الأبواب المُغلقة!
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
علي بن بدر البوسعيدي
يُواجه المواطن في كثير من تفاصيل حياته اليومية، جُملة من المواقف السلبية التي تؤثر عليه، نتيجة للتحديات الاقتصادية التي يعاني منها، في ظل الكساد المُفزع الذي أصبحنا نلاحظه جميعًا، ومثل هذه المواقف السلبية تدفع المواطن إلى الشعور بالضجر والضيق وعدم الرضا عن الكثير من الخدمات التي يسعى إلى الحصول عليها.
والواقع يؤكد أنَّ هذه التحديات يُمكن حلها وتسهيل حياة الناس في مختلف القطاعات، إذا ما اتُخِذت الإجراءات السليمة، وفي المقدمة منها مراجعة التشريعات والقوانين، والتي من المؤسف أن نجد البعض يستغلها لصالحه أسوأ استغلال، دون الوضع في الاعتبار مسألة الحق والباطل، وكأنَّ هناك من يستحل الباطل بكل تجرؤ.
النماذج كثيرة التي يُمكن أن نرصد من خلالها التحديات التي يعاني منها المواطن وتتسبب في تكدير حياته، فقط لأن هناك إجراء أو قانون لا يُعالج هذه الإشكالية.
أبدأُ بطرح قضية خطيرة يعاني منها الكثيرون من مُلاك الوحدات السكنية أو التجارية؛ حيث إنه في حالة تأخر المستأجر عن دفع القيمة الإيجارية لا يستطيع المالك (المُؤجر) أن يتخذ أي إجراء للحصول على حقه، باستثناء الذهاب إلى المحكمة وتحمُّل أتعاب تعيين محامٍ لرفع قضية على المستأجر المتأخر في سداد القيمة الإيجارية، فتكون النتيجة أنه بعد فترة طويلة قد تمتد لسنة أو سنتين، يجد المالك نفسه أمام موقف صعب، وعليه أن يتقبل أن يحصل على مستحقاته بالتقسيط!! رغم أن هذا الحق المتأخر تسبب في أضرار كبيرة لمالك العقار. فهناك أشخاص يعتمدون على ريع هذا العقار في تلبية احتياجاتهم الأساسية، خاصة إذا كانوا من المتقاعدين الذين يحصلون على معاش تقاعدي محدود، أو لديه أبناء باحثين عن عمل أو مُسرّحين من أعمالهم، ويُنفق عليهم وربما على أسرهم. والسؤال هنا: لماذا لا يتم سن تشريع يتضمن صراحة طرد المستأجر المتأخر عن سداد الإيجار (وليكن لمدة 3 أشهر)؟!
أيضًا هناك مشكلة أخرى تُكدر صفو حياة الآلاف من الشباب، الذين يطمحون في الحصول على قطعة أرض لبناء منزل العمر، والعيش في أمان واستقرار، لكن في المقابل نجد أن وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لم تعد تمنح المواطنين قطعة أرض بنفس الوتيرة التي كانت مُتبعة سابقًا، وربما أوقفت طلبات التقديم للحصول على أرض. والوزارة تتحدث عن عدم وجود مُخططات ومن ثم لا توجد أراضٍ، فما الذي يمنع من إقامة مُخططات وتوزيعها على الشباب، وليكن بأسعار مقبولة، بما يُغطي تكلفة توصيل الخدمات الأساسية.
أضف إلى ذلك استشراء البيروقراطية في مختلف المؤسسات الحكومية، حتى إن هذا المرض انتقلت عدواه إلى القطاع الخاص، فنجد المؤسسات في الحكومة والقطاع الخاص تتعمد وضع قيود بيروقراطية في الكثير من المعاملات، وربما لا يصدق المواطن نفسه إذا لم يعترض طريقه إجراء بيروقراطي لا قيمة له سوى أن هناك من يُريد تعقيد الأمور، وكأنه ليس من حق المواطن إنجاز معاملاته بيُسر وسهولة. ويبدو أن كل هؤلاء يعيشون في زمن آخر!
