لماذا تريد دولة يبلغ تعداد سكانها 1.45 مليار نسمة المزيد من الأطفال؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
في العام الماضي، تجاوزت الهند الصين لتصبح الدولة الأكثر سكاناً في العالم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، ومع وجود ما يقرب من 1.45 مليار نسمة الآن، قد يظن المرء أن البلاد ستلتزم الصمت بشأن إنجاب المزيد من الأطفال، ولكن العكس يحدث.
لقد دعا زعماء ولايتين جنوبيتين - أندرا براديش وتاميل نادو - مؤخراً إلى زيادة عدد الأطفال، وتفكر ولاية أندرا براديش في تقديم حوافز، مستشهدة بمعدلات الخصوبة المنخفضة والشيخوخة السكانية، كما ألغت الولاية "سياسة الطفلين" الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية، وتقول التقارير إن ولاية تيلانجانا المجاورة قد تفعل الشيء نفسه قريباً، وفق "بي بي سي".
كما تصدر ولاية تاميل نادو المجاورة ضجيجاً حول المسألة، ولكن أكثر مبالغة، حيث انخفض معدل الخصوبة في الهند بشكل كبير، من 5.7 ولادة لكل امرأة في عام 1950 إلى المعدل الحالي وهو طفلان، وانخفضت معدلات الخصوبة إلى ما دون مستوى طفلين لكل امرأة في 17 من الولايات والمناطق الـ29، وهو ما يعرف بمستوى الإحلال، أي المستوى الذي تكون فيه المواليد الجدد كافية للحفاظ على استقرار السكان.
وتتصدر الولايات الخمس الجنوبية في الهند التحول الديموغرافي في الهند، حيث حققت خصوبة مستوى الإحلال قبل غيرها بكثير.
ووصلت ولاية كيرالا إلى هذا الإنجاز في عام 1988، وتاميل نادو في عام 1993، وبقية الولايات بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وانخفض معدل الخصوبة في الهند بشكل كبير في العقود الأخيرة اليوم، يبلغ معدل الخصوبة الإجمالي في الولايات الخمس الجنوبية أقل من 1.6، مع كارناتاكا عند 1.6 وتاميل نادو عند 1.4، و بعبارة أخرى، تتطابق معدلات الخصوبة في هذه الولايات أو أقل من العديد من الدول الأوروبية، لكن هذه الولايات تخشى أن تؤثر التركيبة السكانية المتغيرة في الهند مع تباين حصص السكان بين الولايات بشكل كبير على التمثيل الانتخابي وتخصيص المقاعد البرلمانية والإيرادات الفيدرالية حسب الولاية.
ويقول سرينيفاس جولي، أستاذ الديموغرافيا في المعهد الدولي لعلوم السكان، لبي بي سي: "إنهم يخشون أن يتم معاقبتهم على سياساتهم الفعّالة في التحكم في السكان، على الرغم من كونهم أفضل أداءً اقتصادياً ويساهمون بشكل كبير في الإيرادات الفيدرالية".
ذلك وتواجه الولايات الجنوبية أيضاً مصدر قلق كبير آخر مع استعداد الهند لأول ترسيم للمقاعد الانتخابية في عام 2026 - وهو الأول منذ عام 1976.
وستعمل هذه الممارسة على إعادة رسم الحدود الانتخابية لتعكس التحولات السكانية، مما قد يؤدي على الأرجح إلى تقليص المقاعد البرلمانية للولايات الجنوبية المزدهرة اقتصادياً نظراً لأن الإيرادات الفيدرالية يتم تخصيصها على أساس سكان الولاية، ويخشى الكثيرون أن يؤدي هذا إلى تعميق صراعاتهم المالية والحد من حرية صنع السياسات.
ويتوقع خبراء الديموغرافيا كيه إس جيمس وشوبرا كريتي، أن الولايات الشمالية المكتظة بالسكان مثل أوتار براديش وبيهار ستكسب المزيد من المقاعد من ترسيم الحدود، في حين قد تواجه الولايات الجنوبية مثل تاميل نادو وكيرالا وأندرا براديش خسائر، مما يؤدي إلى مزيد من التحول في التمثيل السياسي.
ولقد أشار العديد من الناس، بما في ذلك رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إلى أن التغييرات في الحصص المالية وتخصيص المقاعد البرلمانية لن يتم التعجيل بها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الهند بشکل کبیر فی الهند فی عام
إقرأ أيضاً:
هل يشكل تراجع معدلات الإنجاب خطرا على الدول العربية؟
تشهد معدلات الخصوبة في العالم العربي تراجعًا متفاوتًا بفعل عوامل اقتصادية، وثقافية، وحروب. ويبرز تفاوت بين الدول، حيث تسجل الإمارات أدنى المعدلات والصومال الأعلى، وسط تحديات تنموية وسكانية.
قبل الخوض في التفاصيل، لا بد من تعريف مصطلح "معدل الخصوبة"؛ والذي يشير إلى متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها الإنجابية (15-49 سنة)، ولا يشير إلى مدى قدرتها على الإنجاب.
كما أن انخفاض معدل الخصوبة ليس دائما أمرا سلبيا أو إيجابيا، بل يعتمد على السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكل دولة.
وتسهم دراسة الظاهرة وتحليل أسبابها في فهم أبعادها وتحديد السياسات المطلوبة للتعامل مع تبعاتها.
تراجع معدلات الخصوبة العربيةفي دراسة بعنوان "التراجع الوبائي في معدل الخصوبة البشرية في العالم العربي" نشرها باحثان من جامعة الشارقة الإماراتية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تحليل بيانات معدلات الخصوبة في الدول العربية على مدار 10 سنوات، وتحديدا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2021، استنادا إلى بيانات البنك الدولي.
نتائج الدراسة أظهرت انخفاضا عاما في معدلات الخصوبة في معظم الدول العربية، تفاوتت نسبتها بين 3.8% و24.3%.
وكانت الأردن من أكثر الدول تضررا، حيث سجلت انخفاضا بنسبة 24.3%، تلتها العراق واليمن بنسب 22.2% و19.1% على التوالي، والضفتان الشرقية والغربية بنسبة 18.6%، بينما سجلت سوريا انخفاضا بنسبة 18.1%.
إعلانفي المقابل، كانت ليبيا وتونس الأقل تأثرا بمعدلات تراجع بلغت حوالي 3.8% و4.5%، فيما ظلت معدلات الخصوبة في الجزائر مستقرة خلال هذه الفترة.
أما الإمارات، فسجلت أدنى معدلات خصوبة بين الدول العربية، حيث تراوحت بين 1.7 و1.5 طفلا للمرأة الواحدة، بينما احتفظت الصومال بأعلى معدلات الخصوبة، حيث بلغت بين 7.3 و6.3 أطفال للمرأة.
يشير معدل الخصوبة إلى متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها الإنجابية بين 15-49 سنة (شترستوك) لماذا تتراجع معدلات الخصوبة؟أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور محمد الرميحي، أشار في حديث لـ"الجزيرة نت" إلى أن التراجع في معدلات الخصوبة مرتبط بعوامل اقتصادية وثقافية. ففي دول الخليج، على سبيل المثال، كان الإنجاب في الماضي يعتبر تأمينا اقتصاديا للأسر، إذ كانت الأسر تنجب بين 5 إلى 10 أطفال لضمان وجود من يعيلها في المستقبل.
لكن مع الطفرة النفطية واستقرار الأوضاع الاقتصادية، تغيرت النظرة إلى الإنجاب، حيث أصبحت الدولة هي الضامن الاقتصادي للأسر، مما قلل من الحاجة إلى إنجاب أعداد كبيرة من الأبناء.
وأضاف الرميحي أن رغبة الأسر في الحفاظ على مستوى معيشي مرتفع لعبت دورا رئيسيا في تقليص عدد المواليد، حيث أصبحت الأسر تُفضِّل الاستثمار في تعليم نوعي باهظ التكلفة لأبنائها، بدلا من إنجاب عدد كبير من الأطفال.
كما أشار إلى أن التباين في معدلات الخصوبة داخل الدولة الواحدة يعود إلى الاختلاف في نمط الحياة بين المدن والمناطق الريفية، حيث ترتفع معدلات الخصوبة في المناطق الريفية والبوادي مقارنة بالمدن الكبرى.
الكويت.. انخفاض حاد في المواليدوتشهدت الكويت انخفاضا ملحوظا في معدلات الخصوبة على مدار العقود الماضية، ففي الستينيات، كان متوسط عدد الأطفال لكل أسرة كويتية حوالي 7 أطفال، لكنه انخفض تدريجيا إلى طفلين فقط في عام 2021. ترافق هذا الانخفاض مع تراجع مؤشر النمو السكاني في الكويت، حيث بلغ 1.8% في عام 2021 مقارنة بـ2.5% في عام 2015.
إعلانوأشار تقرير صادر عن مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث في عام 2022 إلى أن الحوافز الحكومية المقدمة للأسر لتشجيع الإنجاب، مثل العلاوات النقدية وإجازات الأمومة المدفوعة، لم تكن كافية للحد من تراجع الخصوبة.
وحذّر التقرير من أن استمرار هذا التراجع قد يؤدي إلى تحول الكويتيين إلى أقلية عددية داخل البلاد بحلول عام 2030، مع تفاقم ظاهرة الشيخوخة السكانية وتقلص الكتلة السكانية الشابة المؤهلة للعمل، مما يهدد بخلل في التركيبة السكانية.
