سودانايل:
2025-01-16@19:17:02 GMT

المسافة بين انقرة و أرض البطانة

تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT

الاتصال الذي أجراه رئيس دولة تركيا الطيب رجب أردغان مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لحل المشكلة السودانية، و وقف الحرب عبر تفاوض مع الدولة الداعمة للميليشيا قبل أيام، أصبح هو الموضوع الرئيس للعديد من الكتاب و المحللين الذين ذهبوا في اتجاهات متفرقة كل يحاول أن يجير الحديث حسب هواه و ما يتمناه، باعتبار أن رد البرهان الإيجابي سوف يفتح صالات الحوار المتعددة، لآن التفاوض لا يؤدي إلي حل يبعد الميلشيا من المجال العسكري و السياسي، لذلك تصبح تسوية لا تتوقف في حدود الجيش و الميليشيا أنما سوف تمتد إلي القوى السياسية.

.
و لكن البرهان جاء بالرد اليقين في أرض البطانة لا حوار و لا تفاوض و لا هدنة مع الميليشيا التي بدأت تترنح، و كل القوات سوف تلتقي في مدني.. الغريب في الأمر أن البعض لا يفرق بين الردود الدبلوماسية التي تبقي على شعرة معاوية في علاقات الدولة مع الدول الأخرى، و بين قرار قيادة الجيش الذي لا يستطيع أن يتجاوز الشارع السوداني، أن المعركة الدائرة الآن ليس بين جنرالين كما يدعي تحالف " تقدم" و الإعلام السائر في ركبه، بل هي حرب ضد الوطن و وحدته و استقراره وفقا للأجندة الخارجية، و الذين يدعمون تلك الأجندة و قد تم توظيفهم لخدمتها، و الآن هم يطالبون بالتدخل الخارجي و قوات دولية تحت البند السابع و غيره ، هؤلاء و الميليشيا خاضوا حربهم ضد المواطن في العديد من مناطق السودان بالنهب و السرقة و القتل و الاغتصابات، فأصبح المواطن هو صاحب القرار في كيفية وقف الحرب بالانتصار العسكري حيث لبوا دعوات الاستنفار و المقاومة الشعبية و قدموا التضحيات بالغالي و النفيس، أو بالتفاوض الذي لا يجد آذان صاغية في الشارع إلا عند قلة من الناس، هؤلاء ينقسمون إلي فئتين.. الأولى تريد التفاوض لكي ترجع مرة أخرى للساحة السياسية مدعوة بأجندة خارجية، و مجموعة أخرى تقف بعيدا رافعة الشعار " لا للحرب" لكي تدعي أنها على الحياد رغم أن أغلبية عناصرهم يقفون مع الميليشيا برفع بوستراتهم و صورهم تخزيلا للجيش و الشارع..
أن التلاحم القوي بين الشعب و الجيش في ساحة المعارك هو الذي سوف يرسم طريق الحل الذي يجب أن يمحا فيه أسم الميليشيا تماما في الأجندة و التاريخ السوداني، و أنتصار الجيش في المعركة هو الطريق الوحيد لوقف الحرب،أن المسافة بين أنقرة و أرض البطانة بعيدة جدا لا يمكن أن يلتقيان مطلقا.. و لا تقف الحرب إذا كان هناك شخص واحد من الميليشيا محتفظا ببندقيته.. و إذا كانت القوى الأمبريالية ما تزال تعمل من أجل تحقيق أجندتها في السودان.. الحرب ليس هي ضد الميليشيا فقط .. بل الحرب هي تصحيح لكل مسارات السودان التاريخية التي وصمت بالفشل، هي تغيير حقيقي للعقليات التي لا تعرف إلا مصالحها الخاصة، هي تغيير للمسار السياسي السابق الذي كان يعزل المواطن عن المشاركة الحقيقية في صنع القرار.. لذلك عندما ينتصر الجيش أول فعل يجب أن يقوم به الدعوة إلي انتخابات للجان الأحياء التي يجب أن تمثل القاعدة الأساسية للعمل السياسي في البلاد.. هؤلاء الشباب الذين لبوا نداء الوطن و حملوا السلاح دفاعا عنه هم أحق بالحكم من غيرهم.. و الانتخابات في الأحياء تعطيهم الشرعية أن يتحدثوا بأسم الذين يمثلونهم، هؤلاء يجب عليهم أن يختاروا الحكومة الانتقالية، و هؤلاء هم الذين يشكل منهم المجلس التشريعي للفترة الانتقالية، و هؤلاء هم الذين يختاروا حكام الولايات و حكوماتها.. أن التحول الديمقراطي الذين ينادي به الناس يصبح تحولا حقيقيا شعبيا، و ليست شعارات معلقة في الهولاء.. أكثر الناس خيانة لها هم الذين كانوا يرفعونها.. نسأل الله حسن البصير..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع

توشك المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس أن تصل إلى ذروتها بإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ورغم أن جانب دولة الاحتلال غير مأمون بناء على التجارب التاريخية وبناء على تجارب مفاوضات الحرب الحالية، لكن المؤشرات والتسريبات التي رشحت خلال الأيام الماضية والمشهد العام في المنطقة والمزاج الأمريكي كلها تشير إلى أن إسرائيل مضطرة هذه المرة إلى التوقيع قبل بدء الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي ترامب.

إن هذه الخطوة كان يمكن أن تحدث منذ أكثر من عام لولا تعطش رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة للدماء ولولا الأحقاد التي تستعر في نفوسهم ضد الشعب الفلسطيني، ولو حدثت في ذلك الوقت لكان يمكن لآلاف الأطفال الذين استشهدوا في هذه الحرب أن يكونوا من بين الذين سيفرحون بالقرار وهم يعودون إلى قراهم المدمرة ليبحثوا عما تبقى من ذكرياتهم وألعابهم وبعض طفولتهم.

لكن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء لا يفهمون معنى الطفولة ولا قدسيتها حتى خلال الحرب ومن باب أولى لا يفهمون معنى أن تعود الأمهات الثكلى بأطفالهن فلا يجدن حتى قميصا فيه رائحة طفلها قد يخفف بعض حزنها أو يوقف دموع عينها المبيضة من الحزن والبكاء.

من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالنصر رغم كل الخسائر التي منوا بها: خسائر في الأرواح التي قد تصل الآن بعد أن تتلاشى أدخنة الحرب إلى نحو 50 ألف شهيد وأكثر من 200 ألف جريح وبنية أساسية مهدمة بالكامل وغياب كامل لكل مظاهر الحياة الإنسانية وانعدام كامل للمواد الغذائية والطبية.. وشعور النصر مصدره القدرة على البقاء رغم الإبادة التي عملت عليها قوات الاحتلال، الإبادة المدعومة بأعتى الأسلحة الغربية التي جربها العدو خلال مدة تصل إلى 18 شهرا.

في مقابل هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن الموازين في المنطقة قد تغيرت بالكامل خلال هذه الحرب، والمنطقة في اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار ليست هي المنطقة التي كانت عليها قبل يوم 7 أكتوبر.

وإذا كانت إسرائيل قد صفَّت الكثير من خصومها في هذه الحرب وفككت محور المقاومة وأثخنت الكثير من جبهاته وآخرها الجبهة السورية إلا أنها كشفت عن ضعفها في المواجهات المباغتة، وفضحت أسطورة أجهزتها الأمنية وقبتها الحديدية.

وفي مقابل ذلك فإن حركة حماس رغم ما تعرضت له من خسائر فادحة في رجالها وقياداتها الميدانية إلا أنها أثبتت في الوقت نفسه أنها منظمة بشكل دقيق ومعقد وأنها قادرة على الصمود وتجديد نفسها وتقديم قيادات جديدة.

والأمر نفسه مع حزب الله ومع إيران التي دفعتها هذه الحرب إلى دخول مواجهة مباشرة لأول مرة في تاريخها مع إسرائيل، ولا شك أن تلك المواجهات كشفت لإيران نفسها عن مواطن الضعف في منظوماتها كما كشف مواطن القوة.

ورغم أن بعض الخبراء يرون أن حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله يمكنهم تجديد قوتهم خلال المرحلة القادمة إلا أن الأمر يبدو مختلفا في سوريا التي يظهر أنها خرجت من المحور تماما سواء كان ذلك على المستوى الأيديولوجي أو حتى مستوى العمل الميداني واللوجستي.

وأمام هذا الأمر وتبعا لهذه التحولات ما ظهر منها وما بطن فإن الموازين في المنطقة تغيرت بالكامل، ولا يبدو أن ذلك ذاهب لصالح القضية الفلسطينية في بعدها التاريخي أو في جوهر ما تبحث عنه وهو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المحتلة ولو على حدود 5 يونيو 1967.

لكن هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي أو تنتهي نصرة القضية الفلسطينية من الشعوب الحرة المؤمنة بالقضية، بل ستزهر في كل مكان في فلسطين أشكال جديدة من المقاومة والندوب الذي أحدثتها الحرب في أجساد الفلسطينيين وفي أرواحهم، ستبقى تغلي وستكون بذورا لمواجهات أخرى أكثر ضراوة وأكثر قوة وإصرارا على النصر.

مقالات مشابهة

  • تعرف على أبرز المفاوضين الذين أنجزوا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
  • 40% من عناصر المليشيا الذين قاتلوا مع المليشيا فى الجزيرة هم من جنوب السودان
  • خليل الحية: “أنصار الله” هم إخوان الصدق الذين غيّروا من معادلة الحرب والمنطقة
  • ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
  • القائد العام للقوات المسلحة يرسل رسائل من جمهورية موريتانيا
  • استهداف سد مروي يكشف عن طبيعة الأهداف الخفية لحرب الميليشيا
  • كبسسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [ 133 ]
  • القوى السياسية والتحنيط العقلي
  • WP: ما هو الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه غزة بعد تهديدات ترامب؟
  • WP: كم هو الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه غزة بعد تهديدات ترامب؟