من المُزعج أن نجد مشكلاتنا تتزايد يومًا تلو الآخر، رغم أننا دولة عدد سكانها قليل، أي أن الأمور لا تتطلب كل هذا العناء والمشقة، حيث إن البيروقراطية والقوانين والتشريعات التي يستغلها البعض بصورة تضر مواطنين آخرين، وغلاء الأسعار وضعف الأجور، كلها عوامل تتسبب في شعور المواطن بضيق الحال، والبؤس والعوز، فإلى متى سيظل المواطن يُعاني ويئن في صمت دون أن يستمع إليه أحد؟ وإلى متى سنظل نتحدث عن إمكانياتنا وبيئتنا الجاذبة للاستثمار لكن كل ذلك ليس سوى "ضجيج بلا طحين"، فما يزال الكساد يُسيطر على مُختلف القطاعات، باستثناء القطاعات القائمة على الاستهلاك في الأمور الأساسية فقط.
كُلي أمل أن يهل علينا العام الميلادي الجديد، حاملًا بين ثناياه الخير والاستقرار، وأن نشعر ولو بجزء يسير من الانفراجة في الحياة، التي هي عبارة عن حلقات متصلة ببعضها البعض، إذا انفرجت واحدة، انفرجت جميع حلقاتها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها
كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف خلال تصريحات له عن شروط الدعاء المستجاب.
وقال إن الدعاء المستجاب له شروط أولها أن يكون المطعم حلالا، وثانيها أن لا يكون لاهيا، بمعنى أن يكون الدعاء مع حضور القلب والخشوع والثقة في كرم الله تعالى وفضله، وثالثها ألا يسأل شيئا مستحيلا في العقل ولا في العادة، كأن يقول على سبيل المثال: "اللهم ارزقني بيتا في المريخ"، فهذا من المستحيلات ولا يجوز دعاء الله تعالى به، أو أن يكون الدعاء لطلب المال والجاه للتفاخر، فهذا غرض فاسد، أما لو كان الدعاء طلبا للمال لينعم به وينعم الآخرين معه، فهذا مشروع.
آداب الدعاءواوضح فضيلته آداب الدعاء، ومن أهمها:
- خفض الصوت مصداقا لقوله تعالى: "وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بين ذلك سبيلا"، وقوله في آية أخرى: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، والمعتدي هو الذي يجاوز حدود الصوت المعتدل في الدعاء.
- رفع اليدين، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يرفعهما حتى يُرى بياض إبطه
- وأن يوقن بالإجابة
-وأن يفتتح الدعاء بالثناء على الله تعالى، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
- وفي آخر الدعاء يمسح وجهه بيديه.
ونوه الطيب أن آداب الدعاء مستحبة، وإذا فقدت قد يستجاب الدعاء، أما الشروط فهي واجبة، وإذا فقدت فقد المشروط، ولا يستجاب الدعاء بدونها.
ولفت، شيخ الأزهر الشريف الى أنه من النصوص القرآنية الدالة على اسم الله تعالى "المجيب"، قوله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"، وقوله تعالى أيضا: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، وقوله في آية أخرى: "مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ"، ويفهم من كل هذه الآيات على ظاهرها أن هناك معية بذاته تعالى، وهذا مستحيل وغير متصور في حقه تعالى، لأن القديم يستحيل أن يتصف بحادث من الحوادث.
وأشار الى أن من الأدلة على اسم الله تعالى المجيب في السنة النبوية، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب، إن الذي تدعون بينكم وبين أعناق ركابكم"، والدليل العقلي والنقلي يمنع تفسير هذه النصوص على ظاهرها، ويؤخذ من هذا الحديث نهي نبينا "صلى الله عليه وسلم" عن الصراخ الشديد أثناء الدعاء، تلك الظاهرة التي نراها كثيرا في أيامنا هذه، فالدعاء له آداب منها "الخشوع" مصداقا لقوله تعالى: " ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً".
وبين الإمام الطيب، أن معنى اسم الله تعالى "المجيب" هو استجابة دعوة الداعي وقبولها، مصداقا لقوله تعالى: "قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لا يعلمون"، والمعنى الثاني هو إعطاء السائل ما طلبه، والإعطاء فعل، وبهذا المعنى يكون من صفات الأفعال
وذكر أن هناك معنى ثالث لاسم الله تعالى "المجيب" وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن"، بمعنى استجابة الدعاء وهي هنا صفة فعل، فإذا كان المعنى يعطي السائل طلبه فهذا من صفة الأفعال، أما استجابة الدعاء فهو من صفات الذات.