كانت ليبيا وتونس الأقل تأثرا بتراجع معدلات الخصوبة بنسبة 3.8% و4.5% فيما ظلت الجزائر مستقرة خلال هذه الفترة (غيتي) مصر تحتفي بانخفاض معدلات الخصوبةفي المقابل، احتفت مصر بانخفاض معدل الخصوبة للعام الثامن على التوالي. وبلغ عدد سكان البلاد 107 ملايين نسمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مقارنة بـ106 ملايين نسمة قبل 268 يوما، مما يشير إلى تراجع فترة الوصول إلى مليون نسمة إضافية.
ووفقا لدراسة أعدها صندوق الأمم المتحدة للسكان، انخفض معدل الخصوبة الكلي في مصر من 3.5 أطفال لكل امرأة في عام 2014 إلى 2.76 طفل في عام 2022.
وأرجع خبير الدراسات السكانية خالد السيد حسن في حديثه لـ"الجزيرة نت"، هذا التراجع إلى نجاح الدولة المصرية في تنفيذ خطط لتنظيم الأسرة، خاصة في المناطق الأكثر كثافة سكانية مثل صعيد مصر.
وتضمنت هذه الخطط توفير وسائل منع الحمل بأسعار زهيدة، وتشجيع الطبيبات على العمل في الوحدات الصحية بالقرى، إضافة إلى حملات توعية وبرامج مكافآت للأسر التي تكتفي بإنجاب طفلين.
وعما إذا كان تراجع معدل الخصوبة أمرا إيجابيا أو سلبيا، قال حسن إن معدلات الإنجاب في الدول العربية يبلغ 3.5 أطفال للمرأة الواحدة في حياتها، مقابل اليابان التي يقف معدلها عند 0.7 طفل، ودول أخرى تراجعت إلى 1.2 طفل للمرأة، لكن أثبتت الإحصاءات أن معدل 2.1 طفل عربي يحقق ثباتا كليا في حجم السكان، مع إدراك اختلاف نسب الدولة الواحدة من الريف إلى المدينة.
كما لفت خبير الدراسات السكانية إلى نجاح 70 دولة في تثبيت معدلات نموها، فتساوى عدد مواليدها وعدد وفياتها في آخر 7 سنوات، لكن لا تزال دول عربية تنجب فيها المرأة بمعدل 4.5 أطفال، مثل موريتانيا، "لذلك، إذا نجحنا في الوصول إلى معدل الثبات السكاني، سنصل لمعدل نمو إنجابي -متزامن مع نمو اقتصادي واجتماعي- لنتمكن من ضمان حياة كريمة للأجيال العربية القادمة، منوها أن ذلك المعدل المستهدف ليس سهلا وليس رخيصا".
إعلان عوامل غير محسومةوبالعودة إلى دراسة "التراجع الوبائي في معدل الخصوبة البشرية في العالم العربي"، فقد علق باحثا جامعة الشارقة في تقرير دراستهما على صعوبة تضمين تأثير الحرب والهجرة على الخصوبة العربية في الدراسات العلمية، لأنها عوامل غير بيولوجية، وكلاهما خارج معايير منظمة الصحة العالمية لتحديد الخصوبة، المستندة إلى النمو في ظروف معيشية طبيعية.
وساق أستاذ الديمغرافيا المشارك في جامعة النجاح الوطنية حسين أحمد لـ"الجزيرة. نت" دراسته بعنوان "تباينات الإنجاب لدى النساء في الأراضي الفلسطينية" المنشورة في عام 2017، التي ركز في مقدمتها على تأثير القرار الواعي لرب الأسرة في تفسير التحول في الخصوبة، وقت موازنته بين المنافع والمضار من الإنجاب وفق ميزانية الأسرة، وتغير ذوقها الاستهلاكي.
وكذلك سوق العمل الذي صار يتطلب من الوالدين استثمارا طويلا في التعليم، والوعي الصحي الذي قلل عدد وفيات الأمهات والأطفال، وكلها عوامل قد تشكل حافزا للتحكم في الخصوبة، بشرط توفر وسائل منع الحمل، بتكلفة مادية ونفسية منخفضة، لمن أردن تحديد نسلهن.
وعما إذا كان تراجع الخصوبة العربية مقلقا في سنوات تخوض فيها فلسطين والسودان حربا خلفت آلاف الشهداء، علق حسن بأن غالبية الفلسطينيين يفضلون كثرة الإنجاب، لتعويض ما قد تفقده الأسر في صراعها ضد الاحتلال ودعم المجتمع بقوة شابة للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.
ويرى خبراء أن الوصول إلى معدل خصوبة متوازن يمثل تحديا كبيرا للدول العربية، إذ يتطلب استثمارات ضخمة في التعليم، الصحة، والتنمية الاقتصادية.
ويعد تحقيق معدل خصوبة يبلغ 2.1 طفل لكل امرأة الهدف المثالي لتحقيق ثبات سكاني، لكنه يتطلب سياسات ديمغرافية مرنة تأخذ في الاعتبار التفاوت بين المناطق الريفية والحضرية، وأثر العوامل الإقليمية مثل الحروب والهجرة.
إعلان