منذ ما يقرب من عقد من الزمان، يعتمد ما لا يقل عن أربعة ملايين شخص يعيشون في أجزاء من شمال غربي سوريا تسيطر عليها الجماعات المتمردة على الأمم المتحدة للحصول على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، لكن هذه المساعدات لا تزال تخضع لحسابات القوى الكبرى.

وينقل تحليل من مجلة "فورين بوليسي" أنه في عام 2014، مع اندلاع الحرب الأهلية في البلاد، حصلت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى على موافقة مجلس الأمن لإيصال الإمدادات الأساسية عبر الحدود السورية التركية دون إذن من النظام السوري.

لكن كل ذلك تغير، في 10 يوليو من هذا العام، عندما استخدمت روسيا، الحليف المقرب من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حق النقض "الفيتو" ضد تمديد إيصال المساعدات عبر شريان الحياة الإنساني هذا. 

وفي أغسطس الجاري، أعلنت الأمم المتحدة أنها توصلت إلى اتفاق لمدة ستة أشهر مع نظام الأسد لإعادة فتح المعبر واستئناف تسليم المساعدات، ولكن مقابل تنسيق المساعدات الإنسانية مع النظام.

وبالنظر إلى رفض النظام تقديم المساعدات للمتواجدين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، فإن الاتفاق يبطل فعليا الغرض الأصلي من دعم الأمم المتحدة لعمليات التسليم عبر الحدود، والتي كان تهدف إلى توفير المساعدات المنقذة للحياة لملايين الأشخاص، وفق التحليل.

وما يحدث في سوريا لم يعد فريدا، إذ بعد أسبوع من سحب موسكو تسليم المساعدات في سوريا، انسحب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من مبادرة حبوب البحر الأسود، التي سمحت لأوكرانيا بتصدير جزء من منتجاتها الزراعية إلى العالم على الرغم من الحرب. ونتيجة لذلك، بدأت أسعار الغذاء العالمية في الارتفاع.

ويحتاج المانحون إلى نهج جديد لحل الصراعات في عالم متعدد الأقطاب، وعليهم أن يدركوا أن المفاوضات الإنسانية ليست بديلا عن حل الصراعات.

ومنذ عام 2005، تضاعف عدد النزاعات في جميع أنحاء العالم، وتضاعفت مدتها المعتادة ثلاث مرات، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وفي مواجهة الأولويات الجيوسياسية المتنافسة والمنافسة المحتدمة بين القوى العظمى، يتضاءل الاستثمار السياسي والاهتمام اللازمين لإنهاء هذه الصراعات.

وإثيوبيا وليبيا وميانمار والسودان واليمن نماذج للبلدان المتورطة في نزاعات طويلة الأمد وهي عرضة باستمرار لتجدد العنف.

وبدلا من ذلك، لا تزال الدول المانحة الرئيسية، في المقام الأول الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، منغمسة في هذه الصراعات من خلال نظام المساعدات الإنسانية الدولي.

ومع استمرار الأزمات، غالبا في الأماكن التي تتمتع فيها الصين أو روسيا بنفوذ كبير، فإن الأمر متروك للجهات الفاعلة الإنسانية للتفاوض على إيصال المساعدات مع الأنظمة التي تحاول عمدا عزل شعوبها وتجويعها.

ويشير التحليل إلى أن معظم المنظمات الإنسانية الدولية غير سياسية، وبالتالي فهي غير راغبة في استخدام ما لديها من نفوذ ضئيل للحد من الأزمات التي تعالجها، حتى لحماية المدنيين.

وتلتزم المنظمات الإنسانية الدولية بمبدأ الحياد الأساسي على أمل أن يشجع ذلك المتحاربين على حماية العاملين في المجال الإنساني وإيصال المساعدات. ومع ذلك، من الواضح بشكل متزايد أن الحياد لا يؤدي إلى الهدف المنشود، إذ تم استهداف العاملين في المجال الإنساني ومنع المساعدات، وهو تكتيك حربي، بحسب تحليل المجلة.

ومع ذلك، تواصل الأمم المتحدة والدول المانحة الرئيسية الاعتماد على مفاوضات إيصال المساعدات الإنسانية رفيعة المستوى لإدارة النزاعات.

وتخلص المجلة في تحليلها إلى أن الدبلوماسية الإنسانية ضرورية لمعالجة معاناة المدنيين، ولكنها غير كافية لحل صراعات العالم، وبدلا من ذلك، ينبغي على الدول المانحة التركيز على الدبلوماسية رفيعة المستوى لحل النزاعات، بدعم من أدوات سياسية أخرى، بما في ذلك الأدوات الاقتصادية، مثل سياسة العقوبات.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول نصف المساعدات إلى شمال غزة

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة عشرات المستوطنين المتطرفين يقتحمون باحات المسجد الأقصى مقتل 8672 طالباً في غزة والضفة منذ 7 أكتوبر

قالت الأمم المتحدة، إن إسرائيل منعت وصول أكثر من نصف المساعدات المرسلة إلى شمال قطاع غزة في يونيو الماضي.
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي، إلى أن النازحين في غزة يعانون نقصاً كبيراً في مواد الإيواء أو الإمدادات الحيوية.
ولفت إلى أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطراً كبيراً، وخاصة على الأطفال، مشيراً إلى مقتل طفلة في الـ9 من عمرها في خان يونس الأسبوع الماضي بسبب هذه الذخائر. وأضاف أن إسرائيل منعت وصول أكثر من نصف المساعدات المخطط لها إلى شمال غزة والبالغ عددها 115 مهمة خلال يونيو. كما أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بنقل بعض المساعدات من الرصيف الأميركي العائم في غزة إلى مستودعاته بسبب توقفه عن الخدمة مرة أخرى. والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية تفكيك الرصيف العائم قبالة سواحل قطاع غزة، وسط توقعات بارتفاع موج البحر وسوء الطقس.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حرباً على غزة، خلفت قرابة 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، إضافة إلى آلاف المفقودين.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: 274 من العاملين في المجال الإنساني قتلوا في الحرب الإسرائيلية على غزة
  • الأمم المتحدة تدين حادث استهداف قافلة إنسانية بشرق الكونغو الديمقراطية
  • الأمم المتحدة تدين استهداف قافلة إنسانية شرقى الكونغو الديمقراطية
  • منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية يدين حادث استهداف قافلة إنسانية بشرق الكونغو الديمقراطية
  • الأمم المتحدة: استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة أطلقت العنان لدوامة من البؤس الإنساني
  • الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول نصف المساعدات إلى شمال غزة
  •  الأمم المتحدة: "إسرائيل" منعت وصول أكثر من نصف المساعدات لشمال غزة
  • الأمم المتحدة : إسرائيل منعت وصول أكثر من نصف المساعدات لشمال غزة
  • الأمم المتحدة تشتكي: إسرائيل تعترض المساعدات الإنسانية
  • وزير شئون الإغاثة الفلسطيني: نكثف اتصالاتنا مع الدول المانحة لزيادة حجم المساعدات لغزة