر الإرهابية.
وشدد أردوغان، في اتصال هاتفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، على أن بلاده ستواصل العمل بهدف جعل سوريا خالية من الإرهاب.
وأكد في لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في 12 ديسمبر الجاري، أن تركيا ستتخذ تدابير وقائية لأمنها القومي ضد جميع المنظمات الإرهابية، لا سيما "واي بي جي/ بي كي كي" و"داعش".
** أزمة الصومال وإثيوبيا
وبوساطة تركيا، تمت في 11 ديسمبر الجاري تسوية الأزمة المستمرة منذ نحو عام بين الصومال وإثيوبيا، الجارين في منطقة القرن الإفريقي (شرقي القارة).
وخلال قمة ثلاثية في أنقرة مع الرئيس أردوغان، توصل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى اتفاق لحل الأزمة بين بلديهما.
واتفق البلدان على العمل معا "بشكل وثيق للتوصل إلى نتائج فيما يتعلق بالإجراءات التجارية ذات المنفعة المتبادلة من خلال الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك العقود والإيجارات والأدوات المماثلة، التي ستمكن إثيوبيا من التمتع بوصول آمن وسليم ومستدام إلى البحر ومنه، تحت السلطة السيادية للصومال".
وتدهورت العلاقات بين البلدين منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقا مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي مطلع يناير/ كانون الثاني 2024، منح الإذن لأديس أبابا باستخدام سواحل الإقليم على خليج عدن لأغراض تجارية وعسكرية.
ورفضت مقديشو صفقة إثيوبيا مع "أرض الصومال"، ووصفتها بأنها "غير شرعية وتشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادتها"، فيما دافعت الحكومة الإثيوبية عن الاتفاق قائلة إنه "لن يؤثر على أي حزب أو دولة".
** وساطة بين الإمارات والسودان
والجمعة، قالت الرئاسة التركية إن الرئيس أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، خلال اتصال هاتفي، أن أنقرة مستعدة للتوسط في حل النزاعات بين السودان والإمارات.
واتهم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، في وقت سابق، الإمارات بإشعال الحرب في بلاده عبر دعم قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية.
ونفت الإمارات تدخلها في الشؤون السودانية الداخلية، وقالت إن "تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الصومال وإثیوبیا الرئیس أردوغان
إقرأ أيضاً:
تركيا تنفق 12 مليار دولار لدعم "الليرة" بعد اعتقال منافس أردوغان
الاقتصاد نيوز - متابعة
أنفق البنك المركزي التركي قرابة 12 مليار دولار في تدخل قياسي لدعم الليرة، وذلك عقب اعتقال الرئيس رجب طيب أردوغان لمنافسه السياسي، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، مما أثار أزمة سياسية أدت إلى هروب المستثمرين وانخفاض العملة.
وبحسب شخص مطلع على الأمر وحسابات تستند إلى بيانات رسمية من شركة «Bürümcekçi Research and Consultancy»، فقد أنفق البنك 11.5 مليار دولار لدعم العملة يوم الأربعاء، بعد اعتقال إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز زعيم للمعارضة السياسية في تركيا، وفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز.
ويُعد هذا التدخل الأكبر في تاريخ البنك المركزي، إذ تجاوز بأربعة أضعاف أي تحرك سابق مسجَّل. وجاء ذلك بعدما هوت الليرة بنسبة تصل إلى 11% أمام الدولار الأميركي، مسجلةً أدنى مستوى لها على الإطلاق، عقب خطوة أردوغان ضد إمام أوغلو التي أثارت موجة هروب من الأسواق التركية.
قال أحد المصرفيين الأتراك إن المسؤولين «فقدوا السيطرة» على السوق في وقت مبكر من يوم الأربعاء، مضيفاً أن ذلك «ترك أثراً» على ثقة المستثمرين.
وأشارت مؤسسة «جيه بي مورغان تشيس»، التي تعد لاعباً رئيسياً في تمويل الأسواق الناشئة، إلى أن «سيولة الليرة تضررت وسط تدفقات رأسمالية كبيرة» يوم الأربعاء.
ويقول المحللون إن البنك المركزي واصل على الأرجح تدخله في السوق يومي الخميس والجمعة.
رفع معدل الفائدة التركية
واتخذ صانعو السياسات خطوات أخرى لتهدئة الأسواق هذا الأسبوع، من بينها عقد اجتماع طارئ للبنك المركزي يوم الخميس، حيث تم رفع معدل الفائدة الرئيسية لليلة واحدة في محاولة لإبقاء المدخرين المحليين في حسابات الليرة بدلاً من التحول إلى الدولار.
خففت هذه الإجراءات من تراجع الليرة، حيث أنهت الأسبوع بانخفاض قدره 3%، إلا أن مؤشر «بيست 100» للأسهم في إسطنبول تراجع بنحو 8% يوم الجمعة، في أسوأ أسبوع له منذ عام 2008.
برز إمام أوغلو، الذي يُعتبر أبرز منافس سياسي لأردوغان خلال عقدين من حكمه، كمرشح محتمل عن حزب الشعب الجمهوري المعارض في الانتخابات الرئاسية، إذ كان الحزب يأمل في فرض انتخابات مبكرة.
وأثار اعتقاله اضطرابات استمرت لأيام، حيث دعا حزب الشعب الجمهوري إلى تنظيم مزيد من الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع. ووصف أردوغان المظاهرات يوم الجمعة بأنها «إرهاب في الشوارع».
ويمثل الاضطراب السياسي هذا الأسبوع نكسة كبيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي بدأ بعد إعادة انتخاب أردوغان في عام 2023.
ويشرف على البرنامج محمد شيمشك، المصرفي السابق في «ميريل لينش»، الذي يسعى إلى احتواء أزمة التضخم المزمنة في تركيا واستعادة ثقة المستثمرين الذين غادروا البلاد على مدى العقد الماضي، مع تحول أردوغان نحو سياسات اقتصادية غير تقليدية.
تضمن البرنامج زيادات كبيرة في معدلات الفائدة، ما شكل تحولاً عن سياسة أردوغان السابقة التي تمسكت بإبقاء الفائدة منخفضة رغم التضخم المتسارع، بالإضافة إلى رفع الضرائب.
انخفاض التضخم في تركيا
وأظهر البرنامج بعض النجاح، حيث تراجع التضخم إلى 39% بعد أن كان فوق 85% في أواخر عام 2022. كما أعادت تركيا بسرعة بناء احتياطياتها من النقد الأجنبي، التي استُنزفت مع سعي حكومة أردوغان لدعم الاقتصاد والليرة قبيل انتخابات 2023. فقد ارتفع إجمالي الاحتياطيات الأجنبية إلى ما يقرب من 100 مليار دولار قبل تدخلات هذا الأسبوع، مقارنةً بحوالي 57 مليار دولار في منتصف 2023.
ورغم ذلك، لا يزال المستثمرون على المدى الطويل حذرين من ضخ استثماراتهم في الأصول التركية، خوفاً من أن يعود أردوغان إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، كما فعل في السابق.
لكن صناديق التحوط ومستثمرين آخرين يسعون للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة التي تتجاوز 40%، حيث ضخوا نحو 35 مليار دولار في ما يُعرف بصفقات «الكاري تريد»، التي يقوم فيها المتداولون بالاقتراض بعملات منخفضة العائد للاستثمار في عملات ذات عوائد مرتفعة، وفقاً لتقديرات «جيه بي مورغان».
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام