تعرض قناة النيل للدراما التابعة لماسبيرو قلعة الإعلام المصرى والعربى عملين للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة "الشهد والدموع" و"أرابيسك"... ولكل منهما رسالة أو عدة رسائل وبهما صراعات وشخصيات وتأصيل وتأريخ للمجتمع المصرى وفترات التحول السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى.... فى الشهد والدموع والتى عرضت أول مرة فى عام 1984 الجزء الأول ثم الجزء الثانى عام 1985.
وعلى الجانب الآخر يتم عرض مسلسل جديد على الشاشات وعلى المنصات الجديدة من إنتاج 2024 بعنوان "رقم سري" للكاتب محمد سليمان عبدالملك والمخرج محمود عبدالتواب من بطولة ياسمين رئيس وصدقى صخر وعمرو وهبة ونادين ومحمد سليمان مع مجموعة جديدة من الممثلين... المسلسل كان من الممكن تقديمه فى 15 حلقة فقط وضغطه بدلًا من 30 حلقة فقدفقد الحبكة والإيقاع وباتت الحلقات معادة فى الأحداث والحوار والشخصيات..حيث بدأ المسلسل البوليسى بقضيتين الأولى تحويل بنكى غير سليم والثانية حفلة قتلت فيها مديرة فرع البنك ندى.. وتتوالى الأحداث لمعرفة من القاتل ومن حول الدولارات، وفى منتصف الأحداث تظهر قصة فرعية بعيدة عن الخط الرئيسى وذلك عن دور وسائل التواصل الإجتماعى فى هتك ستر الصغار والكبار حين صورت صديقة أخت الضابط صديقتها دون علمها وإذنها ثم نشرت تلك الصور وهى شبه عارية... وفجأة أنتهت الحدوتة دون أى مبرر أو إشارة للشابة الضحية أو المجرمة.. المسلسل يسير فى إطار تشويقى ويحاول خلق صراع وهمى بين أخلاقيات الحق والعدل والخير للمحامى لطفى عبود وبين الشر والفساد والخديعة للمحامية ماجدة علوان وهما يتصارعان فى أحداث ساذجة وسريعة يتم التقاضى بها وفق القانون بالحبس والإفراج فى أقل من أيام معدودات وتغير السيدات شهادتهن بالتحرش ضد المحامى لطفى نظير مبالغ مالية تدفع لهم مرة من قبل المحامية الشريرة ومرة من قبل مساعد المحامى الطبيب، أما موضوع البنك والتحويلات وانتهاك خصوصية العملاء والقروض فهو أمر فى غاية الخطورة والأهمية ويعد من أهم التيمات والموضوعات المثارة فى هذا العمل... الشخصيات كلها نمطية آحادية الأبعاد لا تتغير أو تنمو أو تتطور أما الأحداث فقد انحرفت عن المسار الرئيسى ولم تقدم أى جديد للبناء الدرامى التسلسل المنطقى للأحداث.. الغريب أن جميع الأعمال الدرامية الجديدة تحوى قصة قتل أو سرقة أو اغتصاب.. المهم جريمة تبحث عن حل كما لو كنا نتابع قصص"المغامرون الخمسة" للأطفال... ولا يوجد أى بعد سياسى أو خلفية تاريخية إجتماعية وثقافية للعمل فلا تعرف فى أى زمان أو مكان تجرى تلك الأحداث، ولا ما هى خلفية بناء الشخصيات وتكوينها وملامحها النفسية والبيئية والاجتماعية. هذه النوعية الدرامية هى المنتشرة على الشاشات والمنصات ومن ثم تفقد الدراما مكانتها وبريقها ومتابعيها لحظة حل اللغز وفك الشفرة ومعرفة الحل ومن الجانى.. لهذا لا يتم تسويقها ولا يتم إعادة عرضها وتذهب مع كلمة النهاية... الدراما فن وعلم وإبداع وتاريخ وجغرافيا وسياسة وثقافة وإجتماع وعلم نفس... الدراما حياة وهى جبرتى هذا العصر وكل عصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مجتمع المصري
إقرأ أيضاً:
«السفاحون» يلهمون صناع الدراما عبر العصور.. «ساعته وتاريخه» آخر «مسلسلات الجريمة» في 2024
تنويه: "الأحداث الواردة في هذا العمل من وحي خيال المؤلف، وأي تشابه بينها، وبين الواقع فهو من قبيل الصدفة"، تنويه آخر: "الأحداث تستند إلى وقائع حقيقية، مع إضافة شخصيات، وأحداث خيالية اقتضتها الضرورة الدرامية"، عبارات نطالعها في بدايات تترات أعمال فنية سواء أفلامًا، أو مسلسلات، يكتبها صناع العمل، لتحقيق أهداف مختلفة، سواء الحماية من المسؤوليات القانونية، أو الهرب من ملاحقة الورثة، أو حتى "كف الأذى" عن أصحاب القصص الحقيقيين، وبمجرد كتابة "أكلاشيه التبرئة"، لا يمكن أن يرجع أحد على مؤلفي الدراما، ليظل مصطلح "حرية الإبداع" ثوبًا فضفاضًا يرتديه كل ممسك بقلم، وسط بعثرة النوايا، وإن كان النجاح الجماهيري قد تحقق من قبل في عدة أعمال، أشهرها مسلسل "الراية البيضا" الذي يعرف الجمهور شخصياته الحقيقية، بينما كانت العبارة التي كتبها المؤلف أسامة أنور عكاشة كفيلة بـ"إخراس ألسنة المغرضين"، حين قال: "تم تغيير أسماء الشخصيات ولكن أحداث المسلسل حقيقية حدثت، ولا زالت تحدث"!
ويتابع الجمهور هذه الأيام، عرض مسلسل جديد (من واقع ملفات المحاكم)، بعنوان "ساعته وتاريخه"، مستوحى من كتابَي "يوميات قاضٍ"، و"حكايات قضائية" للمستشار الأديب بهاء المري، رئيس محكمة الجنايات (صاحب مجموعة من الروايات والقصص)، بينما كتب السيناريو والحوار للمسلسل مجموعة من مؤلفي الدراما، في حلقات منفصلة، تدور كل حلقة حول جريمة وقعت بالفعل، وتنتهي كل حلقة بـ"منطوق الحكم على المتهم كما ورد في ملف قضيته"، وبدأ المسلسل بعرض حلقة مثيرة تشابهت أحداثها (إلى حد التطابق) مع قضية فتاة المنصورة "نيرة أشرف" التي ذبحها زميلها في الشارع (يونيو 2022)، وتم الحكم عليه بالإعدام، وتنفيذ الحكم (يونيو 2023)، في حادثة ضجت بها السوشيال ميديا، وبرغم تغيير اسم البطلة، وإضافة شخصيات خيالية (كان بعضها أثرى دراميًّا من شخصية البطلة نفسها)، وبرغم التسطيح الدرامي لشخصية القاتل، على غير العادة، إلا أن الجمهور فهم المغزى، أو على الأقل أدرك الفروق الواضحة بين الواقع ومحاكاته.
وبالتزامن مع عرض "ساعته وتاريخه"، تواترت أخبار تحضير اثنين من المسلسلات المستوحاة من جرائم حقيقية، أولها بعنوان "سفاح التجمع"، يقوم ببطولته الفنان أحمد الفيشاوي، استلهم أحداثه من قضية معروفة إعلاميًا بنفس الاسم، بطلها الحقيقي "كريم" مدرس اللغات المتهم بقتل مجموعة من السيدات، وإلقاء جثثهن في الصحراء، وهي نفس القصة التي تصارع عليها من قبل مجموعة أخرى من صناع الدراما، أما المسلسل الثاني فيحمل اسم "القصة الكاملة"، تم اقتباسه من حكايات اليوتيوبر سامح سند، وهو صانع محتوى على السوشيال ميديا، له قرابة "2.5" مليون متابع لصفحاته عبر "يوتيوب"، و"فيسبوك"، و"تيك توك"، نشر خلالها فيديوهات عن جرائم وقعت في شتى ربوع مصر، بين حوادث قتل، وأحداث غامضة، ومرعبة ارتبطت بالجن والعفاريت، استهوت تلك الحكايات المنتج مجدي الهواري، ليعلن تدشين مشروع ضخم لتنفيذ أكثر من "150" حلقة درامية تدور حول القصص التي سردها "سند" عبر السوشيال ميديا، مع إسناد كتابتها درامياً لنخبة من مؤلفي الدراما المحترفين، قام بعضهم بـ"تشويق الجمهور" باقتراب عرض الحلقات عبر منصات إلكترونية كبرى.
وكان آخر مسلسل مستوحى من قصة حقيقية، عُرض العام الماضي، سفاح الجيزة، فيه أبدع الفنان أحمد فهمي بتجسيد شخصية السفاح "قذافي فراج" الذي قتل صديقه وثلاث سيدات في غضون أعوام (2015ـ2017)، وصدر بحقه حكم الإعدام، في 2021، والطريف أن المسلسل (الذي قام بتغيير أسماء الشخصيات)، بدأ عرضه في أغسطس 2023، بينما كان السفاح الحقيقي يترنح بين أحكام الإعدام، التي رفضت محكمة النقض الطعن عليها في فبراير العام الجاري، ليصبح حكم القصاص نافذاً ونهائياً، وتزامن مع عرض "سفاح الجيزة"، مسلسل "حدث بالفعل"، لمجموعة من النجوم، منهم غادة عبد الرازق، ودينا الشربيني، وشيرين رضا، وآية سماحة، وكان مستوحى من جرائم حقيقية ارتكبها "مرضى نفسيون".
