المحلل السياسي هال براندز: 5 سيناريوهات منتظرة لسياسة ترامب الخارجية !
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
واشنطن"د. ب.أ": منذ إعلان فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية مجددا وقضية السياسة الخارجية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية تفرض نفسها على دوائر صناعة القرار والفكر السياسي والاقتصادي في أغلب دول العالم.
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة على هذه الدوائر هو كيف سكون العالم ومكانة الولايات المتحدة فيه بعد أربع سنوات جديدة من حكم ترامب الذي يستعد لتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل.
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء تحت عنوان "5 سيناريوهات لسياسة ترامب الخارجية" قال هال براندز أستاذ كرسي هنري كيسنجر في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية إن تقلبات ترامب حقيقية، رغم المبالغة في تصويره كشخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. ففي حين حقق ترامب تحولات سياسية مذهلة في ولايته الأولى، سواء بالانسحاب من معاهدات دولية رئيسية مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، أو بالتهديد بالانسحاب من معاهدات كانت تشكل حجر الزاوية في السياسة الأمريكية بما في ذلك معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لكن.الأمر مختلف هذه المرة حيث يدخل ترامب البيت الأبيض والعالم مليء بالحروب الساخنة والباردة والمحتملة، لدرجة أنه يمكن القول إنه يدخل مشهدا أكثر قبحا وخطورة مما شهده أي رئيس أمريكي منذ عقود.
ويمكن القول إن ترامب نفسه قد لا يعرف على وجه الدقة كيف سيتعامل مع كل هذه الفوضى. لكن براندز عضو مجلس سياسة الشؤون الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يرى أن هناك خمسة سيناريوهات رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب تستحق النظر فيها، وعناوينها هي التجديد والرفض والانشقاق وإعادة الضبط والارتباك.
ففي السيناريو الأول تعهد ترامب بتجديد تاريخي لأمريكا وجعلها قوة عظمى أذكى وأشد صرامة تستطيع الانتصار على كل الجبهات، في المقابل يحذر المنتقدون من أن يختار ترامب الرفض وربما الانشقاق عنوانا للسياسة الخارجية الأمريكية، فيتخلى عن الزعامة الأمريكية للعالم ويتعاون مع الدول المستبدة التي تهاجم العالم الذي تقوده الولايات المتحدة. وهناك سيناريوهان أقل تطرفا، الأول أن يتمكن ترامب من إعادة ضبط الاستراتيجية الأمريكية بطريقة فوضوية لكنها مثمرة، والثاني أن يؤدي الارتباك الشامل إلى إضعاف الولايات المتحدة وخلق حالة فوضى عالمية أكبر.
وفي حين سيتمنى أي شخص حريص على ازدهار العالم الديمقراطي السيناريوهات الأفضل، فإن أي شخص على دراية بترامب يدرك صعوبة استبعاد السيناريوهات الأسوأ.
ويرى هال براندز أن ترامب ليس ذلك الشخص الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته كما يعتقد الكثير من المحللين، وإنما على العكس فأفكار ترامب الأساسية واضحة وهي أن كل شيء قابل للبيع والشراء، وأن اتفاقيات التجارة والتحالفات الأمريكية صفقات رديئة؛ والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان مبالغ فيها، وهي أفكار تعود إلى عقود من الزمان. وخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، أعلن ترامب نيته رفع التعريفات الجمركية، والدفع نحو السلام في أوكرانيا، والضغط على الحلفاء فيما يتصل بالإنفاق الدفاعي.
ثاني سيناريوهات سياسة ترامب الخارجية يتمثل في إمكانية رفض النظام العالمي. وإذا كان ترامب قد تعهد بتجديد القوة الأمريكية، فإن منتقديه يخشون من رفضه للنظام العالمي القائم. وفي هذا السيناريو قد يخرج ترامب من حلف الناتو ويسحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية، ويخرج من اتفاقيات التجارة الدولية الحالية أو يفرض رسوما عالية على الواردات الأمريكية بما يجعل هذه الاتفاقيات بلا معنى. كما يمكن أن يوقف دعم أوكرانيا، وبالطبع سيتوقف عن دعم قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.
هذا السيناريو متطرف، لكنه ليس مستحيلا. فمن بعض النواحي، يتطلب ببساطة تصديق ما يقوله ترامب. فقد ندد الرئيس المنتخب لفترة طويلة بالتحالفات الأمريكية؛ و كتب ذات مرة أن اتفاقيات التجارة الدولية "سيئة".
وفي سيناريو الثالث وهو الانشقاق أو الارتداد، قد يضغط ترامب على كييف للقبول باتفاق سلام يعطي روسيا سيطرة على أراض أوكرانية. وقد يتخلى عن تايوان برفض الدفاع عنها في حال نشوب أزمة من الصين، مقابل الحصول على تنازلات اقتصادية من جانب الأخيرة. وكجزء من تبني استراتيجية "فرق تسد" في أوروبا، فقد يتقارب ترامب مع فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر وغيره من الحكام الشعبويين غير الليبراليين في القارة الأوروبية.
وسوف يصبح ترامب، كما كان من قبل، نموذجا يحتذى به للزعماء الذين يحاكون تكتيكاته المناهضة للديمقراطية. وإذا فعل ولو نصف الأشياء التي هدد بفعلها، مثل إغلاق المنافذ الإعلامية المناوئة، وسجن المعارضين السياسيين، ونشر الجيش ضد التهديدات المحلية، فسيلحق ضررا بالغا بالمؤسسات التي تؤكد القوة الناعمة الأمريكية ودعمها للديمقراطية في العالم.
وعلى الرغم من بعض الكوارث التي حدثت بعد الانتخابات، فإن الولايات المتحدة لن تتحول إلى دولة استبدادية كاملة خلال السنوات الأربع التي سيقضيها ترامب في منصبه. ولكنها قد تتحول إلى قوة عظمى ذات ميول غير ليبرالية متزايدة في الداخل والخارج.
ثم يأتي السيناريو الرابع وهو إعادة ضبط السياسة الأمريكية. ولآن السيناريوهات الثلاثة السابقة دراماتيكية أو حتى ثورية، ولآن لحسن الحظ أو سوئه صعبة الحدوث فربما يحاول ترامب إعادة ضبط أو معايرة السياسة الأمريكية بدلا من تدميرها أو إصلاحها.
وربما يمكن القول إن ترامب حاول في رئاسته الأولى إعادة ضبط اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث انتقل من محاولة التشارك مع الصين إلى المواجهة، حتى وهو يحاول الوصول إلى صفقة كبرى خيالية معها. كما تخلى عن السياسة الأمريكية الرامية إلى تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الشرق الأوسط وركز على تطييع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية مع تجاهل القضية الفلسطينية. وركز على الأمن الاقتصادي وأثار قلق حلفاء واشنطن بحديثه المتكرر عن إمكانية التوقف عن توفير الحماية لهم.
كانت كل هذه التغييرات فوضوية. وكلها غيرت استراتيجية الولايات المتحدة بطرق مثمرة.
ثم يأتي السيناريو الخامس الأخير وهو الارتباك، فيكون لدينا ارتباك شامل يؤدي إلى الشلل. وإذا كان ترامب يحيط ترامب نفسه بالموالين لها حتى أن مارك روبيو المرشح وزيرا للخارجية ومايك والتز، المرشح مستشارا للأمن القومي، غيرا وجهات نظرهما بشأن أوكرانيا لكي تتفق مع وجهة نظر ترامب، وهذا لا يعني أن الولاية الثانية ستكون سلسة. والمصادر المحتملة للدراما كثيرة. سوف ينقسم مستشارو ترامب حول قضايا رئيسية: وسيصطدم الصقور تجاه إيران مثل روبيو ووالتز سوف بالمعسكر الذي يقول "لا مزيد من الحروب" مثل تولسي جابارد، التي تم اختيارها لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخارجیة الأمریکیة السیاسة الأمریکیة الولایات المتحدة إعادة ضبط
إقرأ أيضاً:
مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
كشفت مراسلة الجزيرة في موسكو رانيا دريدي عن الفندق الذي أقام فيه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأفراد أسرته، في الأيام الأولى لهروبه من سوريا، مؤكدة أن لا أحد يعرف مكانه حاليا.
ومن أمام فندق "فور سيزن/ الفصول الأربعة" الواقع قرب الساحة الحمراء في موسكو، قالت رانيا إن الأسد وعائلته كانوا قد نزلوا بهذا الفندق في الأيام الأولى من هروبهم، وإن أحد أبناء الجالية السورية التقى صدفة في بهو الفندق بزوجة بشار، أسماء وابنها وابنتها، وكانوا تحت حماية أمنية مشددة.
وحسب مراسلة الجزيرة، فإنه بعد أن ترك الأسد وأسرته الفندق، فإن مكان إقامتهم الحالي ما زال مجهولا، مشيرة -أي المراسلة- إلى أن معلومات تداولتها العديد من الصحف والمواقع الروسية تؤكد أن الرئيس المخلوع اقتنى مع عائلته عددا من العقارات في موسكو وفي المراكز الإستراتيجية المهمة، من بينها المركز التجاري والسكني "موسكو سيتي"، مشيرة إلى أن هذه العقارات تقدر بملايين الدولارات.
وحول موضوع الأموال التي بحوزة الرئيس المخلوع، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن تحليل سجلات مصرفية أن نظام الأسد نقل حوالي 250 مليون دولار نقدا إلى موسكو بين عامي 2018 و2019، بينما كانت عائلته تشتري سرا أصولا في روسيا.
إعلانوقالت فايننشال تايمز إن الأموال المنقولة إلى موسكو تم تسليمها إلى البنك الروسي للمؤسسة المالية، وإن كبار مساعدي الأسد واصلوا نقل الأصول إلى روسيا رغم العقوبات الغربية.
وفي سياق متصل، قالت رانيا دريدي إن مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين رفض التعليق على موضوع الحماية الروسية للرئيس السوري المخلوع وأفراد أسرته، بعد هروبهم من سوريا.
ولم يقدم المسؤول الروسي أي معلومات حول ما إذا كانت السلطات الروسية قد وفرت أم لم توفر الحماية للأسد وعائلته.
وأقرت السلطات الروسية على لسان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي -خلال مقابلة سابقة أجرتها معه شبكة "إن بي سي" الأميركية- بأن بشار بضيافة روسيا، في أول تأكيد حكومي روسي لذلك.
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد منح اللجوء لبشار بعد وصوله إلى موسكو هاربا من سوريا، وقال إنه فعل ذلك لدواع إنسانية، وتقول مراسلة الجزيرة إنه بالنسبة لبوتين فقد أصبح الأسد خارج المعادلة السياسية، ولذلك لم يمنحه اللجوء السياسي.
إجلاء ومباحثاتومن جهة أخرى، أشارت المراسلة إلى شح المعلومات بشأن عملية إجلاء موظفي البعثات الخارجية الروسية لدى دمشق، وقالت إنه تم الإعلان عن إجلاء عدد من هؤلاء، بالإضافة إلى إجلاء موظفي البعثات الدبلوماسية التابعة لبيلاروسيا وكوريا الشمالية وأبخازيا من سوريا.
وكانت السلطات الروسية قد أكدت أن سفارتها في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي، وتزامن ذلك مع تصريحات لميخائيل بغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط بشأن تعويل موسكو على استمرار عقد اجتماعات مع تركيا وإيران لبحث تطورات الملف السوري، واصفا الاجتماعات بالمهمة وأن موسكو مهتمة بها.
وفي وقت سابق أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو تقوم حاليا بعقد مشاورات وحوارات ومفاوضات مع ممثلي السلطات الجديدة في سوريا، بشأن مستقبل العلاقات الروسية السورية، ووجود القواعد العسكرية الروسية في سوريا.
إعلان"وهي مسألة مهمة وحساسة بالنسبة لموسكو"، كما تقول مراسلة الجزيرة، والتي أكدت أن موسكو "تسعى للحفاظ على القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس".