لماذا يعاني المسلمون في شمال الهند أكثر من جنوبها؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
نيودلهي- عند قراءة الأخبار عن التمييز والعنف ضد المسلمين في الهند، غالبًا ما يتم التغافل عن نقطة مهمة، هي أن معظم هذه الحوادث تقع في ولايات الهند الشمالية، وفقًا لعدة تقارير.
في العام الماضي، ذكر تقرير نشرته منظمة "مخبر الكراهية الهندي" ومقرها واشنطن، أن 75% من 668 حادثة تم توثيقها لخطاب الكراهية وقعت في ولايات يحكمها حزب "بهاراتيا جاناتا"، وكان من اللافت أن جميع هذه الحوادث كانت في الجزء الشمالي من الهند.
الهند لديها نظام حكم فدرالي، حيث تتمتع الولايات بصلاحيات واسعة، مع استثناءات في بعض المجالات مثل السياسة الخارجية والدفاع، التي تظل تحت سلطة الحكومة المركزية والحزب الحاكم فيها، وهو حاليا حزب "بهاراتيا جاناتا"، الذي يسيطر على العديد من الولايات في شمال الهند.
أما في الولايات الجنوبية، فتتمتع الأحزاب الإقليمية، إلى جانب الحزب الشيوعي الهندي الذي يحكم ولاية كيرالا، بنفوذ كبير وتواصل الحفاظ على السلطة في هذه الولايات.
وبحسب الدكتور سيد إلياس، المتحدث باسم هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند، فإن المسلمين "في الولايات الشمالية التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا يواجهون الكثير من المشاكل"، ويرجع ذلك إلى أيديولوجية "الهندوتفا" التي تتبناها منظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانج"، والتي انبثق منها حزب بهاراتيا جاناتا.
إعلانوأوضح إلياس في حديثه للجزيرة نت أن "أيديولوجية الهندوتفا معادية للمسلمين، حيث ذكر الزعيم الثاني لمنظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانج" جورو جولوالكار في كتاباته أن لديهم 3 أعداء رئيسيين، وهم: المسلمون، والمسيحيون، واليسار".
وترى الناشطة المسلمة ياسمين فاروقي في حديثها للجزيرة نت، أن "استخدام الهويات السياسية في سياسات بنك الأصوات يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهندوس والمسلمين في شمال الهند".
من جهته، يقول آلور شاه نواز، نائب الأمين العام لحزب "ويدودالاي تشروتايكال" المتحالف مع حزب المؤتمر الوطني الهندي المعارض، في تصريح للجزيرة نت، إن "السياسة الهندوسية المعادية للمسلمين لا تلقى ترحيبًا في جنوب الهند".
عقلانية وعلمانيةيتفق شاه نواز وإلياس على أن فشل أيديولوجية حزب "بهاراتيا جاناتا" المعادية للمسلمين بالوصول إلى جنوب الهند يعود إلى المقاومة الراسخة بالأيديولوجية "الدرافيدية" والعقلانية التي أسسها المصلح العقلاني بيريار، والتي تدعو إلى الوحدة بين جميع المجموعات العرقية ذات الخلفية الدرافيدية، والعلمانية، وضمان حقوق الأقليات، وحقوق المرأة.
وعبر شاه نواز للجزرة نت، أنه "عندما كانت ولايات تاميل نادو، وكيرالا، آندرا براديش ولاية واحدة في جنوب الهند، بدأ شعبها حركة توعية بزعامة بيريار، تهدف إلى تعزيز مبدأ أن السلطة لا ينبغي أن تكون حكرًا على طبقة البراهمة، بل يجب أن تُقسَّم بين الجميع، بما في ذلك المسلمون الذين هم في نفس الجانب مع الطبقات غير البراهمة".
ويتهم الهنود في جنوب الهند حزب "بهاراتيا جاناتا" بأنه يمثل مصالح طبقة البراهمة، وفقًا للمعتقدات الهندوسية التي تضعهم في قمة نظام الطبقات، وتُعرف هذه الطبقة بتوليها المناصب العليا في الحكومة وتمتعها بامتيازات اقتصادية واجتماعية بارزة.
وفي السياق، أوضح إلياس للجزيرة نت، أن "الحركة الدرافيدية التي روج لها بيريار، تعتبر حركة معادية للطبقة البراهمية الهندوسية، وأشار إلى أن هذه الحركة أقوى في جنوب الهند، خاصة في ولاية تاميل نادو".
إعلانوحسب شاه نواز، بسبب هذه الأيديولوجية التي تدعى الوحدة الدرافيدية، هناك وحدة بين المسلمين والهندوس -أكثرهم غير البراهمة- في ولاية تاميل نادو التي يحكمها حزب "درافيدا مونيترا كازهاجام"، وهو حزب يعتمد على أيديولوجية بيريار.
من جهتها، ترى فاروقي، في حديثها للجزيرة نت، أن "جنوب الهند يتمتع عمومًا بمشهد سياسي أكثر تعددية، يركز على الهوية الإقليمية، بالإضافة إلى مؤشرات اجتماعية أفضل، وهذه العوامل ساهمت في خفض التوترات الدينية في الولايات الجنوبية مقارنة بالولايات الأخرى".
ويرى المراقبون أن أحد الأسباب لاختلاف أوضاع المسلمين بين شمال وجنوب الهند يكمن في مستوى التعليم، وفي هذا السياق، يقول إلياس إن مستوى التعليم للمسلمين في الولايات الشمالية أقل مقارنة بالولايات الجنوبية مثل كيرالا وتيليجانا وتاميل نادو.
