استلاك القنب بكميات قليلة بات مسموحا في بعض الدول الأوروبية

التعامل القانوني مع القنب (الحشيش) ليس موحدا في دول الاتحاد الأوروبي. الاتجاه السائد في أوروبا على مدار العشرين عاما الماضية يسير نحو تخفيض أو حتى إلغاء عقوبات السجن على حيازة  القنب بكميات قليلة.  وإلى جانب ألمانيا،  أدخلت عدة دول أوروبية أخرى أو تخطط لإدخال لوائح جديدة لاستخدام القنب كعقار ترفيهي.

هولندا

تحظى هولندا بشهرة عالمية بسبب نهجها الليبرالي بخصوص القنب وبعض المواد المخدرة الأخرى. فمنذ عام 1976  سُمح بحيازة واستهلاك ما يصل إلى خمسة غرامات منه، كما يُسمح ببيعه في "المقاهي" المرخصة. الفكرة السياسية وراء ذلك: عندما يشتري المستهلكون الحشيش بشكل سري في الشارع،  ستعرض عليهم أيضا مخدرات أقوى.

 

ولكن من ناحية أخرى، تمنع زراعة القنب وبيعه على نطاق واسع. هذا المجال هو ساحة تنشط فيها العصابات الإجرامية على وجه الخصوص.

كانت هولندا أيضا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تسمح بالاستخدام الطبي للقنب في عام 2003. واليوم بات يسمح باستخدامه في حوالي 30 دولة حول العالم.

مالطا

أصدرت مالطا قانونا جديدا في أواخر عام 2021 يقضي بعدم ملاحقة امتلاك أو استهلاك سبعة غرامات من الحشيش، وزراعة ما يصل إلى أربع نبتات منه. وهناك خطة للسماح بما تسمى "نوادي الحشيش الاجتماعية" بترخيص رسمي، حيث يمكن للمستهلكين أن يشكلوا جمعية تعاونية لزراعة النبات واستخدامه بشكل شخصي. هناك نماذج مشابهة في بعض مناطق إسبانيا، ولكنها ليست منظمة بشكل قانوني، وإنما يتم التسامح معها من جانب السلطات.

كما يجب، وفقا للقانون المالطي، شطب أي سجلات جنائية متعلقة بالقنب. على أن ترافق هذه التغييرات القانونية حملات تثقيفية. ولكن لا يزال استهلاكه في الأماكن العامة وأمام القصر محظورا في مالطا.

لوكسمبورغ

كان تشريع استهلاك القنب أحد المشاريع الرئيسية للحكومة الحالية، بهدف إبعاد المستهلكين عن السوق السوداء  والمخاطر المرتبطة بها والحد من الجرائم المتعلقة بالمخدرات.

ومنذ يونيو/حزيران من هذا العام، أضحت زراعة واستهلاك كميات صغيرة من القنب للاستخدام الترفيهي في المحيط الخاص أمرا مسموحا، أو يتم التعامل معها فقط على أنها مخالفة إدارية. يمكن لكل منزل أن يزرع أربع نباتات من القنب. ولكن من يحمل معه أكثر من ثلاثة غرامات من الحشيش في الأماكن العامة يعتبر تاجر مخدرات ويجب أن يتوقع تلقي العقوبة.

التشيك

يطلق البعض على براغ لقب "أمستردام الشرق"، وذلك لأن التشيك تتعامل مع الحشيش بشكل مرن أكثر من العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، وبالتحديد منذ عام 2010. وعلى الرغم من أن حيازة القنب تعتبر بشكل عام جريمة جنائية، إلا أنه لا يجري عمليا مقاضاة من يحمل كميات صغيرة منه.

مظاهرة في برلين تطالب بتشريع استهلاك القنب

وفي أبريل/نيسان 2023، قررت الحكومة التشيكية الذهاب إلى أبعد من ذلك: أي تقنين الحشيش لمنع إدمان المخدرات. وتشمل الخطط الجديدة إنشاء جمعيات القنب،  والسماح ببيعه في الصيدليات  بدون وصفة طبية، وتعديلات قانونية أخرى.

سويسرا

القنب محظور في سويسرا. ومع ذلك، يُسمح بمنتجات القنب طالما أنها تحتوي على أقل من واحد في المئة من المادة الفعالة "التتراهيدروكانابينول" (THC)، والتي تسبب تأثيرا مسكّرا. هذه المنتجات قد تكون عبارة عن أزهار القنب أو الزيوت العطرية أو المراهم أو القطرات. كما يُسمح بزراعة القنب بشكل خاص إذا كان محتوى التتراهيدروكانابينول في صنف القنب أقل من واحد في المئة.

