المسافة بين انقرة و أرض البطانة
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
الاتصال الذي أجراه رئيس دولة تركيا الطيب رجب أردغان مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لحل المشكلة السودانية، و وقف الحرب عبر تفاوض مع الدولة الداعمة للميليشيا قبل أيام، أصبح هو الموضوع الرئيس للعديد من الكتاب و المحللين الذين ذهبوا في اتجاهات متفرقة كل يحاول أن يجير الحديث حسب هواه و ما يتمناه، باعتبار أن رد البرهان الإيجابي سوف يفتح صالات الحوار المتعددة، لآن التفاوض لا يؤدي إلي حل يبعد الميلشيا من المجال العسكري و السياسي، لذلك تصبح تسوية لا تتوقف في حدود الجيش و الميليشيا أنما سوف تمتد إلي القوى السياسية.
و لكن البرهان جاء بالرد اليقين في أرض البطانة لا حوار و لا تفاوض و لا هدنة مع الميليشيا التي بدأت تترنح، و كل القوات سوف تلتقي في مدني.. الغريب في الأمر أن البعض لا يفرق بين الردود الدبلوماسية التي تبقي على شعرة معاوية في علاقات الدولة مع الدول الأخرى، و بين قرار قيادة الجيش الذي لا يستطيع أن يتجاوز الشارع السوداني، أن المعركة الدائرة الآن ليس بين جنرالين كما يدعي تحالف " تقدم" و الإعلام السائر في ركبه، بل هي حرب ضد الوطن و وحدته و استقراره وفقا للأجندة الخارجية، و الذين يدعمون تلك الأجندة و قد تم توظيفهم لخدمتها، و الآن هم يطالبون بالتدخل الخارجي و قوات دولية تحت البند السابع و غيره ، هؤلاء و الميليشيا خاضوا حربهم ضد المواطن في العديد من مناطق السودان بالنهب و السرقة و القتل و الاغتصابات، فأصبح المواطن هو صاحب القرار في كيفية وقف الحرب بالانتصار العسكري حيث لبوا دعوات الاستنفار و المقاومة الشعبية و قدموا التضحيات بالغالي و النفيس، أو بالتفاوض الذي لا يجد آذان صاغية في الشارع إلا عند قلة من الناس، هؤلاء ينقسمون إلي فئتين.. الأولى تريد التفاوض لكي ترجع مرة أخرى للساحة السياسية مدعوة بأجندة خارجية، و مجموعة أخرى تقف بعيدا رافعة الشعار " لا للحرب" لكي تدعي أنها على الحياد رغم أن أغلبية عناصرهم يقفون مع الميليشيا برفع بوستراتهم و صورهم تخزيلا للجيش و الشارع..
أن التلاحم القوي بين الشعب و الجيش في ساحة المعارك هو الذي سوف يرسم طريق الحل الذي يجب أن يمحا فيه أسم الميليشيا تماما في الأجندة و التاريخ السوداني، و أنتصار الجيش في المعركة هو الطريق الوحيد لوقف الحرب،أن المسافة بين أنقرة و أرض البطانة بعيدة جدا لا يمكن أن يلتقيان مطلقا.. و لا تقف الحرب إذا كان هناك شخص واحد من الميليشيا محتفظا ببندقيته.. و إذا كانت القوى الأمبريالية ما تزال تعمل من أجل تحقيق أجندتها في السودان.. الحرب ليس هي ضد الميليشيا فقط .. بل الحرب هي تصحيح لكل مسارات السودان التاريخية التي وصمت بالفشل، هي تغيير حقيقي للعقليات التي لا تعرف إلا مصالحها الخاصة، هي تغيير للمسار السياسي السابق الذي كان يعزل المواطن عن المشاركة الحقيقية في صنع القرار.. لذلك عندما ينتصر الجيش أول فعل يجب أن يقوم به الدعوة إلي انتخابات للجان الأحياء التي يجب أن تمثل القاعدة الأساسية للعمل السياسي في البلاد.. هؤلاء الشباب الذين لبوا نداء الوطن و حملوا السلاح دفاعا عنه هم أحق بالحكم من غيرهم.. و الانتخابات في الأحياء تعطيهم الشرعية أن يتحدثوا بأسم الذين يمثلونهم، هؤلاء يجب عليهم أن يختاروا الحكومة الانتقالية، و هؤلاء هم الذين يشكل منهم المجلس التشريعي للفترة الانتقالية، و هؤلاء هم الذين يختاروا حكام الولايات و حكوماتها.. أن التحول الديمقراطي الذين ينادي به الناس يصبح تحولا حقيقيا شعبيا، و ليست شعارات معلقة في الهولاء.. أكثر الناس خيانة لها هم الذين كانوا يرفعونها.. نسأل الله حسن البصير..