دعا رئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، “إلى بدء إجراءات لرفع “هيئة تحرير الشام” من القائمة الروسية للمنظمات الإرهابية، وذلك لمنع وقوع كارثة إنسانية في سوريا”.

وكتب قديروف في منشور عبر “تلغرام” اليوم الاثنين: “يحاول الغرب الجماعي أن يسبب تصعيدا بين روسيا والسلطات السورية الجديدة، لكننا لن نسمح بتمرير مثل هذا السيناريو”.

وحسب قديروف، فإن “المواطن السوري يتطلع إلى الاستقرار والحياة الهادئة، وأنه من شأن قرارات القيادة الجديدة للبلاد (مثل التخلي عن ملاحقة الصحفيين والمسؤولين، وحل كل الجماعات المسلحة، وغيرها) أن تلبي هذه التطلعات، لكنه سيكون من الصعب القيام بذلك دون مساعدة شركاء”.

وأشار قديروف إلى “أن الأولوية تتمثل في منع وقوع كارثة إنسانية في سوريا، مضيفا أن “المشكلة خطيرة، وروسيا لديها القوة والوسائل اللازمة للمساعدة في حلها”.

وكتب: “لإطلاق عمليات إيجابية، لا بد من الشروع في إجراءات لرفع هيئة تحرير الشام وممثليها من القائمة الروسية للمنظمات الإرهابية. ومن المهم، دون انتظار بداية هذه العملية أو نهايتها، أن يتم على الفور تنظيم عمل مجموعة اتصال بين البلدين، قادرة على بناء الاتصالات الأولى والبدء في حل المشاكل”، موضحا أن “هذه ممارسة عالمية تسمح لنا بتجاوز الأزمة في أسرع وقت ممكن ومساعدة السكان”.

واقترح قديروف “إشراك السوريين الذين يعيشون ويعملون في جمهورية الشيشان لفترة طويلة للعمل في مجموعة الاتصال هذه”.

وأعرب قديروف أيضا “عن استعداد سلطات الشيشان– حال تلقيها أمرا من القائد الأعلى رئيس روسيا فلاديمير بوتين – لتقديم الدعم في تنفيذ دوريات شوارع مشتركة بين قوات شيشانية مع وكالات إنفاذ القانون السورية، مذكرا بأن عناصر الشرطة الشيشانية قد قاموا سابقا بتأمين النظام في بعض أجزاء سوريا وحماية

كما أشار قديروف أيضا “إلى استعداد الشيشان لإرسال مدربين من الجامعة الروسية للقوات الخاصة في غروزني لنقل الخبرة والمعرفة الفريدة إلى ضباط الشرطة السورية”.

وشدد قديروف على أن “أي تواجد روسي في سوريا سيحقق أهداف استقرار وأمن الشعب”، مضيفا أن للقوات الروسية تجارب متكررة في دعم السكان، تشمل المساعدة في حل المشاكل الإنسانية ومساعدة ضحايا الزلزال، وأن “هذه التجربة مفيدة للغاية في عملية إعادة إعمار البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد”.

زعيم المعارضة الألمانية يدعو لوقف استقبال اللاجئين من سوريا

دعا فريدريش ميرتس المرشح لمنصب مستشار ألمانيا من التحالف المحافظ المعارض للاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، “إلى عدم استقبال مزيد من اللاجئين من سوريا في البلاد”.

وقال ميرتس في حديث لقناة ARD التلفزيونية، “إنه بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا “منذ حوالي أسبوع قد تغير الوضع، وعلينا الاستمرار في مراقبته، لكن على أي حال سيكون من الصواب عدم قبول المزيد من اللاجئين من سوريا”.

واعتبر ميرتس، “أنه يتعين على السلطات الألمانية أيضا تسهيل عودة السوريين الذين لم يتمكنوا من العثور على عمل في ألمانيا، إلى وطنهم”.

وقال: “ثلثا (الوافدين من سوريا) لا يعملون، والغالبية العظمى منهم من الشباب، ويريد الكثير منهم العودة، وعليهم العودة”.

وأضاف ميرتس، “أنه بين اللاجئين السوريين في ألمانيا كثير ممن “لا يريدون الاندماج”، ويجب على سلطات البلاد “التحدث معهم بصراحة” والإعلان أنه “ليس لهم مكان على المدى الطويل” في ألمانيا، مشيرا إلى أن الأحداث الجارية في سوريا قد تمثل “فرصة لعودة هؤلاء اللاجئين” إلى بلدهم”.

