أحداث سوريا.. والشرق الأوسط الجديد
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
8 ديسمبر 2024م.. شهد سقوطا دراماتيكيا للنظام السوري، والذي لم تعد له سيادة كاملة على بلاده منذ 14 عامًا؛ بقيام الربيع العربي عام 2011م، وما بقاؤه إلا بحبل من القوات الروسية والإيرانية، ولذا؛ لم يكن سقوطه المدوي مفاجئًا، فالنظام.. لم يتمكن من استعادة زمام الأمور، وظل رهين فكي كماشة خنقه؛ فك المعارضة والدول الداعمة لها، وفك مصالح الدول الداعمة للنظام ذاته، بالإضافة إلى حصاره بـ«قانون قيصر» الأمريكي.
شرق أوسط جديد.. ليس مشروعاً جديداً، فأمريكا تعمل عليه ضمن استراتيجيتها الكبرى؛ «النظام العالمي الجديد» الذي شرعت بتنفيذه عقب الحرب العالمية الثانية. وإذا كانت الأمم المتحدة أُنشئت لسياسة الأمم بالجزرة عام 1945م؛ فإن إلقاء أمريكا القنبلتين الذريتين على اليابان في العام نفسه تعبير عن السوط الذي لن تتوانى أمريكا عن إنزاله على ظهر الأرنب المارق عن طاعتها. وبانهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990م بدأ السعي الحثيث لفرض هذا النظام على العالم، حيث شرعت أمريكا بتغيير الأنظمة السياسية بالمنطقة وفقاً لنهجها النيوليبرالي.
أمريكا.. تمتلك نَفَسَاً طويلاً في تغيير الخارطة الدولية، فلا تضرب بسوطها الحارق إلا بفرصة تواتيها، وهي تمهد للأمور باصطناع الضغوط لتحقق الظروف لاستراتيجيتها طويلة المدى، فإن لم يحصل التغيير بالسلم ضربت ضربتها القاضية عندما تجد الفرصة، فعندما احتل الرئيس العراقي صدام حسين (ت:2006م) الكويت كانت فرصة لأمريكا، لتنزل بقواتها في الخليج لدحر الجيش العراقي منها، ليبدأ مسلسل تدمير العراق الممنهج، حتى واتتها الفرصة الذهبية بعد هجمات 11 سبتمبر2001م فغزت العراق عام 2003م. فهذه الهجمات أعطت أمريكا «ذريعة مكافحة الإرهاب» لاحتلال العراق وتغيير النظام فيه، وأما ما حصل لها من مقاومة في ظل الاحتراب الطائفي؛ فهذا بنظرها تعالجه «الفوضى الخلّاقة». وبهذه الهجمات.. بررت أمريكا احتلال أفغانستان عام 2001م وتغيير نظام طالبان، ورغم أن طالبان عادت للحكم بعد 20 عاماً إلا أنها لم تعد بسيرتها الأولى، فقد أصبح ساستها يحسبون حسابهم لاستقرار دولتهم.
بالرجوع قليلاً إلى عام 1979م.. فإن أمريكا فقدت فيه حليفا مهما بالمنطقة، وهو شاه إيران محمد رضا بهلوي (ت:1980م)، الذي أطاحت به الثورة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني (ت:1989م). في العام ذاته.. بدأت قافلة السلام بين إسرائيل والعرب بعقد اتفاقية كامب ديفيد مع المصريين، ثم اتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية عام 1993م، فأصبح العرب الذين عارضوا أنور السادات (ت:1981م) داعمين لياسر عرفات (ت:2004م)، وتبنوا معه «حل الدولتين»، الذي يلتزمون به حتى الآن. أما سوريا فكانت تعتبر نفسها دولة مواجهة مع إسرائيل. في حين تبنت إيران القضية الفلسطينية بعلاقتها القوية مع «حركة فتح»، ولما دخلت في اتفاقية أوسلو واصلت إيران دعم المقاومة الإسلامية «الجهاد وحماس»، وعملت على دعمها عسكريا وماليا. ودخلت سوريا معها في الخط لتكون جسرا لدعم المقاومة.
