الخرطوم - اتّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في السودان بارتكاب أعمال عنف جنسي واسعة النطاق في جنوب البلاد التي تشهد حربا دامية منذ أكثر من عام ونصف العام.

وأكّدت المنظمة في تقرير نشرته الاثنين 16ديسمبر2024، أن عشرات النساء والفتيات، تراوح أعمارهن بين 7 سنوات و50 عاما، تعرّضن للعنف الجنسي، بما في ذلك اغتصاب جماعي واستعباد جنسي في ولاية جنوب كردفان السودانية.

وتخضع ولاية جنوب كردفان بجزء كبير منها لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وهي مجموعة مسلحة عناصرها إلى حد كبير من الإثنية النوبية وغير ضالعة مباشرة في النزاع الحالي.

منذ نيسان/أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.

وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسبّبت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.

وتواجه قوات الدعم السريع أيضا الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال للسيطرة على المنطقة.

وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، تعرّضت الكثير من الضحايا للاغتصاب الجماعي في منازلهن أو منازل جيرانهن وغالبا أمام عائلاتهن، بينما اختطفت بعضهن واستُعبدن.

وروت امرأة نوبية عمرها 35 عاما أن ستة مقاتلين من قوات الدعم السريع "يرتدون زيا باللون الكاكي اقتحموا مسكن" عائلتها، "وقال أحد الرجال: يا نوبية، اليوم يومك". ثم اغتصبها الرجال جماعيا. وأضافت "حاول زوجي وابني الدفاع عني، فأطلق أحد مقاتلي الدعم السريع النار عليهما وقتلهما. ثم استمروا في اغتصابي، الستة جميعهم" بحسب التقرير.

وقالت امرأة ثانية عمرها 18 عاما إن "مقاتلي قوات الدعم السريع أخذوها في شباط/فبراير مع 17 امرأة وفتاة أخريات من فايو إلى قاعدة عسكرية، حيث احتُجزن مع مجموعة من 33 امرأة وفتاة كن هناك أصلا".

وتابع التقرير "تحت السيطرة الكاملة لخاطفيهن من قوات الدعم السريع، احتُجزت النساء والفتيات في ظروف استعباد، وفي بعض الأحيان رُبطن بالسلاسل"، وأضاف "كل يوم لثلاثة أشهر، اغتصب المقاتلون النساء والفتيات وضربوهن، ومن بينهن الضحية البالغة من العمر 18 عاما، وهي جرائم تشكل أيضا استعبادا جنسيا".

وروى التقرير كذلك قصة هبة (22 عاما) التي فرت من منزلها في كادقلي التي اجتاحها القتال أيضا أواخر العام 2023. وبينما كانت عائلتها تمر عبر ضواحي بلدة قريبة، "اقترب منهم أفراد قوات الدعم السريع بزيهم الرسمي وأجبروهم على الركوع على الأرض، ثم أمروا الأسرة باتباعهم. رفضت عائلة هبة، فبدأ المقاتلون إطلاق النار، فقتلوا والدها ووالدتها وزوجها".

وروت هبة "بعد ذلك قالوا +إلى أين أنت ذاهبة؟ سنستخدمك ثم نتخلص منك+ (...) اغتصبني الخمسة جميعهم، واحدا تلو الآخر. كان أطفالي بجواري مباشرة، يشاهدون ويبكون. قالوا لأطفالي أن يصمتوا ثم اغتصبوا أختي أيضا".

- "انتهاك للقانون الانساني" -

واعتبرت المنظمة أن هذه الحالات من العنف الجنسي هي "انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، وجريمة حرب" داعية "الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى التحرك بشكل عاجل لمساعدة الضحايا، وحماية النساء والفتيات الأخريات، وضمان العدالة في هذه الجرائم الشنيعة".

ولفتت إلى أن "أعمال العنف الجنسي هذه (...) تؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية جادة لحماية المدنيين وتحقيق العدالة".

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر حذّر الشهر الماضي خلال زيارة للسودان من وباء عنف جنسي تتعرض له النساء في البلد الغارق في الحرب، محذّرا من أن نطاق هذه الاعتداءات الجنسية "غير مقبول".

وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر قالت الأمم المتحدة في تقرير إنّ جرائم الاغتصاب في السودان أصبحت "معممة".

وأوضحت المنظمة الأممية أنّها أجرت تحقيقا أكّد أنّ معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع.

وقال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان محمد شاندي عثمان في بيان "لقد صعقنا بالنطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان. إن وضع المدنييّن الأكثر حاجة، ولا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، يبعث على القلق الشديد ويتطلّب معالجة عاجلة".

وقال عثمان الذي يرأس هذه البعثة التي أُسِّست أواخر العام الماضي من جانب مجلس حقوق الإنسان لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ بدء الصراع في نيسان/أبريل 2023، "لا يوجد مكان آمن في السودان الآن".

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

تحقيق أممي في وصول صواريخ تملكها الإمارات إلى الدعم السريع

قالت رسالة اطلعت عليها رويترز إن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة مكلفة بمراقبة العقوبات في السودان تحقق في كيفية وصول قذائف مورتر مصدرة من بلغاريا إلى الإمارات إلى رتل إمداد لمقاتلي قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وتحمل قذائف المورتر التي ضبطت مع الرتل في نوفمبر تشرين الثاني في ولاية شمال دارفور بالسودان الرقم التسلسلي نفسه الذي أخبرت بلغاريا محققي الأمم المتحدة أنها صدرته إلى الإمارات في عام 2019. وأمكن رؤية الرقم التسلسلي في الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها أعضاء الجماعات الموالية للحكومة على الإنترنت بعد عملية الضبط.

ووفقا لرسالة بتاريخ 19 ديسمبر كانون الأول من البعثة الدائمة لبلغاريا في الأمم المتحدة، والتي اطلعت عليها رويترز، أبلغت بلغاريا محققي الأمم المتحدة أنها شحنت قذائف مورتر عيار 81 مليمترا بالرقم التسلسلي نفسه إلى الجيش الإماراتي في عام 2019.

وقالت وزارة الخارجية البلغارية لرويترز إن أحدا لم يطلب إذن بلغاريا لإعادة تصدير الذخائر إلى طرف ثالث.
وقالت الوزارة "نعلن بشكل قاطع أن السلطات البلغارية المختصة لم تصدر ترخيصا لتصدير المنتجات المرتبطة بالدفاع إلى السودان".

وأحجمت الأمم المتحدة عن التعليق على هذا التقرير.

ونفت الإمارات الاتهامات المتكررة لها بإذكاء الصراع من خلال تسليح قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني.

وأودى الصراع في السودان بحياة عشرات الآلاف وتسبب في نزوح الملايين. وخلصت الولايات المتحدة العام الماضي إلى أن أفرادا من قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في القتال الدائر منذ نيسان / أبريل 2023.

وعندما سألت رويترز مسؤولين إماراتيين عن الذخائر البلغارية، أشاروا إلى أحدث تقرير سنوي صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة، والذي يتحدث بالتفصيل عن نتائج تحقيقاتها في تدفق الأسلحة والأموال إلى دارفور.

ولم يُنشر بعد التقرير الذي عُرض على مجلس الأمن الدولي هذا الشهر واطلعت عليه رويترز. وتقتصر إشارته إلى الإمارات على دورها في حفظ السلام في السودان.

وقال المسؤولون الإماراتيون لرويترز إن التقرير "يوضح أنه لا توجد أدلة دامغة على أن الإمارات قدمت أسلحة أو دعما ذا صلة لقوات الدعم السريع".

وتوثق لجنة الأمم المتحدة عملية ضبط الذخائر التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني في تقريرها السنوي. واعترضت جماعة موالية للحكومة مركبات تابعة لقوات الدعم السريع كانت تنقل قذائف مورتر وذخائر أخرى، ونشرت مقاطع فيديو وصورا للأسلحة التي صادرتها. ولم يتطرق تقرير المحققين إلى مصادر الذخائر.

لكن الرسائل المتبادلة بين مسؤولين إماراتيين ولجنة الأمم المتحدة تظهر أن المحققين مستمرون في تتبع دور الإمارات في الصراع.

وتظهر الرسائل، التي اطلعت عليها رويترز، أن السلطات الإماراتية رفضت تلبية طلب محققي الأمم المتحدة بإرسال بيانات الشحنات الخاصة بنحو 15 طائرة مختلفة انطلقت من مطارات الإمارات وهبطت في أم درمان ونجامينا في تشاد.

وراسلت لجنة الأمم المتحدة السلطات الإماراتية بتاريخ 26 نوفمبر تشرين الثاني لطلب بيانات شحنات الرحلات الجوية. وردت الإمارات على اللجنة في العاشر من ديسمبر كانون الأول ورفضت تقديم هذه المعلومات متعللة بعدم قدرتها على الالتزام بالموعد النهائي لضيق الوقت.

وقدمت الإمارات في المقابل تفاصيل عن مواد تزن حوالي 22 طنا وتضم أغذية وأدوية ومركبات مدنية نقلتها ثلاث رحلات جوية إلى أم جرس في تشاد. وتمثل المواد الواردة في الرسالة حوالي نصف سعة طائرات الشحن آي.إل-76 التي يمكنها حمل ما يصل إلى 40 طنا في الرحلة الواحدة.

ولم ترد الإمارات على أسئلة رويترز عن البيانات.

والسؤال الرئيسي للمحققين هو من الذي يقدم السلاح لقوات الدعم السريع، التي عززت سيطرتها على جزء كبير من دارفور في حملة دموية.

ورفع السودان دعوى قضائية على الإمارات أمام محكمة العدل الدولية الشهر الماضي يتهمها فيها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها حين قامت بتسليح قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وبدأت المحكمة نظر الدعوى الأسبوع الماضي.

وتنفي الإمارات هذه التهمة، وتقول إن المحكمة ليس لديها اختصاص لنظر هذه الدعوى.

مقالات مشابهة

  • الحكومة الموريتانية تنأى بنفسها عن زيارة مستشار الدعم السريع بعد جدل واسع
  • السودان.. الدعم السريع تشن هجوما على القصر الرئاسي وكردفان والنيل الأبيض وتقتل مدنيين في الفاشر
  • قوات الدعم السريع تشن هجوما واسعا في مناطق جنوب السودان
  • السودان.. "الدعم السريع" يسيطر على مدينة استراتيجية بكردفان
  • مصدر عسكري: قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • تحقيق أممي في وصول صواريخ تملكها الإمارات إلى الدعم السريع
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد"
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم