الجزيرة:
2025-01-16@16:04:44 GMT

موجز تاريخ تجنيد الحريديم.. من التسوية إلى الحسم

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

موجز تاريخ تجنيد الحريديم.. من التسوية إلى الحسم

ترافق مسألة تجنيد اليهود "المتدينين المتزمتين" (الحريديم) في الجيش الإسرائيلي إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948. وعلى مدار عقود، أدارت هذه القضية من خلال منظومة التسويات الاجتماعية والسياسية الداخلية بهدف الحفاظ على وحدة المجتمع الإسرائيلي وتماسكه في مرحلة بناء الدولة.

ولم تضغط على هذه المجموعة من أجل الخدمة العسكرية في الجيش، فضلا أن هذه المجموعة رفضت فكرة التجنيد لدوافع دينية وأيديولوجية، بالإضافة إلى أن حاجة الدولة والجيش لهذا القطاع في المجهود الحربي لم تكن كبيرة أو مُلحّة، نظرا لقلة عددهم، ومعدلات التجنيد العالية في صفوف الشرائح المختلفة في المجتمع الإسرائيلي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا يعني أن يصبح المحتل نازحًا.. تداعي المجتمع الإسرائيلي بعد الطوفانlist 2 of 2ملفاتend of list

منذ التسعينيات بدأت هذه المسألة تأخذ حيّزا واسعا في السجال السياسي والاجتماعي الإسرائيلي، وارتفعت الأصوات المطالبة بتجنيد الحريديم تحت دعاوي المساواة في تحمل العبء الوطني عسكريا، واجتماعيا واقتصاديا. وفشلت كل الحكومات في التوصل إلى صيغة مقبولة للأطراف، فضلا عن صيغة قانونية توافق عليها المحكمة العليا لتجنيد الحريديم، وظل هذا الموضوع عالقا بين مد وجزء بتغير الحكومات الإسرائيلية منذ أكثر من 3 عقود.

وجاء العدوان على غزة ليعيد هذه القضية إلى الواجهة من جديد بحدة أكبر من السابق، والمطالبة بحسم هذه المسألة، إذ تطالب الأحزاب الدينية التي تمثل الحريديم بحسمها لصالحهم، في حين تطالب قطاعات اجتماعية وسياسية بحسمها ببدء مسار يفضي إلى تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي بشكل متساو مع القطاعات الأخرى.

إعلان

تجادل  هذه المقالة أن مسألة تجنيد الحريديم لم تعد تقبل التسويات الاجتماعية والسياسية كما كان في الماضي. وفي الوقت نفسه، فإن حسمها لصالح أحد الأطراف من شأنه أن ينتج أزمة اجتماعية كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي ستعمق من الاستقطاب والانقسام في المجتمع الإسرائيلي، وستكون لها تداعيات عميقة على تماسك ووحدة المجتمع.

الحريديم في إسرائيل

تمر إسرائيل بديناميكية مثيرة بين التدين والعلمنة في المجال العام نابعة من التداخل في فترة تبلور المشروع الصهيوني بين القومية والدين لدرجة التطابق في تعريف مفهوم القومية اليهودية، وفي الوقت نفسه حالة التوتر بين التدين والعلمنة في مرحلة "دولة إسرائيل".

انقسم التيار الديني عموما من المشروع الصهيوني إلى تيارين، تيار يعارض الصهيونية باعتبارها تدنيسا للمقدس الديني، واستغلالا لليهودية من أجل تحقيق خلاص سياسي دهريّ خارج اليهودية ومعتقداتها، وتبنى هذا الموقف التيارُ الديني الأرثوذكسي، على تباين مواقفه الصلبة من المشروع الصهيوني، إذ "جاء الموقف […] المعادي للصهيونية من داخل التيارات الدينية اليهودية الرئيسة؛ لا لكونها حركة علمانية يهودية فحسب، فقد وجد كثير من العلمانيين اليهود قبلها، بل لأنها في نظر المتدينين جريمة لا تُغتفر وهي علمنة اليهودية ذاتها بقومنتها (أي بتحويلها إلى إثنية قومية).

في حين تبنى التيار الثاني فكرة الخلاص السياسية الدهرية، واعتبرها جزءا من فكرة الخلاص الدينية، وتبنى هذا الموقف التيار الديني القومي، أو الديني الصهيوني، معتبرا أن المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين حلقة من صيرورة الخلاص الدينية، وتمهيدا لها، وأن قيام "دولة إسرائيل" هي جزء من الخلاص المسياني، كما ورد في المقدس الديني اليهودي. بطبيعة الحال، سوف تتطرق الورقة للتيار الأول (الحريدي)، وليس الثاني (الديني الصهيوني)، والذي على عكس التيار الأول يرى في الخدمة العسكرية واجبا دينيا مقدسا، ويندمج أعضاؤه في الجيش الإسرائيلي.

إعلان

اندمجت التيارات الدينية المركزية في إسرائيل في المشهد السياسي الإسرائيلي الصهيوني العلماني الاشتراكي الذي ميّز هذا المشهد خلال العقدين الأولين من قيام إسرائيل، وجاء الاندماج على شاكلة أحزاب دينية تُمثل قطاعات دينية، فتشكلت أحزاب تُمثل المتدينين الحريديم، مثل أغودات يسرائيل، ويهودات هتوراه، وديغل هتوراه، وحزب مركزي يمثل المتدينين القوميين أو الصهيونيين، وهو حزب "المفدال". وعلى المستوى السياسي، كانت المهمة المركزية لهذه الأحزاب في العقدين الأولين المحافظة قدر المستطاع على مصالح المتدينين في ما يتعلق بتوفير الميزانيات للجهاز التعليمي الخاص بهم، والحرص على تطبيق التعاليم الدينية الرسمية في الدولة، فازدادت أهمية المؤسسة الدينية الرسمية في مسألة تعريف من هو اليهودي.