السفاح، أو القاتل المتسلسل، ظلت شخصية ملهمة لصناع الدراما في أحيان كثيرة، حيث سبقت "الجيزة"، و"التجمع" منطقة أخرى هي "المهندسين"، ظهر فيها شاب ثري يدعى أحمد حلمي المسيري، هزت جرائمه الرأي العام في 1991، عقب قتله رجل أعمال وزوجته وخادمته، وصدر بحقه حكم بالإعدام في 1994، واستفزت قصته الفنان خالد الصاوي، ليكتب سيناريو وحوار فيلم "السفاح"، قام ببطولته الفنان هاني سلامة، 2009، وقبلها بنصف قرن، وبالتحديد 1962، استوحى أديب نوبل نجيب محفوظ، قضية سفاح يدعى "محمود أمين سليمان" ارتكب "8" جرائم قتل في خمسينيات القرن الماضي، وانتهت أسطورته بمصرعه في مغارة بجبل حلوان، على أيدي رجال الشرطة، فقام "محفوظ" بتحويلها إلى قصة فيلم "اللص والكلاب" المصنف رقم "15" في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، وجسد خلاله النجم شكري سرحان شخصية المجرم الذي تم تغيير اسمه إلى "سعيد مهران"، والغريب أن نفس النجم، شكري سرحان جسد شخصية شاب تورط في تنفيذ جريمة قتل صاحب "بار"، ضمن أحداث فيلم "إحنا التلامذة"، 1959، وهي قصة حقيقية لأحد الشباب قضى عقوبة السجن "10" سنوات، وخرج ليعمل بالتمثيل وأصبح "كوميدياناً شهيراً"، وعلى مدار جزأين، ظهرت في عامي (2007، و2014) ملحمة فيلم "الجزيرة" للمخرج شريف عرفة، وجسّد خلالها الفنان أحمد السقا شخصية "منصور الحفني" تاجر المخدرات في الصعيد، وللهرب من الربط بينها وبين "امبراطور النخيلة" الذي تم إعدامه في 2006، جاءت جملة "تمويه" حوارية على لسان أحد القيادات الأمنية بالفيلم: "مش عايزين نشوف عزت حنفي تاني"، مثلما أصرّ صناع مسلسل "ابن حلال" للفنان محمد رمضان، لدى عرضه في 2014، أن أحداثه تشابهت بـ"الصدفة"، مع جريمة قتل ابنة المطربة المغربية ليلى غفران، التي هزت الرأي العام في 2008.
أما السفاحة "المرأة"، فكان لها نصيب من استلهام الدراما، بدأت بأشهر سفاحتين في تاريخ مصر، ريا وسكينة، اللتين قتلتا عشرات النساء بالإسكندرية مطلع القرن الماضي، وتم تنفيذ حكم إعدامهما في ديسمبر 1921، هذه القصة ألهمت "بديعة مصابني" لتجسيدها على خشبة المسرح في العام التالي لإعدامهما، ثم عالجتها عشرات الأعمال الفنية بين المسرح والسينما والتليفزيون، وجسدتها العديد من النجمات، آخرهن عبلة كامل وسمية الخشاب، في مسلسل عرض عام 2005، وفي السينما تقمصت نبيلة عبيد (تحت اسم مستعار)، شخصية "ناهد القفاص" التي قتلت زوجها وقطعت جثته بالساطور، في 1989، والتي صدر بحقها حكم بالسجن المؤبد، وعُرض فيلم "المرأة والساطور" في 1997، لينهي المخرج سعيد مرزوق الأحداث بعبارة: "ليس كل قاتل مذنباً، وليس كل قتيل بريئاً".
وعلى مدار سنوات، ألهمت عشرات الجرائم صناع الدراما، لتبقى دعاوى النقاد بـ"الترفق" بالجمهور، وعدم الضغط عليهم سواء بتكرار مشاهد الدم، أو الاستغراق في "التخطيط المتقن للجريمة"، أو تقديم مشاهد "مبتكرة" للقتل، حتى لا تلهب خيال المراهقين، مع تحليل شخصيات المجرمين نفسياً، وتعظيم القيم الإيجابية، وضرورة التركيز على "التطهير" كـ"مصير حتمي لكل من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة"، وتبقى الحقوق الإنسانية" مصطلحاً "مائعاً" وسط تساؤلات الجمهور، حول مدى الاقتراب أو الابتعاد عن شخصيات حقيقية من لحم ودم، عاشت بيننا، بل واهتز لضجيجها الرأي العام، وربما اعتلت "قمة التريند" في وقت ما.
اقرأ أيضاًمن ملفات المحاكم المصرية.. مواعيد عرض مسلسل ساعته وتاريخه والقنوات الناقلة
«الدكتور» يسرق بأساليب مبتكرة.. تفاصيل الحلقة 4 من مسلسل «ساعته وتاريخه»