من جانبها، اعتبرت أليس فايدل المرشحة للمستشارية عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، أن “على الحكومة الألمانية تقديم خطة لترحيل اللاجئين السوريين إلى وطنهم في أسرع وقت ممكن”.

وبحسب وزارة الداخلية الألمانية، فإنه “يعيش حاليا في ألمانيا أكثر من 974 ألف شخص من أصل سوري”.

وأفادت وكالة التوظيف الفيدرالية “بأن 230 ألف سوري لديهم وظائف، بينهم حوالي 6 آلاف طبيب، أي 1.4% من إجمالي عدد العاملين في المجال الطبي في ألمانيا (حوالي 430 ألف شخص)”.

هولندا تضع شروطها لدعم دمشق

أعلن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، “أن إغلاق قواعد روسيا في سوريا سيكون ضمن الشروط الأوروبية لدعم دمشق”.

وأشار فيلدكامب إلى أن “رفع العقوبات عن سوريا سيكون مرتبطا بإطلاق مسار سياسي وضمان حقوق الأقليات”، لافتا إلى أنه “من السابق لأوانه رفع هيئة تحرير الشام من قوائم العقوبات الأوروبية”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: ألمانيا رمضان قديروف سوريا حرة هولندا هیئة تحریر الشام فی ألمانیا فی سوریا من سوریا

إقرأ أيضاً:

لا تكرروا في سوريا أخطاء أفغانستان

ديلاني سيمون - جرايم سميث - جيروم دريفون

لا يملك قادة سوريا الجدد سوى نماذج قليلة يحتذون بها في سعيهم إلى الفوز بالاعتراف الدولي. فلا توجد إرشادات حول كيفية إدارة حكومة للجماعات المصنفة بالإرهابية ــ ولا توجد مجموعة واضحة من القواعد للحكومات الأجنبية حول كيفية إخراج فرع سابق لتنظيم القاعدة من عزلته. ولكن هيئة تحرير الشام، الجماعة التي أطاحت ببشار الأسد في أوائل ديسمبر، والحكومات الخارجية على حد سواء، يمكنها أن تتعلم من الأحداث السيئة السابقة: عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في عام 2021.

بعد استيلاء طالبان على كابول، ترنحت أفغانستان تحت وطأة العقوبات وغيرها من أشكال العزلة الاقتصادية والدبلوماسية. وفشلت الحكومات الأخرى في التصرف بالسرعة والجرأة الكافيتين لتخفيف أزمة الفقر في البلاد، وتُركت العقوبات الاقتصادية كما هي، والتي لم يكن لها تأثير على نظام طالبان ولكنها دفعت بالأفغان إلى المجاعة. ورفضت معظم البلدان التفاوض مع طالبان بطريقة قد تعزز حقوق المرأة وغيرها من المعايير الدولية، واختارت بدلًا من ذلك الانتظار لترى ما إذا كان قادة أفغانستان الجدد سيفعلون ذلك بمفردهم. ووجه هذا التردد في التعامل مع طالبان ضربة للجناح البراجماتي للحركة، مما أدى إلى تمكين طالبان خلال الأشهر الأولى.

انخرط المسؤولون الدوليون مع هيئة تحرير الشام بشكل أعمق في الشهر الماضي مقارنة بما فعلوه مع طالبان بعد سقوط كابول. شجعت هيئة تحرير الشام هذا التواصل من قبل المسؤولين الأجانب من خلال إظهار المرونة السياسية والأيديولوجية، التي تميز المجموعة عن طالبان. ومع ذلك، من المؤسف أن الجهات الخارجية تبدو على استعداد لارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبتها في أفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة.

خلال عملية الانتقال السياسي، يمكن لكل خطوة أن تغير مسار التاريخ. ويبدو أن المسؤولين الغربيين متحمسون لاحتمال قيام سوريا جديدة، وهم محقون في ذلك. ولكن في غياب الإجراءات التي تسمح لسوريا بإعادة بناء وتنشيط اقتصادها بعد سنوات من الحرب، فقد تعاني البلاد من المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، وهو ما لا يريده الغرب ولا السوريون. يتعين على الولايات المتحدة وشركائها أن يتحركوا بسرعة لتخفيف التأثيرات القاسية للعقوبات على سوريا في محاولتها للتعافي. كما يتعين عليهم إرساء مسار واضح نحو رفع العقوبات والاعتراف الدبلوماسي بهيئة تحرير الشام في مقابل الإجراءات والالتزامات من جانب القادة الجدد في سوريا. وإذا ما تباطأ الغرب، فقد يدفع البلاد نحو الانهيار ويبدد الفرصة بمواصلة المسار الصحيح.

يصعب تحديد مدى تأثير الإجراءات الخارجية على أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، حيث تختلط آثار السياسات الدولية مع سوء حكم طالبان. يتضح من التاريخ الحديث لأفغانستان درسان مهمان للحالة السورية.

الأول: تحركت القوى الدولية ببطء شديد للتخفيف من المعاناة الإنسانية، الناتجة عن العقوبات والقيود الاقتصادية، مثل العقوبات المفروضة منذ تسعينيات القرن الماضي والتي تصاعدت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. هذه التدابير، التي كانت تستهدف طالبان، أثرت سلبًا على الاقتصاد الأفغاني بعد سيطرة طالبان على الحكم، مما أدى إلى انهيار العملة المحلية، وتعطل سلاسل التوريد، وتجمد احتياطيات البنك المركزي. بالنسبة للأفغان، بدت هذه السياسات كعمل انتقامي من القوى الأجنبية بعد انسحابها.

بعد ستة أشهر من سقوط كابول واقتراب المجاعة، بدأت الحكومات الأجنبية بتخفيف العقوبات تدريجيًا استجابةً لحجم الكارثة. منحت واشنطن إعفاءات كبيرة للعقوبات، وأرسلت الأمم المتحدة شحنات نقدية لدعم الاستقرار النقدي وتمويل الإغاثة. ومع ذلك، ظل المستثمرون مترددين بسبب غياب الوضوح حول الإعفاءات وخوفهم من خرق قوانين مكافحة الإرهاب في بلدان أخرى.

الدرس الثاني يتجلى في فشل الغرب بتقديم إطار واضح لطالبان بشأن الاعتراف الدبلوماسي ورفع العقوبات. ورغم اتخاذ خطوات محدودة لتحسين الوضع الاقتصادي، بقيت المشاركة الدولية مقيدة بسبب مخاوف الغرب من إضفاء الشرعية على حكومة طالبان. المطالب الغربية كانت مبهمة، مثل: احترام حقوق المرأة وتشكيل حكومة «شاملة»، وهي شروط غامضة تتكرر الآن في مناقشات حول مستقبل سوريا.

يتحمل قادة طالبان المسؤولية الأكبر عن وضع أفغانستان، نتيجة إصرارهم على سياسات تنتهك حقوق النساء والفتيات، مما جعل حكومتهم سامةً سياسيًا. فشل المعتدلون داخل الحركة في تغيير هذا النهج بسبب غياب حوافز واضحة من المجتمع الدولي لتبني سياسات أكثر انفتاحًا.

في يونيو 2023، أوحى منسق الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو لمسؤولي طالبان بأن السماح بتعليم الفتيات من جميع الأعمار قد يفتح الباب لتمثيل أفغانستان في الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم تقدم الأمم المتحدة عرضًا واضحًا، واكتفى تقرير سينيرلي أوغلو بعرض مطالب واسعة مقابل وعود غامضة بالتطبيع. يرفض بعض الدبلوماسيين المساومة مع طالبان، معتبرين حقوق النساء غير قابلة للتفاوض، لكن هذا النهج لم يُختبر بشكل كافٍ. في ظل غياب التزام جاد من الدول الغربية، أصبحت طالبان تشكك في إمكانية تحقيق الشرعية الدولية.

على غرار طالبان، ينتمي قادة سوريا الجدد، ممثلين بهيئة تحرير الشام، إلى حركة إسلامية متشددة. مع ذلك، تختلف هيئة تحرير الشام عن طالبان في عدة جوانب. فقادة طالبان، ذوو التعليم الديني التقليدي، يعارضون التأثيرات الخارجية، بينما قادة الهيئة، المتخرجون من الجامعات والمدن السورية الحديثة، يسعون لتعزيز الروابط العالمية.

اتبعت الهيئة نهجًا متشدّدًا ضد حراس الدين، المرتبطة بالقاعدة، وقمعت بشدة أعضاء داعش في سوريا، مع تعهدها المستمر بمحاربة داعش في شرق البلاد.

تميزت تجربة هيئة تحرير الشام، بسنوات من القتال ضد عدوين تقليديين للغرب: نظام الأسد وروسيا، ما جعل انتصارهم مختلفًا عن طالبان، التي مثلت هزيمتها خسارة أمريكية. وبينما تحافظ الهيئة على توازن دقيق لتجنب استفزاز روسيا، مما يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا، استضافت سلطات دمشق الجديدة وزير خارجية أوكرانيا مؤخرًا، متعهدة بتعزيز العلاقات مع كييف. أما علاقتها مع إيران، فهي أكثر عداءً، حيث تلقي الهيئة باللوم على طهران في زعزعة استقرار سوريا. كما أكدت الهيئة أنها لن تهدد جيران سوريا، في إشارة واضحة إلى إسرائيل، أقرب حليف إقليمي للولايات المتحدة.

