مشاركة الترجي بمونديال الأندية تفجر أزمة اللاعبين الأجانب بالدوري التونسي
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
تونس- عاد الجدل في أوساط كرة القدم بتونس حول قانون اللاعبين الأجانب المحترفين بأندية الدوري المحلي وذلك مع اقتراب مشاركة نادي الترجي في النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية المقررة بالولايات المتحدة.
وقبل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي لكرة القدم، مطلع عام 2025، أثار عدد من نوادي الدوري الممتاز ملف العدد الأقصى للاعبين الأجانب الذين يمكن التعاقد معهم والذين يتم إشراكهم في وقت واحد بالمباراة.
وقدّم بعض نوادي الدوري وفي مقدمتهم الترجي حامل لقب الدوري التونسي، مذكّرة لاتحاد كرة القدم من أجل تغيير القوانين الخاصة باللاعبين الأجانب وتبنّي القانون الجديد خلال الجمعية العمومية المقبلة.
ديون متراكمةوأعربت أغلب الأندية عن رفضها تبني المشروع الجديد باعتبار أن اللاعبين الأجانب شكّلوا خلال السنوات الماضية "كابوسا" لتلك الأندية بسبب تراكم مستحقاتهم والعجز عن دفعها ما تسبب في فرض عقوبة المنع من التعاقدات من قِبَل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد أكثر من نصف فرق الدوري.
ويعدّ ملف اللاعبين الأجانب من أكثر الأسباب التي عمقت أزمات الأندية في تونس، إذ مع تراجع الإيرادات وتفاقم الصعوبات المالية بسبب الأوضاع العامة في البلاد، عجزت جلّ الأندية عن دفع رواتب لاعبيها الأجانب لينتهي الأمر في أغلب الحالات بين أروقة فيفا بعد رفع اللاعبين الأجانب شكاوى للحصول على مستحقاتهم.
إعلانوفي يوليو/تموز الماضي، سجّلت أندية دوري المحترفين (1) و(2) رقما سلبيا غير مسبوق عندما أصدرت غرفة النزاعات في فيفا أحكاما بمنع 11 ناديا تونسيا من بينها 9 أندية تنشط بالدوري الممتاز بالمنع من التعاقدات لفترات متفاوتة بسبب تفاقم ديونها لفائدة اللاعبين والمدربين الأجانب.
وشملت العقوبات 27 قضية رفعها لاعبون ومدربون سبق لهم الانتماء والعمل مع أندية تونسية دون أن يحصلوا على كامل رواتبهم.
قوانين الكرة التونسية تمنح حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى (مواقع التواصل الاجتماعي)ويأمل الترجي التونسي في أن يرفع اتحاد كرة القدم سقف اللاعبين الأجانب في كل فريق حتى يتمكن من ضم لاعبين جدد تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية المقبلة، كما يسعى النادي الأفريقي، متصدر الدوري الممتاز حتى الآن إلى الغاية نفسها لتعزيز حظوظه في التتويج باللقب.
وتدافع بعض الأندية وفي مقدمتها الترجي عن مشروع الرفع في عدد اللاعبين الأجانب لمواكبة التطورات التي تشهدها كرة القدم في العالم، خصوصا أن الفريق سيكون في مواجهات قوية في كأس العالم للأندية 2025.
ويرى مسؤولو الترجي أن النجاح في المسابقات القارية والعالمية يتطلب وجود لاعبين ذوي إمكانيات كبيرة عادة ما تتوفر في اللاعبين الأجانب.
أندية تعارضلكن عددا من أندية الدوري التونسي للمحترفين أبدت معارضتها لمشروع القانون الجديد، باعتبار أنه سيزيد في تكبيل تلك الأندية وتفاقم ديونها.
ويرى محمد محجوب رئيس الملعب التونسي، أن "سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الكلفة المالية للاعب والتداعيات الممكن وقوعها".
