صراع في أفريقيا على خلفية حرب أوكرانيا
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
صراع في أفريقيا على خلفية حرب أوكرانيا
إذا نُظر إلى أزمة النيجر من زاوية الصراع الروسي الغربي، فإن حرب أوكرانيا تكتسب درجةً في «العالمية» من خلال أفريقيا.
أحدث العداء الذي ظهر بحدّة عند عسكر الانقلاب وفئات من الشعب صدمة للغرب وفرنسا خاصة وقد رفع المتظاهرين شعاراتٍ مؤيدةً لروسيا.
الرعاية الفرنسية المتواصلة، والمتعاونة بشكل وثيق مع العسكريين، كانت تعطي انطباعاً بأن لا بديل عنها، لكن يتبيّن الآن أن نجاحَها لم يستند إلى أسس صلبة.
لازمت التحديات النيجر منذ زمن الاستعمار الفرنسي ثم استقلالها ولم تحقق 5 انقلابات عسكرية استقرارا سياسيا واقتصاديا فكان لا بدّ دائماً من عودة الحكم المدني.
هل النيجر جاهزة لدخول مجازفة معقدة؟ وهل لدى العسكر بدائل عن مساعدات الغرب؟ وهل استعدّوا مسبقاً لإدارة البلاد وتداعيات الانخراط في استقطاب دولي آخر؟
يعزى ارتباك الغرب إزاء انقلاب العسكر بالنيجر لوجود قواعد عسكرية كبيرة له إذ شكّلت النيجر مركز قيادة الحرب على الإرهاب في الساحل بعد خروجها من مالي.
* * *
لم يتوقّع أحد أن تصبح النيجر محوراً لأزمة دولية إقليمية تتسم بخطورة استثنائية، بسبب انقلاب الحرس الرئاسي ثم الجيش على حكم الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم.
وكانت البلاد قد مرّت بفترة استقرار سياسي خلال حكم سلفه محمد إيسوفو المنتخب أيضاً والذي بقي في السلطة طيلة ولايتين متتاليتين، وسط تصاعد عمليات المجموعات الإرهابية والتدهور المزمن للأوضاع الاقتصادية وتفاقم ظواهر الفقر.
هذه التحديات لازمت النيجر منذ وجودها تحت الاستعمار الفرنسي، ثم استقلالها عام 1960 وما بعده، ولم تفلح خمسة انقلابات عسكرية سابقة في توطيد استقرار سياسي أو اقتصادي، فكان لا بدّ دائماً من العودة إلى الحكم المدني.
كما أن الرعاية الفرنسية المتواصلة، والمتعاونة بشكل وثيق مع العسكريين، كانت تعطي انطباعاً بأن لا بديل عنها، لكن يتبيّن الآن أن نجاحَها لم يستند إلى أسس صلبة.
الارتباك الغربي الذي تسبب به انقلاب العسكريين النيجريين يُعزى أولاً إلى وجود قواعد عسكرية كبيرة للفرنسيين والأميركيين والأوروبيين من دول مختلفة، إذ شكّلت النيجر مركزاً لقيادة الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي بعد خروجها القسري من مالي المجاورة.
أما الصدمة الأخرى فكانت في العداء الذي ظهر بحدّة عند عسكريي الانقلاب، وكذلك عند فئات من الشعب، للغرب عموماً ولفرنسا خصوصاً، وقد تمثّل في رفع المتظاهرين شعاراتٍ مؤيدةً لروسيا.
وهكذا، فبين عشية وضحاها راح المراقبون يتوقّعون خروجَ النيجر من المعسكر الغربي الذي كان بازوم يعتبر أبرز حلفائه، إذ يكفي الآن أن يطلب عسكر النيجر مغادرةَ القوات الأجنبية على غرار ما حصل سابقاً في مالي وبوركينا فاسو.
وقد تولّدت لديهم دوافع جديدة بعدما تناغمت المواقف الدولية مع الموقف المتشدّد لدول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (ايكواس) سواء بالعقوبات التي فرضتها على النيجر أو باستعدادها للتدخّل عسكرياً لتثبيت الديمقراطية وإعادة الرئيس المخلوع إلى منصبه.
لكن هل النيجر جاهزة لدخول مجازفة معقدة كالتي تتراءى حالياً؟ وهل لدى العسكريين بدائل تمكِّنهم من الاستغناء عن المساعدات الغربية؟ وهل أستعدّوا مسبقاً لإدارة البلاد وتداعيات الانخراط في استقطاب دولي آخر؟ هناك احتمالان:
- الأول، أنهم غير جاهزين، ولذا أصرّت الولايات المتحدة على «الحل الديبلوماسي» وحافظت على هامش مناورة بالتحاور مع العسكر، لكنها التزمت موقف دول «ايكواس»، على أن يُصار إلى تلبية مطالب الانقلابيين بعد استعادة الرئيس بازوم سلطَته. لكن هذا الخيار لا يبدو قابلاً للتطبيق.
- الثاني ربما ينطوي على «خيار روسي» لم ينضج بعد، لكنه أثار اهتمامَ العسكريين الذين يراقبون تجاربَ زملائهم في دول مجاورة .
وينبغي التذكير، من جهة، بأن عدداً كبيراً من البلدان الأفريقية كان على علاقة مع روسيا منذ الحقبة السوفياتية وتلقّى منها دعماً في الكفاح ضد الاستعمار الغربي، وهي علاقة استمرّت في مجال التسلّح وطُوّرت إلى أن أصبحت مع «فاغنر» ذات فاعلية بارزة.
ومن جهة أخرى تنبغي الإشارة إلى أن دول الغرب حافظت على حضور قوي داخل «الدولة العميقة» في مستعمراتها السابقة، غير أن اهتمامها بجوانب التنمية والتطوير ظلّ أقلّ من تركيزها على استغلال الثروات الاستراتيجية (اليورانيوم في النيجر).
وإذا نُظر إلى أزمة النيجر من زاوية الصراع الروسي الغربي، فإن حرب أوكرانيا تكتسب درجةً في «العالمية» من خلال أفريقيا.
*عبدالوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني
المصدر | الاتحادالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أفريقيا فرنسا النيجر إيكواس انقلاب أزمة دولية حرب أوكرانيا الحرب على الإرهاب قواعد عسكرية الدولة العميقة حرب أوکرانیا النیجر من
إقرأ أيضاً:
خليجي 26: صراع الأبطال ينطلق في الكويت!
ديسمبر 21, 2024آخر تحديث: ديسمبر 21, 2024
المستقلة/- تنطلق اليوم بطولة كأس الخليج العربي 2024 “خليجي 26” في نسختها الجديدة، مستضيفةً نخبة من المنتخبات الخليجية على أرض الكويت. البطولة، التي تُقام خلال الفترة من 21 ديسمبر 2024 وحتى 3 يناير 2025، تعد واحدة من أبرز الأحداث الرياضية في المنطقة، إذ تحمل معها تاريخًا حافلًا من التنافس والحماس.
النظام والمجموعات
تُقام البطولة بنظام المجموعتين، حيث تم تقسيم المنتخبات الثمانية إلى مجموعتين:
يتأهل أول فريقين من كل مجموعة إلى نصف النهائي، ليتنافسوا على اللقب في المباراة النهائية التي ستحدد بطل البطولة.
تاريخ البطولة والأكثر تتويجًا
بطولة كأس الخليج تحمل تاريخًا عريقًا بدأ منذ أول نسخة في عام 1970. ويعد المنتخب الكويتي الأكثر تتويجًا بالبطولة برصيد 10 ألقاب، يليه العراق بـ4 ألقاب، ثم السعودية وقطر بـ3 ألقاب لكل منهما، والإمارات وعمان بلقبين، بينما حققت البحرين اللقب مرة واحدة.
المباريات الافتتاحية
ينتظر عشاق الساحرة المستديرة أولى المباريات مساء اليوم السبت:
أصوات التعليق تزيد من حماس البطولة
تم اختيار مجموعة من المعلقين البارزين للتعليق على مجريات البطولة عبر مختلف القنوات، من بينهم محمد الشامسي، عامر عبد الله، علي الشمري، خليل البلوشي، ورؤوف خليف.
القنوات الناقلة
أعلنت عدة قنوات رياضية نقلها لمباريات البطولة، ومنها:
ختامًا
بطولة كأس الخليج ليست مجرد مسابقة رياضية، بل هي فرصة لتعزيز الروابط بين شعوب الخليج وتقديم عروض كروية ممتعة. فهل ستشهد نسخة هذا العام مفاجآت جديدة أم سيحافظ الكبار على تفوقهم التاريخي؟ الأيام القادمة تحمل الإجابة لعشاق كرة القدم.