الخليج الجديد:
2024-11-06@00:19:54 GMT

شراكة محيرة بين جنوب أفريقيا وروسيا

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

شراكة محيرة بين جنوب أفريقيا وروسيا

شراكة محيّرة بين جنوب أفريقيا وروسيا

"يمكنك القول إن تحالفهما صداقة بنيت على الدم... والرصاص".. من الناحية السياسية، فإن ما يجمعهما "شراكة غريبة".

الروابط التاريخية والشخصية تتجاوز الشقوق الأيديولوجية بينهما، واحتمال وجود احتياجات لديهما قد تكون أقل وضوحا.

لا تزال العلاقات قوية للغاية، بل يعتبرها البعض أمراً محيّراً، رغم التحولات التاريخية والأيديولوجية كان يفترض أن تؤدي إلى التباعد.

قاد رامابوزا في يونيو الماضي وساطة أفريقية مع جمهورية الكونغو ومصر والسنغال وأوغندا في محاولة للتوصل إلى سلام بين روسيا وأوكرانيا.

ينظر بوتين إلى جنوب أفريقيا في إطار مصلحة استراتيجية نظراً إلى وضعها في القارة التي أصبحت بشكل متزايد ساحة للمعارك الدبلوماسية بين القوى الكبرى.

تعتبر التجارة مع روسيا "منخفضة للغاية"، بحسب وصف مبعوث جنوب أفريقيا إلى موسكو، حيث بلغت قيمة الصادرات 132 مليون دولار فقط من يناير إلى يونيو.

* * *

تسلّط استضافة جنوب أفريقيا قمة مجموعة بريكس الأسبوع المقبل الضوء على العلاقات بين بريتوريا والكرملين، التي تتسم بالدفء ويعتبرها البعض أمراً محيّراً.

ويعود تاريخ العلاقة بين موسكو وحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم في جنوب أفريقيا إلى فترة الحرب الباردة، عندما دعم الاتحاد السوفياتي نضال الحزب ضد نظام الفصل العنصري.

ولا تزال هذه العلاقات اليوم قوية للغاية رغما عن التحولات التاريخية والأيديولوجية التي كان من المفترض، منطقيا، أن تؤدي إلى التباعد.

وانهار الاتحاد السوفييتي في 1991، الأمر الذي أدى إلى زرع بذور قومية في روسيا التي يقودها اليوم فلاديمير بوتين.

أما الانتصار على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فأدّى إلى قيام نظام ديمقراطي ودستور هو الأكثر ليبرالية في القارة.

ويعتبر المحللون الذين يسعون إلى فهم العلاقة بين الطرفين أنّ الروابط التاريخية والشخصية تتجاوز الشقوق الأيديولوجية بينهما، مشيرين أيضاً إلى احتمال وجود احتياجات لديهما قد تكون أقل وضوحا.

ويقول المحلل السياسي سانديل سوانا: "يمكنك القول إن تحالفهما صداقة بنيت على الدم... والرصاص". أما المحلل ستيفن جروز من "معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية" فيرى أنّه من الناحية السياسية، فإن ما يجمعهما "شراكة غريبة".

ودعي بوتين للمشاركة في قمة مجموعة دول بريكس (جنوب أفريقيا، البرازيل، الصين، الهند، روسيا) التي تستضيفها جنوب أفريقيا من 22 إلى 24 أغسطس/ آب.

لكنّ الرئيس الروسي صدرت بحقّه مطلع مارس/ آذار مذكّرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جريمة حرب تتمثّل في "ترحيل" أطفال أوكرانيين منذ غزو أوكرانيا، وهي اتهامات ترفضها موسكو بالكامل.

ومن المفترض نظرياً أن تقوم جنوب أفريقيا باعتقال بوتين في حال دخل أراضيها، بصفتها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

موقف متناقض

واتخذ رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا موقفا متناقضا بشأن هذه المسألة، إلى أن أعلن في نهاية المطاف أنّ بوتين قرر عدم الحضور. وقاد رامابوزا في يونيو الماضي وساطة أفريقية مع جمهورية الكونغو ومصر والسنغال وأوغندا في محاولة للتوصل إلى سلام بين كييف وموسكو.

ولم تنجح الوساطة لكنّها ساعدته في تجاوز اتهامات له بـ"التحيّز" في هذا النزاع. وبالنسبة لدزفينكا كاشور من "الرابطة الأوكرانية في جنوب أفريقيا" فإن هذه البعثة سمحت لرامافوزا والقادة الأفارقة الآخرين "بالتحدث مباشرة إلى الشعب الأوكراني" وتقييم الوضع بأنفسهم.