واصلت أمريكا خطها الطويل لإرساء الشرق الأوسط الجديد؛ باسم القضاء على «الإرهاب الإسلامي»؛ بشقه السني ممثلاً في «القاعدة وداعش»، وشقه الشيعي ممثلاً في الجماعات الشيعية كحزب الله وأنصار الله، ولكنها لم تنسَ إيران والإخوان المسلمين، بكونهما أساس الإسلام السياسي الذي خرجت من رحمه هذه الجماعات. فسعت مع إيران بالمفاوضات للتنازل السياسي، ومع الإخوان بدفعهم لتبني الديمقراطية الغربية، لكن لم يتحقق لها مرادها، للظروف التي تمر بها المنطقة، والتي كانت أمريكا ذاتها أحد أسبابها، وكانت النتيجة اشتعال الربيع العربي.
الربيع العربي.. أصاب المنطقة بدمار هائل؛ راح ضحيته مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين من أوطانهم، وكان من أكثر المتضررين سوريا؛ إذ دخلت في صراع بين الثوار وقوات النظام، بالإضافة إلى التدخلات الأجنبية مع الطرفين، استمر الوضع بين مد وجزر 13 عاماً حتى جاء طوفان الأقصى، فقررت أمريكا استغلاله لتدخل المنطقة مرحلة جديدة. المقال.. لا يلوم المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد عمّا أسفر عليه الحال، فهذا موضوع يحتاج إلى بسط الحديث فيه عن جوانب مختلفة؛ بما لها وعليها، وإنما يعنينا أن النتيجة العامة للطوفان لم تكن كما أرادتها المقاومة.
سوريا -جسر دَعْمِ المقاومة الفلسطينية- وجدت نفسها أحد أهداف المرحلة، وكان بشار الأسد مدركاً ذلك، فلم يرد على الهجمات الجوية التي تشنها إسرائيل على سوريا، فأدركت الدول الداعمة للمعارضة الوهن الذي أصابه، فنشطت في تسليحها، ومراقبة المتغيرات على أرض الواقع. لقد تمكنت إسرائيل من تصفية القيادات العليا لحزب الله؛ بمن فيهم أمينه العام حسن نصر الله، المساند على أرض المعركة للنظام السوري. ثم استطاعت إسرائيل وأمريكا تحييد إيران عن مساندة سوريا، بتوجيه ضربات مباشرة وحاسمة للإيرانيين داخل إيران وسوريا، والتهديد الأمريكي بـ(تحويل الشرق الأوسط إلى جحيم) -والعبارة لترامب- إشارة إلى تدمير إيران. كما أن تركيا تسعى لتغيير الخارطة السياسية لسوريا التي يستقر فيها معارضوها الكرد؛ بقواتهم «قسد» المسيطرة على قطاع من التراب السوري. أرادت «الدول الداعمة» للمعارضة السورية؛ وفي مقدمتها «هيئة تحرير الشام» أن تسبق بقية الفصائل العسكرية التي تعج بها الأرض السورية لفرض الهيمنة على سوريا. فقد أصبحت الأوضاع مواتية لإسقاط بشار الأسد ونظامه، فكان زحفاً خاطفاً لم يستغرق سوى 11 يوما.
هكذا يُقرأ المشهد السوري، ضمن تنفيذ أمريكا لمخططها الكبير بإقرار شرق أوسط جديد، دون تجزئة له، أو اعتبار مشهد دون آخر. كل العمليات لها جوانب سلبية وإيجابية، وكلها متداخلة، ما يكون إيجابيًا لطرفٍ ما اليومَ قد يصبح سلبياً له غداً، والعكس بالعكس، وأمريكا تدرك ذلك، وتدرك أنها تخسر مواقع وتدفع أثمانا، ولكنها ماضية في تغيير خارطة الشرق الأوسط، فالعبرة بالوصول للهدف، ولن يُسمح بقيام دولة ديمقراطية مستقلة في سوريا، فضلاً أن تكون اليد العليا فيها للإسلاميين. إن ما نلحظه الآن من فرح عارم هو تعويض نفسي من الشعب السوري عمّا أصابه من نظام الأسد، وتعويض نفسي من الشعب العربي عن الإبادة الجماعية والتدمير الشامل في غزة ولبنان، (وبعد السكرة تأتي العبرة).
