أستاذ الشريعة الإسلامية: يجب استثمار طاقات دار الإفتاء لمواجهة الفتاوى العشوائية
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
شهد اليوم الثاني من فعاليات ندوة دار الإفتاء الدولية الأولى انعقاد الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "حماية الأمن الفكري: التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة" قال الدكتور محمد عبد السلام أبو خزيم، أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس، إن “استثمار طاقات دار الإفتاء المصرية يعدُّ أمرًا ضروريًّا في التصدي للفتاوى العشوائية، مما يسهم في تعزيز الأمن الفكري والانتماء الوطني”.
وأشار الدكتور أبو خزيم إلى الدور البارز الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية عبر تاريخها الطويل في دعم البحث الفقهي وإصدار الفتاوى الرصينة. وأوضح أن "الفتوى ليست مجرد إجابة على سؤال، بل هي عبارة عن عمل علمي يتطلَّب فهمًا عميقًا للنصوص الشرعية ومقاصدها، بالإضافة إلى التفاعل مع المستجدات المعاصرة."
كما أكد على أهمية التصدي للفتاوى العشوائية التي قد تُحدث بلبلة في المجتمع، قائلًا: “إن الفوضى الفكرية التي تنتج عن الفتاوى المغلوطة تؤثر سلبًا على التوازن الفكري والاقتصادي والاجتماعي. ومن هنا تأتي أهمية وجود أمانة الفتوى والإدارات الشرعية القادرة على تحليل الواقع وبيان الرأي الفقهي الصحيح”.
وفي سياق حديثه، تناول الدكتور أبو خزيم أهمية "أمانة الفتوى" التي تضم الهيئة العليا لكبار العلماء في دار الإفتاء، والتي تعمل على التصدي للفتاوى الشاذة. وأشار إلى ضرورة وجود اجتهاد جماعي يستند إلى مناهج علمية رصينة في مواجهة الفتاوى المتطرفة.
كما أوضح الدكتور أبو خزيم أن "المؤشر العالمي للفتوى" يمثل آلية فعالة لرصد الفتاوى التي تدعم بناء الإنسان واستقرار المجتمع، ويعكس جهوده في تحليل الفتاوى الرسمية مقارنةً بتلك الفتاوى المتطرفة، مشيرًا إلى أهمية تقديم الفتاوى المرتبطة بقضايا التنمية المستدامة.
علاوة على ذلك، تناول د. أبو خزيم أهمية "إدارة الأبحاث الشرعية" في دار الإفتاء، والتي تقوم بإعداد بحوث تتسم بالدقة والتأصيل، وتسعى للرد على الشبهات التي تُثار حول الإسلام. وأكَّد أن نتاج هذه الأبحاث يسهم بشكل كبير في مواجهة الفتاوى العشوائية.
في ختام كلمته، دعا الدكتور أبو خزيم إلى أهمية تدريب المفتين وتطوير مهاراتهم من خلال برامج تدريبية متخصصة، مشددًا على أن "الإفتاء صناعة تحتاج إلى تأهيل مستمر، مما يساهم في تعزيز كفاءة المفتين وتمكينهم من التعامل مع الأسئلة المعاصرة بشكل صحيح."
كما أكَّد على دور دار الإفتاء المصرية كمرجعية علمية تسعى إلى الحفاظ على الوسطية والاعتدال في الفتوى، والتصدي لأي محاولات تشوه صورة الإسلام وتعكر صفو التعايش السلمي بين أفراد المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء ا أمانة الفتوى دار الإفتاء دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الشريعة إلهية ثابتة .. والفقه اجتهاد بشري متغير
أكَّد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- على أهمية إدراك الفرق بين الشريعة والفقه، معتبرًا أن الخلط بينهما من أخطر ما يواجه الفكر الإسلامي المعاصر، وأن هذا الخلط قد يؤدي إلى انحرافات فكرية ومنهجية، تتراوح بين الجمود والتطرف من جهة، والانفلات والتسيب من جهة أخرى.
أوضح مفتي الجمهورية، في حديثه الرمضاني، أن الشريعة هي المنهج الإلهي الذي أنزله الله لتنظيم حياة البشر، وتشمل العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، والتشريعات العامة التي تحقق مقاصد الدين الكبرى. وهي أحكام إلهية ثابتة مستمدة من الكتاب والسنة، لا تحتمل الاجتهاد أو التغيير، مثل وجوب الصلاة، وتحريم القتل بغير حق، وسائر الأحكام القطعية.
أما الفقه، كما بيَّن المفتي، فهو علم يُعنى باستنباط الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية، ويعتمد على الاجتهاد البشري المنضبط بأصول علمية راسخة، مما يؤدي إلى تنوُّع في الآراء الفقهية واختلاف بين المذاهب، وهو اختلاف محمود، يعكس مرونة الفقه وقدرته على التفاعل مع متغيرات الزمان والمكان.
وأشار المفتي إلى أن الفقه ليس منفصلًا عن الشريعة، بل هو فهم لها ومحاولة لتنزيلها على الواقع، موضحًا أن الشريعة معصومة لأنها من عند الله، أما الفقه فهو اجتهاد بشري غير معصوم، يخضع للتطوير والتجديد بما يحقق المقاصد الشرعية ويخدم مصالح الناس.
الجمود والتقليد الأعمىوحذَّر مفتي الجمهورية من نتائج غياب التمييز بين المفهومين، ومنها الجمود والتقليد الأعمى، والتسيب باسم التجديد، والتشدد ورفض الاجتهاد، مما يؤدي إلى تعطيل الفكر الإسلامي، ويُنتج خطابًا دينيًّا مشوَّهًا إما جامدًا أو متسيبًا، وكلاهما لا يعبر عن حقيقة الإسلام.
وأكد أن الحاجة ملحَّة اليوم إلى تجديد الفقه في إطار الشريعة الغرَّاء، وهو ما دعا إليه العلماء قديمًا وحديثًا، مستشهدًا بقول الإمام الشاطبي: "الشريعة مبناها على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، فما كان يحقق مصلحة الأمة فهو من الدين، ولو لم يرد فيه نص بعينه."
وختم المفتي حديثه بالدعوة إلى التمسك بثوابت الشريعة، ودعم الفقه المستنير القادر على مواجهة مستجدات العصر، سائلًا الله تعالى أن يرزق الأمة نور البصيرة والفقه في الدين، وأن يهيئ لها من العلماء والمصلحين من يجدد أمر دينها ويحقق مقاصده في واقعها.