من الناحية الاقتصادية، يبدو أن وقوف بريتوريا بجانب موسكو في هذا الوضع أمر غير منطقي، بحسب متخصصين.

وتأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني كأكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا بعد الصين. وبلغت صادراتها 4,2 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2023.

بالمقابل، تعتبر التجارة مع روسيا "منخفضة للغاية"، بحسب وصف مبعوث جنوب أفريقيا إلى موسكو، حيث بلغت قيمة الصادرات 132 مليون دولار فقط من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران.

وإثر اتهامات حول قيام بريتوريا بتزويد الكرملين سرا بالأسلحة، دعا مشرعون أميركيون الإدارة لإخراج جنوب أفريقيا من اتفاق تجاري كبير، ما أثار قلقا لدى بعض الشركات وأحزاب المعارضة في الدولة الأفريقية.

ويرى المحلل السياسي وليم جوميدي أنّ الوقت حان لتدرك بريتوريا أنّ هذا الاتحاد لم يعد يخدمها. وأضاف أن هذه العلاقة تقوم على "رابطة عاطفية"، مضيفاً "لا نستطيع تحمل" تكلفتها بعد الآن.

مصلحة استراتيجية

وينظر بوتين إلى جنوب أفريقيا في إطار مصلحة استراتيجية نظراً إلى وضعها في القارة التي أصبحت بشكل متزايد ساحة للمعارك الدبلوماسية بين القوى الكبرى، بحسب محلّلين.

لكن هناك إجماعا أقل حول سبب اهتمام الحزب الوطني الأفريقي بالإبقاء على علاقة وثيقة للغاية مع بوتين.

ويواجه حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم منذ ثلاثة عقود تقريباً نفورًا متناميًا يغذيه تعثّر الاقتصاد وتزايد البطالة وتفاقم عدم المساواة واستفحال أزمة الكهرباء.

وفي انتخابات العام 2024، سيصوّت المقترعون لانتخاب أعضاء الجمعية العامّة، حيث يختار حزب الأغلبية بالعادة رئيس البلاد.

وكتب الصحافي ريتشارد بوبلاك في صحيفة "ديلي مافريك" الشهر الماضي: "من الواضح أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يرى شيئا آخر في روسيا بوتين - أمرا ملهما".

وأضاف: "روسيا بمثابة منارة (..) استبدادية ساطعة تنير الطريق نحو الحكم الأبدي".

بينما يعتبر آخرون أن المال مرتبط بالأمر.

وتلقى الحزب، العام الماضي، أكثر من 800 ألف دولار من شركة لتعدين المنغنيز مرتبطة بقطب ثري روسي يخضع لعقوبات أميركية للمساعدة في تمويل مؤتمر حزبي.

وفي مايو/ أيار الماضي، قال زعيم المعارضة جون ستينهاوزن إن "الحزب الوطني الأفريقي يقف إلى جانب روسيا لسبب واحد فقط: لأن الاتحاد الروسي يمول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وبالتالي يتسلل ويزعزع استقرار الديمقراطية في جنوب أفريقيا".

ورفض الحزب الحاكم بغضب هذه التلمحيات.

وأكد المسؤول في الحزب في جوهانسبرغ كولوغو نجواشينج أن الحزب تلقى أيضا تبرعات من "رجال أعمال أميركيين".

وأضاف: "إنها مشكلة فقط عندما يدعم الروس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي"، مؤكّداً أنّ "هذا غير عادل".

المصدر | فرانس برس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: روسيا بوتين أوكرانيا جنوب أفريقيا بريكس حرب أوكرانيا المحكمة الجنائية الدولية فی جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

ما أهداف روسيا في أوكرانيا مع اقتراب الشتاء الثالث للحرب؟

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شتائها الثالث، رجحت مجلة نيوزويك الأميركية أن روسيا قد تحاول استغلال الثغرات لدى الجيش الأوكراني بمنطقة دونيتسك لتعزيز تقدمها بعد استيلائها على مدينة سيليدوف، التي تعد أكبر مدينة تسيطر عليها منذ سقوط أفدييفكا.

وقال خبير الاستخبارات مفتوحة المصدر في مجموعة "بلاك بيرد" الفنلندية إميل كاستيهلمي لمجلة نيوزويك إن روسيا تشن هجوما في شرق وجنوب دونيتسك على جبهة بعرض 30-40 ميلا، تمتد من منطقة سيليدوف إلى القرى الواقعة شرق فيليكا نوفوسيلكا.

تقع سيليدوف على بعد نحو 11 ميلا جنوب شرق المركز اللوجستي في بوكروفسك، المحور الإستراتيجي للقوات الروسية لتحقيق هدفها في السيطرة على منطقة دونيتسك بأكملها ومنطقة دونباس الأوسع.

ويعرض المحلل العسكري خريطة لتوقعاته لما قد يحدث على الجبهة الأوكرانية خلال الأشهر المقبلة.

وأشارت الصحيفة في مقالها إلى زيادة النشاط الروسي في هذه المناطق، وأن الجيش تقدم بسرعة في قرى وحقول مختلفة فيها، مما يعتبر تطورا مثيرا للقلق بالنسبة لأوكرانيا، إذ لم تتم ملاحظة مثل هذه التحركات السريعة في وقت سابق.

ويمكن اعتبار التقدم الحالي في سيليدوف بمثابة تحضير لخلق مواقع أفضل للهجوم نحو بوكروفسك.

وبعد الاستيلاء على سيليدوف، من المرجح أن تحاول القوات الروسية إجبار الأوكرانيين على التراجع من كوراخيفكا، إذا تمكنت القوات الروسية من الوصول إلى الخزان في المنطقة، فهذا يوفر لها نقاط انطلاق جيدة لمزيد من العمليات. وعلى نطاق العمليات، من المرجح أنهم يحاولون دفع أوكرانيا للخروج من جنوب دونيتسك، وفي حين يفعلون ذلك، هناك طموحات محتملة لتطويق كوراخوف، وهي مدينة محصنة بشدة.

كان أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهرا صعبا بالنسبة إلى أوكرانيا، إذ حققت خلاله القوات الروسية مكاسب جنوب كوبيانسك، وتوغلت حتى نهر أوسكيل.

وتقدمت روسيا الأيام القليلة الماضية جنوب شرق كوبيانسك وغرب سفاتوف، كما اخترقت قوات موسكو الدفاعات الأوكرانية بالقرب من توريتسك.

وفي الاتجاه الجنوبي، لاحظ كاستيهلمي، تقدم القوات الروسية أكثر من 6 أميال في غضون أيام قليلة وسيطرتها على معظم شاختارسك ونوفوكراينكا.

ومن المرجح أن تسيطر روسيا بشكل كامل على بوهويافلينكا، وفقا لنيوزويك، وقد تكون لهذه الوتيرة من التقدم والقدرات الجوية عواقب وخيمة على أوكرانيا، التي لن تكون قادرة على جلب معداتها إلى قرب الجبهة، على الأقل دون خسائر كبيرة في القوات.

الدفع الجنوبي سيستمر في إحراز تقدم عبر الحقول غير المحصنة، أيضا نحو أندرييفكا، مما يجبر القوات الأوكرانية على الخروج من منطقة كوراخوف المحصنة بشدة. وحسب الصحيفة، فإن أوكرانيا قد تتمكن من نقل الاحتياطيات والقضاء على الهجمات الآلية، لكنها قد تخسر كوراخوف قبل نهاية العام.

مقالات مشابهة

  • إعلام أمريكي: نشر وحدات من الحرس الوطني في 18 ولاية أثناء الانتخابات
  • «الوطني» يبحث التعاون مع السعودية وروسيا وفنزويلا
  • بوتين: روسيا تبذل كل الجهود لمنع اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط
  • بوتين: روسيا لا تسعى للمواجهة مع دول الاتحاد الأوروبى
  • بوتين: روسيا لا تسعى للمواجهة مع دول الاتحاد الأوروبي
  • أجرينا مفاوضات مع أوكرانيا.. بوتين: روسيا تنتهج سياسة بناءة ولا تسعى للمواجهة
  • بوتين: روسيا تبذل جهودا فاعلة لمنع تحول الصراع الفسلطيني الإسرائيلي لحرب كبيرة
  • شراكة الغاز بين إيران وروسيا.. تمهيد لتجاوز العقوبات الدولية وعكس أثرها (مقال)
  • العمل البيئي وحفل توزيع جوائر.. على جدول أعمال الأمير البريطاني وليام.. الذي يزور جنوب أفريقيا
  • ما أهداف روسيا في أوكرانيا مع اقتراب الشتاء الثالث للحرب؟