إيران تكافح عواقب البنزين الرخيص جدا
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
في الوقت الذي تكافح فيه العديد من الدول للسيطرة على أسعار الوقود المرتفعة، فإن الحكومة الإيرانية تعاني مشكلة مختلفة تماماً، تتمثل في أن البنزين أصبح رخيصا للغاية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" اللندنية.
وأوضحت الصحيفة أن الإعانات الحكومية الكبيرة التي تقدمها السلطات الإيرانية، جعلت أسعار البنزين تبدأ من 0.
ووفقا لخبراء، فقد أجبرت الفجوة الآخذة في الاتساع بين الإقبال على البنزين الرخيص والقدرة المحدوة على تكريره محليا، الحكومة في طهران على استيراد ذلك الوقود لأول مرة منذنحو 10 أعوام.
ويتزامن ذلك مع أوقات صعبة تمر بها حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، والتي لا تزال تعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب العقوبات الأميركية.
وقال مسؤولون إيرانيون، إن الطلب على البنزين ارتفع بمقدار الخُمس منذ مارس الماضي، بيد أن القيود المفروضة على طاقة التكرير منعت إيران من تحويل المزيد من نفطها الخام إلى منتجات استهلاكية.
ويرى خبراء أن إيران تتكبد خسارة كبيرة من خلال استيراد الوقود بأسعار السوق ثم بيعه للمستهلكين بسعر أقل بكثير، وبالتالي أصبحت هناك ضغطوطا متزايد لإنهاء عهد البنزين الرخيص للغاية الذي اعتاد الجمهور عليه.
وقال عضو البرلمان الإيراني، محمد رضا مير تاج الدين، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن "دعم الوقود أضحى يزيد الآن بثلاثة أضعاف عن ميزانية التنمية الإجمالية للبلاد"، مردفا: "لا أحد يجرؤ على الحديث" بشأن رفع أسعار البنزين.
ويبدو أن الحكومة متخوفة من عودة الاحتجاجات إلى الشارع إذا أقدمت على تلك الخطوة، حتى لا تتكرر أحداث عام 2019 عندما جرى رفع الأسعار، وقُتل وقتها نحو 300 شخص خلال الحملة القمعية على تلك المظاهرت، بحسب منظمة العفو الدولية.
وقال تاجر بتروكيماويات إيراني يدعى حامد حسيني: "الوضع الحالي لانخفاض أسعار البنزين ليس مستدامًا، لكن الحكومة لا تملك الشجاعة السياسية لرفع الأسعار ".
وتابع: "يستمر الاستهلاك في الارتفاع وتعمد الحكومة إلى استيراد البنزين بحسب أسعاره العالمية لبيعه بأثمان مدعومة للغاية في السوق المحلي، وعليه سيكون من المستحيل إدارة الطلب في غضون عامين إذا ظلت الأمور على حالها".
ويدفع المواطن الإيراني 0.03 دولار مقابل حصة شهرية تبلغ 60 ليترًا، ويتضاعف تقريبًا هذا الرقم لأي مبلغ يتجاوز هذا الحد، بيد أن رهطا كبيرا من سائقي السيارات واجهوا قيودًا في الأسابيع الأخيرة، بعد أن طُلب منهم عدم الحصول على ما يزيد عن 40 لترا.
وقال نائب رئيس الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط، علي ذيار، في تصريحات صحفية، إن "الاستهلاك ارتفع بنسبة 20 بالمئة منذ مارس، إلى 124 مليون لتر في اليوم، فيما توقفت طاقة التكرير المحلية عند 107 ملايين لتر".
وشدد على أن إيران "بدأت في استخدام احتياطياتها الاستراتيجية"، في حين أن المسؤولين لم يؤكدوا التكهنات بأن الوقود المكرر يتم استيراده أيضًا لأول مرة منذ حوالي عقد من الزمان.
وقال أحد المحللين: "هذه المسألة تضع الحكومة تحت ضغط لدفع ثمن الواردات، وتسريع مشاريع التنمية، لزيادة طاقة التكرير".
من جانبه، قال سائق سيارة أجرة يدعى علي، ويبلغ من العمر 32 عاما: "لدينا احتياطيات هائلة من النفط، وذلك على نقيض دول أخرى، فلماذا نقبل بارتفاع بالأسعار؟".
وتابع متسائلا: "هل أجورنا تتلائم مع المعايير الدولية؟.. فأنا أكسب 200 دولار في الشهر.. هل يوجد من يتقاضى مثل هذا الأجر المنخفض؟".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
عواقب الصدمات النفسية على ضحايا الحرب في دول الجوار
يعاني ضحايا حرب 15 أبريل 2023 من أزمات نفسية حادة، حيث أصابت الصدمات النفسية مئات الآلاف من النازحين إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان وبعض مناطق الخرطوم وولاية الجزيرة. لم يسلم هؤلاء من استهداف طيران الجيش السوداني المستمر للمدنيين. كما يعاني اللاجئون السودانيون في دول الجوار من صدمات نفسية عميقة نتيجة اضطرارهم لمغادرة وطنهم في ظروف قاسية.
هناك حاجة ماسة لتنسيق الجهود بين المنظمات الدولية والحكومات الإقليمية لتقديم الدعم الإنساني المناسب لهؤلاء النازحين. فهم يستحقون على الأقل الاهتمام بالجانب النفسي لمساعدتهم على تجاوز ما شاهدوه من مشاهد الدمار والدماء وفقدان الأحبة، بما يقلل المخاطر المستقبلية على الأفراد والمجتمعات.
صدمة الحرب
تعرف صدمة الحرب بأنها الاستجابة العاطفية للأحداث المؤلمة التي تتجاوز قدرة الشخص على التحمل، مما يفقده الإحساس بالأمان ويشعره بالعجز والذهول. وتظهر هذه الصدمة في شكل خوف وقلق وارتباك، وقد تتطور إلى غضب أو شعور بالذنب.
والصدمة النفسية هي تأثير نفسي عميق نتيجة حدث استثنائي يشكل عبئًا نفسيًا على الفرد. تحدث عندما تكون إمكانيات الشخص غير كافية لتجاوز الموقف أو عند شعور المصاب بالعجز، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية شديدة مثل الخوف أو الرعب.
أسباب الصدمة النفسية
تشير الدراسات إلى أن الصدمات النفسية يمكن أن تنتج عن حوادث طبيعية أو أفعال بشرية مثل العنف الجسدي أو الاعتداء الجنسي أو الإصابة بأمراض خطيرة.
وتوضح الصيدلانية أسماء ضياء الدين أن الحروب والصراعات تعرض الأفراد لظروف تهدد حياتهم، وتسبب إصابات جسدية وعنفًا وتدميرًا للممتلكات، وصولًا إلى التهجير. هذه الظروف تؤدي إلى الصدمات النفسية، سواء للمدنيين أو الجنود الذين يعانون من مشاهد الموت والدمار.
وتشير اللاجئة السودانية إسراء يعقوب في تشاد إلى الآثار الاجتماعية والنفسية السيئة التي خلفتها حرب 15 أبريل، خاصة على اللاجئين، حيث فقدت أسر كثيرة أبناءها، ونساء فقدن أزواجهن، وأطفال أصبحوا بلا والدين. تضيف إسراء أن هذه الصدمات تعيق الأطفال عن التكيف مع الحياة في المخيمات، مما يهدد تعليمهم ومستقبلهم.
ومن جهته، يسرد اللاجئ علي آدم علي رحلته من نيالا إلى جنوب السودان، حيث عانى من أوضاع صعبة ومعاملة قاسية من طرفي النزاع، مشيرًا إلى غياب الخدمات الأساسية مثل السكن والصحة والتعليم، ويفتقد للدعم النفسي والاجتماعي الذي يمكن أن يساعده على تجاوز عزلته. ويناشد المنظمات الدولية تقديم الدعم النفسي المناسب في هذه الظروف.
آليات الحلول لهذه الأزمة
تشدد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي من خلال نهج شامل يشمل الخدمات الأساسية وتعزيز التماسك الاجتماعي وتوفير الدعم النفسي المركّز عبر تدخلات فردية أو جماعية.
ويوصي الخبراء بالتعامل مع ضحايا الحروب باحترام خصوصيتهم ومنحهم الوقت الكافي للتعافي دون ضغط، مع تشجيعهم على ممارسة أنشطة ترفيهية مثل الرسم والقراءة والرياضة لتخفيف الأثر النفسي.
وبدورها، تشير الطبيبة عجايب عبد العزيز إلى أهمية دعم الضحايا لمساعدتهم على التعبير عن أحزانهم ومنع تطور حالتهم إلى اكتئاب أو يأس.
ختامًا
يؤكد الخبراء أن معالجة الصدمات النفسية الناتجة عن الحروب عملية طويلة ومعقدة، ولكن مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي والعلاج المتخصص، يمكن للضحايا استعادة حياتهم الطبيعية تدريجيًا.
تقرير: حسن إسحق
ishaghassan13@gmail.com