تأسست مكانة المجموعة الحريدية في إسرائيل من اتفاق "الوضع القائم" الذي وُقع بين ديفيد بن غوريون وحزب "أغودات يسرائيل" الذي كان يُمثل التيار الحريدي في صفوف اليهود في فلسطين، تم توقيع الاتفاق قبل الإعلان الرسمي عن تأسيس دولة إسرائيل، وذلك لضمان تأييد الحريديم لقرار تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية.

ديفيد بن غوريون (غيتي)

وقد تعهد بن غوريون أمام ممثلي الحريديم بأن الدولة العبرية سوف تضمن حيزا خاصا للمتدينين، يشمل الاعتراف بيوم السبت عطلة رسمية في البلاد، وتأسيس جهاز تعليمي خاص بالمتدينين، وتأسيس محاكم دينية لتطبيق قضايا الأحوال الشخصية، واعتماد الشريعة اليهودية في تحديد الأكل الحلال (كوشير)، ومع ذلك لم يتطرق اتفاق الوضع القائم للخدمة العسكرية.

لم يتطرق بن غوريون للخدمة العسكرية، لأنه كان يعتقد أن الوقت سيؤدي إلى اندماج الحريديم في المجتمع الإسرائيلي، أو أن أعدادهم سوف تتضاءل، كما أنه لم يكن يعتمد عليهم في المجهود الحربي، وكان يريدهم أن يكونوا جزءا من الإجماع السياسي اليهودي لتأسيس الدولة، وتحييد معارضتهم الدينية والأيديولوجية لفكرة تأسيس دولة لليهود في فلسطين. وواضح أن بن غوريون أخطأ التقديرات في تطور قوة الحريديم السكانية، إذ اعتبر الحريديم أن الوضع القائم يسري أيضا على الخدمة العسكرية، وأنه العقد الاجتماعي الذي نظم العلاقة بينهم وبين الدولة، ولا شك أن اتفاق الوضع القائم يعبر عن فكرة التسويات في العلاقة معهم.

إعلان

تعتبر دراسة عدد المتدينين في إسرائيل وصفاتهم الديمغرافية من القضايا المختلف عليها في إسرائيل، فهناك تقديرات مختلفة لعدد المتدينين في إسرائيل، وتحديد صفة المتدين عموما. في العموم، يتم تقسيم المجموعات الدينية في المجتمع اليهودي إلى 3 مجموعات أساسية: المحافظين أي أصحاب التديّن المحافظ الشعبي، المتدينين الأرثوذكسيين (الحريديم) من شرقيين وأشكنازيين، أي اليهود المتزمتين دينيا في نمط حياتهم الدينية، والمتدينين القوميين أي أبناء الصهيونية الدينية.

تشير معطيات المعهد الحريدي لأبحاث السياسات إلى أن عدد الحريديم وصل في العام إلى مليون و211 ألفا و668 نسمة، ويشكلون 12.3% من مجمل المواطنين في إسرائيل (العرب واليهود).

ازداد عدد الحريديم في إسرائيل بشكل كبير، وذلك بسبب نسبة التكاثر الطبيعي المرتفعة في صفوفهم، ففي عام 1948 كانت نسبة الحريديم تصل إلى 2.6% من السكان، وارتفعت إلى 4.4% عام 1968، وازدادت إلى 6.5% عام 1988، ووصلت إلى 9.1%، لترتفع إلى 12.3% اليوم. وتوضح هذه المعطيات الزيادة الكبيرة للحريديم في العقود الأخيرة، وذلك رغم التراجع في نسبة التكاثر السكاني بعد عقدين من تأسيس دولة إسرائيل، ولكنها بقيت الأكثر ارتفاعا من بين القطاعات الاجتماعية المختلفة في إسرائيل، ومن بينها الفلسطينيون في مناطق 1948.

 

التزايد السكاني للحريديم في إسرائيل في سنوات مختارة
الجزيرة (الجزيرة)

 

يتميز المجتمع الحريدي بكونه مجتمعا فتيّا، إذ تصل نسبة الشريحة العمرية 0-19 في هذه المجموعة إلى 58% من مجمل المتدينين المتزمتين في إسرائيل، مقابل 30% من مجمل السكان اليهود. وتدل هذه المعطيات على أن المجتمع الحريدي أصغر عمرا من المجتمع اليهودي عموما.

في حين تشير المعطيات، التي أوردها تقرير معهد "شموئيل نئمان" في معهد التخنيون في حيفا، إلى أن معدل الزيادة في عدد الحريديم في إسرائيل يتراوح بين 4-7% في السنة، وذلك يعني أن الحريديم يضاعفون عددهم كل 10-16 سنة. وحسب تقرير صدر بعنوان "إسرائيل 2028″، فإنه إذا استمرت المؤشرات الديمغرافية الحالية للحريديم في الاتجاه نفسه، فإن نسبة السكان الحريديم ستشكل عام 2028 نحو خُمس السكان اليهود في إسرائيل، وسيشكل الطلاب الحريديم الذين سيلتحقون بالصف الأول نحو 40% من مجمل طلاب الصف الأول اليهود في العام نفسه.

إعلان

وحسب توقعات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية المعتمدة على السمات الديمغرافية الحالية للحريديم في إسرائيل، فإن عددهم سيصل عام 2059 إلى نحو 4.1 ملايين نسمة، وسيشكلون نحو 35% من مجمل السكان في إسرائيل، بينما ستشكل شريحة الأعمار 0-19 الحريدية في العام نفسه ما يقارب 50% من مجمل السكان في الدولة (وليس اليهود فقط). وتوضح المعطيات أن معدل التكاثر الطبيعي للمرأة المتديّنة الحريدية يصل إلى 6.5%، مقارنة مع 2.9% في المجتمع اليهودي عموما.

أسباب معارضة الحريديم للتجنيد

هنالك مجموعة من الأسباب التي تُفسر معارضة الحريديم للتجند في الجيش، ويمكن الإشارة إلى أهمها في ما يلي:

معارضة أيديولوجية دينية

وهي المعارضة التاريخية والأقدم التي تُشكل أرضية لمعارضة الحريديم للخدمة العسكرية، إذ ترى هذه المجموعة أن الصهيونية تعارض المنظور الديني الأرثوذكسي الذي يعتبر أن خلاص اليهود يكون من خلال عودة "المشيّح" (المسيح اليهودي المخلص)، وأن الصهيونية حركة عارضت الحتمية التاريخية والدينية في خلاص اليهود الذي يجب أن يكون خلاصا إلهيا وليس دنيويا، أو سياسيا. وتعتبر شرائح في صفوف الحريديم أن إسرائيل حالة منفى، وعلى الرغم أن نفي المنفى في المفهوم يكون من خلال العودة إلى "أرض إسرائيل"، فإن نفي المنفى ليس حالة مادية بالأساس، بل نفيّ المنفى يتم من خلال قدوم المسيح المخلص وإقامة مملكته، عندها تتم فكرة نفيّ المنفى، وقد وضعت الحركة الصهيونية هدف نفي حالة الشتات لليهود وتجميعهم في فلسطين، ولكن ضمن مشروع عملي سياسي وقومي، لذلك يعتبر الحريديم أن إسرائيل منفى كما كانوا في الشتات.

معارضة اجتماعية وثقافية

تعيش المجموعة الحريدية في أحياء ومدن منفصلة تقريبا عن المجتمع الإسرائيلي الواسع، وتتميز بأنماط حياتية واجتماعية وثقافية مختلفة بدءا من اللباس وانتهاء بالقيم الاجتماعية. وقد استطاعت هذه المجموعة الحفاظ على تمايزها بسبب عدم اختلاطها بالمجتمع الواسع، وحفاظها على ثقافة "الغيتو" -إن صح التعبير- في إسرائيل، في واقع يشبه إلى حد ما واقع الغيتو الانعزالي في أوروبا.

إعلان

في هذا الصدد، يعتبر الحريديم التجنيد خطرا اجتماعيا وثقافيا، إذ إن الجيش هو المؤسسة المهمة في "بوتقة الصهر" الإسرائيلي التي يلتقي فيها الأفراد من جميع فئات المجتمع، مما قد يؤدي إلى تغلغل ثقافة دخيلة على المجتمع الحريدي ويغيره من الداخل، أو يساهم في اندماج الحريديم في المجتمع الإسرائيلي الواسع.

ولا تتوقف تداعيات التجنيد على الخدمة العسكرية، بل إن الانفتاح على المجتمع الواسع من خلال الجيش سيفتح آفاقا جديدة للشباب الحريدي للانخراط في سوق العمل الواسع، وهو فضلا عن كونه انفتاحا على قيم اجتماعية وثقافية أخرى، فهو يهدد أيضا الأرضية التي يقف عليها المجتمع الحريدي في عدم العمل وتمضية العمر في الدراسة الدينية وتعلم التوراة والعيش على مخصصات اجتماعية من الدولة ومع مؤسسات أهلية داعمة للمجتمع الحريدي. بناء على ذلك، فالانخراط في الخدمة العسكرية يحمل تهديدا اجتماعيا كبيرا للتماسك الداخلي والتمايز الخاص للمجتمع الحريدي عن المجتمع الإسرائيلي عموما.

معارضة سياسية

نمت المعارضة السياسية بشكل تراكمي في صفوف الأحزاب الحريدية، إذ إن القوة الانتخابية والسياسية لهذه الأحزاب تعتمد في الأساس على نمط من تصويت الحريديم "القبلي" لهذه الأحزاب من منطلقات الدين والهوية الخاصة. وتعتبر قواعد الأحزاب الدينية الحريدية ثابتة نسبيا، وهي المخزون الانتخابي لقوة الأحزاب الدينية في النظام السياسي الإسرائيلي، لذلك فإن الحفاظ على هذه القاعدة يضمن قوة الأحزاب الدينية وقدرتها على التأثير على تشكيل الحكومة، وتوزيع الموارد المادية.

في المقابل، فإن الأحزاب الدينية تخشى أن تؤدي الخدمة العسكرية إلى تسرب هذه القواعد لأحزاب أخرى، خاصة اليمين الديني القومي أو القومي المحافظ. وإن اختلاط الشباب الحريدي في الجيش ولقاءهم مجندين متدينين آخرين من التيار الديني القومي أو الصهيوني سيؤدي إلى تغيير في نمط تفكير هذا الشباب نحو الخدمة العسكرية والدولة، وسيميلون إلى تأييد الأحزاب الدينية القومية، وهو فعلا ما حدث السنوات الأخيرة مع المتدينين الحريديم القلائل الذين تجندوا للجيش وتحولوا إلى متدينين قوميين يدعمون أحزابا دينية أخرى غير حريدية.

 

نتائج الأحزاب الدينية الحريدية في انتخابات الكنيست
الجزيرة (الجزيرة)

 

وجراء هذا اللقاء بين الشباب الحريدي المتدين غير الصهيوني والشباب المتدين الصهيوني غير الحريدي، نشأت مجموعة متطرفة في صفوف اليمين تسمى "الحردليم"، وهي جمع بين كلمتين حريديم قوميين. وقد جذبت أحزاب اليمين المتطرف مثل "عظمة يهودية" برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحزب "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هذا النوع من الشباب. في المجمل، تخوف الأحزاب الدينية الحريدية من الخدمة العسكرية يرتبط بشكل مباشر بخسارة أو ضعف القاعدة الاجتماعية والانتخابية لهذه الأحزاب.

إعلان صعود القضية بعد العدوان على غزة

بعد أن ألغت المحكمة العليا قانون التجنيد من العام 2015، بسبب غياب المساواة فيه في ما يتعلق بالخدمة العسكرية، طلبت الحكومات المتعاقبة تأجيل البت بالموضوع، وفي عام 2023، وقبل اندلاع الحرب أمهلت المحكمة العليا الحكومة حتى يوليو/تموز لتشريع قانون الخدمة العسكرية للحريديم، وماطلت الحكومة لذرائع مختلفة، ومع اندلاع الحرب، طالبت المحكمة مرة أخرى بتشريع القانون، وحتى اللحظة لم تنفذ الحكومة ذلك، مما يعني سريان قانون التجنيد الإلزامي العام عليهم، إذا لم تشرّع الحكومة قانونا جديدا.

قبل العدوان على غزة، كانت قضية تجنيد الحريديم تأخذ طابعا اقتصاديا في الأساس، سواء من طرف مؤسسات الدولة أو الشرائح الاجتماعية المطالبة بتجنيدهم. فبالنسبة إلى الدولة، كان منطلقها أن تجنيد الحريديم سوف يمهد لانخراطهم في سوق العمل، وهذا الأمر سيزيد الناتج القومي، ويقلص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، وهو واحد من المعايير المهمة للتدريج الاقتصادي العالمي. وحسب معطيات وزارة المالية، فإن تجنيد الحريديم لمدى السنوات الثلاث الإلزامية سوف يؤدي إلى ربح نحو 42 مليار شيكل للسوق. أما الشرائح التي تتجند للخدمة العسكرية، فاعتبرت أن تجنيد الحريديم سوف سيقلص عدد أيام خدمة الاحتياط السنوية وما تحمله من تداعيات اقتصادية واجتماعية على جمهور جنود الاحتياط، إذ تشير المعطيات إلى أن تجنيد ألف شاب حريدي سوف يوفر 833 ألف يوم في خدمة الاحتياط، ويوفر على ميزانية الدولة ما يقارب 1.3 مليار شيكل في السنة.

بعد اندلاع الحرب على غزة وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان، واستدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط الإسرائيلي، صعدت قضية تجنيد الحريديم من جديد، وهذه المرة ليس بسبب العامل الاقتصادي، بل تحولت إلى قضية حياة أو موت، فقد قتل خلال العمليات المئات من جنود الاحتياط، فضلا عن الثمن الاجتماعي والاقتصادي الذي دفعه الآخرون.

إعلان

تشير معطيات مؤسسة التأمين الوطني إلى أن ألف مصلحة تجارية تابعة لجنود الاحتياط أغلقت في الستة الأشهر الأولى للحرب، أي 6% من مجمل المصالح التجارية التي أغلقت، وهو معدل أعلى من معدل المصالح التجارية التابعة لجنود احتياط في السوق. وتتوقع مؤسسة التأمين الوطني أن يزداد هذا العدد خلال عام 2024، وتضيف المعطيات أن نحو 50% من المصالح التجارية لجنود الاحتياط التي أغلقت موجودة في مركز البلاد وتل أبيب. ونحو 25% في الشمال وحيفا، ونحو 13% في الجنوب.

وزاد الغضب الشعبي من موضوع تجنيد الحريديم، بسبب عدم تشريع قانون يعمق من مشاركتهم في الخدمة العسكرية، وفي الوقت نفسه العمل على تشريع قانون يطيل خدمة الاحتياط الحالية، فبدلا من تخفيف عبء خدمة الاحتياط على من يخدم، تعمل الحكومة على إعفاء الحريديم من جهة، وزيادة عبء الخدمة على الباقين.

وفي استطلاع أجرته حركة "بنيما" الاجتماعية، أشار 76% من الإسرائيليين إلى أنهم يؤيدون تجنيد المتدينين، بمعدل ارتفاع 7% بالمقارنة مع التأييد قبل الحرب. وفي توزيع المؤيدين حسب التصويت للأحزاب، فإن 56% من مصوتي الليكود، و-89% من مصوتي "معسكر الدولة"، و87% من مصوتي حزب "هناك مستقبل"، و87.5% من مصوتي "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان يؤيدون تجنيد الحريديم.

وفي صفوف مصوتي مركبات الائتلاف الحكومي اليميني، يشير الاستطلاع إلى أن نسبة الذين يؤيدون تجنيد الحريديم من صفوف مصوتي حركة "شاس" الدينية يصل إلى 26%، في حين تصل النسبة في صفوف مؤيدي حزب يهودات هتوراه إلى 15.8%. في المقابل فإن 59.5% من مصوتي شاس و-66.7% من مصوتي حزب يهودات هتوراه يعارضون تجنيد المتدينين. أما في صفوف مصوتي حزب "عظمة يهودية" برئاسة إيتمار بن غفير، فإنه فقط 37% يؤيدون تجنيد الحريديم، و-42.6% في صفوف مصوتي الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش.

إعلان

يبين الاستطلاع أن أغلب الشرائح الاجتماعية الداعمة لمركبات الحكومة الحالية (64 مقعدا) يعارضون تجنيد المتدينين للجيش الإسرائيلي، في حين يظهر انقسام واضح في صفوف مؤيدي الليكود.

علاوة على ذلك، فإن قانون الاحتياط الجديد، الذي قدمه الجيش ووزارة الدفاع، سوف يُسبب ضررا للاقتصاد الإسرائيلي بقيمة 6-8 مليارات شيكل في السنة للناتج المحلي (نحو 2 مليار دولار). ترتبط التداعيات الاقتصادية لمنظومة الاحتياط بقانون تجنيد الحريديم، ففي دراسة أعدها خين هرتسوغ حول التداعيات الاقتصادية لقانون الاحتياط الجديد، تشير إلى أن الضرر لا ينحصر في الإنفاق الحكومي المباشر على رواتب جنود الاحتياط الذين يتركون أعمالهم للالتحاق بالجيش لمدة شهر ونيف في السنة، والتي تقدر بنحو 2.4 مليار شيكل لخزينة الدولة، بل يتعدى نحو الضرر الذي سيلحق بالسوق، وهو ضرر يشمل تراجع الإنتاج في السوق، بسبب خروج الموظفين وأصحاب المصالح التجارية لتأدية خدمة الاحتياط، خاصة أن القانون الجديد يطيل عمر انتهاء خدمة الاحتياط من 40 عاما إلى 45 عاما، وهي السنوات التي يكون فيها معدل إنتاج الفرد الأعلى.

وفي الوقت الذي تم فيه استدعاء 300 ألف جندي وضابط في الاحتياط للخدمة في الجيش بعد اندلاع العدوان على غزة، فإن ممن تم تجنيدهم من الحريديم كان قليلا، وكشف الجيش أن عدد الحريديم الذين تجندوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول وصل إلى 1100 حريدي، ومع ذلك أكد الجيش أن معدل تجند الحريديم لم يتغير، إذ أشارت معطيات الجيش إلى أن 540 من الحريديم تجندوا منذ بداية الحرب، في إطار مسار التجنيد الخاص بالحريديم في الجيش، وذلك من بين 66 ألف وصلوا لعمر التجنيد في سنة التجنيد الأخيرة.

