يشهد الجولان السوري تصعيدًا خطيرًا من قبل الكيان الإسرائيلي، الذي يسعى لتعزيز سيطرته عبر توسيع المستوطنات والتوغل في المناطق السورية، مستغلًا الأوضاع الراهنة وعدم الاستقرار السياسي في سوريا.

الأوضاع في سوريا

هذه التحركات الإسرائيلية ليست سوى حلقة جديدة من سياسة التوسع المستمرة التي تهدف إلى فرض أمر واقع على الأرض، في خرق واضح للقوانين الدولية واتفاقيات فض الاشتباك، وفي ظل هذه التطورات، تبرز أهمية تعزيز التضامن العربي لمواجهة هذا الاعتداء السافر وحماية الحقوق السورية في أراضيها المحتلة.

من جانبه، قال الباحث السياسي السوري وائل الأمين، إن الكيان الإسرائيلي يسعى إلى استغلال الأوضاع في سوريا عبر توسيع المستوطنات في الجولان والتقدم نحو جبل الشيخ ومنطقة فض الاشتباك، في خرق واضح لاتفاقية فض الاشتباك والقوانين الدولية، هذا السلوك التوسعي الذي يتبناه الكيان الإسرائيلي يعكس استراتيجيته القائمة على استغلال الأزمات الإقليمية لتحقيق مكاسب جديدة، لكن من المتوقع أن تعمل سوريا بالتعاون مع الدول العربية على إدانة هذه التصرفات عبر مجلس الأمن الدولي وفرض قرارات تضغط لوقف هذا الاعتداء السافر.

وأضاف الأمين لـ صدى البلد، أن سوريا رغم التحديات التي واجهتها خلال السنوات الماضية، تسعى الآن لاستعادة قوتها ووحدتها، وهي تعمل على بناء دولة موحدة جامعة لكل السوريين، والسياسة الخارجية السورية، بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ستركز على إدانة القرارات الإسرائيلية بشأن الجولان والعمل مع الدول العربية لتعزيز التضامن واستعادة الأراضي المحتلة.

وأكد أن هذا التمدد الإسرائيلي لا يقتصر على الأراضي السورية فقط، بل يمتد إلى لبنان وقطاع غزة، مما يتطلب وقفة عربية موحدة، الدول العربية مدعوة اليوم إلى دعم سوريا ومساعدتها في استعادة أراضيها ومواجهة هذه المخططات الاحتلالية التي تهدد الاستقرار في المنطقة بأكملها.

وأدانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بشدة الأعمال الإسرائيلية المعادية والمتواصلة على أرض الجولان السوري المحتل والتي كان آخرها موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوسيع المستوطنات في الجولان المحتل لاستيعاب مزيد من المستوطنين على أرضه ومضاعفة أعدادهم.

وقال السفير الدكتور سعيد أبوعلي الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية - في بيان له اليوم الاثنين،إن الإعلان الإسرائيلي عن تلك الخطوة التصعيدية الخطيرة يعد إمعانا في تكريس الاحتلال وخرقا وانتهاكا للقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، وتهديدا بمزيد من التوتر في المنطقة، واستدعاء لمحاولات تخريب الفرص التي تسعى اليها سوريا لتثبيت لأمنها واستقرارها.

وأشار الأمين العام المساعد، إلى أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وهي تدين العدوان الاسرائيلي في الجولان السوري المحتل والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على أرضه، تُعيد التأكيد على عروبة الجولان السوري المُحتلّ، وعلى حق الشعب العربي السوري في السيادة على هذا الجزء من الأرض العربية السورية، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تؤكد جميعها على أن جميع التدابير والاجراءات التي اتخذتها اسرائيل بهدف تغيير طابع الجولان السوري المحتل ووضعه القانوني لاغية وباطلة وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف.

وطالب المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) بالوقف الفوري لتلك الأعمال العدائية، والالتزام بجميع قرارات الشرعية الدولية خاصة قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967 والقرار رقم 338 لعام 1973 والقرار رقم 497 لعام 1981 والتي أكدت جمعيها على وجوب الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة بما فيها الجولان العربي السوري المحتل.

أدانت عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر، خطط حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، بالموافقة على خطة لتوسيع المستوطنات في هضبة الجولان السورية المحتلة، والتي تعتبر انتهاكا صارخا للسيادة السورية ومحاولة لفرض سياسة الأمر الواقع.

أعلنت مصر رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لقرار حكومة الاحتلال الإسرائيلية توسيع المستوطنات في هضبة الجولان السوري المحتلة، معتبرة أن هذا القرار يمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وفق بيان الخارجية المصرية.

وأكدت مصر أن الخطط الإسرائيلية لتوسيع الاستيطان في الجولان، تخالف القانون الدولي، وتعكس إصرار إسرائيل على فرض سياسة الأمر الواقع، وتعبر عن غياب أي نوايا حقيقية لتحقيق السلام العادل في المنطقة.

وشددت على أن هذه الخطط تُظهر استمرار إسرائيل في التوسع على حساب الأراضي العربية، مع تغيير التركيبة الديموغرافية في المناطق المحتلة، بما يعد انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الأربع التي تلزم إسرائيل، كسلطة قائمة بالاحتلال، بعدم تغيير وضع الأراضي المحتلة.

ودعت مصر الأطراف الدولية الفاعلة ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية، والعمل على إنهاء الاستيطان ورفض المساس بالسيادة السورية.

يشار إلى أن نتنياهو قال في تصريحات صحفية، أن التوغل في هضبة الجولان، يعزز سيطرة إسرئيل واصفًا أنها خطوة استراتيجية في توقيت حساس.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر سوريا الجولان جامعة الدول العربية الجولان السوري المزيد الجولان السوری المحتل المستوطنات فی الدول العربیة فی الجولان

إقرأ أيضاً:

الأثار الجيوسياسية للوضع السوري وتأثيراتها على العلاقات الدولية

كتب: الدكتور نبيل العبيدي - خبير الدراسات الامنية والاستراتيجية 

في نهاية عام  2024، انهار النظام السوري بقيادة بشار الأسد إثر هجوم كبير شنته قوات المعارضة، اذ قادت هيئة تحرير الشام هذا الهجوم مدعومة بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، في سياق استمرار الحرب الأهلية السورية التي بدأت مع اندلاع الثورة عام 2011 واستيلاء المعارضة على العاصمة دمشق مثّل نهاية نظام عائلة الأسد التي حكمت البلاد بطريقة شمولية ووراثية منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1971.

  الانهيار السريع للنظام السوري أثار موجة من الدهشة محليًا ودوليًا، حتى بين أوساط المعارضة نفسها، حيث وردت تقارير تفيد بأن انهيار الحكومة كان أسرع مما توقّع الجميع.  اذ جاءت هذه التطورات العسكرية والسياسية لتلقي بظلالها على دول الجوار والمنطقة ككل، ما أدى إلى بروز تحديات وفرص تتطلب إعادة رسم السياسات والعلاقات الإقليمية والدولية في ظل تطور الاحداث. وخصصوا ان سوريا تعد الخط المباشر والمحاذي لإسرائيل والتي لا تأمن لها اسرائيل أي مأمن. الا انها كانت من ذوي المساعي الكبيرة في انهيار نظام بشار الاسد وخاصة ان لها اقليات موالية لها بشكل كبير وهم طائفة الدروز. واللذين ابدو استعدادهم المباشر بالتعاون مع اسرائيل وزيارتها لها والحفاوة التي استقبلوا بها من قبل الجانب الاسرائيلي. 