وبعد أنْ سقط نظام الأسد؛ فهل انتهت مرحلة طوفان الأقصى؟ لم تنتهِ المرحلة.. إلا أن نتائجها ظاهرة، وخطواتها المتوقعة؛ هي:
- التأكد من أن سوريا لن تشكّل خطراً على إسرائيل، وأن الجماعات العسكرية التي خاضت المعركة ستزاح عن الساحة فور الانتهاء من ترتيب الأوراق السياسية، وعلى سوريا أن تتحول إلى بلد مسالم لإسرائيل قابل للتطبيع. ومع ذلك؛ فإن الأوضاع في سوريا قابلة للتدهور نحو العنف، لكثرة الفصائل وتعدد التوجهات واختلاف الولاءات، مما قد يؤدي إلى تقسيمها، وعلى الشعب السوري أن ينتبه لذلك.
- تفكيك أجنحة المقاومة.. أنصار الله في اليمن بقوة السلاح؛ إن لم تتحول لحزب سياسي. والمقاومة الإسلامية في العراق بالضغط على الحكومة، وحزب الله اللبناني بتحوّله إلى حزب سياسي. ومواصلة تدمير المقاومة الفلسطينية، ولكن هذا لن ينهيها فهي باقية حتى التحرير، وستجد سبيلاً آخر يسندها.
- أما إيران فأمامها أحد الخيارات الثلاثة: التخلي عن دعم الأحزاب العسكرية الموالية لها، أو مواجهة التحول السياسي داخلياً، أو الحرب. ما لم تكن لديها خطة بديلة تطرحها في قادم الأيام.
ختاماً.. إن مرحلة طوفان الأقصى ينبغي أن تأخذ حقها من التقييم، فهي مرحلة مفصلية في تاريخ المنطقة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ما تاريخ صفقات التبادل التي أجرتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
تقترب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من إبرام صفقة تبادل أسرى كانت مستبعدة إسرائيليا لتؤدي، كما هو مفترض، إلى وقف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا، مقابل الإفراج عن نحو 100 أسير إسرائيلي اعتقلوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومنذ قيام دولة الاحتلال جرى عقد عشرات صفقات التبادل الصغيرة والكبيرة مع عدد من الدول العربية ومختلف فصائل المقاومة الفلسطينية سواء حركة حماس أو فتح والجهاد الإسرائيلي، إلى إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
عقب النكبة
بعد حرب عام 1948 ووقوع أحداث النكبة، أجرى الاحتلال الإسرائيلي عمليات تبادل مع مصر والأردن وسوريا ولبنان، حيث كان لدى القاهرة 156 جنديا إسرائيليا، وفى عمّان 673 جنديا، ومع دمشق 48 جنديا، ومع بيروت 8.
وفي ذات الوقت كان الاحتلال يحتجز 1098 مصريا، 28 سعوديا، 25 سودانيا، 24 يمنيا، 17)أردنيا، 36 لبنانيا، 57 سوريا و5021 فلسطينيا، بسحب إحصاء أجرته سابقا شبكة "بي بي سي".
ونفذت "إسرائيل" عمليات التبادل مع كل دولة تحتجز إسرائيليين على انفراد، فعقدت "صفقة الفالوجة" مع مصر في 27 شباط/ فبراير 1949، ومع لبنان في الفترة ما بين آذار/ مارس ونيسان/ أبريل من نفس العالم، بينما كانت الصفقة الأخيرة مع سوريا بتاريخ 21 تموز/ يوليو.
وبعد ذلك في 1954 أسرت مصر عشرة ملاحين إسرائيليين على متن السفينة "بت جاليم" في قناة السويس، وبعد تدخل مجلس الأمن أطلق سراحهم في مطلع العام التالي.
في شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 1954 أسر السوريون خمسة جنود إسرائيليين توجهوا إلى مرتفعات الجولان في مهمة خاصة، وقد انتحر أحدهم في سجنه بسوريا ويدعى اورى ايلان، وفى 14 كانون الثاني/ يناير 1955 أرجعت جثته لـ"اسرائيل"، بينما كان الأربعة الآخرون هم مائير موزس، يعقوب ليند، جاد كستلنس، مائير يعقوبى وقد في نهاية آذار/ مارس 1956، بالمقابل وأفرج الاحتلال عن 41 أسيرا سوريا.
