تعزيزات أميركية في الخليج العربي بوجه إيران والصين

رغم اتفاق تبادل السجناء، فقد انهارت فعلياً محاولات منفصلة لإحياء الاتفاق النووي المبرم بين دول غربية كبرى وإيران.

فيما كانت إدارة بايدن تصبّ تركيزها على آسيا، عزّزت السعودية والإمارات روابطها مع خصمَي واشنطن، الصين وإيران.

"العداء الإيراني المتزايد، والتفاعل الصيني مع المنطقة، لفتا انتباه واشنطن" التي باتت "تسعى الآن إلى تعزيز تحالفاتها".

طالب حلفاء واشنطن الخليجيون طويلا بالتزامات أمنية أميركية أكثر وضوحاً خصوصاً بعد ارتفاع وتيرة اعتراض إيران للسفن منذ 2019.

الوجود الأميركي المتزايد هو "تحوّل في الموقف"، مما يرجّح أن يكون هدف الخطوة "طمأنة دول الخليج العربية بأن واشنطن لا تزال ملتزمة بأمن المنطقة".

"مع عدم وجود مؤشر على اتفاق دبلوماسي بين أميركا وإيران، فالبديل الوحيد ردع أكثر فاعلية" لكن "التصوّر بأن أميركا لا تفعل الكفاية لردع هجمات إيران ضد الشحن الدولي سيستمر".

* * *

تعزّز الولايات المتحدة وجودها العسكري في مياه الخليج العربي، وفق ما أعلنت مؤخراً، في مواجهة تهديدات إيران المتزايدة للسفن وناقلات النفط، في خطوة لطالما طالبت بها دول الخليج العربية التي تتهم واشنطن بتقليص دورها في حماية هذه المنطقة الاستراتيجية.

وعبر مؤخراً ثلاثة آلاف جندي أميركي مياه البحر الأحمر باتجاه القواعد الأميركية في الخليج، في وقت حذّرت فيه القوات الدولية المشتركة التي تقودها الولايات المتحدة السفن التجارية والناقلات من الاقتراب من المياه الإيرانية.

تهديد متزايد

وتأتي هذه التحركات في أعقاب سلسلة من عمليات احتجاز السفن عند مضيق هرمز، الممر الرئيسي الذي يعبر من خلاله يومياً نحو خُمس إنتاج النفط العالمي.

وقال المتحدث باسم الأسطول الخامس، تيم هوكينز، لفرانس برس خلال جولة في مقر قيادة الأسطول الأميركي في المنامة "هناك تهديد متزايد وخطر متزايد (على السفن) في المنطقة على وقع عمليات الاعتراض" الإيرانية قرب المضيق.

وقال هوكينز "في الوقت الحالي، ينصب تركيزنا على تعزيز وجودنا في مضيق هرمز وفي محيطه لضمان الأمن والاستقرار في ممر مائي بالغ الأهمية".

ووقعت الهجمات ضد السفن في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وحلفائها الخليجيين توترات، بعدما كانت هذه الدول الثرية تعتمد على حماية الولايات المتحدة لها وتعارض أي انسحاب عسكري أميركي من المنطقة.

ويقول الجيش الأميركي إن إيران احتجزت أو حاولت الاستيلاء على ما يقرب من 20 سفينة في المنطقة في العامين الماضيين.

وفي الآونة الأخيرة، قالت واشنطن إن قواتها منعت محاولتين إيرانيتين لاحتجاز ناقلات تجارية في المياه الدولية قبالة عُمان في الخامس من تموز/يوليو. واحتجزت إيران ناقلتين في غضون أسبوع في المياه الإقليمية في نيسان/أبريل وأيار/مايو.

أكثر قدرة

في نهاية الأسبوع الماضي، حذّرت القوات البحرية التابعة لدول غربية، والتي تقودها الولايات المتحدة في منطقة الخليج، السفن التي تبحر في مضيق هرمز من الاقتراب من المياه الإيرانية لتجنّب خطر التعرّض للاحتجاز.

وكانت واشنطن أعلنت قبل ذلك بأيام وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحّار أميركي إلى الشرق الأوسط على متن سفن حربية في إطار خطة لتعزيز الوجود العسكري في المنطقة أكدت أنها تهدف إلى ردع إيران عن احتجاز السفن وناقلات النفط.

وبحسب هوكنز، فإنّ الحشد العسكري يوفّر لواشنطن "قوات أكثر وقدرة على التحرّك عند الحاجة"، علماً أن العناصر الجدد انضموا إلى أكثر من 30 ألف جندي أميركي يتمركزون في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط.

ورغم أن واشنطن أرسلت في السابق تعزيزات عسكرية إلى الخليج، بما في ذلك في 2019 كردّ على التوترات مع إيران، فإنّ الولايات المتحدة تدرس الآن اتخاذ إجراءات غير مسبوقة.

وفي بداية آب/أغسطس، أفاد مسؤول أميركي بأنّ بلاده تستعد لوضع أفراد من مشاة البحرية على متن ناقلات تجارية عابرة للخليج في إطار خطة دفاعية إضافية. وقال هوكينز "لدينا بحّارة، لدينا مشاة بحرية مدرّبون هنا في المنطقة للقيام بأي مهمة".

ويتزامن الحشد العسكري مع صفقة تمّت قبل أيام بين إدارة الرئيس جو بايدن والقيادة الإيرانية حول تبادل سجناء وتحرير أموال إيرانية كانت مجمّدة في كوريا الجنوبية بموجب العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

وقال خبراء ودبلوماسيون إن الاتفاق قد يساعد على تعزيز الجهود لمعالجة مخاوف الطرفين، لكن التوترات قد تستمر.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، قوله الأسبوع الماضي إن بلاده "يمكن أن ترد بالمثل" على أي خطوة عسكرية أميركية.

تعزيز التحالفات

ولطالما طالب حلفاء واشنطن الخليجيون، الذين يعتمد غالبيتهم على مضيق هرمز لتصدير النفط إلى الأسواق العالمية، بالتزامات أمنية أميركية أكثر وضوحاً خصوصاً بعد ارتفاع وتيرة اعتراض إيران للسفن منذ 2019.

وفيما كانت إدارة بايدن تصبّ تركيزها على آسيا، عزّزت السعودية والإمارات روابطها مع خصمَي واشنطن، الصين وإيران.

وبالنسبة للمحللة في شركة "كونترول ريسكس" الاستشارية، دينا عرقجي، فإنّ الوجود الأميركي المتزايد هو بمثابة "تحوّل في الموقف"، مرجّحة أن يكون هدف الخطوة "طمأنة دول الخليج العربية بأن واشنطن لا تزال ملتزمة بأمن المنطقة".

وأضافت أنّ "العداء الإيراني المتزايد، والتفاعل الصيني مع المنطقة، لفتا انتباه واشنطن" التي باتت "تسعى الآن إلى تعزيز تحالفاتها".

ورغم اتفاق تبادل السجناء، فقد انهارت فعلياً محاولات منفصلة لإحياء الاتفاق النووي المبرم بين دول غربية كبرى وإيران.

ويقول الخبير في شركة "فيريسك ميبلكروفت" الاستشارية طوربورن سولتفيدت: "مع عدم وجود مؤشر على اتفاق دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران، البديل الوحيد هو ردع أكثر فاعلية"، لكن "التصوّر بأن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لردع الهجمات الإيرانية ضد الشحن الدولي سيستمر" إذا استمرّت الحوادث.

المصدر | فرانس برس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا إيران الصين الخليج العربي مضيق هرمز النقل البحري ناقلات النفط الشحن الدولي الولایات المتحدة فی المنطقة مضیق هرمز

إقرأ أيضاً:

تداعيات المشادة.. ميلوني تدعو لقمة أوروبية أميركية وكالاس تطالب بزعيم جديد للعالم

بعد المشادة الكلامية في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضيفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني لعقد قمة عاجلة بين الولايات المتحدة وأوروبا بينما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد.

ودعت ميلوني مساء الجمعة إلى عقد قمة "بلا تأخير" بين الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما بشأن أوكرانيا، بعيد المشادة الكلامية الحادة بين ترامب وزيلينسكي.

وقالت ميلوني في بيان إن عقد "قمة من دون تأخير هو أمر ضروري بين الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما من أجل البحث بشكل صريح في الطريقة التي ننوي بها مواجهة التحديات الكبيرة الراهنة بدءا بأوكرانيا التي دافعنا عنها معا في السنوات الأخيرة".

وأضافت "هذا هو الاقتراح الذي تعتزم إيطاليا تقديمه إلى شركائها في الساعات المقبلة".

واعتبرت ميلوني، وهي واحدة من القادة الأوروبيين القلائل الذين حضروا حفل تنصيب ترامب والمؤيدة لكييف، أن "أي انقسام في الغرب يجعلنا جميعا أضعف ويصب في مصلحة من يرغبون في رؤية تراجع حضارتنا".

من جانبها، تعهدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الجمعة بالوقوف إلى جانب كييف، مشككة بزعامة الولايات المتحدة للعالم الغربي بعد المشادة الكلامية الخارجة عن المألوف بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

إعلان

وكتبت كالاس على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب المواجهة في المكتب البيضاوي "اليوم، أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد. الأمر يعود لنا كأوروبيين لقبول هذا التحدي"، مضيفة "أوكرانيا هي أوروبا! نحن نقف إلى جانب أوكرانيا".

وتابعت "سنكثف دعمنا لأوكرانيا حتى تتمكن من الاستمرار في محاربة المعتدي".

مقالات مشابهة

  • مؤسسة النفط الليبية تطالب برفع وتيرة الإنتاج في شركة "الخليج العربي"
  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • مناقشة رفع معدلات الإنتاج في شركة «الخليج العربي للنفط»
  • مسعود سليمان يناقش آليات دعم رفع معدلات الإنتاج في شركة الخليج العربي للنفط
  • «الخليج العربي» تُكرّم رئيس مؤسسة النفط على جهوده في تعزيز الإنتاج
  • إيلون ماسك يدعم مبادرة انسحاب الولايات المتحدة من الأمم المتحدة والناتو
  • كوريا الجنوبية تطلب من الولايات المتحدة استثناءها من التعريفات الجمركية
  • توقعات بحدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن وطهران.. ترامب يسعى لاحتواء الأزمة النووية.. وإيران تبقي على استراتيجية الردع الكامن
  • تداعيات المشادة.. ميلوني تدعو لقمة أوروبية أميركية وكالاس تطالب بزعيم جديد للعالم