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الخبراء يسعون لترميم المواقع الأثرية التي دمرتها الحرب في سوريا
بدأ الخبراء العودة إلى المواقع الأثرية التي دمرتها الحرب في سوريا، أملاً في وضع الأساس لترميمها وإنعاش السياحة، التي يقولون إنها يمكن أن توفر دفعة يحتاجها اقتصاد البلاد بشدة، بعد سنوات حرب دامت نحو 14 عاماً.
ومازالت معالم أثرية، كانت مزدهرة في السابق، مثل مدينة تدمر القديمة وقلعة الحصن التي تعود للقرون الوسطى، تعاني من آثار الصراع الذي استمر لأعوام، ولكن السائحين المحليين يعودون إلى هذه المواقع، ويأمل النشطاء الذين يدعون للحفاظ على البيئة في أن تجذب في النهاية الأهمية التاريخية والثقافية لهذه المعالم الزوار الدوليين مجدداً.
Experts are returning to #Syria’s war-ravaged heritage sites, hoping to lay the groundwork for restoring them and reviving tourism.
They say the sites could provide a much-needed boost to the country’s decimated economy after nearly 14 years of war
???? @andyhilliar pic.twitter.com/djxyMGYBOv
وكانت مدينة تدمر، إحدى المواقع الـ 6 المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو في سوريا، في السابق مركزاً رئيسياً لشبكة طريق الحرير القديم التي كانت تربط الامبراطوريتين الرومانية والبارثية في آسيا. وتشتهر المدينة، التي تقع في الصحراء السورية، بالآثار التي تعود للعهد الروماني منذ 2000 عام. وتعرف الآن بأعمدتها المحطمة ومعابدها المهدمة.
وقبل الانتفاضة السورية التي بدأت عام 2011، وسرعان ما تصاعدت لتصبح حرباً أهلية دموية، كانت تدمر المقصد السياحي الرئيسي في سوريا، حيث كانت تجتذب نحو 150 ألف زائر شهرياً، حسبما قال أيمن نابو، الباحث والخبير في الآثار لوكالة أسوشيتد برس.
وكانت المدينة القديمة عاصمة لإمارة عربية مرتبطة بالإمبراطورية الرومانية، تمردت لفترة وجيزة وأسست مملكتها الخاصة في القرن الثالث بقيادة الملكة زنوبيا. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت المنطقة توحي بانطباعات أكثر قتامة. فقد كانت مقر سجن تدمر، حيث يتردد أن الآلاف من معارضي حكم أسرة الأسد تم تعذيبهم. وقد قام تنظيم داعش الإرهابي بهدم السجن بعد الاستيلاء على المدينة.
وبعد ذلك، قام مسلحو تنظيم داعش الإرهابي بهدم معبدي بيل وبعل شمين، التاريخيين في مدينة تدمر، بالإضافة إلى قوس النصر، حيث اعتبروها آثاراً توحي بعبادة الأصنام، كما قاموا بقطع رأس محاضر كرس حياته لدراسة الآثار.
وما بين 2015 و2017، تحولت السيطرة على تدمر ما بين تنظيم داعش والجيش السوري، قبل أن تستعيد قوات الرئيس السابق بشار الأسد، مدعومة من ميلشيات تابعة لروسيا وإيران، السيطرة على المدينة.
وزار الباحث نابو، مدينة تدمر بعد 5 أيام من سقوط الحكومة السابقة. وقال: "رأينا معدات تنقيب مكثفة داخل المقابر"، مشيراً إلى الدمار الواسع الذي خلفه تنظيم داعش وقوات حكومة الأسد. وأضاف" متحف تدمر كان في وضع مؤسف، حيث هناك وثائق وأعمال فنية مفقودة- لا نعلم ما حدث لها".
Syria’s heritage sites, including Palmyra, need restoring say experts https://t.co/c9z50iprM9
— euronews (@euronews) February 17, 2025وفي مسرح تترابيلون ومواقع أثرية أخرى على طول الشارع الرئيسي ذو الأعمدة، قال نابو إنه تم توثيق الكثير من عمليات التنقيب غير القانونية، مما كشف عن وجود منحوتات بالإضافة إلى أعمال سرقة وتهريب منحوتات جنائزية أو متعلقة بالمقابر خلال عام 2015، عندما سيطر تنظيم داعش على الموقع.
وأضاف أنه "على الرغم من أنه تم استعادة 7 من المنحوتات المسروقة، ووضعها في متحف في إدلب، تم سرقة 22 أخرى. ومن المرجح أن يكون الأمر انتهي بالكثير من القطع في أسواق تحت الأرض أو تم إدراجها في مجموعات خاصة".
وأوضح نابو" سوريا لديها كنز من الآثار"، مؤكداً على الحاجة لجهود الحفاظ على الآثار. وأوضح أن الإدارة المؤقتة في سوريا، بقيادة هيئة تحرير الشام، قررت الانتظار لحين انتهاء المرحلة الانتقالية لتطوير خطة استراتيجية لترميم المواقع الأثرية.
بدوره، قال ماثيو لامارا من منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعةللأمم المتحدة (اليونسكو)، إن المنظمة دعمت منذ عام 2015 عن بعد حماية التراث الثقافي السوري، من خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية والتقارير والتوثيق، وتوصيات الخبراء المحليين، ولكنها لم تقم بأي عمل على الأرض".
وبخلاف تدمر، مازالت مواقع تاريخية أخرى تعاني من آثار الحرب. وتعرضت قلعة الحصن التي تعود للقرون الوسطى، والواقعة على تل بالقرب من بلدة الحصن، وقام ببنائها الرومان، ولاحقاً قرر الصليبيون توسيعها، للقصف الشديد خلال الحرب الأهلية السورية.
ومؤخراً، ظهر مقاتلون مسلحون يرتدون الزي العسكري وهو يجوبون القلعة بجانب سائحين محليين، ويلتقطون الصور الذاتية "السيلفي" بين الآثار.
وأشار حازم حنا المهندس ورئيس قسم الآثار بقلعة الحصن، إلى الأعمدة المنهارة وسلالم المدخل التي دمرتها الهجمات الجوية. وأضاف أن الضرر الناجم عن الهجمات الجوية الحكومية خلال عام 2014، أسفر عن تدمير معظم الباحة المركزية و الأعمدة المزينة بالأرابيسك".
وقال "اعتماداً على الخلفية الثقافية للمواقع التاريخية لسوريا، وأهميتها الأثرية والتاريخية لعشاقها في أنحاء العالم، أتمنى وأتوقع أنه حين تحين الفرص للسائحين لزيارة سوريا، أن نشهد انتعاشاً سياحياً كبيراً".
وأوضح حنا أنه "تم تجديد بعض الأقسام في قلعة الحصن بعد الهجمات الجوية والزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، الذي ضرب منطقة كبيرة من تركيا وسوريا خلال عام 2023. مع ذلك، مازال قطاع كبير من القلعة يعاني من الدمار".
ويعتقد كل من نابو وحنا أن أعمال الترميم سوف تستغرق وقتاً. وقال نابو " نحن في حاجة لفرق فنية لتقييم الوضع الحالي للمواقع الأثرية".