وتشير معطيات مراقب الدولة إلى أن 10% فقط من المرشحين للخدمة العسكرية في صفوف الحريديم يتجندون للجيش، إذ يصل عددهم إلى 1200 مجند. وحسب معطيات المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، فإن 1.7% فقط من الرجال الحريديم من الشريحة العمرية 20-24 تجندوا للجيش.

إعلان

تماطل الحكومة في تشريع قانون لتجنيد الحريديم، وتحاول التوصل لصيغة قانون تكون مقبولة للأحزاب الدينية لضمان بقائها في الحكومة. وعمل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على إزالة العوائق أمام تشريع قانون ينسجم مع مطالب الأحزاب الدينية، ومنها إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت الذي كان يعارض تشريع قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية وبالذات في سياق التحولات التي حدثت خلال الحرب على غزة، وحاجة الجيش للجنود، وحالة التعب والإرهاق التي أصابت جنود الاحتياط. وكان نتنياهو قد تخلص قبل غالانت من التحالف مع حزب "معسكر الدولة" برئاسة بيني غانتس الذي كان يعارض تشريع قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية، وكانت هذه القضية واحدة من الخلافات مع نتنياهو التي أدت إلى خروج غانتس من الحكومة.

خاتمة

أثرت الحرب على قطاع غزة وبعدها في الشمال مع لبنان على قضية تجنيد الحريديم للخدمة العسكرية، فلم يعد المجتمع الإسرائيلي يقبل التسويات في هذه المسألة وجر المسألة دون حل أو التسويف في معالجتها، فضلا عن أن المحكمة العليا ألزمت الحكومة الإسرائيلية بتشريع قانون لتجنيد الحريديم يأخذ بعين الاعتبار المساواة في العبء العسكري حتى لو كان الوصول إليها يتم بشكل تدريجي.

تكمن المشكلة في ظل الحكومة الحالية في أن حسم قضية التجنيد سيخلق معضلات أخرى للحكومة، فحسم التجنيد نحو تحقيق المساواة في الخدمة العسكرية يعني الاصطدام مع مطالب الأحزاب الدينية في الحكومة، والتي قد تخرج منها وتسقطها بسبب تشريع قانون لا يتوافق مع مطالبها. أما إذا حسمت نحو إعفاء أغلب الحريديم من الخدمة، فإن ذلك سيخلق احتجاجا كبيرا في المجتمع وحتى داخل الجيش نفسه، خاصة في صفوف جنود الاحتياط الذين ربما لا ينصاعون لأوامر الاستدعاء للخدمة لشعورهم بالظلم مقابل القطاع الحريدي.

إعلان

وإنّ تعمق الانقسام حول هذه المسألة في الفترة القادمة سيكون أكبر، فلم تعد المسألة متعلقة بالجانب الاجتماعي والاقتصادي فحسب كما كانت قبل الحرب، بل إنها مسألة حياة وموت، واستعداد الشرائح الاجتماعية التي تخدم أن تضحي بحياتها وتدفع ثمنا اجتماعيا واقتصاديا كبيرا، مقابل شريحة الحريديم التي لا تخدم ولا تعمل وتحصل على امتيازات اقتصادية كبيرة من الدولة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی المجتمع الإسرائیلی فی الخدمة العسکریة المشروع الصهیونی للخدمة العسکریة الأحزاب الدینیة العدوان على غزة تجنید الحریدیم المحکمة العلیا الوضع القائم عدد الحریدیم دولة إسرائیل هذه المجموعة المساواة فی هذه المسألة للحریدیم فی الحریدیم فی الحریدیم من الدینیة فی فی إسرائیل فی فلسطین وفی الوقت بن غوریون فی الجیش من خلال فی صفوف فضلا عن من مجمل إلى أن فی حین

إقرأ أيضاً:

ما تاريخ صفقات التبادل التي أجربتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟

تقترب المقاومة الفلسطينية في قطاع  غزة من إبرام صفقة تبادل أسرى كانت مستبعدة إسرائيليا لتؤدي، كما هو مفترض، إلى وقف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا، مقابل الإفراج عن نحو 100 أسير إسرائيلي اعتقلوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ومنذ قيام دولة الاحتلال جرى عقد عشرات صفقات التبادل الصغيرة والكبيرة مع عدد من الدول العربية ومختلف فصائل المقاومة الفلسطينية سواء حركة حماس أو فتح والجهاد الإسرائيلي، إلى إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

عقب النكبة 
بعد حرب عام 1948 ووقوع أحداث النكبة، أجرى الاحتلال الإسرائيلي عمليات تبادل مع مصر والأردن وسوريا ولبنان، حيث كان لدى القاهرة 156 جنديا إسرائيليا، وفى عمّان 673 جنديا، ومع دمشق 48 جنديا، ومع بيروت 8.

وفي ذات الوقت كان الاحتلال يحتجز 1098 مصريا، 28 سعوديا، 25 سودانيا، 24 يمنيا، 17)أردنيا، 36 لبنانيا، 57 سوريا و5021 فلسطينيا، بسحب إحصاء أجرته سابقا شبكة "بي بي سي".


ونفذت "إسرائيل" عمليات التبادل مع كل دولة تحتجز إسرائيليين على انفراد، فعقدت "صفقة الفالوجة" مع مصر في 27 شباط/ فبراير 1949، ومع لبنان في الفترة ما بين آذار/ مارس ونيسان/ أبريل من نفس العالم، بينما كانت الصفقة الأخيرة مع سوريا بتاريخ 21 تموز/ يوليو.

وبعد ذلك في 1954 أسرت مصر عشرة ملاحين إسرائيليين على متن السفينة "بت جاليم" في قناة السويس، وبعد تدخل مجلس الأمن أطلق سراحهم في مطلع العام التالي.

في شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 1954 أسر السوريون خمسة جنود إسرائيليين توجهوا إلى مرتفعات الجولان في مهمة خاصة، وقد انتحر أحدهم في سجنه بسوريا ويدعى اورى ايلان، وفى 14 كانون الثاني/ يناير 1955 أرجعت جثته لـ"اسرائيل"، بينما كان الأربعة الآخرون هم مائير موزس، يعقوب ليند، جاد كستلنس، مائير يعقوبى وقد في نهاية آذار/ مارس 1956، بالمقابل وأفرج الاحتلال عن 41 أسيرا سوريا.

חמישה לוחמים יצאו למשימה וכולם שילמו עליה מחיר כבד בדצמבר 54'. אורי אילן התאבד בשבי. מאיר יעקובי, נחוש להחזיר את כבודו נהרג במיתלה. מאיר מוזס שינה את שמו לאחר השבי. לא רצה להיות מזוהה כמי שנשבר. גדי קסטלניץ השתקם ונפטר לפני עשור. והיום נפרד האחרון, ג'קי לינד, שירד מהארץ ולא שב. pic.twitter.com/QjZhofPjeY — nir dvori (@ndvori) March 23, 2023
ومع حلول عام 1957 أدت صفقة تبادل إلى إطلاق سراح 5500 مصري كانت قد أسرتهم "إسرائيل" في حرب عام 1956 (العدوان الثلاثي)، وقد أرجعوا إلى مصر مع جنود مصريين آخرين مقابل إفراج مصر عن أربعة جنود إسرائيليين كانت قد أسرتهم في الحرب ذاتها.

الستينيات والسبعينيات 
في 2 كانون الأول/ ديسمبر 1963 جرت عملية تبادل بين الاحتلال وسوريا وتم بموجبها إطلاق سراح 11 إسرائيليا مقابل 15 أسير سوري.

أما فيما يعقب حرب حزيران/ يونيو 1967 (النكسة) أسرت القوات العربية 15 جنديا إسرائيليا، (11 مع مصر واحد مع سوريا و2 لدى العراق وواحد لدى لبنان)، بينما أسرت "إسرائيل" 5237 مصريا و899 أردنيا، و572 سوريا.

وبدأت عملية التبادل في حزيران/ يوليو 1967 وانتهت في كانون الثاني/ يناير 1968، وتضمنت الإفراج عن طيارين إسرائيليين في العراق وهما يتسحاق جولان- وجدعون درور، وقد وقعا في الأسر بعد أن قصفا مطار "إتش 3" العسكري في غرب العراق، وأفرجت "إسرائيل" مقابل ذلك عن 428 أردنيا.

وأفرجت "إسرائيل" خلال تلك الفترة عن 572 سوريا مقابل طيار وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين آخرين، مع استمرار الرفض في تسليم جثة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلى كوهين، الذي أعدم شنقاً في دمشق عام 1968.

وفي العام ذاته، جرت عملية تبادل مع الأردن، حيث أفرج الاحتلال عن 12 أسيرا، بينما سلمت عمان جثة جندى كان قد قتل في معركة الكرامة، بينما لازال جنديان آخران مفقودين حتى الآن.

لأول مرة
مع حلول 23 تموز/ يوليو 1968 جرت أول عملية تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" وذلك بعد نجاح مقاومين فلسطينيين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة يوسف الرضيع وليلى خالد باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة "العال"، والتي كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت على التوجه إلى الجزائر وبداخلها أكثر من مائة راكب.

وكانت هذه العملية أول طائرة اسرائيلية تختطف آنذاك، وتم إبرام الصفقة من خلال الصليب الأحمر الدولي وأفرج عن الركاب مقابل (37) أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام العالية من ضمنهم أسرى فلسطينيين كانوا قد أسروا قبل العام 1967.

وبعد ذلك بعام، خطفت مجموعة أخرى من الجبهة الشعبية بقيادة ليلى خالد طائرة العال الإسرائيلية وكان مطالب الخاطفين الإفراج عن الأسرى في سجون "إسرائيل" وحطت الطائرة في بريطانيا وقتل خلالها أحد أفراد المجموعة الخاطفة ويدعى باتريك أورغويللو بينما تم اعتقال ليلى خالد، وبعدها تم اختطاف طائرة بريطانية من قبل مجموعة تتبع لنفس التنظيم وأجريت عملية تبادل أطلق بموجبها أطلق سراح ليلى خالد.

" حين عُرض عليّ ان أقوم بخطف الطائرة وافقتُ وانا أتخيّلُ أنني أحمل طائرة على كتفي وأجري بها في الشارع "
المناضلة العظيمة الفلسطينيّة ليلى خالد❤ pic.twitter.com/VUcmnXddh4 — Fawzy (@fawzy_lubbad) March 6, 2020
وفي بداية عام 1970 وقع بأيدى المصريين 12 جنديا إسرائيليا ووقع ثلاثة آخرون بأيدي السوريين، وفي منتصف ذلك العام أرجعت مصر طيارا مصابا، بينما في آذار/ مارس 1971 أفرجت القاهرة عن جندي آخر مقابل الإفراج عن عدد محدود من الجنود والمدنيين المصريين.

وجرت في العام ذاته عملية تبادل أسير مقابل أسير ما بين "إسرائيل" وحركة فتح الفلسطينية، وأطلق بموجبها سراح الأسير محمود بكر حجازي مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز، والذي اختطفته الحركة أواخر عام 1969.

وفي أوائل مارس/ آذار عام 1973 جرت عملية تبادل مع سوريا، حيث أفرجت "إسرائيل" عن خمسة ضباط سوريين كانت قد اختطفتهم من جنوب لبنان خلال مهمة استطلاع عسكرية، مقابل إطلاق سراح أربعة طيارين إسرائيليين كانوا بحوزة سوريا.

أما في حزيران/ يوليو من نفس العام أفرجت سوريا عن ثلاثة طيارين إسرائيليين وهم جدعون ماجين، وبنحاس نحماني، وبوعاز ايتان بعد أن احتجزوا لمدة ثلاث سنوات في الأسر، وأفرجت "إسرائيل" مقابلهم عن 46 سوريا.

