ألقى المستشار جابر المري، رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، خطابا في الدورة 26 للجنة الميثاق العربي لحقوق الانسان.
وجاءت كالتالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد سعادة الدكتور يحيي بن ناصر الخصيبي وكيل وزارة العدل والشئون القانونية رئيس وفد سلطنة عُمان، أعضاء الوفد الموقر،
السيدات والسادة الحضور الاكارم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
"أرحب بكم أجمل ترحيب في هذه الجلسة، التي تشرفني إدارتها بصفتي رئيسًا للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

نجتمع اليوم كشركاء في مسيرة حقوق الإنسان، لمناقشة التقرير الأول لسلطنة عمان، تلك الدولة التي لطالما جسدت تاريخًا عريقًا من القيم الإنسانية النبيلة والتسامح، ونموذجًا يُحتذى به في الالتزام بمبادئ ميثاقنا العربي لحقوق الانسان 
السيدات ةالسادة الحضور الآكارم
نحن اليوم أمام إنجاز جديد للجنة، إذ نناقش التقرير الرابع خلال عام واحد، وهو حدث غير مسبوق يبرز تكاتف الجهود المبذولة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وأعضاء اللجنة، إضافة إلى الدور البارز للأمانة الفنية في دعم هذا العمل المتواصل. إن هذا التقدم يعكس التزامنا جميعًا بمسيرة تعزيز العمل العربي المشترك في مجال حقوق الإنسان.
وأود أن أثني بشكل خاص على سلطنة عُمان، التي قدمت تقريرها في الموعد المحدد بدقة والتزام يُشهد له. إن هذا الالتزام لا يعبر فقط عن احترام عُمان لتعهداتها، بل أيضًا عن رؤيتها العميقة لأهمية الشفافية والحوار في تعزيز حقوق الإنسان وضمان الكرامة لكل فرد من أفراد المجتمع.
الحضور الكريم،
لطالما كانت عُمان، عبر تاريخها الطويل، منارة للإنسانية والتسامح وقبول الآخر. في صحار، مهد التجارة البحرية العريقة، كانت السفن العُمانية تبحر إلى أقاصي الأرض، حاملة معها ليس فقط البضائع، بل قيم الاحترام والتعاون التي نسجت روابط بين الشعوب. وفي ظفار، أرض اللبان والتاريخ العريق، استُقبل التجار والرحالة من كل أنحاء العالم، لتشهد تلك الأرض روح الانفتاح والضيافة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية العمانية.
إن الإرث الحضاري لعُمان يمتد ليشمل مناطق مثل نزوى، التي كانت عاصمة العلم والثقافة، ومسقط، المدينة التي جمعت بين الشرق والغرب في تناغم بديع. هذه المدن ليست مجرد أماكن على الخريطة، بل شواهد حية على قدرة عُمان على بناء جسور بين الثقافات وتعزيز قيم التسامح والتعايش.