חמישה לוחמים יצאו למשימה וכולם שילמו עליה מחיר כבד בדצמבר 54'. אורי אילן התאבד בשבי. מאיר יעקובי, נחוש להחזיר את כבודו נהרג במיתלה. מאיר מוזס שינה את שמו לאחר השבי. לא רצה להיות מזוהה כמי שנשבר. גדי קסטלניץ השתקם ונפטר לפני עשור. והיום נפרד האחרון, ג'קי לינד, שירד מהארץ ולא שב. pic.twitter.com/QjZhofPjeY — nir dvori (@ndvori) March 23, 2023
ومع حلول عام 1957 أدت صفقة تبادل إلى إطلاق سراح 5500 مصري كانت قد أسرتهم "إسرائيل" في حرب عام 1956 (العدوان الثلاثي)، وقد أرجعوا إلى مصر مع جنود مصريين آخرين مقابل إفراج مصر عن أربعة جنود إسرائيليين كانت قد أسرتهم في الحرب ذاتها.
الستينيات والسبعينيات
في 2 كانون الأول/ ديسمبر 1963 جرت عملية تبادل بين الاحتلال وسوريا وتم بموجبها إطلاق سراح 11 إسرائيليا مقابل 15 أسير سوري.
أما فيما يعقب حرب حزيران/ يونيو 1967 (النكسة) أسرت القوات العربية 15 جنديا إسرائيليا، (11 مع مصر واحد مع سوريا و2 لدى العراق وواحد لدى لبنان)، بينما أسرت "إسرائيل" 5237 مصريا و899 أردنيا، و572 سوريا.
وبدأت عملية التبادل في حزيران/ يوليو 1967 وانتهت في كانون الثاني/ يناير 1968، وتضمنت الإفراج عن طيارين إسرائيليين في العراق وهما يتسحاق جولان- وجدعون درور، وقد وقعا في الأسر بعد أن قصفا مطار "إتش 3" العسكري في غرب العراق، وأفرجت "إسرائيل" مقابل ذلك عن 428 أردنيا.
وأفرجت "إسرائيل" خلال تلك الفترة عن 572 سوريا مقابل طيار وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين آخرين، مع استمرار الرفض في تسليم جثة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلى كوهين، الذي أعدم شنقاً في دمشق عام 1968.
وفي العام ذاته، جرت عملية تبادل مع الأردن، حيث أفرج الاحتلال عن 12 أسيرا، بينما سلمت عمان جثة جندى كان قد قتل في معركة الكرامة، بينما لازال جنديان آخران مفقودين حتى الآن.
لأول مرة
مع حلول 23 تموز/ يوليو 1968 جرت أول عملية تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" وذلك بعد نجاح مقاومين فلسطينيين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة يوسف الرضيع وليلى خالد باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة "العال"، والتي كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت على التوجه إلى الجزائر وبداخلها أكثر من مائة راكب.
وكانت هذه العملية أول طائرة اسرائيلية تختطف آنذاك، وتم إبرام الصفقة من خلال الصليب الأحمر الدولي وأفرج عن الركاب مقابل (37) أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام العالية من ضمنهم أسرى فلسطينيين كانوا قد أسروا قبل العام 1967.
وبعد ذلك بعام، خطفت مجموعة أخرى من الجبهة الشعبية بقيادة ليلى خالد طائرة العال الإسرائيلية وكان مطالب الخاطفين الإفراج عن الأسرى في سجون "إسرائيل" وحطت الطائرة في بريطانيا وقتل خلالها أحد أفراد المجموعة الخاطفة ويدعى باتريك أورغويللو بينما تم اعتقال ليلى خالد، وبعدها تم اختطاف طائرة بريطانية من قبل مجموعة تتبع لنفس التنظيم وأجريت عملية تبادل أطلق بموجبها أطلق سراح ليلى خالد.
" حين عُرض عليّ ان أقوم بخطف الطائرة وافقتُ وانا أتخيّلُ أنني أحمل طائرة على كتفي وأجري بها في الشارع "
المناضلة العظيمة الفلسطينيّة ليلى خالد❤ pic.twitter.com/VUcmnXddh4 — Fawzy (@fawzy_lubbad) March 6, 2020
وفي بداية عام 1970 وقع بأيدى المصريين 12 جنديا إسرائيليا ووقع ثلاثة آخرون بأيدي السوريين، وفي منتصف ذلك العام أرجعت مصر طيارا مصابا، بينما في آذار/ مارس 1971 أفرجت القاهرة عن جندي آخر مقابل الإفراج عن عدد محدود من الجنود والمدنيين المصريين.
وجرت في العام ذاته عملية تبادل أسير مقابل أسير ما بين "إسرائيل" وحركة فتح الفلسطينية، وأطلق بموجبها سراح الأسير محمود بكر حجازي مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز، والذي اختطفته الحركة أواخر عام 1969.
وفي أوائل مارس/ آذار عام 1973 جرت عملية تبادل مع سوريا، حيث أفرجت "إسرائيل" عن خمسة ضباط سوريين كانت قد اختطفتهم من جنوب لبنان خلال مهمة استطلاع عسكرية، مقابل إطلاق سراح أربعة طيارين إسرائيليين كانوا بحوزة سوريا.
أما في حزيران/ يوليو من نفس العام أفرجت سوريا عن ثلاثة طيارين إسرائيليين وهم جدعون ماجين، وبنحاس نحماني، وبوعاز ايتان بعد أن احتجزوا لمدة ثلاث سنوات في الأسر، وأفرجت "إسرائيل" مقابلهم عن 46 سوريا.
في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وقع بأيدي المصريين 242 جنديا إسرائيليا، ومع سوريا 68 جنديا، من بينهم ثلاثة أسروا خلال فترة وقف إطلاق النار، ومع لبنان 4 جنود، بينما وقع في أيدي الاحتلال 8372 جنديا مصريا منهم 99 خلال وقف إطلاق النار، و 392 سوريا، و6 من المغرب، و13 عراقيا.
وقد تمت الصفقة مع مصر في الفترة ما بين منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 22 من الشهر ذاته، حيث أطلقت مصر سراح 242 جنديا وضابطا إسرائيليا ، مقابل ما لدى الاحتلال من جنود وضباط مصريين.
ومع سوريا تمت صفقة التبادل مطلع حزيران/ يونيو 1974 حتى وفيها أفرج 392 سوريا وستة مغاربة وعشرة عراقيين مقابل إطلاق سراح سوريا 58 أسيرا إسرائيليا، وأفرجت "إسرائيل" أيضا عن 65 أسيرا مصراً وفلسطينيّا مقابل إطلاق سراح جاسوسين إسرائيليين في مصر.
وأعادت مصر أيضا في ذلك العام لـ"اسرائيل" جثث ورفات 39 جنديا، بالمقابل عن 92 أسيرا.
وفي العام ذاته، جرت عملية تبادل الليطاني أو كما سميت "عملية النورس" بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وهي إحدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية سراح جندي إسرائيلي كانت قد أسرته في عملية الليطاني قبل ذلك بعام تقريبا.
وفي هذه العملية تم مهاجمة شاحنة إسرائيلية في كمين قرب صور وهو ليس بعيدا عن مخيم الرشيدية فقتل آنذاك أربعة جنود اسرائيليين وأسر واحد من قوات الاحتياط وهو أبراهام عمرام، وأفرجت "إسرائيل" بالمقابل عن 76 أسيرا من كافة فصائل الثورة الفلسطينية وكانوا في سجونها، من ضمنهم 12 فتاة فلسطينية.
الثمانينيات والتسعينيات
في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983 وضمن عملية تبادل جديدة ما بين حكومة "إسرائيل" وحركة فتح، جرى إطلاق سراح جميع معتقلي معتقل أنصار في الجنوب اللبناني وعددهم 4700 فلسطيني ولبناني إضافة إلى 65 أسيرا من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح ستة جنود اسرائيليين من لواء "ناحال" أسروا في منطقة بحمدون في لبنان من قبل عناصر تابعة لفتح.
وبعد ذلك بعام تقريبا أعادت "إسرائيل" ثلاثة من جنودها هم جيل فوجيل، وأرئيل ليبرمان، ويوناثان شلوم وخمس جثث لجنود آخرين كانوا قد أسروا من قبل سوريا، مقابل الإفراج عن 291 جنديا سوريا و85 لبنانيا و13 سوريا من الجولان، بشرط بقائهم في الجولان.