ومنذ مايو/أيار 2021، أصبح المستهلكون قادرين أيضا على شراء منتجات القنب بشكل قانوني، ولكن بشروط صارمة، كجزء من التجارب العلمية. والهدف من هذه التجارب هو إنشاء أساس علمي متين لاتخاذ قرارات محتملة بشأن تنظيم استهلاك القنب.

إنيس آيزيله/ف.ي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: دويتشه فيله دويتشه فيله

إقرأ أيضاً:

هل تصل «الفوضى الهلاكة» إلى أوروبا؟

#سواليف

هل تصل « #الفوضى_الهلاكة » إلى #أوروبا؟

د. #فيصل_القاسم

مقالات ذات صلة إلى من تخطى الخمسين لا تقل فات الأوان 2024/06/28

هل سمعتم في التاريخ الأوروبي الحديث منذ الحرب العالمية الثانية زعيماً أوروبياً يحذر من اندلاع حرب أهلية في بلاده؟
قد يخطر اسم يوغسلافيا السابقة على بالكم، لكن يوغسلافيا كانت تابعة لأوروبا الشرقية المنضوية وقتها تحت لواء حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفياتي، الذي هو نفسه انهار فيما بعد وتفكك. أما الحركات الانفصالية في إسبانيا وإيرلندا فهذا موضوع آخر، وأسبابه مختلفة تماماً عما ذكره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام، فقد حذر ولأول مرة في التاريخ الفرنسي الحديث من إمكانية سقوط فرنسا في براثن الحرب الأهلية. وقال حرفياً إن برنامجي اليمين واليسار المتطرفين يؤديان فعلياً إلى «حرب أهلية». وأضاف بأن «الحلول التي قدمها اليمين المتطرف تصنف الناس من حيث دينهم أو أصولهم، وهذا هو السبب في أنها تؤدي إلى الفرقة وإلى الحرب الأهلية». ونحن هنا لا نتحدث عن دولة أوروبية هامشية، بل عن ركن أساسي في الاتحاد الأوروبي. إنها فرنسا وما أدراك ما فرنسا. هل كان تحذير الرئيس الفرنسي يا ترى مجرد مناورة سياسية ضد خصومه، أم إن السيل قد بلغ الزبى، وإن أوروبا كلها باتت على كف عفريت بسبب صعود أسهم الأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات؟ الواضح أن اليمين كما أظهرت نتائج الانتخابات في كل الدول الأوروبية لم يتقدم فقط في فرنسا، بل في معظم الدول الأوربية، بما فيها ألمانيا حاملة مشعل الاتحاد الأوروبي. وهذا لا يعني أن الغالبية العظمى من الأوروبيين قد ضاقوا ذرعاً بموجات اللاجئين والأجانب فحسب، بل باتوا ينشدون الاستقلال عن الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني بالضرورة تفكك الاتحاد فيما لو استمرت موجة صعود اليمين المتطرف في صناديق الاقتراع. ربما لأول مرة منذ عقود نسمع أصواتاً داخل ألمانيا تدعو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي. وهذه نغمة غير معهودة مطلقاً في الإعلام الألماني، خاصة وأن ألمانيا هي التي تحمي الاتحاد من الانهيار وذلك من خلال دعم الدول المتدهورة اقتصادياً كاليونان وغيرها. ومعلوم أن ألمانيا اشترت اليونان تقريباً وباتت المتحكم الرئيسي بسياساتها وحكوماتها. لكن الأحزاب المتطرفة فيها بدأت اليوم تطالب بتفكيك الاتحاد والانطواء على الذات.