ويُرجع إلياس ذلك إلى عدة عوامل، من بينها هجرة المسلمين المتعلمين من الشمال الهندي إلى باكستان بعد تقسيم الهند وباكستان عام 1947، والتمييز المستمر ضد المسلمين، وقلة دعم الحكومات،
ودعم إلياس رأيه بالاستشهاد بتقرير صادر عن الحكومة الهندية عام 2006 من "لجنة ساشار"، والذي أوصى الحكومة الهندية بزيادة المنح المقدمة للمؤسسات التعليمية الإسلامية وزيادة عدد المعلمين المسلمين نظرا لظروفهم التعليمية والاجتماعية.
ويرى شاه نواز للجزيرة نت، أن "المستوى التعليمي والوعي السياسي الأعلى لدى المسلمين والهندوس في الجنوب قد أسهما في خلق بيئة فكرية نضالية ضد التمييز ضد المسلمين"، ومن جهته، عبر إلياس للجزيرة نت، عن تفاؤله بزيادة الوعي بين المسلمين في شمال الهند بأهمية متابعة التعليم العالي.
اضطهاد وتمييزويرفض شاه نواز ادعاءات أن المتطرفين الهندوس يتصرفون ضد المسلمين بسبب حكم السلالات المسلمة للهند لأكثر من 800 عام، واصفًا هذه الادعاءات بأنها "غير منطقية"، وأوضح أن "هناك حكامًا هندوسًا احتلوا أجزاء كثيرة من الهند، كما أن المغول والسلالات المسلمة الأخرى لم يفرضوا الدين الإسلامي، ولو كانوا قد فرضوا ذلك، لكانت الهند الآن دولة مسلمة، لكن الهندوس يشكلون الأغلبية في البلاد".
إعلانوقال إلياس للجزيرة نت، إن "حكومة حزب بهاراتيا جاناتا تستهدف المسلمين الآن من خلال مشروع قانون الوقف الذي يستهدف ممتلكات المسلمين، وكذلك من خلال الالتماسات ضد قانون أماكن العبادة، الذي يحظر على الأفراد من دين معين المطالبة بأماكن العبادة الخاصة بأديان أخرى"، مشيرا إلى أن إلغاء هذا القانون محاولة من قبل الجماعات الهندوسية المتطرفة للمطالبة بالمساجد باعتبارها معابد هندوسية.
وأضاف أن "المسلمين يتصدون للاضطهاد والتمييز ضدهم من خلال الإجراءات القانونية، ومن خلال الاحتجاجات والتجمعات، بالإضافة إلى دعم أحزاب المعارضة في الانتخابات، لأنها على الأقل ليست طائفية، حتى وإن كانت لا تدعم المسلمين بشكل مباشر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بهاراتیا جاناتا فی جنوب الهند فی شمال الهند ضد المسلمین فی الولایات للجزیرة نت من خلال
إقرأ أيضاً:
الشيباني يرفع العلم السوري الجديد بالأمم المتحدة ويتحدث للجزيرة
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن رفع العلم السوري الجديد في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية يتوج انتصار الشعب وثورته، ويعزز دور سوريا في المنظمات والمحافل الدولية، ويفتح مرحلة جديدة من الحضور الدبلوماسي الفاعل.
وشدد الشيباني -في مداخلة مع الجزيرة- على ضرورة أن يستمع العالم الآن إلى "متطلبات الشعب السوري بعد فقدان مقعدنا بالأمم المتحدة".
جاء ذلك بعد مشاركة الشيباني في مراسم رفع العلم السوري الجديد بمقر الأمم المتحدة، وقبل مشاركته في جلسة يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سوريا.
ونبه وزير الخارجية السوري إلى انفتاح دمشق على المجتمع الدولي مع تطلعها في الوقت ذاته إلى المعاملة بالمثل.
وجدد التأكيد على ضرورة رفع العقوبات المفروضة مع زوال سببها، مؤكدا أهمية "ألا تبقى العقوبات تستهدف حياة الشعب السوري".
وفي هذا الإطار، أضاف الشيباني "نحتاج إلى رفع العقوبات عن بلدنا والمساعدة في إنعاش اقتصادنا"، لافتا إلى أن الشعب السوري يستحق أن يعطى ثقة وهو محل لها.
وأكد الشيباني أن السوريين في الداخل والخارج لديهم آمال في إعادة بناء بلدهم.
ومطلع الأسبوع الحالي، وصل وفد سوري رسمي إلى الولايات المتحدة ضم وزير المالية محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن.
إعلان
وفد عراقي في دمشق
وبشأن زيارة وفد عراقي إلى العاصمة دمشق، قال الشيباني إنه لا خلاف حاليا بين الإدارة السورية الجديدة والعراق، مشيرا إلى مخاطر مشتركة تجمع البلدين، معربا عن أمله في حلها عبر التعاون البناء.
وأضاف "يدنا ممدودة لدول الجوار والإقليم"، مؤكدا وجود كثير من المصالح المشتركة بين سوريا والعراق.
ويأتي حديث الشيباني بعد وصول وفد حكومي عراقي برئاسة مدير المخابرات حميد الشطري الجمعة إلى دمشق للقاء الرئيس أحمد الشرع بهدف بحث التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وفق بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وكان الشرع والسوداني قد التقيا قبل أسبوع في العاصمة القطرية الدوحة بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر عراقي مسؤول قوله إن "اللقاء الثلاثي جاء بسبب الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة وخاصة ما يجري في سوريا".