وفي منتصف العقد، أجرت "إسرائيل" عملية تبادل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وهي، سميت بعملية الجليل، وأطلقت "إسرائيل" بموجبها سراح 1155 أسيرا كانوا محتجزين في سجونها المختلفة، مقابل ثلاثة جنود.
وفي أيلول/ سبتمبر من نفس العام، أفرجت "إسرائيل" عن 119 لبنانيا في سجن عتليت، مقابل إطلاق سراح 39 رهينة أمريكية كانوا محتجزين على متن طائرة بوينغ أمريكية تابعة لشركة "تى دبليو إي" فى حزيران/ يونيو من العام ذاته.
وشهد عام 1991 عمليتي تبادل بين حزب الله اللبناني و"إسرائيل"، الأولى تمت في 21 كانون الثاني/ يناير 1991، وأفرج الاحتلال بموجبها عن 25 معتقلا من معتقل الخيام بينهم امرأتان، والثانية بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر 1991 وأفرج عن 51 معتقلا من مقابل استعادة جثة جندي إسرائيلي كانت محتجزة لدى حزب الله.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 1991 أيضا، أفرجت حركة الجهاد الإسلامي عن أستاذ الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت جيسى تيرتر، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 15 معتقلا لبنانيا بينهم 14 من سجن الخيام.
وحصلت "إسرائيل" في تموز/ يوليو 1996 على رفات الجنديين يوسف بينيك ورحاميم الشيخ ، مقابل إفراجها عن رفات 132 لبنانيا استشهدوا في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، كما أطلق حزب الله سراح 17 جنديا من جيش لبنان الجنوبي، وأطلق الأخير سراح 45 معتقلاً من الحزب من معتقل الخيام، وقد تمت العملية بوساطة ألمانية.
ومع حلول عام 1997، جرت اتفاقية تبادل ما بين "إسرائيل" والحكومة الأردنية وأطلقت بموجبها سراح عملاء الموساد الإسرائيلي الذين اعتقلتهم قوات الأمن الأردنية بعد محاولتهم الفاشلة في اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينها، فيما أطلقت إسرائيل سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، والذي كان معتقلاً في سجونها منذ العام 1989 وكان يقضي حكما بالسجن مدى الحياة.
قبل 20 عاما في 22 مارس 2004 قام جيش الاحتلال الاسرائيلي باغتيال مؤسس وزعيم حركة حماس الشيخ احمد ياسين بعد أدائه صلاة الفجر في المسجد فماذا كانت أمنية حياته قبل الشهادة ؟ #غزة_تحت_القصف #فلسطين #رمضان #رمضان_12_الدعاء_المستجاب pic.twitter.com/n6r2PjOlN9 — A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) March 22, 2024
وفي حزيران/ يوليو 1998 أعادت "إسرائيل" 40 جثة لشهداء لبنانيين مع إطلاق سراح 60 لبنانيا، وقد تم إخراج جثث 38 مقاتلا من المقابر وجثتين من مشرحة أبو كبير إحداهما جثة هادى نصر الله نجل الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله، وبالمقابل سلم حزب الله رفات الرقيب إيتامار إيليا من وحدة الكوماندوز في سلاح البحرية في القسم العسكري في مطار اللد والذي قتل معه 11 ضابط وجندي إسرائيلي آخرين من الكوماندوز البحري خلال مهمة خاصة في لبنان.
من عام 2000
في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من الألفية الجديدة، جرى اختطاف عقيد الاحتياط في جيش الاحتلال إلحانان تاننباوم، من قبل حزب الله اللبناني، واحتجز لمدة أكثر من ثلاث سنوات.
وتم استدراج تاننباوم، للمشاركة في صفقة تهريب مخدرات، واختطف إلى لبنان على يد قيس عبيد واللبناني كايد برو، بحسب قناة "i24news" الإسرائيلية.
وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر أيضا من العام ذاته، أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، على قناة المنار: "لدينا عقيد إسرائيلي في أيدينا".