اليمين كما أظهرت نتائج الانتخابات في كل الدول الأوروبية لم يتقدم فقط في فرنسا، بل في معظم الدول الأوربية، بما فيها ألمانيا حاملة مشعل الاتحاد الأوروبي

والغريب في الأمر أن بعض الأحزاب اليمينية صارت تحظى بأصوات نسبة لا بأس بها من الناخبين الألمان والفرنسيين وغيرهم. وكلها تعارض سياسات الأحزاب الحاكمة ومؤيديها، وهذا يعني بالضرورة أن الغالبية العظمى من الأوروبيين باتوا منقسمين على أنفسهم بشكل خطير ربما لأول مرة في التاريخ الحديث، وما حذر منه إيمانويل ماكرون في فرنسا قد يتردد صداه عاجلاً أو آجلاً في بقية دول الاتحاد الأوروبي، وهذا قد يزيد من الشروخ المتصاعدة داخل الجسم الأوروبي بمستوياته السياسية والشعبية.
ما الذي أدى يا ترى إلى هذه المخاطر المحدقة بالاتحاد الأوروبي وبشعوبه؟ لماذا بدأ التفكك يضرب مفاصل الدول الأوروبية؟ هل وصلت أنظمة التحكم الإعلامي والسياسي والثقافي والاجتماعي والديني إلى نهايتها؟ لماذا بدأت القواعد الشعبية تخرج عن السيطرة بالرغم من أن أنظمة التحكم والسيطرة الأوروبية لا مثيل لها عبر التاريخ في تطويع الشعوب وإخضاعها وترويضها، مع ذلك نجد اليوم قطاعات كبيرة من الشارع الأوروبي وقد بدأت تخرج عن القطيع. هل أفلست الأنظمة الأوروبية يا ترى، ولم تعد قادرة على تجميع شعوبها تحت مظلة واحدة؟ هل تبنت سياسات خاطئة ستؤدي بالضرورة إلى اضطرابات داخلية لا تحمد عقباها؟ وما هو الدور الخارجي في إذكاء نار التفكك والتصدع داخل المجتمعات الأوروبية؟
لقد وجه الغرب مرات عديدة أصابع الاتهام إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحملته مسؤولية دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة في عموم أوروبا؟ لكن هل يا ترى أن روسيا لوحدها تتحمل مسؤولية صعود نجم الأحزاب اليمينية، أم إن أمريكا نفسها لعبت ومازالت تلعب دوراً تخريبياً داخل القارة العجوز؟ ألم يصبح الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب والمرشح الحالي للرئاسة الأمريكية مثلاً يحتذى بالنسبة للعديد من الأحزاب والشخصيات السياسية الأوروبية؟ هل تعمل أمريكا على نشر الفوضى الهلاكة حتى داخل الديار الأوروبية نفسها؟ من الذي دعم مظاهرات «الستر الصفراء» في فرنسا لفترة طويلة؟ هل يمكن تبرئة الأمريكيين أصلاً من إشعال نار الحرب في أوكرانيا وأثرها المدمر على المجتمعات الأوروبية على كل الأصعدة؟
أليس من الغريب والملفت معاً أن أوروبا هي التي خاضت واحدة من أكبر الحروب في التاريخ للقضاء على الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، وخاصة ضد النازية الألمانية والفاشية الإيطالية؟ فما الذي دهاها اليوم يا ترى لأن تنفخ من جديد في نار الفاشية والتطرف وتدفع بأحزاب متطرفة مشابهة إلى سدة الحكم في أكثر من بلد أوروبي؟ هل موجة التطرف التي بدأت تطل برأسها في عموم أوروبا ظاهرة عابرة يا ترى، أم إنها خطيرة جداً، ولو لم تكن بتلك الخطورة التاريخية، لما خرج الرئيس الفرنسي ليحذر الفرنسيين بلغة واضحة من أن بلدهم معرض لفوضى قاتلة ستكون أول تجلياتها الحرب الأهلية؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية اليمن: أطراف دولية عديدة لا تقيم الأزمة بالبلاد بشكل صحيح
  • رسميًا.. منتخب ألمانيا يتأهل إلى ربع نهائي أمم أوروبا 2024 عقب الفوز على الدنمارك
  • مركز المصالحة: مسيرة أمريكية تقترب من طائرة روسية بشكل خطير فوق سوريا
  • هل تصل «الفوضى الهلاكة» إلى أوروبا؟
  • تعليق كولر عقب فوز الأهلي على فاركو في الدوري المصري
  • احمد ماهر: ترشيد استهلاك الكهرباء مسؤولية مشتركة ويجب مراعاة الفئات المتضررة
  • الأكاديمية العربية للعلوم تنظم ورشة عمل حول “ أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي”
  • مستشار ترامب يؤكد أن خطة المرشح الجمهوري بشأن غزة ستركز على إقناع الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل
  • مسيرة أمريكية تقترب بشكل خطير من طائرة حربية روسية في سماء سوريا
  • مع ارتفاع درجات الحرارة.. 5 طرق لتقليل استهلاك الكهرباء