لماذا تصعّد السلطة ضد المقاومة في جنين؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
رام الله- تواصل أجهزة الأمن الفلسطينية منذ السبت الماضي عملية أمنية أطلقت عليها اسم "حماية وطن" في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية، مستهدفة مسلحين ينتمون لكتيبة جنين، تقول إنهم "خارجون عن القانون".
وتندلع في المخيم اشتباكات متقطعة أسفرت، السبت، عن مقتل القيادي في الكتيبة يزيد جعايصة المطارد من الاحتلال الإسرائيلي، ومقتل عدة مدنيين برصاص رجال أمن السلطة.
وبدأت أحداث مخيم جنين باعتقال أجهزة السلطة إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا في أوائل الشهر الجاري، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما.
لماذا الحملة؟
في حين يقول الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب إن الحملة تستهدف "خارجين عن القانون"، متعهدا بملاحقتهم "في جميع أنحاء الضفة الغربية بكافة عناوينهم ومسمياتهم"، تقول كتيبة جنين إن السلطة الفلسطينية تريد "جنين بلا سلاح مقاومة" وفق تصريح ناطق باسمها للجزيرة أمس الأحد، مضيفا "بوصلتنا واضحة وهي ضد الاحتلال فقط، وتبنينا المقاومة عن الضفة كاملة (…)، والأجهزة الأمنية اغتالت مطاردا من الاحتلال منذ سنوات وطفلين بريئين".
إعلانويفسر المحلل السياسي، باسم التميمي ما يحدث في جنين بقوله إن "بعض المجموعات خرجت على النظام العام الفلسطيني، وعلى القانون والإجماع الوطني الذي يحرّم رفع السلاح بين الفلسطينيين، واستخدام السلاح كلغة للتفاهم بين الأطياف الفلسطينية المختلفة".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "المجموعات المتواجدة في مخيم جنين مارست أكثر من مرة التعدي على المواطنين الفلسطينيين والمؤسسات العامة، حتى بلغ الأمر قيامها بسرقة عدة سيارات تتبع مؤسسات حكومية فلسطينية".
وتابع أن تلك المجموعات "روّعت الآمنين في المنطقة وتطلق النار داخل التجمعات السكانية، إضافة لمهاجمتها المواقع الأمنية الفلسطينية، وإطلاق النار على المؤسسات والمركبات الأمنية ومبنى المقاطعة مقر المؤسسة الأمنية".
وأشار التميمي إلى أن المبادرات "لاحتواء الموقف وعدم اللجوء إلى السلاح (…) كلها جهود مقدرة ونتمنى أن تنجح، وتحول دون الوصول إلى مجابهة أكثر حدة مما يجري الآن".
وعن احتمال اتساع المواجهة لمناطق أخرى في الضفة، قال إن "المسألة محدودة ومحصورة في مجموعة محددة داخل مخيم جنين، وأعتقد أنها ربما تنتهي خلال ساعات قليلة".
وفيما إذا كانت عملية مخيم جنين بمثابة عربون سياسي لخطب ودّ الإدارة الأميركية القادمة، قال التميمي "لا أعتقد أن القيادة الفلسطينية بصدد تقديم عربونات لإدارة دونالد ترامب، الرئيس محمود عباس قال لترامب في صفقة القرن لا، فكيف يفترض أنه يقدم عربونا لإدارة ترامب وغيرها؟"، بحسب تعبيره.
عاجل | الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني للجزيرة:
– ما يحدث في جنين حملة أمنية تستهدف الخارجين عن القانون
– نتحرك في الضفة بطريقتنا ونتجنب المواجهة حفاظا على قضيتنا
– أي مقاومة تفخخ السيارات وتفجرها وسط المدنيين الفلسطينيين؟ pic.twitter.com/ZLQfl7fJ6m
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 15, 2024
إعلان خشية المستقبلخلافا لرأي التميمي، يقول مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات إنه بغض النظر عن الملاحظات والمآخذ على المجموعات المسلحة في مخيم جنين والجهات التي تدعمها وسلوكها ومرجعياتها "فإن تخلي السلطة عن فكرة الحوار والاحتضان والانتقال لفكرة الصدام سيولد إشكالية كبير لا يحمد عقباها ولا يمكن توقع نتائجها".
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن ما يجري لا يمكن فصله عن الواقع السياسي للسلطة التي تحاول "كسب المرحلة المقبلة لأن البديل هو اندثارها".
ويرى أن خيار السلطة "ليس سهلا ونتائجه غير مضمونة"، معتبرا أنها "تقرأ المشهد تحت ضغوط إقليمية وعربية ودولية".
وأوضح أن السلطة وُضعت أمام تحدي إما إثبات قدرتها على إدارة الحالة الفلسطينية وفق التصورات الأميركية والإسرائيلية أو تكون على أبواب تغيير جذري، ومن هنا لم يعد أمامها سوى خيار الذهاب في هذا الاتجاه، اعتقادا منها أنها قد تثبت حضورها وقدرتها على فرض السيطرة الكاملة.
أما البديل، وفق المحلل الفلسطيني، فهو "حاضر وجاهز لليوم التالي للضفة الغربية، وهو السيطرة الإسرائيلية الكاملة وربما بأدوات فلسطينية تقبل ما يطرح عليها".
ولا يستبعد بشارات منعطفات خطيرة من شأنها ليس فقط تعزيز الفجوة والانقسام السياسي، بل إحداث انقسام مجتمعي عميق جدا، يذكّر بمراحل سبقت انهيار كثير من الأنظمة السياسية العربية التي استخدمت لغة القوة وليس الاحتضان في التعامل مع أي متناقضات داخلية، وفق رأيه.
وبرأيه أيضا، فإن المرحلة القادمة "ستكون صعبة في الخيارات والنتائج، وربما يتغير بناء عليها الكثير من العناوين المتعلقة بشكل وإدارة السلطة الفلسطينية وإدارة الحالة الفلسطينية بشل عام".
عاجل|أكسيوس عن مسؤولين:
السفير والمنسق الأمني الأمريكيان طلبا من إسرائيل الموافقة على تسليم المعدات والذخائر للسلطة
إدارة بايدن طلبت من إسرائيل الإفراج عن بعض عائدات الضرائب من أجل دفع رواتب قوات أمن السلطة
دافع عملية جنين الأساسي هو توجيه رسالة إلى ترمب بأن السلطة شريك موثوق به pic.twitter.com/nInjOLZKAX
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 15, 2024
إعلان فجوة كبيرةمن جهته، يقول المحلل السياسي سامر عنبتاوي إن ما يجري في جنين "يندرج في إطار الخلافات السياسية والأمنية داخل الشعب الفلسطيني، في ظل غياب قيادة وطنية موحدة".
وأضاف عنبتاوي، في حديثه للجزيرة نت، أن ثمة فرقا في النهج بين مقاومين يرون أنهم ينفذون عمليات بطولية ضد الاحتلال، وطرف آخر لا يرى تأثيرا لهم في جانب الاحتلال مقابل الأثمان التي تدفع فلسطينيا كالحصار والتضييق الاقتصادي والإجراءات الإسرائيلية وغيرها.
وشدد المحلل السياسي على أن "المقاومة بكل وسائلها حق مشروع للشعب الفلسطيني"، رافضا إطلاق صفة "خارجون عن القانون" على الملاحقين في مخيم جنين.
وتابع "لا يمكن اعتبار السلاح الفلسطيني الموجه للاحتلال خارجا عن القانون، لأن الشعب الفلسطيني في مرحلة التحرر الوطني (…) هناك من يريد تصويره بهذا الاتجاه (خروج عن القانون) لتسهيل ملاحقته".
ولا يستبعد عنبتاوي أن تكون عملية جنين "مرتبطة بإطار سياسي أو رؤية سياسية قادمة"، معربا عن أسفه كون السلطة "لا تزال بعيدة عن نبض الشعب، هناك فجوة كبيرة بين إدارة السلطة والتوجهات الشعبية الفلسطينية".
وبرأي المحلل الفلسطيني، فإنه "إذا كان هناك من يفكر بإمكانية تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة أو دولة الاحتلال في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تريد الاستيلاء على أجزاء من الضفة، فهو واهم".
