موقع النيلين:
2025-01-16@17:08:17 GMT

أيامُ الناس في مِكناس (01)

تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT

بصراحة وجدت في نفسي شيئًا عندما خاطبني موظف الاستقبال في القنصلية المغربية بجدة قائلا: استرح يا حاج. وكنت قدَّمت أوراقي لطلب تأشيرة دخول للمغرب. لم أدرك أن الرجل كان يخاطبني بأفضل كلمات التقدير عندهم: “يا حاج”…

سمعت في الرباط من يخاطب الدكتور المحجوب بنسعيد: يا حاج، والمحجوب ذو فراسة وظنٍّ لا يخطئ، قال لي من غير أن أسأل: من يناديك في المغرب يا حاج فقد احترمك غاية الاحترام.


هذا فأل حسن، فقد جئت إلى المغرب لكي أشارك بندوة في مكناس ببحث فيه ذكر الحج والحجيج: (أدب النادرة بين الحقيقة والتخييل كما يمثله كتاب من طرائف الحجيج).

وصلت إلى مطار الملك محمد الخامس بالدار البيضاء بعد طيران سبع ساعات من مدينة جدة. خرجت من مبنى المطار وكنت أخشى برودة الطقس ونحن في شهر نوفمبر لكني فوجئت باعتدال الجو. سألت عن المسجد كي أصلي الفجر فدلوني على مصلى صغير عبارة عن سقيفة تكفي لصفين من المصلين، ورأيت حجرا موضوعًا في المقدمة عرفت أنه للتيمم. هذا أول انطباع عن هذه البلاد واعتدالها: اعتدال في الجو واعتدال في النموذج المغربي للتدين.
نسمع بالوسطية فنراها متجذرة هنا… ترى ذلك في لافتات الشوارع المكتوبة باللغتين العربية والأمازيغية بخطوط وضيئة غير مبهرة، متوسطة الأحجام لا هي بالكبيرة جدا ولا بالصغيرة، وتحس بذلك في المظهر العام في الشارع، وإن كنت ترى في الطرقات وسير العربات “سلوكات غير مسؤولة “.

ولعل قيام هذه الندوة عن (الفكاهة والضحك) من أقوى علامات الاعتدال.
عندما كنت أتفاكر مع الدكتور رضوان بوخالدي الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل في كيفية حضور الندوة كان في ذهني أن موضوعها موضوع انصرافي، ولا سيما في زمان الحرب والنزوح هذا. ولكن أليس زمان الحرب والنزوح أدعى للتنويع وكسر الرتابة أو بتعبير أحدهم: تعليل النفس ببعض الأنس.

في الجلسة الافتتاحية للندوة استشهد الدكتور مصطفى الغرافي بفقرة للطيب صالح من عرس الزين: “يولد الأطفال فيستقبلون الحياة بالصريخ، هذا هو المعروف. ولكن يُروى أن الزين، والعهدة على أمه والنساء اللائي حضرن ولادتها، أول ما مسَّ الأرض، انفجر ضاحكاً، وظل هكذا طوال حياته”.

تكلم الكثيرون عن أهمية الضحك، يستدلون عليها بأقوال الحكماء والفلاسفة: قال سيدنا علي بن أبي طالب: “من كانت فيه دعابة فقد برئ من الكبر”. ويكتب الدكتور محمد عفط في بحثه المقدم للندوة أن النوادر ميل طبيعي في الإنسان، وأن اللجوء إليها يتوافق مع الطبيعة الإنسانية التي لا تقبل قسرها على نمط واحد”…

وينقل د. عفط عن أبي إسحاق ربطه الميل إلى الضحك والمفاكهة ببديع خلق الله حيث يقول: “الحمد لله الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، فعرفنا بلذة الفرح شدة الترح، وبحلاوة الحياة مرارة الوفاة”.
وللنادرة وظيفة مهمة هي التفريج عن الكربات. جمع أحد المؤلفين من المغرب أخيرًا كتابًا عن نوادر أهل المغرب سماه (نوادر الأكياس في تفريج كربات الناس)، ولعله أراد أن يثبت وجود الظرفاء أيضًا في تاريخ الأدب العربي بالمغرب، إذ المشهور أن المشرقيين وحدهم من حازوا قصب السبق في كتابة النوادر من أمثال الجاحظ وأبو حيان التوحيدي وابن قتيبة والأبشيهي صاحب المستطرف من كل فن مستظرف.

وأشار الدكتور رشيد وديجي إلى أن النادرة تمثيل سردي لمضمون اجتماعي وأخلاقي يهدف إلى ترسيخ السلوك السوي في المجتمع… بعبارة أخرى تكمن أهمية النادرة، بوصفها أداة لإصلاح النفوس والمجتمع وترسيخ القيم النبيلة والفاضلة في المجتمع… وتخليصه من عيوبه ونقائصه، عن طريق تكثيف الشعور بالازدراء والسخرية من الموضوع المسخور منه”.