السيدات والسادة الحضور  الاكارم 
إن عُمان لم تكتف بدورها الحضاري في الماضي، بل واصلت هذا النهج في الحاضر، حيث أصبحت وسيطًا حكيمًا لحل النزاعات ورأب الصدع بين المختلفين. لطالما لعبت السلطنة دورًا محوريًا في المصالحات الإقليمية، مستمدة قوتها من حكمتها التاريخية وقيمها الإنسانية الراسخة. إن التزام عُمان بالحوار والتهدئة يجعلها نموذجًا يُحتذى به في تعزيز التفاهم والسلام بين الشعوب.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بجهود عُمان في دعم قيم التسامح الديني والمساواة، حيث تُظهر السلطنة، من خلال سياساتها ومبادراتها، التزامًا ثابتًا بنبذ الكراهية وتعزيز الاحترام المتبادل. هذه القيم ليست شعارات، بل واقع يُلمس في المجتمع العُماني الذي يعيش في تناغم يُلهم الجميع.
السيدات والسادة الحضور،
رغم إشادتنا بهذه الجهود المشرقة، يبقى الأفق العربي مثقلاً بغيوم المعاناة الإنسانية التي تخيم على مناطق عدة في وطننا الكبير. إن الأوضاع المأساوية التي يعيشها أهلنا في غزة وجنوب لبنان، جراء العدوان والتدمير الممنهج، ليست مجرد أرقام أو أخبار عابرة؛ بل هي جراح نازفة تُمثل نداءً عاجلاً لكل ضمير حي. هذه المآسي تُذكرنا بواجبنا الأخلاقي والإنساني، وتدفعنا نحو تعزيز التضامن العربي، ليس فقط كشعارات، بل كأفعال ملموسة ترسخ قيم العدالة وتنقذ الأرواح وتعيد الأمل.
إن المسؤولية التي تقع على عاتقنا، حكوماتٍ ومؤسساتٍ وشعوبًا، لا تقتصر على تخفيف وطأة المعاناة، بل تمتد لتشمل العمل الدؤوب على دعم حقوق الإنسان، وصون الكرامة الإنسانية، وضمان أن تكون قيم العدل والمساواة أساسًا لمستقبل أكثر إنصافًا لكل عربي، في أي بقعة من أرضنا الممتدة.
ختامًا، أود أن أؤكد أن تقرير سلطنة عُمان يمثل خطوة جديدة نحو ترسيخ قيم الميثاق العربي لحقوق الإنسان. إن الالتزام الذي نراه اليوم هو دليل على أن العمل العربي المشترك يمكن أن يُثمر إذا ما أُعطي الدعم والتكاتف اللازمين.
كل الشكر والتقدير لسلطنة عُمان وللجميع على جهودهم وإسهاماتهم، راجيًا أن يكون هذا اللقاء إضافة قيمة لمسيرتنا المشتركة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المیثاق العربی لحقوق حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

ندوة تستعرض دور سلطنة عُمان الإنساني وجهود تأمين إمدادات الغذاء

نظمت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان اليوم ندوة بعنوان "الحق في الغذاء"، بالتعاون مع وزارة الخارجية، وذلك برعاية سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وقد تم تنظيم الندوة احتفاءً باليوم العربي لحقوق الإنسان، الذي يُصادف السادس عشر من مارس من كل عام.

وتهدف الندوة إلى تعزيز الوعي بأهمية الحق في الغذاء كأحد الحقوق الأساسية وفقًا للمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مناقشة جهود سلطنة عُمان في تعزيز الأمن الغذائي والسياسات الوطنية ذات الصلة، وتسليط الضوء على الجهود الإنسانية التي تبذلها سلطنة عُمان.

وشهدت الندوة عرضًا للتعريف بالحق في الغذاء وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، مع تسليط الضوء على دور التشريعات الوطنية والإقليمية في حماية هذا الحق، كما تم استعراض السياسات والاستراتيجيات الوطنية لضمان الأمن الغذائي، إلى جانب إبراز دور سلطنة عُمان في دعم القضايا الإنسانية، خاصة تلك المتعلقة بالشعب الفلسطيني.

وفي كلمته، قال سعادة صالح بن يحيى المسكري رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية: إن سلطنة عُمان أولت اهتمامًا كبيرًا بالأمن الغذائي وتوفير الغذاء، وهي تعمل باستمرار على تعزيز منظومة الأمن الغذائي وتسريع التحول نحو نظم غذائية زراعية تتميز بالكفاءة والقدرة على الصمود أمام التحديات العالمية، مضيفًا إن سلطنة عُمان تركز على زيادة الاستثمارات في مشاريع الأمن الغذائي بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، من خلال توفير فرص استثمارية في مختلف القطاعات، وتشجيع إقامة مشاريع القيمة المضافة والصناعات التحويلية.

كما أوضح سعادته أنه على الرغم من التحديات التي فرضتها الحالات المناخية والجوائح الصحية، إلا أن منظومة الغذاء في سلطنة عُمان أثبتت جاهزيتها العالية بفضل جهود وتعاون جميع الجهات المعنية بتأمين إمدادات الغذاء وسلاسل التموين، مما أسهم في توفير الغذاء للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

من جانبه، أكد الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، أن "اليوم العربي لحقوق الإنسان" هو مناسبة سنوية تحتفل بها الدول العربية لتعزيز الوعي بحقوق الإنسان في المنطقة، كما يُعد فرصة لتسليط الضوء على القضايا الحقوقية المهمة التي تواجه الأفراد في العالم العربي مثل الحق في الحياة والحرية والعدالة والمساواة.