وتابع أن "المسار السياسي استمر عشرات السنوات ولم يأتِ بشيء سوى خسارة الشعب الفلسطيني في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والوطنية، وبالتالي أي تناغم مع هذا التوجه هو تراجع في الأداء الفلسطيني".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مخیم جنین عن القانون فی جنین
إقرأ أيضاً:
نزع سلاح المقاومة الفلسطينية: المعركة الأخيرة للمحتل
يمانيون../
لم يكن ليجرؤ المحتل الصهيوني وداعمه الامريكي أن يشترط نزع سلاح المقاومة لإيقاف الحرب على غزة إلا وقد وجد أن هذا السلاح هو العقبة الكأداء أمام المضي بمشروعه، والذي عجز أن يتمه لسبعة عقود؛ بما يمتلكه من أعتى الأسلحة وأكثرها تطورًا وفتكا. ها هو اليوم يرى مشكلته الحقيقية فيما تمتلكه المقاومة من سلاح بسيط؛ لكن هذا السلاح البسيط يتكئ على قوة اليقين بانتصار صاحب الحق وحتمية زوال المحتل.
تلك القوة هي التي أعجزت المحتل في غزة لنحو 18 شهرا عن تحقيق أي نصر ابتداء من تحرير أسراه.
انطلاقا من كل ذلك؛ وأمام إصرار العدو الصهيوني على موقفه القائم على ربط وقف الحرب بالقضاء التامّ على المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها، كان موقف المقاومة حتى الآن حاسمًا: أنّ ما فشل الاحتلال في تحقيقه من تهجير وتركيع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت آلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف، سيفشل أيضًا أمام تشبث المقاومة بسلاحها وحقها في مقاومة المحتل.
ففي خضمّ تصاعد الضغوط الرامية إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كشرط لإنهاء الحرب المستمرة على غزة نقلت المقاومة بشتى فصائلها رسائل تحد كبيرة للكيان الصهيوني وداعمه الأمريكي؛ مفادها أنه لا مفاوضات تُفضي إلى التخلي عن سلاحها .
و أعلنت في بيانات رسمية وتصريحات صحفية خلال الساعات الأخيرة موقفها الرافض لأي نقاش من قبل الاحتلال أو الوسطاء بشأن سلاح المقاومة ومحاولات نزعه.
وفي هذا السياق، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”: إن اشتراط العدوّ الصهيوني انسحاب المقاومة من غزة، إلى جانب نزع سلاحها، هو مخطّط أمريكي يهدف إلى سحب ورقة المحتجزين من يد المقاومة، تمهيدًا لتنفيذ مخطّط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتفريغ غزة وتهجير سكانها بالكامل.
وشدّد عضو المكتب السياسي للحركة، سهيل الهندي، في تصريح صحافي على “أن محددات المقاومة ثابتة، وتتمثل بالوقف التام لحرب الإبادة، والانسحاب الشامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وأي أفكار ومقترحات جديدة لا تتضمن هذه المحددات مصيرها الفشل”.
وأكدَّ أن “سلاح المقاومة غير قابل للنقاش، متمسكون بحق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة حتى التحرير والعودة”.
بدوره قال، رئيس الدائرة السياسية لـ “حماس” في الخارج سامي أبو زهري، إن “نزع سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش، ولن يتحقق، وسلاح المقاومة سيبقى ما بقي الاحتلال، لأنه وُجد لحماية شعبنا وحقوقنا الوطنية”.
كذلك، أكدَّ عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد أبو السعود؛ “إن سلاح المقاومة حق خالص لشعبنا وهو خارج أي تفاوض أو تباحث”.
وقال أبو السعود في تصريحات صحفية، “لا أحد عاقل خارج المقاومة أو داخلها؛ يقبل بتسليم السلاح؛ وترك شعبنا مكشوف الظهر؛ ولهذا فمن البديهي أن يكون السلاح خارج أي نقاش أو حديث أو تفاوض”.
وأوضح “أن وجود شعبنا الفلسطيني؛ يرتكز بتمسكه بسلاحه، وحقه في مقاومته؛ وتقرير مصيره أسوة بشعوب الأرض”.