يتمتع قادة سوريا الجدد بسجل حكم أكثر اعتدالًا مقارنةً بطالبان. فمنذ سيطرتها على إدلب عام 2017، حافظت هيئة تحرير الشام على بعض القيود الدينية، مثل إسكات أجراس الكنائس، ولم تضم نساء في قيادتها أو هيئاتها التشريعية. ومع ذلك، جمدت الهيئة مؤخرًا لوائح مقترحة لفرض قواعد إسلامية في الأماكن العامة مثل المطاعم والمقاهي. وتمكنت هيئة تحرير الشام من تهميش أكثر شيوخها تطرفًا. كما تفخر الجماعة بتعزيز تعليم الفتيات من جميع الأعمار، وإن كان ذلك عبر فصول دراسية منفصلة حسب الجنس.

منذ استيلائهم على دمشق، تبنت هيئة تحرير الشام نبرة تصالحية، متعهدة باحترام حقوق الأقليات الدينية مثل المسيحيين والعلويين، وضمان حق الجميع في الاحتجاج السلمي. كما التزمت بحل نفسها ودمجها في الهياكل الحكومية، وعيّنت نساء في مناصب قيادية، مثل إدارة شؤون المرأة ورئاسة البنك المركزي السوري. رغم خطابها المعتدل، تواجه الهيئة شكوكًا دوليةً؛ نظرًا لتاريخها السابق والتساؤلات حول قدرتها على حكم دولة بحجم سوريا. ومع ذلك، يبدو قادة الهيئة أكثر حرصًا من طالبان على استمالة الغرب، مدركين أن إعادة الإعمار والتنمية تتطلب دعمه وتخفيف العقوبات. نجاحهم في الحكم بانفتاح مماثل لما أبدوه في البداية قد يعزز الثقة الدولية.

رغم رسائل هيئة تحرير الشام التصالحية، فإنها تواجه صعوبات أكبر من طالبان في تجاوز العقوبات الدولية. ما زالت الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وتركيا، ودول أخرى تصنفها كجماعة إرهابية. ومنذ 2014، اعتبرتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية، وهو تصنيف يحمل تداعيات قاسية، مثل حظر أي دعم مادي للجماعة وفرض عقوبات صارمة تصل إلى غرامات ضخمة والسجن على المخالفين.

وجود هيئة تحرير الشام كحكومة جديدة في سوريا يجعل التعاملات داخل البلاد محفوفة بالمخاطر القانونية، مما يعيق جهود الإغاثة، والاستثمار، وحتى العمل الدبلوماسي. وحتى لو حُلت الهيئة، فإن تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية لن يُلغى تلقائيًا، مما يعقد مستقبلها السياسي والدولي.

إلى جانب القيود المفروضة على هيئة تحرير الشام، فإن القادة الجدد في سوريا سيرثون العقوبات المعقدة المفروضة على الدولة نفسها. فقد صنفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب في 1979، وشددت العقوبات في بداية هذا القرن. مع قمع الحكومة السورية العنيف للانتفاضة الشعبية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى قيودًا اقتصادية لا تزال سارية حتى اليوم. تشمل هذه العقوبات قطاعات حيوية مثل: الطاقة والمصارف والاتصالات، بالإضافة إلى قيود على استيراد معظم السلع الأمريكية والبضائع من دول أخرى تحتوي على مكونات أمريكية. كما تحظر القوانين تعامل الشركات غير الأمريكية مع الشركات السورية، مما يؤدي إلى حظر تجاري شبه كامل نتيجة لهذه القيود التشريعية المعقدة.

قبل سقوط دمشق في ديسمبر، أسهمت العقوبات - إلى جانب عوامل أخرى مثل سوء إدارة نظام الأسد - في انهيار الاقتصاد السوري وأزمة إنسانية تركت 70٪ من سكان سوريا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمياه وغيرها من الضروريات. مثل هذه المشكلات سوف تستمر طالما ظلت القيود الاقتصادية الواسعة النطاق قائمة ــ وقد فقدت العديد من العقوبات أهميتها على أية حال؛ لأنها استهدفت نظام الأسد المنحل الآن. وفي غياب تخفيف العقوبات، سوف تتفاقم حالة الفقر والعقبات أمام تسليم المساعدات في سوريا لأن الحكومة الجديدة تخضع لسيطرة جماعة مصنفة إرهابية.

العزلة المفروضة على هيئة تحرير الشام والدولة السورية قد تخلق أزمة أكبر من تلك التي شهدتها أفغانستان إذا لم يتم التعامل معها بسرعة. فقد أسفرت سلسلة المعارك التي أدت إلى الإطاحة بالأسد عن نزوح حوالي 900 ألف سوري في الأشهر الأخيرة من عام 2024، مع توقعات الأمم المتحدة بأن يحتاج 33 مليون سوري إلى المساعدة في العام المقبل. ومع أن المساعدات الإنسانية قد تصل إلى سوريا بسرعة، فإنها لا تكفي لإعادة بناء البلاد التي تحتاج إلى دعم اقتصادي طويل الأمد، وهو ما يعوقه تصنيف الولايات المتحدة لسوريا كدولة راعية للإرهاب، مما يمنع مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من تقديم المساعدة. إضافة إلى ذلك، فإن بقاء هيئة تحرير الشام على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية يعرض أي خبير يقدم المشورة للنظام الجديد للمخاطر القانونية في الولايات المتحدة.

سوف يتطلب التعافي الاقتصادي أيضًا استئنافًا سريعًا لنشاط القطاع الخاص والتجارة الدولية، التي انكمش نشاطها بنحو 80% في الفترة من 2010 إلى 2022. ولكن العديد من البلدان تحظر على مواطنيها ممارسة الأعمال التجارية مع سوريا. وطالما ظل البنك المركزي السوري خاضعًا للعقوبات، فإن مؤسساته المالية سوف تظل مغلقة أمام العالم.

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، طرح المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون العديد من المتطلبات على هيئة تحرير الشام، مثل المطالبة باتخاذ إجراءات ضد التشدد العابر للحدود الوطنية، وتشكيل حكومة أكثر شمولًا، ودعم حقوق المرأة والأقليات، وإغلاق القواعد الروسية، وعقد انتخابات حرة ونزيهة. لكن لم يوضح أحد على وجه التحديد ما الذي سيقدمه العالم للمتمردين السابقين في المقابل أو كيف ينبغي لهيئة تحرير الشام إعطاء الأولوية لقائمة المطالب. على العكس من ذلك، فإن صناع السياسات يؤجلون الأمر إلى وقت لاحق.

في غياب تحرك حاسم من القوى الدولية، فإن سوريا مهددة بالانزلاق إلى أزمة أكبر مماثلة لتلك التي شهدتها أفغانستان. ولتفادي هذا المصير، يجب على الحكومات الأجنبية أن تتخذ خطوات فورية لرفع العقوبات التي تدفع البلاد نحو أزمة اقتصادية وإنسانية أعمق، وأن تصدر إعفاءات واسعة للسماح بعودة النشاط الاقتصادي والتجاري.

في الأسابيع المقبلة، يجب على الحكومات الأجنبية تنسيق جهودها لوضع مطالب واضحة وواقعية ومحددة زمنيًا أمام قادة سوريا الجدد مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على الإرهاب والقيود الاقتصادية الأخرى على نظام الأسد. إذا حددت هذه الحكومات معايير قابلة للتحقيق يمكن للقادة الجدد الوفاء بها، فقد تتمكن من الحصول على تنازلات ملموسة من هيئة تحرير الشام، مثل الالتزام بالحكم الرشيد وضمانات بعدم تهديد الدولة السورية والمجموعات الأخرى في الخارج.

مقالات مشابهة

  • الشيباني: لا يوجد حاجة لعودة اللاجئين السوريين من ألمانيا بشكل سريع
  • وزير خارجية سوريا: لا حاجة لعودة اللاجئين بسرعة من ألمانيا
  • شروط مصر لتطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة
  • والي الخرطوم يدعو لنقل اللاجئين خارج العاصمة ويتهم بعضهم بالانضمام للدعم السريع
  • الدفاع الروسية: تحرير بلدتين والتصدي لهجوم أوكراني على بريانسك
  • لا تكرروا في سوريا أخطاء أفغانستان
  • 6 دول أوروبية تدعو لتعليق العقوبات عن سوريا وهيئة تحرير الشام بهذه الشروط
  • 6 دول أوروبية تدعو لتعليق العقوبات عن سوريا وهيئة تحرير الشام.. بشروط
  • الإطار يدعو إلى الحفاظ على الجاهزية الأمنية “لمواجهة مخاطر جبهة تحرير الشام”
  • دعوة عربية لرفع العقوبات عن سوريا.. وإصرار مصري على محاربة الإرهاب