ولا أريد الاستطراد بأكثر من هذا في الحديث عن الندوة، لكن أختم بنقطتين وردتا في بحث الدكتور عبد الرحيم وهابي: الأولى عن الموقف الديني المتشدد الذي يحظر الضحك في المسيحية على اعتبار أن المسيح عليه السلام لم يضحك قط، ويقارن ذلك بالإشارة إلى ضحك النبي صلى الله عليه وسلم ومزاحه ومزاح الصالحين ونوادر الفقهاء والعلماء المسطورة في كتبهم. والنقطة الثانية في أن الضحك مما تميز به الإنسان دون الحيوان.
صحيح هل رأيتم حيوانًا يضحك أو يبتسم؟!
(نتابع)

بقلم: عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

«مخاطر الإلحاد وسبل مواجهته» في ندوة توعوية لمديرية الأوقاف بالسويس

أقيمت اليوم الأربعاء، بمركز النيل للإعلام بالسويس، الندوة العلمية لأئمة أوقاف السويس، بعنوان:« مخاطر الإلحاد وسبل مواجهته».

حاضر فيها الدكتور ابراهيم شعيب، أستاذ العقيدة والأديان بكلية الدعوة بجامعة الأزهر بالقاهرة، و ذلك بحضور الشيخ ماجد راضي فرج، وكيل وزارة الأوقاف بالسويس، و ماجدة عشماوي،

مدير مركز النيل للإعلام، قيادات مديرية أوقاف السويس، وأئمة السويس.

افتتحت ماجده عشماوي الندوة بالتأكيد على أهمية الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية التي تمثل حائط الصد للحفاظ على التماسك المجتمعي ومواجهة التهديدات التي تستهدف الأمة المصرية من خلال حملة اتحقق قبل ما تصدق التي أطلقتها الهيئة العامة للاستعلامات بجميع محافظات الجمهورية.

وتحدث الشيخ ماجد راضى أن هذه الندوة تأتى من أجل مواجهة خطر من أعظم الأخطار التي تهدد هذا العالم الذى نعيشه تهدد العالم لأن هذه الأخطار تهدد قضية مهمه في حياة الإنسان وهى قضية الإيمان والصلة بالله سبحانه وتعالى فقضية الإلحاد يجب على كل انسان أن يكون في مواجهتها بسبب ما يحيط به من أخطار.

وتناول الدكتور إبراهيم شعيب المخاطر الفكرية والاجتماعية التي يمثلها الإلحاد على الشباب والمجتمع وضرورة التحصين بالتربية الدينية الصحيحة وتعزيز الفكر المعتدل في مواجهة هذا التحدي والتوعية بمخاطر وسائل التواصل الإلكتروني والمواد التي تعرض على الإنترنت وتطبيقاته.

وأكدت الندوة على جهود مديرية الأوقاف بمحافظة السويس، في إطار اهتمامها بالبناء التثقيفي والمعرفي للسادة الأئمة، وتفعيلًا للمحاور الاستراتيجية لوزارة الأوقاف في بناء الفرد والمجتمع المحاور الاستراتيجية الأربعة التي تعمل عليها وزراة الأوقاف.

وعلى هامش اللقاء تم تكريم فضيلة الشيخ محمد محمدي بدوي

الحاصل على المركز الأول في المسابقة العلمية للقران الكريم فرع ترجمة معاني القران الكريم.

جاء ذلك بناء على تعليمات الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وتوجيهات اللواء طارق حامد الشاذلي، محافظ السويس،

والدكتور أحمد يحيى، رئيس قطاع الإعلام الداخلي الهيئة العامة للاستعلامات، وإشراف الشيخ ماجد راضي فرج، وكيل وزارة الأوقاف بالسويس.

مقالات مشابهة

  • بحضور 3 آلاف شخص..حماة الوطن بالإسكندرية يناقش تداعيات الأزمة السورية
  • قوة الإطفاء العام شاركت في الندوة التعريفيّة لجائزة الشارقة في المالية العامة
  • عائلة سمير غانم تحتفي بذكرى ميلاده: أيقونة الضحك التي لا تُنسى
  • «مخاطر الإلحاد وسبل مواجهته» في ندوة توعوية لمديرية الأوقاف بالسويس
  • «أسطورة الضحك العالمية».. حسن الرداد يحتفل بذكرى ميلاد سمير غانم
  • «اللوفر- أبوظبي» يستضيف ندوة عن المتاحف الأفريقية
  • أوقاف الفيوم.. ندوة علمية تناقش فضل وآداب ممارسة المهن في الإسلام
  • جامعة إب تنظم ندوة ثقافية بذكرى عيد جمعة رجب
  • ندوة تعريفية حول برنامج "التأهيل من أجل التوظيف – المرحلة الثالثة"
  • ندوة حول ضمان جودة التعليم المدرسي الخاص في شمال الباطنة