وأضاف: "اختيار الحق في الغذاء ليكون شعارًا لهذا العام هو لتأكيد أهمية هذا الحق الأساسي، والذي تضمنه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو جزء لا يتجزأ من حق الإنسان في الحياة الكريمة والتنمية المستدامة".

وأكد الدكتور راشد ضرورة تذكير المجتمع العربي بأهمية معالجة قضايا الفقر والجوع وسوء التغذية، والعمل على ضمان توفير الغذاء الكافي لجميع الأفراد دون تمييز، من خلال تحسين القدرة على الوصول إلى موارد الغذاء، والحد من هدر الطعام، ودعم السياسات الزراعية المستدامة التي تعزز الأمن الغذائي في المنطقة.

وتخلل الندوة عدد من أوراق العمل التي تناولت مواضيع متنوعة، حيث قدم الدكتور صالح بن حمد البراشدي رئيس لجنة الرصد وتلقي الشكاوى، ورقة عمل بعنوان "المواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بالحق في الغذاء"، استعرض خلالها أبرز الاتفاقيات والمعاهدات التي تعزز هذا الحق كأحد الحقوق الأساسية للإنسان، وأشار إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مؤكدًا أهمية توفير الغذاء الكافي كجزء من الحق في مستوى معيشي لائق، كما تطرق إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، موضحًا دور هذه المواثيق في تعزيز الأمن الغذائي وضمان وصول الأفراد إلى غذاء صحي، وأكد أن تحقيق هذا الحق يتطلب سياسات وطنية فعالة، وتعاونًا دوليًا لضمان الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.

وفي ورقة العمل الثانية تحدث المهندس عبدالعزيز بن محمد الشكيلي مدير دائرة الاستثمار بالمديرية العامة للتسويق الزراعي والسمكي بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، عن مفهوم الأمن الغذائي ومقومات قطاع إنتاج الغذاء، كما تناول مؤشرات أداء القطاع الزراعي والسمكي، وأداء سلطنة عُمان وفق المؤشرات الدولية، وأبرز جهود وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، مثل إطلاق مختبر الأمن الغذائي عام 2021، الذي أسفر عن 102 من المشاريع الاستثمارية، و28 مبادرة تمكينية، كما تم تنظيم الندوة الوطنية للأمن الغذائي في 2022 التي أفضت إلى حلحلة 32 تحديًا وطرح 30 مبادرة تمكينية، بالإضافة إلى مختبر الأمن الغذائي 2024 الذي أتاح 41 مشروعًا استثماريًا و24 مبادرة تمكينية، و66 فرصة استثمارية.

وجاءت الورقة الأخيرة بعنوان "دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم القضايا الإنسانية: جمعية الرحمة نموذجًا"، قدمها محمد بن علي المسافر الرئيس التنفيذي للجمعية، وفي ورقته استعرض الأهداف الاستراتيجية للجمعية، التي تشمل تقديم الاحتياجات الأولية للأفراد والأسر، وتمكين الأفراد والأسر لتصبح كوادر منتجة وفاعلة في المجتمع، كما أوضح أنه تم تقديم مساعدات غذائية لعدد 469 أسرة عمانية خلال عام 2024، وناقش المسافر أيضًا سعي الجمعية لتحقيق الاستدامة المالية من خلال إنشاء مركز الرحمة التجاري، ومشروع مبنى الأيتام، ومشروع المخزن، ومشاريع الاستثمار الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • سلطان النيادي: الإمارات تضع القيم الإنسانية في طليعة أولوياتها
  • عرض ترويجي من بنك عمان العربي على قرض "مركبتي"
  • مآذن مصر.. تاريخ عريق يروي عظمة العمارة الإسلامية
  • نهيان بن مبارك: محمد بن زايد ملتزم بتعزيز القيم الإنسانية
  • حسام موافي: الرحمة من أعظم القيم الإنسانية وغيابها يؤدي لتفكك المجتمع
  • مفوضية حقوق الإنسان تدعو لرفع العقوبات عن سوريا
  • أحمد عمر هاشم: الظلم محرم بين العباد.. والعدل من أعظم القيم
  • الغذاء.. حق أساسي لكل إنسان
  • سلطنة عُمان تحتفل باليوم العربي لحقوق الإنسان.. وندوة نقاشية تُسلط الضوء على "الحق في الغذاء"
  • ندوة تستعرض دور سلطنة عُمان الإنساني وجهود تأمين إمدادات الغذاء