أيضًا، أكدّت لجان المقاومة في فلسطين، أنّ المقاومة منفتحة على أي مقترح ينهي الحرب بشرط انسحاب القوات الصهيونية وإعادة الإعمار دون قيود، لكنها رفضت بشكل قاطع أي نقاش حول تسليم سلاح المقاومة، معتبرة ذلك “حقاً أساسياً لشعبنا غير قابل للمساومة”.
وأكدَّت اللجان في بيان أن طرح العدو الصهيوني بند نزع سلاح المقاومة ضمن مقترحات الهدنة “يهدف إلى تعطيل المفاوضات وإفشالها”، مشيرة إلى أن ذلك “يثبت عدم رغبة العدو في التوصل إلى اتفاق يضمن وقف الحرب واستعادة أسرى الاحتلال”.
وشددت لجان المقاومة على أن “سلاح المقاومة خط أحمر”، قائلةً: “هو حق أساسي لشعبنا مرتبط بإنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والمقدسات، ولن نتنازل عنه”. وأضافت: “سنفشل أوهام العدو الصهيوني وحليفه الأمريكي، ولن نسمح بفرض شروط بالإكراه والدمار”.
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ فشددت عبر عضو المكتب السياسي، سمير أبو مدللة على حق الشعب الفلسطيني في حمل السلاح والدفاع عن أرضه وكرامته هو حق مكفول وفق القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير المصير.
وأضاف في تصريحات صحفية : “نحن لا نتحدث عن جيوش نظامية، بل عن مقاومة شعبية موحدة، وسلاحها هو سلاح مشروع في يد أبناء شعبنا للدفاع عن أنفسهم في وجه الاحتلال، وليس أداة عدوان”.
وأوضح أبو مدللة أن أي دعوة لتسليم السلاح في هذه المرحلة تُعد دعوة للاستسلام ولإطالة أمد الحرب والدمار ومزيد من استهداف المدنيين، مضيفًا أن المقاومة موحدة، والشعب الفلسطيني يرفض التهجير.
وفي المسار عينه؛ رفضت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية المقترح الذي نُقل عبر الوسيط المصري ويشمل نزع سلاح المقاومة في غزة، مؤكدة أن السلاح مخصص للدفاع عن النفس، وأن أي تهدئة لا تتضمن ضمانات حقيقية ستكون بمثابة فخ سياسي يكرّس الاحتلال بدلًا من مقاومته.
وفي بيان أصدرته اللجنة، التي تضم عدة فصائل من بينها حماس والجهاد الإسلامي، أكدت اللجنة أن سلاح المقاومة خط أحمر، وليس مطروحًا للتفاوض، وأن الحديث عنه في هذه المرحلة ما هو إلا محاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وتضليل للرأي العام الدولي.
وفي قلب هذه الضغوط، رأى محللون سياسيون أن إعادة طرح فكرة نزع سلاح المقاومة في غزة، وجعلها شرطاً لوقف الحرب تعد ضرباً من ضروب الخيال، فوقائع الميدان والتاريخ الطويل للمقاومة الفلسطينية يكشفان استحالة فرض هذا الطرح على شعب يقاتل من أجل حريته.
حيث أكد المحلل السياسي حازم عيّاد، في حديث لـ”قدس برس” على أن “التنازل عن السلاح ليس مطروحًا في قاموس المقاومة، لأنه لا يعني فقط هزيمتها، بل هزيمة الشعب الفلسطيني بأكمله”. وبالتالي، فإن دعوات نزع سلاح غزة ليست سوى محاولة لإضعاف آخر ما تبقى من أوراق القوة بيد الشعب الفلسطيني.
وهو ما أكدته أستاذة العلوم السياسية المختصة بالشأن الفلسطيني، الدكتورة أريج جبر، في حديث للمصدر عينه بقولها إن “فكرة تحرير الأراضي الفلسطينية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر المقاومة المسلحة، وليس عبر التنازلات والمفاوضات التي لم تسفر سوى عن اتساع المشروع الصهيوني”، مشددةً على أن “المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل أي تخفيف عن المدنيين إلا بما يخدم المشروع الوطني الفلسطيني أولًا، إذ إن أي تنازل في هذه المرحلة يمثل ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية”.