كيف تستفيد الفلبيين من العمل المصرفي الإسلامي؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
تُسارع دول العالم للاستفادة من الأنظمة المصرفية الإسلامية في عمليات الإيداع والبيع والشراء؛ حيث سبقت عدة دول أجنبية بعض الدول الإسلامية بالعمل في الصيرفة الإسلامية، وتُعد جمهورية الفلبين إحدى هذه الدول التي يَرجِع تاريخ إنشاء أول مصرف إسلامي بها إلى عام 1973، عندما أصدر الرئيس فرديناند ماركوس حينها مرسومًا رئاسيًا بإنشاء أول بنك إسلامي برأس مال مبدئي قدره 100 مليون بيسو، وذلك لتقديم الخدمات المالية إلى عدة محافظات فلبينية تتواجد فيها أعداد كبيرة من السكان المُسلمين.
اليوم تدرس الحكومة الفلبينية إصدار سندات صكوك إسلامية كجزء من استراتيجيتها التمويلية لعام 2025؛ مما يشير إلى استمرار العمل بتوسيع التمويل الإسلامي في البلاد. وتُشير بيانات دراسة حديثة أجراها بنك التنمية الآسيوي، أنها وجدت اهتمامًا قويًا بالمنتجات المصرفية الإسلامية في الفلبين؛ حيث أظهرت بيانات الاستطلاع الذي شمل 450 فردًا و50 من قادة الأعمال، أن 86% من المُستجِيبين في الاستفتاء كانوا مُنفتحين على استخدام حسابات التوفير الإسلامية، فيما أعرب العديد منهم عن اهتمامهم القوي لمثل هذه المنتجات. وتُظهر البيانات أنَّ هناك اهتمامًا متزايدًا من اللاعبين الأجانب الذين يتطلعون إلى إنشاء عمليات مصرفية إسلامية في الفلبين وخارجها نظراً لإقبال الجماهير على التعامل في الأنظمة المصرفية الإسلامية.
ووفقًا للمسؤولة عريفة علاء مُساعِدة المُحافظ للرقابة المالية في بنك "بانجكو سنترال نغ بيليبيناس" (BSP)، فإنَّ سندات الصكوك التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية والتي تتجنب المعاملات القائمة على الفائدة تكسب اليوم اهتمامًا عالميًا كأداة استثمارية بديلة في الفلبين. في حين لم يتم تحديد مبلغ مُحدد لإصدار الصكوك، إلّا أنَّ المناقشات جارية للحكومة الفلبينية للاستفادة من هذه السوق خلال العام وإصدارها في عام 2025، مع إمكانية إصدار سندات مقومة بالبيزو بالإضافة إلى العروض الدولية.
من جانبه، يعمل بنك "بانجكو سنترال نغ بيليبيناس" على دمج التمويل الإسلامي في القطاع المصرفي الأوسع، مع التركيز على تحسين الشمول المالي وتحفيز النمو الاقتصادي. فمنذ افتتاح أول بنك إسلامي في البلاد، قطع البنك المركزي خطوات واسعة في تعزيز بيئة داعمة للخدمات المصرفية الإسلامية وفق البيانات التي تتلقاها من المصارف العاملة في الفلبين.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تحقق فيه الفلبين إنجازاً اقتصاديًا ملحوظًا وفق بيانات عام 2023، حيث تصدرت اقتصادياً دول جنوب شرق آسيا بنسبة نمو بلغت 5.6%، فيما تعمل الحكومة إلى رفع سقف التوقعات لكي تتراوح النسبة ما بين 6% و7% خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي يبشر بمستقبل واعد للاقتصاد الفلبيني، ويؤكد مرونته وقدرته على مواجهة التحديات العالمية.
وتتمتع الفلبين اليوم بوجود اثنين من المصارف الاسلامية يعملان لديها بكامل طاقاتهما في هذا الشأن، فيما يسمح الإطار التنظيمي للبلاد للخدمات المصرفية الإسلامية بإنشاء منتجات وخدمات مالية جديدة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مما يجذب انتباه المستثمرين على مستوى العالم.
ولا شك أن نمو الخدمات المصرفية الاسلامية في الفلبين، سوف يشهد المزيد من التطورات في وجود العديد من العمالة الفلبينية العاملة في عدد كبير من الدول الاسلامية والعربية، وخاصة في منطقتنا الخليجية؛ الأمر الذي يساعد المؤسسات المصرفية الاسلامية في جذب هؤلاء العملاء وتعزيز ادخارتهم وودائعهم في مثل هذه المؤسسات التي تتواجد لدينا في المندن الخليجية، بجانب تحسين أعمال القطاعات الاقتصادية في الفلبين أيضا، ومنها قطاع الخدمات المالية الذي نما في عام 2023 بنسبة 9%؛ حيث من المتوقع أن تدفع هذه التطورات إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد إلى تحقيق مزيد من الإنجازات الاقتصادية.
إنَّ النمو الاقتصادي الذي يتحقق في الفلبين اليوم يحصل بسبب عودة الحياة إلى طبيعتها واستئناف الأنشطة التجارية على نطاق واسع بعد سنوات شهد فيها العالم مشاكل مالية ومصرفية وعقارية بجانب وباء "كوفيد-19"؛ الأمر الذي يساعد على ضخ مزيد من الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية العامة، إضافة إلى تعزيز الازدهار المتسارع للخدمات المالية الرقمية في العالم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة اليوم.. نوح العيسوي: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. والعمل التطوعي يقوي التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.. فيديو
خطبة الجمعة اليوم
خطيب الأوقاف يؤكد:
سيرة النبي مليئة بالرفق والتيسير والإسلام برئ من التشدد
العمل التطوعي يقوي التماسك والترابط بين أفراد المجتمع
الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير
قال الدكتور نوح العيسوي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الدين الإسلامي الحنيف، هو دين الوسطية والاعتدال، ومن أجل ما تميزت به الشريعة الإسلامية، هو الرفق والسهولة والتيسير، فلا ترى فيها حرجا ولا مشقة ولا عسر ولا شدة.
وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة اليوم، من مسجد السلام بالسنطة محافظة الغربية، أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ويقول تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
كما يبين النبي الكريم، يسر الدين وسماحته وينهى عن التشدد والمبالغة فيه، فيقول النبي (إن الدين يسر ولن يشاد أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة).
وأشار إلى أن المشادة في الدين أن يضيق الإنسان واسعا أو أن يحرم الإنسان مباحا أو أن يوجب الإنسان ما ليس بواجب، فهذه هي المشادة في الدين.
وذكر خطيب الأوقاف، أن من يسر الإسلام وسماحته أن الله تعالى لم يكلف أحدا من عبادته فوق طاقته، فيقول تعالى ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ويقول تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
وأكد أن التيسير منهج رباني، حدد النبي معالمه وأرسى قواعده بعيدا عن التشدد والعنت والتكلف والتطرف، فقال النبي (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق) أي إن هذا الدين قوي وشديد فسيروا فيه برفق ولين دون عنت أو تشدد أو تكلف أو تطرف أو غلو، ولا تحملوا أنفسكم مالا تطيقون فتعجزوا عن العبادة والعمل.
وقال الدكتور نوح العيسوي، من علماء وزارة الأوقاف، إنه لو تأملنا وتتبعنا سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا أنها مليئة بالتيسير والرفق لتؤكد أن الإسلام برئ من الغلو والتطرف والتشدد والتكلف في الدين.
وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة اليوم، من مسجد السلام بالسنطة محافظة الغربية، أن النبي كانت دعوته دعوة التيسير والتخفيف، فعندما سمع أن رجلا يؤم الناس في صلاته، فأطال عليهم، غصب النبي غضبا شديدا وقال (إن منكم منفرين فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة).
وأشار إلى أن التيسير هو منهج الدين الإسلامي، ويدخل النبي المسجد فيجد حبلا ممدودا بين ساريتين (عمودين) فسأل النبي: ما هذا؟ قالوا: هذا حبل للسيدة زينب تصلي فإذا كسلت تعلقت بالحبل فأمسكت به، فقال النبي: لا، حلوه حلوه فليصلي أحدكم نشاطه فإذا كسل أو فتر فليقعد).
وتابع: الإنسان حينما يتعبد لربه فعليه أن يكون في نشاطه فإذا فتر نشاطه أو ضعيف فليستريح حتى يعود إلى نشاطه لأن الإسلام لا يريد من أبنائه أن يتكلفوا أو يغالوا في عبادتهم لله تعالى.
وأكد أن النبي يأمرنا بالأعمال التي نطيق الدوام عليها، ولا نغالي فيها حتى لا يحدث منا تفريط أو ترك للعبادات، فبعض الناس يجتهد في قيام الليل والنوافل، فإذا ما أراد أداء الفريضة شعر بالكسل، فليس هذا هو الدين.
وقال الدكتور نوح العيسوي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الدين الإسلامي الحنيف يحث على التعاون وبذل الخير للغير، بالمشاركة في أعمال الخير التي تدل على التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.
وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة اليوم، من مسجد السلام بالسنطة محافظة الغربية، أن المسلم دائما مفتاح للخير مسارع فيه، لقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
وأشار إلى أن العمل التطوعي هو واجب وطني ونبل أخلاقي وإنساني ومطلب شريف، ينشره المسلم سخي الأخلاق بين أبناء وطنه، حتى يتحقق قول النبي (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وأكد أن العمل التطوعي يسهم بقوة بالتماسك والترابط بين أفراد المجتمع، ولذلك جعله النبي من أفضل الأعمال إلى الله فقال النبي (أحب الأعمال إلى الله، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولئن أمشى مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا).
وتابع: فما أجمل أن يشارك الإنسان في الأعمال التطوعية وأن يساهم فيها، التي تدل على الترابط والتماسك والتكافل بين جميع أفراد المجتمع.