هجرة الإسرائيليين إلى كندا هروب أم مخطط؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
تشهد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول موجة هجرة غير مسبوقة باتجاه كندا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية. فقد ارتفع عدد الإسرائيليين الذين غادروا إلى كندا بنسبة 500%، مقارنة بالفترة ذاتها في السنوات السابقة.
ومنذ بداية العام الحالي، هاجر نحو 8 آلاف إسرائيلي إلى كندا، مقارنة بـ 1505 فقط في العام 2022.
الهجرة الإسرائيلية إلى كندا ليست ظاهرة جديدة تمامًا، لكنها شهدت تصاعدًا حادًا خلال الأشهر الأخيرة، ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بالأوضاع الأمنية، والسياسية، والاجتماعية داخل فلسطين المحتلة.
الأوضاع الأمنية والسياسية المتدهورةشهد كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ تصاعد الأحداث في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، موجة غير مسبوقة من الصراعات، مما أدى إلى تصعيد التوترات بين مختلف الأطراف، حيث تصاعدت موجات عمليات المقاومة، مع اشتداد عمليات الإبادة في غزة، وزيادة مستوى العنف الذي تقوم به قوات الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية، مما جعل حياة الإسرائيليين مهددة بفعل احتمال قيام الفلسطينيين بعمليات تستهدف الاحتلال ومستوطنيه.
إعلانكما أن انعدام الاستقرار السياسي داخل كيان الاحتلال بفعل ما تشهده الحكومة الإسرائيلية من خلافات حادة بشأن السياسات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، جعل الكثيرين من المستوطنين داخل فلسطين المحتلة يشعرون بفقدان الثقة في القيادة.
الخوف من المستقبليشعر الكثير من الإسرائيليين بالقلق بشأن مستقبلهم داخل فلسطين المحتلة، خاصة مع استمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وهو الإحساس الذي تكرسه المؤشرات التالية:
الخوف من العزلة الدوليةتواجه إسرائيل تزايد الانتقادات الدولية بشأن سياساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما قد يؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية، لن تقف عند الجامعات والمؤسسات وصناديق الاستثمار السيادية، بل تهددها بالامتداد نحو عقوبات سياسية واقتصادية تنفذها الدول والمنظمات الدولية، خاصة بعد صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي تعتبر نتنياهو ووزير دفاعه المقال مجرمَي حرب مطلوبين للعدالة الدولية.
التغيرات الإقليميةمع جرائم الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأت بعض الدول العربية تجد حرجًا كبيرًا للإقدام على تطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال، وهو ما يخشى الإسرائيليون أن يكون مقدمة لفقدان الدعم الدولي التقليدي الذي تعتمد عليه بلادهم، بفضل دعم القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي تتحمل عبئًا كبيرًا في حماية كيان الاحتلال بالمال والسلاح، وتوفير الإسناد الدولي له، وحمايته من العقوبات والنبذ.
فرص اقتصادية واجتماعية أفضلتمثل كندا واحدة من أكثر الدول جذبًا للمهاجرين في العالم، وذلك بفضل نظامها الاقتصادي والاجتماعي المتطور وبفضل الاستقرار السياسي الذي تنعم به كدولة غربية تحتاج إلى تدفق المزيد من المهاجرين المتدربين من أصحاب الخبرة في المجالات العلمية والمهنية المختلفة.
فعلى مستوى التعليم والرعاية الصحية توفر كندا نظامًا تعليميًا وصحيًا يعتبر من ضمن الأفضل عالميًا، ما يجعلها وجهة مفضلة للعائلات الباحثة عن مستقبل أفضل لأبنائها.
إعلانوعلى صعيد فرص العمل، توفر كندا سوقًا متنوعة للعمل، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والابتكار، ما يجذب الشباب الإسرائيليين الطامحين إلى حياة مهنية ناجحة.
بحث عن أرض جديدة أم هروب من الواقع؟تثير هذه الظاهرة العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الهجرة الجماعية.
هل هي محاولة للبحث عن أرض جديدة؟من المؤكد أن كندا تعتبر وجهة جذابة لأولئك الذين يبحثون عن حياة أكثر استقرارًا وازدهارًا.
الرغبة في الاستقرار: يسعى المهاجرون إلى بناء حياة جديدة بعيدًا عن الصراعات والتوترات اليومية. الهروب من الخدمة العسكرية: يشير بعض المحللين إلى أن جزءًا من الشباب الإسرائيلي يسعى لتجنب التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي.
هل هو إدراك بأن فلسطين ستعود لأصحابها؟يشعر البعض بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لن يدوم إلى الأبد، وأن هناك تحولًا تدريجيًا لصالح القضية الفلسطينية يأخذ ثلاثة مظاهر على الأقل:
تغير المزاج الدولي: تظهر مؤشرات على تحول في المواقف العالمية تجاه القضية الفلسطينية، ما يضع إسرائيل تحت ضغط متزايد. الاعتراف بالحق الفلسطيني: ربما بدأت شريحة من الإسرائيليين تدرك أن الحلول السياسية قد تفرض تنازلات كبيرة، ما يدفعهم للبحث عن مستقبلٍ بعيدًا عن هذه الضغوط. مذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي أقرت اعتقال رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، التي أدخلت الاحتلال في دوامة من الإدانات الدولية المتعاقبة. هل هي محاولة لاحتلال جديد للأراضي الكندية؟يثير البعض مخاوف من أن تكون هذه الهجرة جزءًا من إستراتيجية طويلة الأمد لإعادة استنساخ تجربة الاستيطان في أراضٍ جديدة.
تكوين لوبي قوي: يُخشى أن يسعى المهاجرون الإسرائيليون إلى تكوين لوبي مؤثر داخل المجتمع الكندي، قد يؤثر على سياسات الحكومة المحلية. تغييرات ديمغرافية: قد تؤدي هذه الهجرة الجماعية المتصاعدة إلى تغييرات ديمغرافية في المدن الكندية الكبرى، مما قد يثير مخاوف السكان الأصليين. إعلان الأبعاد الثقافية والاجتماعية للهجرةالهجرة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل تحمل أبعادًا ثقافية واجتماعية قد تؤثر على المجتمعات المستقبِلة.
التأثير على المجتمع الكنديقد يكون للهجرة الإسرائيلية إلى كندا تأثيرات إيجابية وسلبية على حد سواء.
نتائج إيجابية: تعزيز التنوع الثقافي والاقتصادي، وإثراء المجتمع بمهارات وخبرات جديدة. تداعيات سلبية: احتمالية ظهور توترات ثقافية أو اجتماعية؛ نتيجة اختلاف القيم أو المصالح.
تحديات الهوية الوطنيةتواجه كندا تحديًا في تحقيق التوازن بين استقبال المهاجرين وحماية هويتها الوطنية، حيث إن سياسات الاندماج لفئات مهاجرة جديدة مثل مجموعة المستوطنين القادمين من فلسطين المحتلة، تتطلب وضع برامج فعالة لدمج المهاجرين الجدد في المجتمع الكندي دون التأثير على السكان الأصليين.
مسؤوليات المهاجرينيقع على عاتق المهاجرين دور كبير في الاندماج بشكل إيجابي، من خلال احترام قوانين وثقافة البلد المضيف، وهو ما يطرح إشكالات كبيرة على الجماعة الإسرائيلية الملتحقة حديثًا بالديار الكندية نظير تصرفاتها العدوانية المثيرة للقلق والاستفزاز في فلسطين المحتلة.
دور المجتمع الدولي في مراقبة الظاهرةلا يمكن فصل ظاهرة الهجرة الإسرائيلية إلى كندا عن السياق السياسي والاقتصادي العالمي.
مسؤولية الأمم المتحدةقد يكون من الضروري على الأمم المتحدة مراقبة هذه الظاهرة لضمان عدم تحولها إلى أزمة ديمغرافية أو سياسية.
تأثر العلاقات الكندية- الإسرائيليةقد تؤثر هذه الهجرة على طبيعة العلاقات بين كندا وإسرائيل، خاصة إذا أثارت مخاوف داخلية في كندا.
انعكاسات محتملة على المنطقة العربيةقد تكون لهذه الظاهرة تداعيات على الصعيد الإقليمي، حيث قد تفتح المجال لمزيد من النقاش حول مستقبل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ختامًا:
مع استمرار موجة الهجرة الإسرائيلية إلى كندا، يبقى السؤال الأكبر مطروحًا: هل هي مجرد ظاهرة عابرة أم بداية لتحولات إستراتيجية عميقة؟
إعلانالأيام القادمة وحدها ستكشف عن الأبعاد الحقيقية لهذه الهجرة وتأثيراتها على إسرائيل وكندا، وعلى الصراع العربي الصهيوني، وعلى المجتمع الدولي بشكل عام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإسرائیلیة إلى کندا فلسطین المحتلة کیان الاحتلال هذه الهجرة الهجرة ا
إقرأ أيضاً:
السعودية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة
يمن مونيتور/ وكالات
أدانت السعودية، الأحد، قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتوسيع الاستيطان في الجولان المحتلة، ومواصلة تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها، مؤكدا أن تلك الأرض المحتلة سورية عربية.
وقالت الخارجية السعودية، في بيان، إن “المملكة تدين وتستنكر قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة، ومواصلتها لتخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها”.
وأضافت: “تجدد المملكة دعوتها للمجتمع الدولي لإدانة هذه الانتهاكات الإسرائيلية“. وأكدت “ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وأن الجولان أرض عربية سورية محتلة”.
والأحد، وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بالإجماع على خطة قدمها رئيسها بنيامين نتنياهو، لتعزيز الاستيطان اليهودي في الجولان السوري المحتل، بقيمة تزيد عن 40 مليون شيكل (11.13 مليون دولار)، مستغلة الأوضاع في سوريا.
وتعد الجولان أرضا سورية تحتلها إسرائيل منذ 1967، بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ونقل البيان عن نتنياهو قوله: “تعزيز الجولان هو تعزيز لدولة إسرائيل، وهو مهم بشكل خاص في هذا الوقت. سنواصل السيطرة عليها (الجولان) وتنميتها والاستيطان فيها”.
ويعيش اليوم في الجولان السوري حوالي 50 ألف نسمة، نصفهم من المستوطنين اليهود ونصفهم من الدروز والعلويين وغيرهم، وفق صحيفة “هآرتس” العبرية.
ويضم الجولان المحتل مجلس محلي يهودي يسمى “كتسرين” والمعروف باسم “عاصمة الجولان”، ويضم 7700 مستوطن.
بالإضافة إلى ذلك، هناك 33 مستوطنة يهودية أخرى في الجولان المحتل مدمجة فيما يسمى المجلس الإقليمي الجولان.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
ومستغلة إطاحة الفصائل السورية بنظام الأسد، كثفت “إسرائيل” في الأيام الأخيرة هجماتها الجوية مستهدفة مواقع عسكرية بأنحاء متفرقة من البلاد، في انتهاك صارخ لسيادتها.
كما أعلنت حكومة الاحتلال انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان السورية التي تحتل معظم مساحتها منذ 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
وفي آخر تطور الأحد، احتلت “إسرائيل” 3 قرى جديدة وهي جملة بمحافظة درعا وقريتي “مزرعة بيت جن” و”مغر المير” التابعتين لمحافظة ريف دمشق.