لجريدة عمان:
2024-12-16@22:02:31 GMT

التخلي عن الكتابة نوع من الموت

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

يبدو أن العنوان مستفز للقارئ؛ لأنه يوحي إلى أن التخلي عن الكتابة يعد نوعًا من الموت، فهذه المقولة المستفزة كتبها أحد أشهر كُتّاب اليوميات هو الكاتب الإنجليزي صامويل بيبس (1633-1703) صاحب المذكرات المعروفة بيوميات (Diary)، عندما ضعف نظره وشعر أنه عليه التخلي عن مواصلة الكتابة قال: «إن ترك كتابة اليوميات هو نوع من الموت»، وهذا ما أوردته الكاتبة الإنجليزية ميري ورنوك (1924- 2019) في كتابها «الذاكرة في الفلسفة والأدب» ترجمة المترجم العراقي فلاح رحيم.

عندما سُئل أحد المسؤولين العرب عن إمكانية كتابة مذكراته، أجاب أن كتابة المذكرات والسِير هي عادة سنها الإنجليز؛ ليثيروا الجدل بعد نشرها. صحيح أن المسؤول العربي محق في طرحه، إذ بدأت كتابة السير الذاتية في إنجلترا في بداية القرن التاسع عشر، ولكن السيرة الذاتية بحد ذاتها وثيقة أو ميثاق مثلما ذكر الكاتب الفرنسي فيليب لوجون (86 عاما) في كتابه «السير الذاتية: الميثاق والتاريخ الأدبي»، ترجمة عمر حلي. وعرّف لوجون فن السير الذاتية بأنه «حكي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص، وذلك عندما يركز على حياته الفردية، وعلى تاريخه الشخصي».

نختلف مع المسؤول العربي في أهمية كتابة السير الذاتية والمذكرات واليوميات، سواء كان صاحبها شخصية سياسية أو فردًا من عامة الناس؛ لأن لكل إنسان تجربة تستحق أن تروى، وإن كانت الشخصيات العامة أو التي تبوأت مناصب سياسية هي الأولى بالبوح والحديث عن مجريات الأحداث، بهدف اطلاع الآخرين على جانب غير مرئي من الحقيقة، فمثلا حين كتب النائب العمالي البريطاني ريتشارد كروسمان (1907-1974) « يوميات وزير»، اكتشف القراء شخصية سياسية معتدة بنفسها، لعبت دورا كبيرا في المشروع الاستيطاني في فلسطين، إذ كان أحد أعضاء اللجنة المشتركة بين البريطانيين والأمريكان للنظر في المسألة الفلسطينية، وليس من قبيل الصدفة أن جل أعضاء اللجنة من الشخصيات الداعمة للصهيونية، ومن ضمنهم ريتشارد الذي أفصح في كتاباته عن تعاطفه مع الشعب اليهودي في فلسطين.

يهمنا في السير الذاتية والمذكرات التعرف على الوجه الآخر للإنسان الذي ألزمته وظيفته بالصمت والتواري عن الأنظار، فالكتابة بعد الخروج من المسؤولية تمنح صاحبها حرية القول وإبداء الرأي والانعتاق من وطء الوظيفة ودهاليزها المرهقة. قد يضطر البعض إلى تضخيم دوره في السيرة الذاتية، ويركز فقط على بطولاته أو إنجازاته سواء كانت واقعية أو متخيلة، ولكن في كل الأحوال فإن روايته وشهادته مطلوبة للزمن والتاريخ، حتى وإن تعرضت المذكرات لسلطة الانتقاء التي تمارسها الذاكرة. صحيح أن السيرة الذاتية الأدبية على وجه الخصوص ليست نوعا من الاعترافات التي تتطلب قول الحقيقة المطلقة، ولا التحري والتدقيق في التواريخ التي يلتزم بها كاتب المذكرات.

لقد سألت العديد من الأشخاص عن محاولة كتابة تجاربهم الحياتية التي أراها تستحق التدوين والبقاء في الذاكرة، بدلا من أن يلتهمها النسيان، فتضيع الذكريات والمواقف الإنسانية المهمة والملهمة، في زمن يمكن أن يوثق كل شيء بالصوت والصورة. ومعظم من سألتهم يشتركون في إجابة واحدة «ماذا لدي لكي أحكيه؟!». هذه الإجابة غير مقنعة فمن أوجه إليهم الأسئلة أدرك مسبقا تفرد تجاربهم الشخصية في الحياة، وتراكم الخبرات العلمية والعملية لديهم، وأحيانا أقترح عليهم كتابة التجربة دون نشرها في الوقت الحاضر، ولكن من حقنا أن نعرف ونتعرف على قصص الشخصيات التي تستحق أن تُروى، «فالقصة الجيدة هي تلك التي تبذل الجهد لجعلها تنقل حقيقة ما، وهي توجه هذه الحقيقة للجمهور الواسع وليس لكاتبها فقط» مثلما ذكرت الكاتبة الإنجليزية ميري ورنوك. لا نود ممارسة القسوة على أحد ممن وجد في الصمت ملاذا آمنا وراحة بال وسكينة واطمئنانًا، فتلك قدرات بشرية تعي حجمها، ولا طاقة لها على الحكي أو إلباس شخصيات سردية أدوارها ومنحها فسحة القول، فتدوين الكلمات ورصف المعاني مهنة المولعين باختلاق الأحداث وروايتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیر الذاتیة

إقرأ أيضاً:

السيرة الذاتية للسيدة زينب في سطور

 السيدة زينب هى ابنة الإمام علي بن أبي طالب، ووالدتها فاطمة الزهراء وأخواها الحسن والحسين، وجدّها محمد صلى الله عليه و سلم.