وقال محجوب للجزيرة نت "الملعب التونسي يسعى للانفتاح على كرة القدم في بلدان أخرى وضم لاعبين أجانب، ولكن دون المس بالمبدأ الأساسي للفريق وهو تكوين الشبان ومنحهم الفرصة للعب في الفريق الأول، اللاعب الأجنبي مهم لكن يجب تفادي العقوبات الناتجة عن انفجار أجور بعض اللاعبين وعدم القدرة عن تسوية مستحقاتهم".
محمد محجوب: سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة (الجزيرة) عقوبات الفيفا: خطر محدقوسبق للكثير من الأندية التونسية أن عوقبت بالمنع من التعاقدات من قبل فيفا، بمن فيها الترجي نفسه، وذلك بسبب عدم تسديد مستحقات لاعبيها الأجانب قبل أن يتم رفع تلك العقوبات بعد تسوية النزاعات المالية.
ووجهت عدة أطراف داخل الأوساط الكروية في تونس اتهامات لمسؤولين بالإقبال على التعاقد مع لاعبين أجانب دون إدراك التداعيات المالية والقانونية لذلك.
إعلانوقال محمد هشام الذيب، عضو مجلس اتحاد كرة القدم السابق إن "رفع سقف التعاقدات الأجنبية والنسج على منوال دوريات أخرى سواء من دول الجوار أو في أوروبا من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي ويعزز حظوظ الأندية التونسية التي تخوض المسابقات الأفريقية والعالمية مثل الترجي".
محمد هشام الذيب: رفع سقف التعاقدات الأجنبية من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي (الجزيرة)وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال الذيب، وهو محام متخصص في القانون الرياضي "مجال التعاقدات الأجنبية لا بدّ أن يواكب التطور الذي تشهده كرة القدم في العالم، بمثل هذه القوانين لا يمكن للترجي مثلا أو لغيره من الفرق أن ينافس على المسابقات القارية، ما فعله الترجي مثلا في الموسم الماضي بالوصول لنهائي دوري أبطال أفريقيا يشكل معجزة".
وتابع "عندما كنا في اتحاد الكرة (2020 ـ 2024) حرصنا على أن تواكب قوانين اللاعبين الأجانب ما تشهده الكرة الأفريقية من تطور، لا بد من منح اللاعبين الأجانب مكانة أكبر في الدوري التونسي حتى تصبح الأندية قادرة على المنافسة بقوة على الألقاب القارية".
وتمنح قوانين الكرة التونسية حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى في الفترة الواحدة للانتقالات، فيما لا يتم احتساب اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 21 عاما، لكن تلك القوانين لا تسمح بإشراك أكثر من 4 لاعبين في وقت واحد على أرض الملعب.
وتضم أندية دوري المحترفين في تونس، ما يزيد على 80 لاعبا أجنبيا أغلبهم في الأندية الكبيرة مثل الترجي والأفريقي (7 لاعبين) والصفاقسي (6 لاعبين) والملعب التونسي (5 لاعبين).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أندیة دوری المحترفین کأس العالم للأندیة اللاعبین الأجانب الدوری التونسی التعاقد مع کرة القدم
إقرأ أيضاً:
الاتحاد العام التونسي للشغل يواجه أزمة داخلية غير مسبوقة
يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل -أحد أبرز المنظمات النقابية في تونس منذ تأسيسه عام 1946- أزمة داخلية عميقة تهدد بتقويض دوره التاريخي بوصفه قوة تعديلية تدافع عن حقوق العمال والحريات والديمقراطية. هذه الأزمة ليست مجرد خلافات داخلية عابرة، بل تعكس انقسامات هيكلية وتجاذبات سياسية أثرت على أداء المنظمة وفعاليتها في مواجهة الأوضاع الراهنة.
تعود جذور الأزمة إلى مؤتمر طبرقة عام 2010، عندما أُقر تعديل النظام الأساسي للاتحاد لتحديد دورات المكتب التنفيذي بدورتين فقط. ومع اقتراب انتهاء الدورة الثانية لنور الدين الطبوبي، تم عقد مؤتمر استثنائي بمدينة سوسة عام 2021 لتعديل الفصل 20 من النظام الأساسي، مما سمح بترشحه لدورة ثالثة.
وأثار هذا التعديل انقساما حادا داخل المنظمة، إذ اعتبره بعض النقابيين تلاعبا بالقوانين لضمان استمرار قيادة الطبوبي. ويعتبر هذا القرار أحد أبرز الأسباب وراء حالة الانشقاق الحالية، إذ تشكل تيار معارض داخل المكتب التنفيذي يطالب بإصلاحات شاملة.
وصلت الأزمة الحالية ذروتها عندما قاطع الاجتماعات الرسمية 5 أعضاء من المكتب التنفيذي، وهم أنور بن قدور ومنعم عميرة والطاهر البرباري وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي. ودفعت هذه المقاطعة، التي تعبر عن انعدام الثقة بين أعضاء القيادة، بن قدور للدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي في الربع الأول من العام المقبل، بدلا من الانتظار حتى موعد المؤتمر في فبراير/شباط 2027.
إعلان تاريخ حافللعب الاتحاد دورا مركزيا في الدفاع عن حقوق العمال وفي المشهد السياسي التونسي منذ الاستقلال. وفي عام 2015، حاز الاتحاد جائزة نوبل للسلام لدوره المحوري في حل الأزمة السياسية التي هددت استقرار البلاد خلال "الحوار الوطني".
ولكن مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ يوليو/تموز 2021، بما في ذلك تعليق البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء، وجد الاتحاد نفسه في موقف ضعيف. ويرى أستاذ علم الاجتماع مهدي مبروك أن سعيد لا يعترف بالأجسام الوسيطة، بما في ذلك الأحزاب والنقابات، وهو ما أدى إلى تهميش الاتحاد وإضعاف دوره في الساحة الوطنية.
وأصبح الاتحاد، حسب النقابي عبد الرحمن الهذلي، منقسما بين تيارين:
تيار يسعى للحفاظ على استقلالية المنظمة ودورها الاجتماعي. تيار آخر ينسجم مع سياسات سعيد ويرى أن الاتحاد يجب أن يكون جزءا من مسار 25 يوليو/تموز.أتاح هذا الانقسام للسلطة فرصة التدخل بشكل غير مباشر في الاتحاد، إذ تعمل على تغذية الخلافات الداخلية لإضعافه وإلهائه بمشاكله.
وتأتي الأزمة الحالية في وقت يعاني فيه العمال من ارتفاع تكاليف المعيشة وتجميد الأجور. ورغم المطالب المتكررة للاتحاد بعقد مفاوضات اجتماعية مع الحكومة لمعالجة هذه القضايا، فإن السلطة لم تستجب، مما زاد من غضب القواعد النقابية التي باتت تشعر بخيبة أمل من القيادة.
أسباب الأزمة وسبل الحليرى مبروك أن الأزمة التي تعصف بالاتحاد ليست مجرد خلافات شخصية، بل تعكس مشكلات هيكلية أعمق تشمل:
غياب الانسجام داخل القيادة النقابية. عدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع السلطة. التحايل على القانون الداخلي من خلال تعديل الفصل 20.ويشير مبروك إلى أن الاتحاد يمكنه استعادة مكانته من خلال:
إصلاحات داخلية: إنهاء الصراعات واحترام النظام الداخلي، بما في ذلك معالجة مسألة الفصل 20. إعادة تحديد دوره الوطني: تحديد موقف واضح من السلطة والعودة إلى دوره كمدافع عن القضايا الديمقراطية والاجتماعية. إعلانعلى الرغم من كل هذه الأزمات، يؤمن نقابيون وخبراء بأن الاتحاد العام التونسي للشغل لايزال يمتلك إرثا نضاليّا كبيرا يمكّنه من تجاوز محنته الحالية. لكن استمرار الانقسامات الداخلية والركود التنظيمي وعجز القيادة عن مواجهة السلطة قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في دوره التاريخي.