ذاكرة #المقاومة_الإسلامية#السيد_نصرالله يعلن عن عملية أسر الجاسوس ألحنان تننباوم 15/10/2000 pic.twitter.com/pHDLTOfgnj — Hasan Saado (@HasanSaado1) August 8, 2024
وتم إطلاق سراح تاننباوم كجزء من صفقة تبادل أسرى تمت في 29 كانون الثاني/ يناير 2004 بين "إسرائيل" وحزب الله برعاية ألمانية، تم بموجبها إعادة جثث جنود إسرائيليين تم اختطافهم أيضا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000.
في 7 تشرين الأول/ أكتوبر مرة أخرى من عام 2000، نفذ حزب الله عبر الحدود عملية تمكن فيها من أسر ثلاثة جنود إسرائيليين، هم: بيني أفراهام، وآدي أفيتان، وعمر سواعد، بينما كانوا يقومون بدورية في الجدار الأمني على طول الحدود مع لبنان، وليس من الواضح حتى الآن متى أو تحت أي ظروف قتل الجنود الذي أعيدت جثثهم إلى "إسرائيل" في صفقة التبادل عام 2004.
في مثل هذا اليوم قبل 24 عامًا، اختطفت منظمة حزب الله وقتلت الجنود الثلاثة بيني أبراهام وآدي أفيتان وعمر سويد في منطقة جبل دوف pic.twitter.com/5SBMexdlEs — ترجمات الصحف / اخبار 24 (@galebsami) October 7, 2024
وبموجب الصفقة، أفرجت "إسرائيل" عن 431 أسيرا فلسطينيا من الضفة الغربية وقطاع غزة، و24 أسيرا لبنانيّا، و8 أسرى عرب، وقد كان من أبرزهم القيادي في حزب الله عبد الكريم عبيد، الذي اختطفه الإسرائيليون من لبنان عام 1989، ومصطفى الديراني الذي اختطفته "إسرائيل" عام 1994.
ملف شاليط
في تشرين الأول/ أكتوبر 2009، أصدرت كتائب القسام لأول مرة شريط فيديو مصورا، يظهر فيه الجندي الأسير جلعاد شاليط لمدة دقيقتين، مرتديا الزي العسكري وحاملا جريدة إخبارية فلسطينية بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 2009، وتحدث بالعبرية، مخاطبا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالموافقة على شروط حماس، وتأمين الإفراج عنه في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان.
وبسبب هذا الشريط والمعلومات التي وردت فيه، نجحت كتائب القسام في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 بوساطة ألمانية مصرية، بتأمين الإفراج عن 19 أسيرة فلسطينية من ذوات المحكوميات العالية، مقابل إصدار دليل مادي يثبت بأن الجندي الأسير لا يزال على قيد الحياة.
وبناء عليه، تمت الصفقة وسلمت حماس شريطا لـ "إسرائيل" يظهر فيه الجندي المختطف بصحة جيدة.
وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2011، أعلن التوصل لاتفاق بوساطة مصرية، لتبادل الأسير غلعاد شاليط، الذي تم أسره عام 2006، مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا، كان من ضمنهم رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس يحيى السنوار.
وتم إبرام الصفقة بشكل رسمي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته، وهي الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية، التي تمت فيها عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين، وأطلقت عليها حماس اسم "وفاء الأحرار".
الصفقة المحدودة
خلال حرب الإبادة الحالية تم إجراء صفقة تبادل محدودة بين "إسرائيل" وحماس بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، وكانت جزءًا من اتفاقية وقف إطلاق النار المؤقت في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر وامتد لفترة أسبوع.
في مشاهد تسليم الأسرى، ذكاء لا يخفى وعزّة لا تغيب، وإيمان يطغى على أثرة النفس وهواها! الكثير من الرسائل في كل مشهد، الكثير من الثبات في كل صورة، والكثير من الغيظ في أكباد الخونة المرجفين، من احتضان الأسير للمقاوم، والتلويح له مودّعًا إياه، كأنّما يفارق عزيزًا عاشَ معه، «Goodbye». pic.twitter.com/mmyLSHI7w8 — قصي عاصم العسيلي (@qalosaily) November 30, 2023
أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيرا فلسطينيا، 107 منهم أطفال، وثلاثة أرباعهم لم تتم إدانتهم بارتكاب جريمة، وفي المقابل، أطلقت حماس سراح 105 مدنيين، من بينهم 81 شخصًا من "إسرائيل" و23 تايلانديًا وفلبينيًا واحدًا.