جاءت عقيلة بني هاشم إلى مصر عام 61 هجريًا، بعد مقتل أخيها الحسين في موقعة كربلاء، ومكثت بها عام واحد، ثم وافتها المنية ودفنت بمصر على أرجح الأقوال.

ولدت السيدة زينب سنة 6 هـ، ويكبرها الحسن والحسين، ويصغرها أختها أم كلثوم. أسماها رسول الله باسم ابنته الكبرى زينب التي كانت قد توفيت قبل مولدها بقليل.

تزوجت من ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، و أنجبت أربعة بنين هم : محمد و عون و عليٌ و عباس، و بنتين هما: أم كلثوم و أم عبدالله. توفي الرسول صلى الله عليه و سلم وهي في الخامسة من عمرها، ثم لحقت به أمها فاطمة بعد وفاته بستة أشهر.

عاصرت السيدة زينب حوادث كبيرة عصفت بالخلافة الراشدة بمقتل أبيها علي كرم الله وجهه عام 40 هـ ، بطعنة عبدالرحمن بن ملجم من الخوارج.
وبعد وفاة الحسن بن علي، وإصرار يزيد بن معاوية على أخذ البيعة من الحسين، خرج الحسين وأهله ومنهم أخته زينب من المدينة سرًا، متجهين إلى الكوفة بعد أن وصلتهم رسائل أهل الكوفة تدعوهم إلى القدوم، وتتعهد بنصرتهم ضد الأمويين.

شهدت زينب كربلاء عام 61 من الهجرة، وشهدت استشهاد أخيها الإمام الحسين وابنها عون في المعركة ومعه ثلاث وسبعين من عترة آل البيت والصحابة وأبناء الصحابة.

وسيقت زينب ومعها سكينة وفاطمة بنتا الإمام الحسين وبقية نساء آل البيت إلى حاكم الكوفة الأموي عبيد الله بن زياد، وقد وضعوا رأس الأمام الحسين في مقدمة الركب.

دخلت السيدة زينب الكوفة في ركب السبايا والأسيرات، وقد وقفت الجموع محتشدة تشهد هذا الركب الرهيب، فنظرت إليهم السيدة زينب وألقت عليم قولا ثقيلا” أما بعد يا أهل الكوفة، أتبكون ؟ فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرنة! إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا ساء ما تزرون، أي ولله فابكوا كثيرًا واضحكوا قليلًا فقد ذهبتم بعارها وشنارها، فلن ترحضوها بغسل أبدا، و كيف ترضون قتل سبط خاتم النبوة ومعدن الرسالة، ومدار حجتكم ومنار محجتكم، وهو سيد شباب أهل الجنة؟ لقد اتيتم بها خرقاء شوهاء !. أتعجبون لو أمطرت دمًا؟ ألا ساء ما سولت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتدرون أي كبد فريتم، وأي دم سفكتم، وأي كريمة أبرزتم؟” لقد جئتم شيئًا إدًا* تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا”.
سألها الخليفة يزيد بن معاوية عن المكان الذي تختاره لإقامتها فاختارت المدينة المنورة، و لكن وجودها في المدينة أجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأمرها والي المدينة بالرحيل عنها، فاختارت مصر لتقيم فيها.

وصلت السيدة زينب بنت علي، إلي مصر في شعبان عام 61 هـ، وخرج لاستقبالها جموع المسلمين وعلي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. وأقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب 62 هـ، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلى ضريح لها.

عُرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم والتقوى، والشجاعة والإقدام، والبلاغة وقوة البرهان، لقد وقفت أمام جبار البصرة عبيدالله بن عباد تسفه كلامه وتتوعده بعذاب الله غير عابئة بالموت الذي قد يأتيها في أي لحظة من قاتل أخيها وقاتل عترة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتضنت ابن أخيها علي زين العابدين حين أراد عبيد الله أن يضرب عنقه وقالت: ”ولله لا أفارقه، إن قتلته فاقتلني” ، فخلي عبيد الله سبيل الغلام وتركه يرحل مع النساء إلى دمشق.

مقالات مشابهة

  • دور الكتابة العلاجية في تعزيز الصحة النفسية والوعي الذاتي
  • شبانة: جروس مدرب مخضرم ولكن !
  • معرض جدة للكتاب 2024 يعزز الوعي حول فنون الكتابة الصحفية
  • بحضور وزير الرياضة.. مبادرة "مانحي الأمل" تختتم فعالياتها في مصر بحضور أبرز الشخصيات العالمية والفنية
  • الإدارة الذاتية الكوردية تعلن عن مبادرة للاتفاق مع فصائل المعارضة السورية
  • كتابة الاسم العلمي للأدوية بالروشتات الطبية.. كيف يخدم مصلحة المريض؟
  • السيرة الذاتية للسيدة زينب في سطور
  • لا يمكن الاستغناء عنهم..نقابات النقل في ألمانيا ترفض التخلي عن السوريين
  • علماء يكشفون مخاطر التخلي عن السكر