في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وقع بأيدي المصريين 242 جنديا إسرائيليا، ومع سوريا 68 جنديا، من بينهم ثلاثة أسروا خلال فترة وقف إطلاق النار، ومع لبنان 4 جنود، بينما وقع في أيدي الاحتلال 8372 جنديا مصريا منهم 99 خلال وقف إطلاق النار، و 392 سوريا، و6 من المغرب، و13 عراقيا.

 وقد تمت الصفقة مع مصر في الفترة ما بين منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 22 من الشهر ذاته، حيث أطلقت مصر سراح 242 جنديا وضابطا إسرائيليا ، مقابل ما لدى الاحتلال من جنود وضباط مصريين.

ومع سوريا تمت صفقة التبادل مطلع حزيران/ يونيو 1974 حتى وفيها أفرج 392 سوريا وستة مغاربة وعشرة عراقيين مقابل إطلاق سراح سوريا 58 أسيرا إسرائيليا، وأفرجت "إسرائيل" أيضا عن 65 أسيرا مصراً وفلسطينيّا مقابل إطلاق سراح جاسوسين إسرائيليين في مصر.

وأعادت مصر أيضا في ذلك العام لـ"اسرائيل" جثث ورفات 39 جنديا، بالمقابل عن 92 أسيرا.

وفي العام ذاته، جرت عملية تبادل الليطاني أو كما سميت "عملية النورس" بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وهي إحدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية سراح جندي إسرائيلي كانت قد أسرته في عملية الليطاني قبل ذلك بعام تقريبا.

وفي هذه العملية تم مهاجمة شاحنة إسرائيلية في كمين قرب صور وهو ليس بعيدا عن مخيم الرشيدية فقتل آنذاك أربعة جنود اسرائيليين وأسر واحد من قوات الاحتياط وهو أبراهام عمرام، وأفرجت "إسرائيل" بالمقابل عن 76 أسيرا من كافة فصائل الثورة الفلسطينية وكانوا في سجونها، من ضمنهم 12 فتاة فلسطينية.

الثمانينيات والتسعينيات 
في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983 وضمن عملية تبادل جديدة ما بين حكومة "إسرائيل" وحركة فتح، جرى إطلاق سراح جميع معتقلي معتقل أنصار في الجنوب اللبناني وعددهم 4700 فلسطيني ولبناني إضافة إلى 65 أسيرا من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح ستة جنود اسرائيليين من لواء "ناحال" أسروا في منطقة بحمدون في لبنان من قبل عناصر تابعة لفتح.

وبعد ذلك بعام تقريبا أعادت "إسرائيل" ثلاثة من جنودها هم جيل فوجيل، وأرئيل ليبرمان، ويوناثان شلوم وخمس جثث لجنود آخرين كانوا قد أسروا من قبل سوريا، مقابل الإفراج عن 291 جنديا سوريا و85 لبنانيا و13 سوريا من الجولان، بشرط بقائهم في الجولان.


وفي منتصف العقد، أجرت "إسرائيل" عملية تبادل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وهي، سميت بعملية الجليل، وأطلقت "إسرائيل" بموجبها سراح 1155 أسيرا كانوا محتجزين في سجونها المختلفة، مقابل ثلاثة جنود.

وفي أيلول/ سبتمبر من نفس العام، أفرجت "إسرائيل" عن 119 لبنانيا في سجن عتليت، مقابل إطلاق سراح 39 رهينة أمريكية كانوا محتجزين على متن طائرة بوينغ أمريكية تابعة لشركة "تى دبليو إي" فى حزيران/ يونيو من العام ذاته.

وشهد عام 1991 عمليتي تبادل بين حزب الله اللبناني و"إسرائيل"، الأولى تمت في 21 كانون الثاني/ يناير 1991، وأفرج الاحتلال بموجبها عن 25 معتقلا من معتقل الخيام بينهم امرأتان، والثانية بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر 1991 وأفرج عن 51 معتقلا من مقابل استعادة جثة جندي إسرائيلي كانت محتجزة لدى حزب الله.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 1991 أيضا، أفرجت حركة الجهاد الإسلامي عن أستاذ الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت جيسى تيرتر، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 15 معتقلا لبنانيا بينهم 14 من سجن الخيام.

وحصلت "إسرائيل" في تموز/ يوليو 1996 على رفات الجنديين يوسف بينيك ورحاميم الشيخ ، مقابل إفراجها عن رفات 132 لبنانيا استشهدوا في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، كما أطلق حزب الله سراح 17 جنديا من جيش لبنان الجنوبي، وأطلق الأخير سراح 45 معتقلاً من الحزب من معتقل الخيام، وقد تمت العملية بوساطة ألمانية.

ومع حلول عام 1997، جرت اتفاقية تبادل ما بين "إسرائيل" والحكومة الأردنية وأطلقت بموجبها سراح عملاء الموساد الإسرائيلي الذين اعتقلتهم قوات الأمن الأردنية بعد محاولتهم الفاشلة في اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينها، فيما أطلقت إسرائيل سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، والذي كان معتقلاً في سجونها منذ العام 1989 وكان يقضي حكما بالسجن مدى الحياة.

قبل 20 عاما في 22 مارس 2004 قام جيش الاحتلال الاسرائيلي باغتيال مؤسس وزعيم حركة حماس الشيخ احمد ياسين بعد أدائه صلاة الفجر في المسجد فماذا كانت أمنية حياته قبل الشهادة ؟ #غزة_تحت_القصف #فلسطين #رمضان #رمضان_12_الدعاء_المستجاب pic.twitter.com/n6r2PjOlN9 — A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) March 22, 2024
وفي حزيران/ يوليو 1998 أعادت "إسرائيل" 40 جثة لشهداء لبنانيين مع إطلاق سراح 60 لبنانيا، وقد تم إخراج جثث 38 مقاتلا من المقابر وجثتين من مشرحة أبو كبير إحداهما جثة هادى نصر الله نجل الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله، وبالمقابل سلم حزب الله رفات الرقيب إيتامار إيليا من وحدة الكوماندوز في سلاح البحرية في القسم العسكري في مطار اللد والذي قتل معه 11 ضابط وجندي إسرائيلي آخرين من الكوماندوز البحري خلال مهمة خاصة في لبنان.

من عام 2000
في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من الألفية الجديدة، جرى اختطاف عقيد الاحتياط في جيش الاحتلال إلحانان تاننباوم، من قبل حزب الله اللبناني، واحتجز لمدة أكثر من ثلاث سنوات.
وتم استدراج تاننباوم، للمشاركة في صفقة تهريب مخدرات، واختطف إلى لبنان على يد قيس عبيد واللبناني كايد برو، بحسب قناة "i24news" الإسرائيلية.

وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر أيضا من العام ذاته، أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، على قناة المنار: "لدينا عقيد إسرائيلي في أيدينا".

ذاكرة #المقاومة_الإسلامية#السيد_نصرالله يعلن عن عملية أسر الجاسوس ألحنان تننباوم 15/10/2000 pic.twitter.com/pHDLTOfgnj — Hasan Saado (@HasanSaado1) August 8, 2024
وتم إطلاق سراح تاننباوم كجزء من صفقة تبادل أسرى تمت في 29 كانون الثاني/ يناير 2004 بين "إسرائيل" وحزب الله برعاية ألمانية، تم بموجبها إعادة جثث جنود إسرائيليين تم اختطافهم أيضا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000.

في 7 تشرين الأول/ أكتوبر مرة أخرى من عام 2000، نفذ حزب الله عبر الحدود عملية تمكن فيها من أسر ثلاثة جنود إسرائيليين، هم: بيني أفراهام، وآدي أفيتان، وعمر سواعد، بينما كانوا يقومون بدورية في الجدار الأمني على طول الحدود مع لبنان، وليس من الواضح حتى الآن متى أو تحت أي ظروف قتل الجنود الذي أعيدت جثثهم إلى "إسرائيل" في صفقة التبادل عام 2004.

في مثل هذا اليوم قبل 24 عامًا، اختطفت منظمة حزب الله وقتلت الجنود الثلاثة بيني أبراهام وآدي أفيتان وعمر سويد في منطقة جبل دوف pic.twitter.com/5SBMexdlEs — ترجمات الصحف / اخبار 24 (@galebsami) October 7, 2024
وبموجب الصفقة، أفرجت "إسرائيل" عن 431 أسيرا فلسطينيا من الضفة الغربية وقطاع غزة، و24 أسيرا لبنانيّا، و8 أسرى عرب، وقد كان من أبرزهم القيادي في حزب الله عبد الكريم عبيد، الذي اختطفه الإسرائيليون من لبنان عام 1989، ومصطفى الديراني الذي اختطفته "إسرائيل" عام 1994.

ملف شاليط
في تشرين الأول/ أكتوبر 2009، أصدرت كتائب القسام لأول مرة شريط فيديو مصورا، يظهر فيه الجندي الأسير جلعاد شاليط لمدة دقيقتين، مرتديا الزي العسكري وحاملا جريدة إخبارية فلسطينية بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 2009، وتحدث بالعبرية، مخاطبا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالموافقة على شروط حماس، وتأمين الإفراج عنه في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان. 


وبسبب هذا الشريط والمعلومات التي وردت فيه، نجحت كتائب القسام في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 بوساطة ألمانية مصرية، بتأمين الإفراج عن 19 أسيرة فلسطينية من ذوات المحكوميات العالية، مقابل إصدار دليل مادي يثبت بأن الجندي الأسير لا يزال على قيد الحياة. 



وبناء عليه، تمت الصفقة وسلمت حماس شريطا لـ "إسرائيل" يظهر فيه الجندي المختطف بصحة جيدة.

وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2011، أعلن التوصل لاتفاق بوساطة مصرية، لتبادل الأسير غلعاد شاليط، الذي تم أسره عام 2006، مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا، كان من ضمنهم رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس يحيى السنوار.

وتم إبرام الصفقة بشكل رسمي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته، وهي الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية، التي تمت فيها عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين، وأطلقت عليها حماس اسم "وفاء الأحرار".

الصفقة المحدودة
خلال حرب الإبادة الحالية تم إجراء صفقة تبادل محدودة بين "إسرائيل" وحماس بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، وكانت جزءًا من اتفاقية وقف إطلاق النار المؤقت في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر وامتد لفترة أسبوع.

في مشاهد تسليم الأسرى، ذكاء لا يخفى وعزّة لا تغيب، وإيمان يطغى على أثرة النفس وهواها! الكثير من الرسائل في كل مشهد، الكثير من الثبات في كل صورة، والكثير من الغيظ في أكباد الخونة المرجفين، من احتضان الأسير للمقاوم، والتلويح له مودّعًا إياه، كأنّما يفارق عزيزًا عاشَ معه، «Goodbye». pic.twitter.com/mmyLSHI7w8 — قصي عاصم العسيلي (@qalosaily) November 30, 2023
أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيرا فلسطينيا، 107 منهم أطفال، وثلاثة أرباعهم لم تتم إدانتهم بارتكاب جريمة، وفي المقابل، أطلقت حماس سراح 105 مدنيين، من بينهم 81 شخصًا من "إسرائيل" و23 تايلانديًا وفلبينيًا واحدًا.

مقالات مشابهة

  • باحثة: إسرائيل ستستغل الهدنة لاستئناف العمليات العسكرية للقضاء على المقاومة
  • عمال موانئ السويد يعتزمون حظر نقل المعدات العسكرية إلى “إسرائيل”
  • عمرو الورداني: الطبقية الدينية تُفسد قيم المجتمع وتعزز الاستعلاء بالإيمان
  • بعد اتفاق الهدنة.. النجباء العراقية تعلق العمليات العسكرية ضد إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يكشف سبب استهدافه رتلا لإدارة العمليات العسكرية في سوريا
  • أمين الفتوى: الطبقية الدينية تفسد قيم المجتمع وتخلق نوعا من الاستعلاء
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع عملياته العسكرية في الضفة الغربية
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع عملياته العسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية
  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجرتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجربتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