  لكن السؤال الأهم يبقى:  ما هي الأبعاد الجيوسياسية للوضع السوري وكيف تؤثر على الدول الإقليمية والعلاقات الدولية؟ وكيف ستواجه هذه الدول المخاطر المحتملة، خاصة في ظل الاوضاع الإسرائيلية؟ 

 التأثير الأول:  ما هو التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على العراق:- الوضع السوري كان له تأثير مباشر وعميق على العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 وحتى اليوم. أصبحت الأراضي السورية منصة لعدم الاستقرار في العراق، واستُخدمت كقاعدة لانطلاق العمليات الإرهابية التي زعزعت الأمن العراقي وخاصة باستغلال المساحات الصحراوية التي تقع ما بين العرق وسوريا والمفتوحة على مصراعيها دون رقيب او حسيب، وهذا مما كان له الاثر الكبير والامتداد الكبير للعمق الارهابي. وخاصة ان هذا التأثير بلغ ذروته بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرقة والمناطق الممتدة على الحدود بين البلدين، مما جعلها معقلًا لعناصر التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية.

التأثير الثاني: التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على لبنان :- تاريخيًا كان ضمن دائرة التوجه والعلاقة الإيرانية، خاصة عبر علاقته الوثيقة مع النظام السوري بقيادة الأسد اذ كان شريكًا استراتيجيًا لإيران وعضوًا فاعلًا في محور المقاومة الذي تقوده.ايران وهناك اتفاقيات امنية واستراتيجية بين طهران ودمشق على مستوى كبير جدا ولكن مع خسارة النظام السيطرة وتقدّم المعارضة المدعومة من تركيا، تأثرت خطوط الإمداد الإيرانية إلى حزب الله، ما أضعف قوته وأثر على النفوذ الإيراني في الساحة اللبنانية. 

التأثير الثالث: التأثير الجيوسياسي والأمني للوضع السوري على تركيا:-  لعبت تركيا دورًا محوريًا في مسار الأحداث السورية، اذ دعمت قوى المعارضة المسلحة وسعت لتحقيق تغيير سياسي في دمشق يخدم مصالحها الاستراتيجية. وان سقوط الأسد عزز من نفوذ أنقرة إقليميًا ودوليًا، واعتبرته إنجازًا يعزز قدرتها على بناء تحالفات جديدة والتأثير في التوازنات الإقليمية  هذا الإنجاز رفع من مكانة تركيا سياسيًا، سواء داخليًا أو خارجيًا. ومن المتعارف عليه على المستوى الدولي ان قيام تركيا بتقديم المساعدة ليس الا من باب المصلحة التي تتعلق بالأمن التركي والاقليمي وهذا مما جعل هناك اتفاقات امنية واستخبارية كبيرة قبل تقديم مساعدتها الى الادارة الجديدة السورية خدمة لمصالحها الاقليمية والجيوسياسية . 

    التأثير الرابع: ما يتعلق في العلاقة بين تغيير النظام السوري والأطماع الإسرائيلية:-  في سياق تغير المشهد السوري، شنت إسرائيل عملية عسكرية في محافظة القنيطرة السورية وأرسلت وحداتها المدرعة إلى المنطقة العازلة بين مرتفعات الجولان المحتلة وبقية الأراضي السورية. لأول مرة منذ عام 1974، عبرت القوات الإسرائيلية الخط البنفسجي الذي تم تحديده بعد اتفاقيات وقف إطلاق النار عقب حرب أكتوبر. هذا التحرك يعكس سعي إسرائيل لتعزيز نفوذها في المناطق الحدودية استغلالًا لحالة الفراغ السياسي والأمني في سوريا وكذلك توسيع سيطرتها على المنطقة المحاذية ( لإسرائيل) كما فعلت في جنوب لبنان من اجل تأمين المنطقة كما هو الحال في شرق الاردن من جهة وبينها وبين المتوسط من جهة اخرى. 

وملخص ما تطرقت له اعلاه ان الأبعاد الجيوسياسية الرئيسية

1-    تأثير على دول المنطقة: النزاع السوري أدى إلى اضطرابات كبيرة في الدول المجاورة مثل لبنان والعراق والأردن وتركيا، خاصة بسبب تدفق ملايين اللاجئين والضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عنهم.

2-    الدور الإقليمي: تدخلت دول إقليمية مثل إيران وتركيا بشكل مكثف في الأزمة السورية، ما أحدث تأثيرات مباشرة على التوازن الجيوسياسي في المنطقة. وهذا مراعاة لمصالحها في سوريا. 

3-     تدخل القوى الكبرى:  الصراع جذب اهتمام قوى عالمية كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وكثير من الدول العربية ايضا التي ارادة ان تبرز في هذه الازمة.  مما خلق تنافسات جديدة وكبيرة غير متوازنة ولا تعمل على استقرا المنطقة نهائيا وبما يخدم انانيتها بشكل كبير وأثر ذلك على العلاقات الدولية التي تحكمها وتدور عدما ووجودا مع مثل هذه السلوكيات الغير متزنة والغير لائقة في العلاقات الدولية والتي يمكن مع مرور الوقت تصبح بؤرة للتطرف والارهاب والتنازع والفوضى المستمرة كما هو الحال في ليبيا والسودان التي لازالت غير مستقرة على العكس من دول اخرى حصل فيها التغيير كما هو الحال في مصر وتونس التي تنعم بالاستقرار الامني والسياسي. 

4-    الأثر الاقتصادي العالمي: الاضطرابات في سوريا تركت بصمتها على الاقتصاد العالمي، وخاصة على أسواق الطاقة وسلاسل التوريد وخاصة ان مدينة حلب لها شهرتها على المستوى العالمي.

5-    الأمن الدولي:  تصاعد الإرهاب نتيجة الصراع السوري زاد من التحديات الأمنية الدولية، إلى جانب أزمة اللاجئين والهجرة القسرية.

6-    العلاقات الدولية: النزاع السوري ساهم في إعادة تشكيل التحالفات بين الدول الكبرى والإقليمية على وفق مصالحهم الشخصية وبخطط واستراتيجيات على مستوى طويل الامد وخصوصاً ان موقعها الجغرافي والاقليمي لها اهمية اكثر من باقي الدول لتي حصل فيها الربيع العربي او التغيير العربي والذي يحمل في طياته عبقرية المؤامرة الكبرى وصنيعة دول ومساعدتها على تلك الانقلابات، وهذا موضوع يعرفه الكبير والصغير انه لا يمكن لثورة تنجح ان لم يكن هناك دعم خارجي وترتيب كبير على مستوى دعم دولي  وهذا ما لمسناه من خلال تعاقب الثورات والانقلابات وخصوصا في بلدان العالم العربي التي تسيطر على اقتصاديتها دول العالم المتقدمة .

7-    حقوق الإنسان: الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين وتشريد ملايين من افرد المجتمع السوري منذ عام 2011 قد رسمت للفرد السوري خارطة التهجير والنزوح والتشريد الذي طال المجتمع السوري ووصل افراده الى دول العالم اجمعها،


وفي ختام مقالي هذا نتطلع الى دولة سورية ديمقراطية تعيش في امن وسلام وأمان بعيدة عن التشرذم والتقطيع والقومية والمذهبية واحترام اهلها ومجتمعها ونسيجها السوري الكبير.

مقالات مشابهة

  • مزاعم متكررة.. وموقف مصر ثابت لا يتغير.. القاهرة تنفي بشكل قاطع موافقتها على نقل نصف مليون فلسطيني من قطاع غزة.. واساتذة علوم دولية: الموقف العربي الموحد يرفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
  • أول ناقلة نفط تصل ميناء بانياس السوري بعد الإطاحة بنظام الأسد
  • الأثار الجيوسياسية للوضع السوري وتأثيراتها على العلاقات الدولية
  • سوريا.. احتفالات غير مسبوقة بـنوروز بعد سقوط الأسد
  • انطلاق تدريبات عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري المحتل
  • بوتين يبعث رسالة دعم إلى الرئيس السوري أحمد الشرع
  • مناورات عسكرية إسرائيلية واسعة في الجولان السوري المحتل
  • إغلاق أوكار الأفاعي على الحدود السورية ـ اللبنانية
  • اللجنة الوزارية العربية والإسلامية: ندين الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
  • «التعاون الإسلامي» تدين الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية